السبت 27/أبريل/2024

معروف: هكذا يسعى “الخلاصيون” الصهاينة لتفجير المشهد في الأقصى خلال رمضان

معروف: هكذا يسعى “الخلاصيون” الصهاينة لتفجير المشهد في الأقصى خلال رمضان

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

في قراءته لتداعيات قرار الحكومة الإسرائيلية فرض مزيد من التضييق والتقييد على الفلسطينيين في الوصول للمسجد الأقصى، خلال شهر رمضان المبارك، يرى الباحث المختص في شؤون القدس الدكتور عبدالله معروف أنّ هذا القرار سيكون الأسوأ بتداعياته على المشهد الفلسطيني والمنطقة برمّتها وعلى دولة الاحتلال.

وفي الوقت الذي يسعى التيار الديني المتطرف بقيادة بن غفير لتفجير الأوضاع لتحقيق “الخلاص المزعوم” وخرافاتهم التوراتية، يرى الدكتور معروف في نتنياهو الذي “يقود مجموعة من المخبولين” ويسعى من خلالهم للحفاظ على منصبة خوفًا من دخول السجن حتى لو احترق كل العالم بسبب ذلك، الأمر الذي يستوجب من قادة العالم العربي والإسلامي النظر للمعادلة والتعامل معها بشكلٍ مختلفٍ لا يكون أقل من مستوى الحدث.

وأكد الدكتور عبدالله معروف، أستاذ دراسات بيت المقدس في جامعة إسطنبول 29 مايو، أنّ الاحتلال الصهيوني يرى أنّ شهر رمضان المبارك الأشد خطورة بالنسبة له، وهو أثقل شهور السنة على الإطلاق بالنسبة، لا سيما وأنّ شهر رمضان يزداد فيه الحسّ الديني بشكلٍ كبيرٍ جدًا، وتزداد فيه أعداد المصلين وأعداد الذين يتحدون الاحتلال بالوصول إلى المسجد الأقصى المبارك.

وقال عبدالله معروف، في مقابلة رصدها المركز الفلسطيني للإعلام، إنّ الاحتلال بعد سلسلة الضغط الشديدة التي استمرت لأكثر من أربع أشهر ونصف على مناطق الضفة الغربية والقدس ومناطق الأراضي المحتلة عام 1948، في الحرب غير المعلنة في هذه المناطق منذ عملية طوفان الأقصى، بالإضافة إلى الحرب على غزة، يخشى من انفلات هذا الضغط الشعبي في هذه المناطق، خلال شهر رمضان.

ولفت إلى أنّ الاحتلال يخشى أن ينقلب هذا الضغط ضده إلى اضطرابات ذات طابع ديني في رمضان في الأماكن المقدسة، ولذلك هو يحاول استباق الأمور عبر منع أكبر عدد من المسلمين من الاقتراب من المسجد الأقصى والوصول إليه.

وتابع معروف حديثه بالقول: لماذا نقول أكبر عدد، لأنّ الاحتلال في دوائره الداخلية يوجد فيها اختلاف عنيف، بين المؤسسة الأمنية بقيادة الجيش الإسرائيلي الذي يسيطر على مناطق الضفة الغربية ويديرها، وبين شرطة الاحتلال التي يديرها بن غفير، ممثل تيار الصهيونية الدينية.

واستدرك قائلا: بينما يريد بن غفير منع الجميع (صفر فلسطينيين) العبارة التي يقولها من دخول المسجد الأقصى، بينما يرى الجيش أنه يجب تخفيف الاحتقان خلال إدخال أعداد قليلة جدًا من مناطق الضفة الغربية والقدس والداخل المحتل، بحيث يحصل على مشهد الفلسطيني الموجود داخل المسجد الأقصى في شهر رمضان ولكن يكون متحكما به من ناحية العدد والأعمار والشكل والمناطق التي يمكن أن يسمح من خلالها دخول المسجد الأقصى.

وشدد على أننا أمام احتمالية عالية للاصطدام داخل المسجد الأقصى المبارك خلال شهر رمضان.

ولفت معروف إلى أننا يجب أن ننتبه إلى أنّه في يوم السابع من أكتوبر عندما حصلت العملية في الصباح الباكر، في الساعة الواحدة ظهرا كان موعد اجتماع حكومة الاحتلال لكن في الساعة الثانية عشرة والنصف قبل الموعد كان قرار إغلاق المسجد الأقصى المبارك متخذا في صلاة الظهر.

وأكد أنّ الموضوع ليس حديثًا، فالمسجد مغلق ومسيطر عليه بالكامل لمدة أكثر من أربعة أشهر، ولا يسمح لعدد كبير جدًا من المسلمين من الدخول للمسجد الأقصى المبارك بشكل كامل.

وتابع بالقول: لكن النقطة المهمة في شهر رمضان، أنّ الاحتلال لا يريد فقط التخفيف الضغط على نفسه في المسجد الأقصى من أجل عملية رفح، ومن الواضح أنه سيقدم عليها خلال شهر رمضان، بالتزامن مع ما يجري في المسجد الأقصى، ولكن عندنا استحقاق مهم جدًا لدى اليمين الصهيوني والجماعات المتطرفة الذي يسير حكومة الاحتلال ويسيطر تماما على القرار وهو يوم الخامس عشر من رمضان وهو عيد المساخر الذي سيكون أول مناسبة دينية تأتي على دولة الاحتلال في ظل الحرب، ابتداءً من السابع أكتوبر الذي كان آخر يوم في عيد العرش وبدأت الحرب فيه.

وينوه معروف، إلى أنه في رمضان سيكون فيه أول يوم عيد سيأتي وسيحدث فيه اقتحام على مستوى كبير جدًا، لأن الاقتحامات الاعتيادية لم تتوقف ولا لأي لحظة، وهذا ما سيجري يوم منتصف رمضان، وهناك مناسبة أخرى ستأتي إن صح التبعير، سيكون تجربة أولى في هذه المرحلة، وهي خطيرة جدًا ما يتعلق بذبح البقرة الحمراء في يوم عيد الفطر، ثم بعد ذلك بأسبوعين في الخامس عشر من شوال سيكون موعد بداية عيد الفصح وهو أكثر الأعياد التي يتم فيها اقتحام المسجد الأقصى وذبح القرابين الحيوانية وهو الطقس التوراتي الوحيد الذي لم يتم حتى الآن داخل المسجد الأقصى المبارك.

ويحذر الباحث بشؤون القدس من أنّ هناك احتمال كبير جًدًا لحصول المواجهة داخل المسجد الأقصى المبارك، وكما قلت: ليس الموضوع مرتبطًا بالاستحقاقات الدينية فقط للمسلمين في شهر رمضان المبارك، هم يسعون للسيطرة على أعداد المسلمين في المسجد الأقصى تحضيرًا لعملية رفح المرتقبة والتي يحاول الاحتلال الترويج لها خلال شهر رمضان.

هناك ثلاث استحقاقات على الأقل جماعات المعبد المتطرفة التي تسير واحد من أفرادها وهو إيتمار بن غفير مسؤول الأمن القومي ومسؤول عن شرطة الاحتلال كلها، من الألف إلى الياء، سيكون أمامها هذه الاستحقاقات الخطيرة جدًا، بسبب أنّ عملية طوفان الأقصى كلها كانت تدور حول موضوع المسجد الأقصى المبارك.

ويشدد على أنّ المقاومة الفلسطينية في أول خطاب لها يوم السابع من أكتوبر وضعت ثلاث شروط وثلاث نقاط رئيسية النقطة الأولى كانت إيقاف الاعتداءات في المسجد الأقصى المبارك، حتى قبل عدة أيام عندما كان يدور الحديث عن مبادرة باريس والحديث حول الاسرى، عادت المقاومة الفلسطينية ووضعت موضوع المسجد الأقصى المبارك، ما دعا الخارجية الأمريكية للاستخفاف والقول إن هذا الموضوع خارج المنطق أساسًا.

 وأشار معروف إلى أنهم يحاولون إخراج المسجد الأقصى من أساس القضية، لكن الفصائل الفلسطينية مصرة على أن تبقى في لب القضية لأنّ العملية كلها عنوانها هو المسجد الأقصى المبارك.

“بالتالي مع ازدياد الروح الدينية في هذا الشهر المبارك ومع ازدياد الاحتقان الشديد الذي تعاني منه مدينة القدس، والوضع في داخل المدينة يغلي حقيقة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، بالإضافة للاحتقان الموجود في الضفة الغربية بسبب الإجراءات التي تتم يوميًا من قبل الاحتلال والسلطة الفلسطينية”، على حد تعبيره.

وينوه إلى أنه بالإضافة إلى الاحتقان الموجود في أراضي 1948، والذين طالهم المنع والحديث يتم عنهم اليوم وتقييد حريتهم في الوصول إلى المسجد الأقصى المبارك.

ويقول معروف: نحن إذن أمام احتمالية كبيرة للاصطدام خلال شهر رمضان، وقد تحاول بعض الأطراف إقناع نتنياهو بالمناورة عبر الإعلان عن التشديد وبعد ذلك ينفس الأمور بالسماح لأعداد معينة من الفلسطينيين لكن هذا أمر لا أعتقد أنه سيمر شعبيا بكل بساطة، لأنه عادة في شهر رمضان المبارك لا يوجد قيود.

ويتابع بالقول: الفلسطينيون في الضفة الغربية لا يدخلون المسجد الأقصى المبارك لا الشباب ولا الشياب إلا في شهر رمضان المبارك، وهناك ضغط هائل يتم حاليًا.

ويلفت إلى أنّه: قبل عدة أيام في ليلة الإسراء والمعراج حاول عدد من الشباب المقدسي بعمل محاولة تجربة لمحاولة الاعتكاف في المسجد الأقصى فتمّ قمعهم بكل قوة، وهذا يدلنا فعليًا أن الاحتلال لديه خطة واضحة، ولم يعد يفكر بعقل، ولكن صار يتصرف بكل جنون وعنجهية في كل المدن الفلسطينية.

ويوضح معروف: اليوم يضع يده على أخطر نقطة وهو المسجد الأقصى المبارك، لأنّه يريد إرسال رسالة للمقاومة بأنها لم تنجح في كسر الاحتلال في أخطر قضية وهي المسجد الأقصى المبارك، التي جعلتها المقاومة عنوان المعركة.

“أضف إلى ذلك أنه يريد أن يسطر واقعًا جديدا في المسجد الأقصى المبارك، ويغير فيه الشكل العام في المدينة المقدسة والتعامل مع المسجد، استغلالاً للانفلات الجنوني الذي يتم في المنطقة برعاية كاملة من الدول الغربية الداعمة للاحتلال، ويراها فرصة ذهبية على الأقل الجماعات المتطرفة، لتثبيت وتنفيذ أجندتها في المسجد الأقصى المبارك”، على حد تعبيره.

وفي هذا السياق، أشار الباحث المختص بالشأن المقدسي: أقول بكل وضوح، وأهلنا في الأردن، رسميا وشعبيًا عليهم أن يكونوا على فهم وصورة واضحة، إن تمت هذه القضية كما يريدها الاحتلال، فالخطوة التالية مباشرة ستكون الانقضاض على دائرة الأوقاف الإسلامية وإخراجها من المسجد الأقصى المبارك.

وحذر من أنّ هذا ما يريده اليمين المتطرف وبن غفير، وما يريده اليمين المسيطر على الحكومة ونتنياهو لم يعد يهمه أي شيء ولا أي جهة في العالم سوى البقاء على كرسي الحكم كما بات يعمل القاصي والداني.

وأكد معروف أنّ الكل مستهدف في هذا الموضوع، دائرة الأوقاف الإسلامية التابعة للأردن، والمسلمون في مدينة القدس، وفي كل أنحاء العالم، وأهل الضفة والداخل المحتل، والاحتلال يراهن على كسر إرادة المسلمين في الشهر الأصعب والأخطر لأنّه إن استطاع كسر إرادة الفلسطينيين والمسلمين في هذه المرحلة الأخطر فإنّ ما بعدها سيكون أسهل عليه، وهذا ما يراهن عليه اليمين المتطرف.

وتابع حديثه بالقول: لن أتكلم عن بنيمين نتنياهو ولكن نتحدث عن اليمين المتطرف الذي يسيّر نتنياهو، صدق أو لا تصدق أنه اليمين المتطرف الذ يسيطر عليه تيار الصهيونية الدينية وما يسمّى بتيار الخلاصي، الذي يقوده مجموعة من حاخامات الضفة الغربية (مجلس السنهدرين الجديد) وواحد من أشهرهم وأهمهم الحاخام الأحمر إيهودا جليك.

ويلفت إلى أنّ أصحاب التيار الخلاصي يقود المرحلة برؤى دينية خاصة به يرى أنّ هذا الوقت المناسب لنزول المسيح، ومن رؤيته أنه ينبغي أن يتم دفع العالم لشفير حربٍ كبرى، فإذا تم إلى ذلك (حرب كاملة شاملة كبيرة جدًا) سيضطر وحاشى لله (لإنزال المسيح) لتبدأ الألفية السعيدة بالنسبة لهم.

ويقول معروف: إنّ هذا التيار الخلاصي الذي يؤمن بهذه الخرافة الدينية، هو الذي يسيّر الأمور الآن في القدس والمسجد الأقصى المبارك وفي حكومة الاحتلال.

ويضيف: هم يعملون (الصهيونية الدنيية/ التيار الخلاصي) الذين يسيطرون على وزارة المالية والتراث والأمن القومي وبعض الوزارات الأخرى الهامشية، لدفع الأمور باتجاه حرب كبرى سعيًا لإنزال المسيح وسعيًا للألفية السعيدة التي يراها الآن هذا التيار أقرب ما تكون، ويرى أن البقرات الحمراء التي أصبحت الآن جاهزة للذبح، هي الإشارة الإلاهية الأخيرة التي يمكن أن يكون بذبحها الخلاص الأخير للشعب والمنطقة.

ويحذر معروف من أنّ هذا الذي يراه هذا التيار، فهو لا يخشى من توسعة الحرب، بل يسعى إليها، وينبغي على الرسميين العرب أن يفهموا هذه المعادلة، أنّنا لا نتعامل مع مجموعة من العقلاء، بل مع مجموعة من المخبولين برؤى دينية ضيقة، يريدون تطبيقها والذهاب لكارثة كبرى في العالم.

ويلفت إلى أنّ الأردن تملك الأوراق التي يمكن من خلالها الضغط على الاحتلال بشكل غير مسبوق، وسبق أن ضغط الأردن على الاحتلال أكثر من مرة عندما لوّح مجرد تلويح بمراجعة معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية، وكان الاحتلال يرضخ.

ويتابع بالقول: هنا لا أتحدث عن التيار اليميني الخلاصي، ولكن أتحدث عن الجهات الأمنية التي تسيطر على الدولة العميقة لدى الاحتلال، والتي تخشى أن تدخل في أزمة كبيرة جدًا مع أطول حدود برية لدولة الاحتلال مع الأردن.

ويؤكد معروف أنّ دولة الاحتلال لا يمكن أن تغامر بموضوع السلام مع الأردن بأي شكل من الأشكال، وهذه نقطة مهمة جدًا.

ويشدد على أنّ الأردن يملك ثقلًا كبيرًا جدًا باعتباره الوصي على المناطق المقدسة في القدس باعتراف العالم كله، وبالتالي له صوت مسموع في العالم كله بهذا الموضوع وينبغي أن يستخدم هذا الصوت بالطريقة التي تليق بهذا الدور الكبير في المدينة المقدسة والمسجد الاقصى المبارك.

ويتابع بالقول: هذا يأخذنا لبقية الأنظمة العربية والإسلامية التي يجب أن تقوم بدورها وتفهم أن الموضوع لم يعد الآن مؤقتًا أو قضية تشبه الحروب السابقة التي جرت في قطاع غزة، الموضوع اليوم يتعلق بمرحلة جديدة تماما، يريد الاحتلال فعليًا فيها بعد أن انفلت من عقاله، فلم نعد نرى لديهم المفكرين الإستراتيجيين الذين كان آخرهم شيمون بيريز قبل وفاته.

ويؤكد أنّ نتنياهو على الرغم من أنه ليس من أتباع التيار الخلاصي والصهيونية الدينية، إلا أنه لا يرى في هذا الموضوع سوى النجاة من السجن، وبعد ذلك فليذهب العالم إلى الجحيم، مهما كان الثمن الذي سيدفعه العالم، وأكبر دليل ما نراه فعليا يوميًا في الإعلام الإسرائيلي.

ويخلص الدكتور عبدالله معروف إلى القول: ينبغي أن تفهم الأنظمة العربية والإسلامية أنّ المعادلة باتت الآن يجب أن تأخذ طريقة مختلفة عن الطريقة السابقة، فالاحتلال يرى أنه أمام حدث يستهدف المشروع الصهيوني نفسه، وبالتالي الآن يعتبر نفسه كأنّه يقاتل عن حياته ولذلك هدم كل الأسوار وكل القواعد، ويجب أن يكون رد الفعل العربي والإسلامي على مستوى الحدث وليس أقل منه.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات