السبت 27/أبريل/2024

وثيقة الوفاق الوطني مزجٌ موفقٌ لمحدِّدات حماس وتوجهات فتح للمشاركة في حكومة الوحدة الوطنية

وثيقة الوفاق الوطني مزجٌ موفقٌ لمحدِّدات حماس وتوجهات فتح للمشاركة في حكومة الوحدة الوطنية

تمخّضت لقاءات الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء إسماعيل هنية وجملة التحركات السياسية التي عاشتها الساحة مؤخرا عن الاتفاق على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، حسبما صدر عن لقائهما مساء الإثنين الماضي في غزة؛ والذي أكد الرئيس عباس في ختامه أنه تم الاتفاق على البرنامج السياسي لحكومة الوحدة المستندة إلى وثيقة الوفاق الوطني.

رئيس الوزراء هنية أكد أيضاً التوصل للاتفاق المذكور مع الرئيس، موضحاً أنه تم الاتفاق على محددات البرنامج السياسي لحكومة الوحدة الوطنية مشيراً إلى أن هذا الاتفاق كان متوقعا؛ لأن النية والتوجهات الوطنية واستحضار المصالح العليا للشعب الفلسطيني كانت خالصة وصادقة.

 

إنجاز جديد

وعلى الرغم من تضارب المعلومات واختلافها حول موعد وكيفية دخول هذا الاتفاق حيِّزَ التنفيذ قانونيا ودستوريا من خلال مرسومٍ رئاسي وتصويت المجلس التشريعي يبقى الاتفاق على النقاط العريضة لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية.

وينظر الشارع الفلسطيني وكثير من قادة الرأي وأصحاب التوجهات الفكرية والسياسية فيه إلى حكومة الوحدة الوطنية المرتقبة كإنجاز وطني هام،  إذ يعتبر رئيس الوزراء إسماعيل هنية أن تشكيل هذه الحكومة التي تشارك فيها القوى والفصائل والكتل البرلمانية من مستقلين وقطاع خاص التَّشكيلَ والإطار الأول من نوعه منذ تأسيس السلطة الوطنية. ويؤكد هنية أن حكومته وحركة حماس تسجِّل بافتخار أنها تضع الأساس لأول حكومة وحدة وطنية منذ تشكيل السلطة الوطنية بالتعاون مع الرئيس عباس.


جدية الجهود

وتبدو الجهود المبذولة أخيراً لإخراج الاتفاق على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية إلى حيِّز التطبيق في غاية الجدية، وهذا ما أكده رئيس الوزراء هنية والمتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، والمتحدث باسم “حماس” سامي أبو زهري الذي شدَّد على أن الأمور بشأن تشكيل الحكومة تمضي بشكل جاد وإيجابي، مبيناً أن هناك حرصاً من الجميع لإنجاح تشكيلها.

من جانبه، اعتبر الناطق باسم حركة فتح ماهر مقداد الاتفاق على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية تطوراً جدياً مؤكِّداً أن هناك تطوراً جدياً وإيجابياً وسريعاً في الموقف حول تشكيل الحكومة، ومبيناً وجود مؤشرات بأن الحوار جدي، خاصة أنه دار حول البرنامج السياسي، وهو المعضلة الأكثر من الحديث عن الحقائب الوزارية، على حدِّ قوله.

مقداد أوضح أن البرنامج السياسي للحكومة يستند بالأساس إلى “وثيقة الوفاق الوطني” التي وقعت من قبل جميع الفصائل الفلسطينية واتفق عليها.

 

منظمة التحرير

وتنيط حكومة الوحدة الوطنية المرتقبة وبحسب التفاهمات التي اتفق عليها القضايا السياسية الهامة وملفات التفاوض مع الاحتلال والاتفاقيات الفلسطينية ـ الصهيونية، بمنظمة التحرير وهو ما يحافظ لـ”حماس” على موقفها الرافض للاعتراف بشرعية الاحتلال والتعامل معه ولفتح موقفها المطالب بالحفاظ على التزاماتها الدولية، وفي هذا الصدد يقول مقداد: إن المرجعية للعمل الفلسطيني هي منظمة التحرير الفلسطينية دون تحفظ، وشدَّد على أن المهم الآن هو تصليب الجبهة الداخلية بدلاً من حال الشتات والضياع، لافتاً إلى وجود الكثير من الالتزامات على الجميع العمل لإنجازها”.

أما أبو زهري المتحدث باسم “حماس” فقد أشار إلى أن وثيقة الوفاق الوطني التي تستند إليها الحكومة تتضمن القواسم المشتركة من جميع البرامج السياسية للقوى السياسية المختلفة، ولا تتضمن اعترافا بالاحتلال، بل إن النص يقبل صراحةً أن الوثيقة تستند إلى عدم الاعتراف بشرعية الاحتلال، وبرنامج “حماس” هو ثابت وقائم ولا يطرأ عليه أيّ تغيير.

 

أسس مقنعة

وتبدو أسس تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الجديدة عالية القبول والإقناع لدى الجميع، فهي تستند أولا إلى “وثيقة الوفاق الوطني” التي وقعها الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال وأجمعت عليها مختلف القوى والفصائل الفلسطينية، كما أنها تحفظ المحددات الستة التي اشترطتها حركة حماس لتشكيل الحكومة والتي تنص على الإفراج عن الوزراء والنواب المعتقلين لدى الاحتلال، وأن يكون رئيس الحكومة الوطنية هو شخصية من “حماس” نفسها أو يتم ترشيحه من الحركة، وأن يكون تشكيل الحكومة انعكاسا لنتائج انتخابات المجلس التشريعي، وأن لا تضم  أي شخصية متهمة بالفساد أو تحوم حولها تهمة الفساد ورفض تشكيل حكومة تكنوقراط مطلقاً، وأن تكون هناك ضمانات عربية ودولية لفك الحصار السياسي والمالي والاقتصادي عن حكومة الشعب الفلسطيني.

وبقدر تلبيتها لمطالب حركة حماس تلبي أسس تشكيل الحكومة مطالب حركة فتح وبقية الفصائل في الساحة الفلسطينية، إذ قالت حركة فتح: إن مشاركتها في الحكومة الجديدة تأتي بعد اتفاق الجميع على حد أدنى من نقاط البرنامج المشترك الذي يهدف لرفع العزلة والحصار عن الشعب الفلسطيني.

 

العديد من الشخصيات الوطنية وقادة المجتمع الفلسطيني والشخصيات الاقتصادية عبّرت عن ارتياحها للاتفاق على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، ويقول رجل الأعمال صلاح المصري: إن الاتفاق على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية جاء كمطلب شعبي فلسطيني نادت به الشخصيات الفلسطينية خلال المرحلة الماضية.

صلاح المصري عبّر عن اعتقاده بأن تشكيل مثل هذه الحكومة الوطنية ستخدم الشعب الفلسطيني وستعيد الذاكرة الفلسطينية السياسية، وتنأى بالشارع الفلسطيني عن جميع مظاهر الصراعات والخلافات التي عمقت الهوة بين أبناء الشعب الفلسطيني الواحد.

 

ويضيف المصري: “مطلوب الآن من شعبنا الفلسطيني الالتفاف حول هذه الحكومة المباركة إن شاء الله، و أن نتعاون جميعا مع بعضنا من أجل إنجاحها حتى نكون عنواناً فلسطينياً حراً بعيداً عن الحزبيات الضيقة التي باتت تهدد المجتمع الفلسطيني، وآمل من الله أن يوفق شعبنا وحكومته الجديدة القادمة في السير نحو بوصلة الأمان “.

من ناحيته، يقول “لؤي عبده” المفوَّض السياسي لمحافظات شمال الضفة الغربية: إن حكومة الوحدة الوطنية يجب أن تكون مخرجا للمأزق غير المسبوق، ولَمْلَمة الصَّف الداخلي، وتعزيز السلطة كطريق نحو الدولة المستقلة، وتجميع للجهود الوطنية والعربية للوصول إلى تلك الدولة، وحل كل الإشكالات الداخلية العالقة لتعزيز الصمود الوطني الفلسطيني، وإعادة القضية الفلسطينية إلى مكانها الدولي الفاعل للوصول إلى حل عادل وشامل، ورفض كل أشكال الفوضى والصراعات الداخلية والقضاء على الفئوية الضيقة.

إذن نجح الفلسطينيون مجدّداً في اختراق عنق الزجاجة في الوقت بدل الضائع، والاتفاق على برنامج يؤمل منه الخروج من الأزمة الراهنة دون التنازل عن الثوابت أو الوصول إلى مرحلة الاحتراب الداخلي.

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات