السبت 27/أبريل/2024

ساري عرابي: المقاومة تتجدد في الوعي الفلسطيني ولن تتوقف إلا بالتحرير الكامل

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام

قال ساري عرابي -الكاتب والباحث في الفكر الإسلامي- إن طبيعة القضية الفلسطينية وماهيتها دائما ما تُجدد الوعي بالمقاومة وضرورتها وإرادتها، لدى الأجيال الفلسطينية المتعاقبة.

وأضاف عرابي في مقابلة مع “المركز الفلسطيني للإعلام” أن المقاومة قد تمر بحالة من الهدوء والسكون، إلا أنها لا تستمر طويلًا، فسمة الفلسطيني اعتناقه فكرة المقاومة التي سرعان ما تتجدد رغم الظروف الصعبة.

تجدد المقاومة

وأوضح أن هذا الأمر تاريخي، حيث إنه ومنذ الانتداب البريطاني، ونكبة 48، ونكسة حزيران 67، تجددت المقاومة رغم الظروف الصعبة، مثل: التفوق العسكري والأمني للاحتلال، وظروف الفلسطينيين الداخلية، وتخلي الإقليم عن الشعب الفلسطيني، وعدم تقديم الدعم الكافي للمقاومة في صراع صعب من هذا النوع، إضافة لكون الاحتلال مدعوم من القوى الدولية، مؤكدًا أنها ليست كافية كي تحول دون تجدد الوعي بالمقاومة.

وقال: سيرة الفلسطينيين القريبة منذ اتفاق أوسلو عام 93، تذكر بهبة النفق عام 96 وانتفاضة الأقصى عام 2000، وهبات المقاومة والانتفاضة في الضفة المحتلة منذ عام 2014، إضافة لمعارك المقاومة في قطاع غزة، وعملياتها في الضفة والداخل.

وأضاف: نحن نتحدث عن تجدد طبيعي للوعي المقاوم، وأهم دلالة هي أنه لا يمكن اجتثاث فكرة المقاومة والوعي بها، لا بالبطش الأمني والقوة العسكرية للاحتلال، ولا بالسلام الاقتصادي ومحاولة هندسة الشعب من خلال الإجراءات الاقتصادية، وتخلي الإقليم العربي عن الشعب الفلسطيني، كل هذا لا يجتث الشعب ومقاومته.

وأكد عرابي أنه ما دام هناك قضية فلسطينية بشكل عام، وهناك محفزات بشكل خاص مثل قضية الأسرى والاستيطان، وجرائم الاحتلال والانتهاكات في المسجد الأقصى، فلا بد للمقاومة أن تتجدد في فكر الفلسطينيين.

كما أن هناك حالة مقاومة كبيرة في قطاع غزة، وفق عرابي، تعمل على تحفيز فكرة المقاومة في نفوس الشعب الفلسطيني، مشددًا أنه لا يمكن أن تتوقف المقاومة إلا بتحرير فلسطين والانعتاق من الاحتلال.

الفلسطيني الجديد مقاوم

وفي سياق ذي صله، أكد عرابي أن الجنرال الأمريكي دايتون فشل في صناعة جيل فلسطيني عدو للمقاومة، مشيرًا إلى أنه قد تؤثر بعض الإجراءات الاقتصادية والأمنية مرحليًّا، إلا أنه لا يمكن نزع فكرة المقاومة من عقول الفلسطينيين.

وأوضح أن الفلسطيني يعيش في مساحة جغرافية محدودة، وهي غير خادمة للفلسطيني، حيث لا تضاريس ومساحات واسعة تعين على العمل المقاوم، كما لا يوجد دعم كبير وسخي من الإقليم المحيط بفلسطين.

وتابع: قد تؤثر بعض الإجراءات الأمنية والاقتصادية ولكنها بالتأكيد لايمكن لها أن تخلق جيلا فلسطينيا عدوا للمقاومة لأن أكثر ما يعبئ الفلسطيني هو حالة الاحتلال الموجودة، فضلا أن أي حالة مقاومة سواء كبيرة مثل غزة، أو عمليات وهبات بالضفة كل هذا يعمل على زيادة التعبئة بالمقاومة.

الشباب وهمّ المقاومة

وأكد أن أي مشروع سياسي لا يقوم على إنجاز الحقوق السياسية للشعب الفلسطيني، سوف يفشل في النهاية. سياسات دايتون القائمة على الهندسة الأمنية والاقتصادية، فشلت، وكل ما يجري الحديث عنه الآن سيفشل في النهاية، طالما أنه ليس هناك حل حقيقي للقضية الفلسطينية، يرضي الشعب الفلسطيني.

وتحدث الكاتب في حديثه لمراسلنا أن الشباب على مدار التاريخ الفلسطيني هم من حملوا همّ المقاومة تاريخيًّا، وهم من حمل الحجارة في الانتفاضتين، ومن حملوا السلاح في التسعينات وفي كل المراحل، وهم أيضًا من يقود حالة المقاومة الآن في غزة والضفة.

وقال: الشعب الفلسطيني يشعر بالمسؤولية تجاه وطنه ودينه وقضيته، وهناك شعور فطري بدهي ضروري بالمقاومة؛ فهي أمر غريزي في فكر الفلسطيني.

وتابع: هناك محفزات لهذه المقاومة فالشاب الذي يعيش بالضفة ويرى الحواجز، ويمارس بحقه الإذلال والقتل وسرقة الأرض، وعندما يرى المستوطنين وجرائمهم وحرقهم للناس، والمزارع والمساجد، كلها تحفزه للقتال وحمل السلاح.

كما أن الشعب الفلسطيني برمته يتأثر بالمقاومة في قطاع غزة، والعمليات البطولية التي تنفذ في الضفة الغربية، وتحفزه على المقاومة واعتناق فكرها.

فشل إسرائيل

وأكد أن لا حلول أمام إسرائيل أمام الأجيال الفلسطينية المتعاقبة، فكل جيل مختلف عن الآخر، وكل جيل يعبر عن تجدد المقاومة بطريقته، ووفق الظروف التي يعيشها، وكما أن إسرائيل ليست مشكلتها مع جيل معين، بل مشكلتها مع الشعب الفلسطيني كله.

وتابع أنه مع التفوق الأمني والعسكري للاحتلال، وفي ظل الانقسام وقلة الإمكانيات، قد تتمكن إسرائيل من حصار المقاومة أو تقييد عملها مرحليًّا، لكنها لن تستطيع القضاء على تجذرها في نفوس الفلسطينيين.

ومضى يقول: حتى لو حققت إسرائيل نجاحات في فترة زمنية محددة، أو مع جيل معين، فإن جيلا جديدًا سيأتي بوعي مقاوم جديد، فليس أمامها ما تفعله سوى الحلول الأمنية والاقتصادية التي لن تنجح حتى وإن حققت بعض النجاح الجزئي.

كي الوعي

وأكد الكاتب ساري عرابي أنه لا يمكن لأي جهة كانت، سواء إسرائيل أو السلطة الفلسطينية النجاح في كي الوعي للشعب الفلسطيني، “قد يحدث نجاح بفعل السياسات الأمنية والاقتصادية، وظروف الجغرافيا وضعف الإمكانيات”، إلا أن كي الوعي بالمطلق أمرٌ مستحيل.

وأشار إلى أنه من الطبيعي أن تكون مقاومة الفلسطيني عبارة عن موجات وهبات، وثم يلتقط الفلسطيني أنفاسه ويأخذ فرصة من الزمن، ثم يأتي جيل جديد بإرادة جديدة يكمل الطريق، وهذا ما أثبتته الوقائع على مدار التاريخ الفلسطيني.

وقال عرابي إن عدم تبني السلطة قضية المقاومة واتخاذها موقفًا معارضًا ورافضًا، مع إجراءات عملية لهذا الموقف لاشك أنه أدى لحالة من التقييد للمقاومة في الضفة، ولولا هذه الإجراءات لكانت حالة المقاومة بالضفة أكثر انتشارًا وتأثيرًا على الاحتلال.

وجدد أن سياسات السلطة الفلسطينية المختلفة لا يمكنها أن تدجن الشعب الفلسطيني، موضحًا أنه مطلوب من الفلسطينيين وضع الخطط الاستراتيجية لتعزيز الصمود، والبقاء في الأرض.

وتابع عرابي: “أهم قضية هي تعزيز الصمود؛ فالفلسطيني بالضفة محاصر أيضا فلا يمكنه التحرك كيلو مترًا واحدًا دون أن يمر بنقطة للجيش الإسرائيلي، أو بوابة حديدية، أو مستوطنة، أو حاجز عسكري، فهو محاصر بوجوده ورزقه وأمنه”.

ودعا عرابي المقاومة لمواصلة تطوير الأدوات والوسائل، والرؤى، لتستطيع تجاوز التفوق الأمني والعسكري الإسرائيلي.

ضرب الوعي الصهيوني

وأكد أن الجيل الفلسطيني يسلم البندقية للجيل الذي بعده، وهذه الأجيال تضرب الوعي الصهيوني أكثر من مرة؛ ففي الانتفاضة الثانية أثبت الفلسطيني أن فلسطين المحتلة ليس المكان الأكثر أمنًا للصهانية في العالم.

وأوضح أن الصهيونية تقوم على عنصرين هما: أن فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض، وبالمقاومة أثبت الفلسطيني أنه صاحب هذه الأرض. أما العنصر الثاني فهو أن فلسطين الأكثر أمنًا لليهود وهذا ما أثبت عكسه الفلسطينيون.

والمقاومة بغزة وصواريخها التي وصلت كل المناطق في فلسطين المحتلة، أثرت على الوعي الصهيوني، وفق عرابي الذي قال إن المقاومة تؤثر على الجهد الأمني للاحتلال، حيث ينشر الآلاف من جنوده في الضفة الغربية خوفًا من مقاومتها، فكيف لو كانت لهذه المقاومة ظروف أفضل.

وختم بأن الجمهور الصهيوني مدرك تمامًا أن الشعب الفلسطيني يقاوم ولا يستلم.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات