عاجل

الثلاثاء 21/مايو/2024

رمضان جدّد الحياة في شوارع البلدة القديمة في الخليل وأسواقها

رمضان جدّد الحياة في شوارع البلدة القديمة في الخليل وأسواقها

انتعشت الحياة شيئاً ما في شوارع البلدة القديمة بمدينة الخليل، خلال شهر رمضان المبارك، وذلك بعد أن تراجع منسوب العراقيل المشددة التي فرضها الاحتلال الصهيوني في وجه المواطنين الفلسطينيين في طريق وصولهم إلى المسجد الإبراهيمي الشريف.

فخلال الشهر الفضيل، وخلافاً لحالة الكساد التجاري الذي تعاني منه البلدة القديمة مع الإغلاقات المتكررة والمتعددة لأسواقها خلال انتفاضة الأقصى؛ شوهد المواطنون وهم يتجوّلون في الشوارع وينقلون مشترياتهم، بالرغم من ضآلة المحلات المفتوحة في سوق اللبن والقزازين والقناطر وخزق الفار والقصبة، مروراً بمنطقه الزاهد ومربع السوق.

– المسجد الإبراهيمي

ورغم حالة الرعب التي ينشرها قطعان المستوطنين وجيش الاحتلال في أزقة البلدة القديمة وحواريها؛ فقد عاد الناس إلى المسجد الإبراهيمي الشريف للصلاة فيه والتقرب إلى الله، علماً بأنّ سلطات الاحتلال أعلنت عن نيتها إغلاق المسجد من أجل أعياد اليهود ثمانية أيام طوال شهر رمضان.

وأوضحت مصادر فلسطينية في مديرية الأوقاف في المدينة، أنّ سلطات الاحتلال أعلنت عن رغبتها في إغلاق المسجد في وجه المصلين المسلمين لمدة ثمانية أيام على امتداد الشهر الفضيل، وذلك بذريعة السماح للمستعمرين الغاصبين بالاحتفال بأعيادهم، حيث يفتح المسجد الإبراهيمي في هذه الأيام بكافة أقسامة الخاصة لصالح اليهود طوال الأيام الثمانية.

ولأنّ البلدة القديمة تمثل عبق التاريخ والحضارة الإسلامية في الخليل؛ عاد المواطنين إليها بالرغم مما يتهدّد حياتهم من الخطر والاحتجاز المتعمد والاعتقال.

ورغم التحديات التي تكتنف الموقف؛ وبعد إغلاق كافة المداخل المؤدية للمسجد الإبراهيمي وإثر وضع البوابات الإلكترونية على المدخل الرئيس للمسجد، وانتشار الجنود الصهاينة بكثافة، إلاّ أنّ المواطنين يتحدّون هذه الحواجز ويتوجهون للصلاة في المسجد ساعين إليه بكل السبل.

– شارع الشلالة

يقول أحد التجار في شارع الشلالة بالخليل، إنّ نوعاً من الحركة أخذ يدب في هذا الشارع بفرعيه القديم والجديد. ويلاحظ المرء أنّ عدد المتسوقين بدأ يتزايد منذ حلول شهر رمضان، ويعود ذلك إلى أسباب عدة، منها عودة التجار إلى فتح أبواب محلاتهم المغلقة منذ سنوات، واستئنافهم العمل داخل الشارع. كما أنّ ذلك يرتبط بكون أسواق البلدة القديمة تتعامل بالبيع حسب سعر التكلفة وبأسعار زهيدة وأرباح هامشية، وهذا ما جعل الناس يعودون إليها بسبب تراجع الحركة الشرائية بمفعول الحصار الجائر المفروض على الشعب الفلسطيني على خلفية خياره الانتخابي المستقل.

ويقول التاجر ذاته، إنّ الحركة ازدادت قليلاً في هذين الشارعين عما كانت عليه قبل رمضان، و”هذا بالنسبة لنا شيئ إيجابي ونأمل أن يستمر ويتزايد”، آملاً أن تخف معه حالات الاعتداءات من قبل جيش الاحتلال والمستعمرين الذين يشكلون المانع الأكبر والأخطر في جلب المواطنين للشارعين.

– تفاؤل وأمل

ويقول صاحب محل لبيع المخللات إنّ مدخوله الأساسي قبل شهر رمضان كان عشرين شيكلاً يومياً فقط (أربعة دولارات)، أما الآن فمع تزايد حركة السوق بلغت أرباحه مائتي شيكل في اليوم (أربعون دولاراً). ويقول “هذا شيء جيد بالنسبة للأشهر والأيام الماضية”، مرحِّباً بعودة المواطنين للصلاة في المسجد الإبراهيمي ومساجد البلدة القديمة “لأنّ العودة إليها يعني إعادة الحياة بالكامل لأسواق البلدة القديمة وإحيائها وشوارعها ومساكنها”، كما يذكر.

وبتزايد إقبال الجمهور في الخليل خلال الموسم الرمضاني، على شراء المعجنات والقطايف، التي يسعى المواطنين للحصول عليها من محلات بيعها في منطقة القناطر. ويقول صاحب أحد محلات بيع القطايف إنّ المواطنين يقبلون على الشراء من محله لأنه “ذو سمعه وشهرة”، وقد أُغلق المحل بسبب تردي الأوضاع في البلدة القديمة وعلى خلفية انقطاع المواطنين عنها مع عراقيل الاحتلال، مضيفاً أنه عاد وفتح أبواب محله مع عودة رمضان وإقبال الناس على شراء القطايف “لأنه يمثل بالنسبة لهم مادة أساسية تضاف على مائدة الإفطار”.

ويضيف صاحب المحل ذاته، أنه يبيع كيلو القطايف بأربعه شواكل، علماً أنّ سعر الكيلو منها في محلات أخرى يصل الى سبعة شواكل، وهو ما يمثل خياراً منافساً. ولا يتطلع المواطن المذكور إلى أكثر من ذلك، بل يتجه اهتمامه إلى استمرارية عمل المحل وديمومته، حتى مع قلة الأرباح أو انعدامها.

وكذلك الحال بالنسبة لأصحاب محلات اللحوم، فقد أعربوا عن تفاؤلهم بازدياد الحركة داخل أسواق البلدة القديمة، وأبدوا آمالهم بتزايد الوفود إليها بالرغم من أنّ المواطنين يلجؤون لشراء نصف كمية الأطعمة، عكس الفترات السابقة.

– بدون كماليات

ويُقدِم المواطنون الفلسطينيون في الخليل على شراء الاحتياجات الأساسية، من أجل توفير المدخرات، مثل الأطعمة والأشربة ومتطلبات السحور، متحاشين شراء الملابس أو الكماليات التي لا داعي لها، خاصة في ظل مستلزمات التوفير التي تستدعيها حالة الحصار المفروضة على الشعب الفلسطيني في لقمة عيشه.

ويحاول المواطن الفلسطيني إيجاد حالة من التوازن بين المدخولات والمصاريف، مراعاة لقلة الإمكانيات، وهو يتصرف بحصافة وتدبير دون أن يحرم أسرته من احتياجاتها الأساسية.

وفي غضون ذلك؛ تتسجد حالة من التكافل الأسري والاجتماعي في مدينة الخليل، بالرغم من ضآلة المدخولات. فقد نشطت الجمعيات الخيرية ولجان الزكاة والمؤسسات الداعمة الأخرى، لإيصال أقصى ما تستطيع من المساعدات للمواطنين المحتاجين وذوي الاحتياجات الخاصة، بالرغم من تعرض هذه المؤسسات إلى هجمات متكررة من قبل سلطات الاحتلال لثنيها عن رسالتها، خاصة إذا ما تعلّق الأمر بدعم الوجود الفلسطيني في البلدة القديمة، وهي قلب مدينة الخليل التي تمثل سلة الاقتصاد الفلسطيني.
 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات