الأربعاء 01/مايو/2024

المقاومة تواصل الطريق لتحقيق نصر جديد في الضفة الغربية والقدس المحتلة

المقاومة تواصل الطريق لتحقيق نصر جديد في الضفة الغربية والقدس المحتلة

لم يطرأ تغيّرٌ كبير على أساليب المقاومة الفلسطينية خلال العام الأخير الذي تلا الانسحاب الصهيوني من قطاع غزة أو حسب المصطلح الصهيوني تطبيق “خطة الانفصال”، وبقيت وسائل المقاومة محدودة، بل تقلصت أدواتها وأهدافها بعد الانسحاب الذي شهد فترة تهدئة امتدت من قبل تنفيذ الانسحاب إلى ما بعده بعدة شهور تفجَّرت بعدها الأحداث إثر العمليات الإرهابية الصهيونية المتلاحقة، ونفذت المقاومة عملية “الوهم المبدد” النوعية .

 

وعلى الرغم من الميزات التي أعطاها الانسحاب الصهيوني للمقاومة الفلسطينية من خلال إمكانيات التنقل والحركة داخل قطاع غزة والمرور من جنوبه على شماله بدون عوائق وسهولة نقل الأسلحة والعتاد المتواضع الذي يستخدمه المقاومون، إلا أن نقص سلة الأهداف بَدَتْ واضحة بعد إخلاء المستوطنات التي كانت تحيط وتتلاصق مع التجمعات السكنية للمواطنين، وقد كانت هذه المستوطنات والمواقع العسكرية التي تحميها أهدافاً للمقاومة الفلسطينية من خلال العمليات النوعية التي استهدفتها ومن خلال أمطارها بقذائف الهاون وتنفيذ عمليات اختراق وتسلل للمستوطنات ونصب العبوات للدوريات التي تقوم بحراستها.

 

ويرى الخبير العسكري والعميد المتقاعد يوسف الشرقاوي أن القيادة الصهيونية كانت بالأساس تضع في ذهنها تحويل قطاع غزة إلى سجن كبير بعد الانسحاب منه، وجعله على مرمى نار جيش الاحتلال.

 

ويشير الشرقاوي إلى أنه منذ الانسحاب لم يتغير على العدو الصهيوني شيء، سوى راحته من تعرضه لكثافة عمليات ونيران المقاومة في القطاع، وأصبح الآن يحارب بالطائرات والمدفعية من بعيد.

 

ويشير الخبير العسكري إلى أنه إذا بقيت المقاومة تمارس أساليبها السابقة بدون تطوير ستفشل ويضيف قائلاً: “يجب أن تكون أمامنا تجربة “حزب الله” في جنوب لبنان باعتماد السرية والأساليب المجدية والمفروض إعادة تقييم وضع المقاومة والعمليات المجدية والقيام بها”.

 

ويشدِّد الشرقاوي على ضرورة منع أي مقاوم من الظهور بالسلاح في الشارع ومنع استخدام السلاح لغير مقاومة الاحتلال، مؤكداً وجود جملة أشياء لإعادة الطهارة لسلاح المقاومة ولاستعمال السلاح في الوقت والزمان المناسبين.

 

ويؤكد الخبري العسكري على ضرورة إعادة الاعتبار للمقاومة من خلال تطويرها وتركيزها، مشدداً على ضرورة السعي لتطوير الأسلحة والتجهيزات العسكرية للمقاومة، ويقول: “كان يجب أن يتم تدمير خمسة بالمائة من الدبابات التي تجتاح وتدخل قطاع غزة، ولذلك يجب السعي لامتلاك السلاح للدفاع عن أنفسنا”.

 

وكما وفَّر الانسحاب الصهيوني إمكانية أكبر لتهريب الأسلحة للقطاع عبر ثغرات في الجدار الحدودي مع مصر وعبر الأنفاق، إلا أن المقاومة الفلسطينية لا زالت تعتمد على الصواريخ المحلية الصنع لاستهداف المغتصبات الصهيونية المجاورة لقطاع غزة.

 

وقد شكَّل صاروخ القسام من النواحي العسكرية والأمنية تهديداً حقيقياً لدولة الاحتلال، كثيرا ما شكت منه وحاولت القضاء عليه عن طريق الاجتياح المتكرر لقطاع غزة، وقصف ورشات الحدادة والخراطة، لكنها لم تستطع القضاء عليه، وبقي هذا الصاروخ المحلي يُشكِّل هاجسا مزعجا لدولة الاحتلال.

 

وقد أوضحت تقارير المخابرات الصهيونية أن المنظومة الفنية لحركات المقاومة لاسيما كتائب الشهيد عز الدين القسّام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” نجحت في تنفيذ رفع درجة إنتاجها للصواريخ وتحسين قدرتها على الإصابة، وبالتالي تهديدها لعشرات البلدات الأخرى ومواقع توصف بالحساسة.

 

وقد زاد من سخونة الأوضاع وارتفاع حدة التهديدات الصهيونية ما توصلت إليه قوى المقاومة مؤخرا من إطلاقها صواريخ من نوع (غراد) من قطاع غزة باتجاه البلدات والمستوطنات المجاورة، وخاصة في منطقتي النقب والمجدل.

 

ومع ذلك، فإن اقتصار المقاومة على هذه الصواريخ والقذائف بعد الانسحاب الصهيوني، حسب كثير من المحللين ليس لمواجهة المستجدات الميدانية الجديدة في القطاع، وبالتالي عجزها عن التكيف مع الوقائع المستجدة على الأرض.

 

وقد كان بإمكانها البحث في البدائل المتاحة منذ زمن، علما بأنها سجلت خلال سنوات الانتفاضة قدرة على ابتكار الأساليب القتالية التي مكنتها من التغلب على الإجراءات الصهيونية، وخاصة ما تمثل في حرب الأنفاق في قطاع غزة.

 

وحول الصواريخ، يقول الخبير العسكري الشرقاوي: إن عمليات إطلاق الصواريخ مجدي، ولكن يجب تركيزها ويجب أن تكون هناك عمليات فدائية على الأرض ويجب اختراق الحدود، ويجب اجتراح كل الأساليب للحصول على سلاح محلي أو مهرب من الخارج لردع الدبابات الصهيونية.

 

ورغم إقرار قوى المقاومة بصورة عامة بصعوبة فعلها في قطاع غزة، فإنها أجمعت على تشكيل دورٍ مساند للمقاومة في الضفة الغربية، وتحدث بعضها عن عمل دؤوب لإقامة المزيد من الخلايا المسلحة في الضفة استعدادا للمرحلة المقبلة.

 

إلا أن الأمر بقي منوطا بقيام قوى المقاومة بعملياتها كرد فعل على انتهاكات قوات الاحتلال، وخاصة في الضفة الغربية والقدس المحتلة.

 

في المقابل، فإن الساحة الميدانية للمقاومة في الضفة الغربية لم تتغير كثيرا، وبالتالي بقيت الأهداف ذاتها؛ مثل مهاجمة دوريات الجيش وقوافل المستوطنين وعمليات الاقتحام الاستشهادية داخل المغتصبات الصهيونية، بالإضافة إلى العمليات الاستشهادية داخل العمق الصهيوني، وإن أصبحت أكثر صعوبة بفعل المعطيات الجغرافية الجديدة التي طرأت بعد إقامة جدار الفصل العنصري.ومع ذلك، فلا ينبغي أن يخفى علينا أن الضفة الغربية اليوم تتعرض لهجمة استيطانية شرسة، وأن قوات الاحتلال بخروجها من قطاع غزة وشمال الضفة الغربية تريد أن تلتهم باقي أجزاء الضفة الغربية، الأمر الذي لن ترضى به قوى المقاومة جملة وتفصيلاً، لأن ذلك يعني نجاح الاحتلال في عزل القطاع عن الضفة، وذلك أمر طالما حذّرت منه فصائل المقاومة. وبالتالي فهي أشد الأطراف حرصا على عدم الوقوع فيه، الأمر الذي يبرِّر لها، بل ويشجعها على الاستعداد والتأهب لشنّ جولة جديدة في مدن الضفة الغربية وقراها، وقد وجدنا ذلك من خلال قيام أجهزة المخابرات الصهيونية باعتقال عدد من مقاومي قطاع غزة، وهم في طريقهم إلى الضفة الغربية لنقل تقنيات الصواريخ .

 

غير أن المراقبين والمحللين يرون أن المقاومة الفلسطينية وعبر تاريخها الطويل في مقارعة الاحتلال شهدت تذبذباً بين فترات تصعيد وتهدئة بحسب الظروف والأجواء التي تحيط بها، إلا أن الأمر الثابت ـ كما يؤكدون ـ هو أن الشعب الفلسطيني  الذي انحاز إلى خيار المقاومة خلال “انتفاضة الأقصى”، التي انتقلت من الحجر إلى البندقية، ومن القذائف المتواضعة إلى الصواريخ متنامية المدى، و إلى ابتكار الأنفاق التي تبتلع الثكنات العسكرية الحصينة لجيش الاحتلال في قطاع غزة، لَهُو قادر على ابتكار الأساليب والطرق الكفيلة بتأجيج المقاومة في الضفة الغربية، وصولاً إلى إجبار  الاحتلال على لململة قواته ومستوطنيه ومغادرة الضفة الغربية والقدس المحتلة، تماماً كما حصل قبل عام في قطاع غزة.

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات