الجمعة 26/أبريل/2024

جميل حمامي.. رجل الأقصى يترجل بعد مسيرة طويلة من التضحية والعطاء

جميل حمامي.. رجل الأقصى يترجل بعد مسيرة طويلة من التضحية والعطاء

القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام
قامة مقدسية كبيرة، تترجل أمس الأحد عن صهوة جوادها راحلة إلى الرفيق الأعلى بعد رحلة طويلة من التضحية والعطاء، يسلّم اليوم لواء القدس ونصرة المسجد الأقصى المبارك للجيل القادم الذي يعوّل عليه بتحرير المسجد من ربقة الاحتلال.

توفي الأحد 10 أيلول/ سبتمبر 2023م الشيخ المقدسي جميل عبد الرحيم حمامي “أبوحمزة” (71 عاما)، عضو الهيئة الإسلامية العليا بالقدس المحتلة وأحد أعلام فلسطين، بعد معاناة مع مرض السرطان، وصُلّي عليه في المسجد الأقصى الذي أداره، وشيعه آلاف المقدسيين الذي تخرجوا في مدرسته، ودُفن في مقبرة باب الرحمة التي نافح عنها، كسائر مقدسات القدس لنحو نصف قرن.

مناصب علمية ودعوية

حمامي شخصية مقدسية بارزة، شغل العديد من المناصب أبرزها مدير المسجد الأقصى ودار الحديث، وشغل حتى رحيله إدارة جمعية لجنة العلوم والثقافة الإسلامية، والإدارة العامة لمدارس الإيمان في القدس.

ولد الفقيد في مدينة معان في الأردن عام 1952م حيث كان والده يعمل شرطيًّا وانتقلت العائلة لتعيش في القدس عام 1953 واستقر بها المقام في المدينة المقدسة. وفقيدنا متزوج وله ثلاثة أبناء ذكور وخمس إناث، أتم دراسته الابتدائية والإعدادية والثانوية في مدينة القدس وتخرج من مدرسة ثانوية الأقصى الشرعية في القدس عام 1973.

التحق بكلية الشريعة بجامعة الأزهر وحصل منها على درجة الليسانس في الشريعة عام 1977 ثم التحق عام 1982 بجامعة عين شمس لدراسة الماجستير لكنه عاد بعد فترة وجيزة ولم يكمل دراسته. عمل الراحل في مجال التدريس والوعظ والخطابة والأعمال الإدارية فقد عمل فور تخرجه من المرحلة الثانوية عام 1973م إمامًا وخطيبًا في مسجد بيرزيت وذلك قبل سفره إلى مصر.

وبعد تخرجه من الجامعة عام 1977م عمل واعظًا متجولًا في منطقة رام الله ثم مدرسًا في مدرسة ثانوية الأقصى الشرعية فمديرًا لدار الحديث الشريف في المسجد الأقصى المبارك فمديرًا للمسجد الأقصى فمديرًا لأوقاف بيت لحم ثم مساعدًا لمدير المعهد الشرعي (كلية العلوم الإسلامية) في أبو ديس في القدس ثم باحثًا في جامعة القدس.

شارك الشيخ حمامي في تأسيس دار الحديث الشريف عام 1979م وفي تأسيس جمعية لجنة العلوم والثقافة الإسلامية عام 1984م وهو أمين سرها ومديرها التنفيذي منذ التأسيس حتى الآن وخلال عمله في دار الحديث الشريف. اهتم الشيخ حمامي بإقامة مهرجانات سنوية خاصة بإحياء السنة النبوية وبإقامة معارض الكتب السنوية أعد الشيخ الحمامي كتابًا في مصطلح الحديث عام 1982م وله رسالة بعنوان (مع الغزالي في نظريته التربوية).

هواء الأقصى

“هواء المسجد الأقصى مميز حتى أكثر من هواء مدينة القدس”، هذا ما قاله الشيخ جميل حمامي في أحد لقاءاته الإعلامية، معبّرا عن علاقته الوطيدة بالمسجد، بدءا من دراسته وتدريسه في إحدى مدارسه، مرورا بتأسيسه دار الحديث في المسجد عام 1979، وليس انتهاء بإدارته الأقصى عام 1982 ولمدة 3 سنوات، حيث كان أول مدير للمسجد منذ احتلاله في 1967.

لذلك يقول المقدسيون، إن رحيل الشيخ جميل حمّامي ترك ثغرة في حصن التربية والتعليم والدعوة في القدس.

أصابت تضييقات الاحتلال الشيخ جميل حمامي، فتعرض للاعتقال أول مرة بتهمة المشاركة في تأسيس حركة المقاومة الإسلامية حماس، ومكث في السجن 18 شهرا، ثم اعتقل بعدها لمدة 20 شهرا، بتهمة التنسيق بين الفصائل والإسهام في توقيع وثيقة الشرف بين حركتي فتح وحماس، ثم اعتقل أخيرا لمدة 6 أشهر بتهمة التحريض ضد الاحتلال، ولم يسْلَم -أيضا- من استدعاءات التحقيق المتكررة، وقرارات منع السفر، ومنع الدخول إلى الضفة الغربية.

رثاء الفقيد المؤثر

ألقيت كلمات مؤثرة في تأبين ووداع الشيخ بعد دفنه، تعبر عن الحزن العميق لفقدان أحد أعمدة ورجالات القدس، الذين كان له باع طويلة في الدفاع عن الأقصى وخدمته، وبصمات واضحة في مجال الوعظ والإرشاد والخطابة، والتعليم في كلية الدعوة وأصول الدين بجامعة القدس ومدارس الإيمان.

وشارك في تشييع جثمانه مجموعة من الشخصيات الدينية والوطنية وفي مقدمتهم رئيس الهيئة الإسلامية العليا بالقدس الشيخ عكرمة صبري، ورئيس مجلس الأوقاف الشيخ عبد العظيم سلهب، ومفتي القدس الشيخ محمد حسين، وخطباء المسجد الأقصى وموظفي دائرة الأوقاف، وشخصيات وطنية.

ونعت حركة حماس، إلى الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية الشيخ جميل عبد الرحيم عبد الكريم حمامي، وقالت إنه “أحد أعلام فلسطين والحركة الإسلامية وقامة كبيرة من قامات بيت المقدس، نذر حياته لخدمة وطنه ودينه وشعبه، والدفاع عن القدس والمسجد الأقصى المبارك”.

وأضافت الحركة، في بيان لها مساء اليوم الأحد، أن “الشيخ كان في طليعة من وقف في وجه الهجمة الصهيونية على القدس وأبنائها، وتصدى باقتدار لمحاولات التهجير والتهويد، وقدم في سبيل ذلك الكثير من التضحيات، وتعرض للملاحقة والتضييق الصهيوني على مدار سنوات طويلة”.

وختمت بالقول إن “الشيخ جميل كان ركنا من أركان المسجد الأقصى المبارك، ولبنة كريمة في جدار الذود عنه وعن طهره، وفي طليعة الذين تصدروا الدعوة والإصلاح في المدينة.. لم يكل ولم يمل حتى الرمق الأخير من أجل العمل على بناء جيل معتز بدينه وهويته، متجذر في وطنه، ومدافع عن حقوقه ومقدساته”.

من جانبه، هاتف رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، عائلة الشيخ الراحل جميل حمامي معزيّا إياهم ومشيداً بسيرة الشيخ ومواقفه الجليلة، وداعياً الله تعالى أن يُنزله منازل شهداء القدس وفلسطين.

واستذكر هنية دور الراحل في دعم قضايا الأمة الإسلامية والفلسطينية، ودفاعه عن المسجد الأقصى، ومواقفه في الحفاظ على الجيل المسلم، مقدّراً تفانيه طوال حياته أثناء عمله مديراً للمسجد الأقصى وأميناً لسر الهيئة الإسلامية العليا في القدس.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات