عاجل

الجمعة 03/مايو/2024

استراتيجية أسوأ الاحتمالات

د. يوسف رزقة

كان يوم السادس من أكتوبر من عام ١٩٧٣م الموافق للعاشر من رمضان ١٣٩٣ للهجرة، هي يوم (كيبور) أي عيد يوم الغفران عند اليهود، وهو أكبر أعيادهم في السنة، ويتلوه عادة أيام عيد العرش.

في هذا اليوم من عام ١٩٧٣م كانت حرب أكتوبر، أو حرب العاشر من رمضان بحسب التسمية المصرية، أو حرب (كيبور يوم الغفران) بحسب التسمية الإسرائيلية.

يتذكر الإسرائيليون حرب يوم الغفران سنويًّا لارتباطها بعيدهم السنوي، وهم حين يتذكرون يسترجعون قدرة مصر على الخداع التكتيكي والمناورة، إذ تمتع الجيش المصري المهاجم بالضربة الاستباقية الأولى، التي مكنته من اختراق جبهة سيناء، والعبور للضفة الأخرى من قناة السويس.

قناة السويس في النظرة الإسرائيلية كانت حاجزًا طبيعيًّا مانعًا تركن إليه قوات العدو في عملية الدفاع، هم يستذكرون الخداع، ويستذكرون الضربة الاستباقية وتداعياتها، وفي أثناء عملية التذكر هذه، وبعد ثلاثين سنة من الحدث يخشون أن يتكرر ما حدث في حرب الغفران.

في مثل هذه الأيام من كل عام تنشط مقالات المحللين الإسرائيليين لهذا الحدث القديم، وكأنه وقع أمس، أو الأول من أمس، كل المقالات تذكر بالحدث وتطالب الحكومة والجيش باستخلاص العبر ومنع تكرار الغفلة، والعمل بفرضية (أسوأ الاحتمالات).

الفلسطيني لا ينتظر حربًا عربية، فالعرب غادروا الحروب مع المحتل بعد أن غادرتها مصر، ولكن الفلسطيني ما زال يبحث عن حقوقه، عن الدولة، وعن تقرير المصير، وما زال على خط النار يقاوم المحتل، ويرى أن مقاومته تقف بديلًا عن حروب العرب، التي أثبتت تاريخيًا أنها لم تكن حروب تحرير، بل كانت حروب تحريك سقفها اتفاقية سلام وتطبيع

ما تزال حرب يوم الغفران تثير القلق في الأوساط الإسرائيلية، لأنها حققت للجانب العربي نصرًا ولو جزئيًّا، وأحيت عند العرب أملًا ممكنًا بنصر أفضل وأكبر إذا ما قرر العرب القتال، لذا قامت استراتيجية إسرائيل بعد حرب أكتوبر على منع قيام حروب أخرى، ومنع سقوط القادة الإسرائيليين في غفلة مماثلة.

هذه الاستراتيجية المانعة لحروب كبيرة نجحت في تحقيق أهدافها بدخول مصر نفق السلام والتطبيع، ثم دخول دول عربية أخرى، وما تزال هذه الاستراتيجية تعمل على تطبيع العلاقات مع بقية الدول العربية للغرض نفسه، ولم يعد الفلسطيني ينتظر حربًا عربية إسرائيلية كحرب ١٩٦٧م أو حرب١٩٧٣م، التي قال عنها السادات إنها آخر الحروب مع إسرائيل، ويبدو أنه كان صادقًا فيما قاله حتى تاريخه.

الفلسطيني لا ينتظر حربًا عربية، فالعرب غادروا الحروب مع المحتل بعد أن غادرتها مصر، ولكن الفلسطيني ما زال يبحث عن حقوقه، عن الدولة، وعن تقرير المصير، وما زال على خط النار يقاوم المحتل، ويرى أن مقاومته تقف بديلًا عن حروب العرب، التي أثبتت تاريخيًا أنها لم تكن حروب تحرير، بل كانت حروب تحريك سقفها اتفاقية سلام وتطبيع!

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات