الجمعة 03/مايو/2024

تململ داخلي وأصوات تعلو لمطالبة فتح بالوقوف ضد سلوك السلطة الأمني

تململ داخلي وأصوات تعلو لمطالبة فتح بالوقوف ضد سلوك السلطة الأمني

لا ينكر أحد مكانة وتاريخ حركة فتح في الثورة الفلسطينية المعاصرة، في الوقت ذاته باتت الحركة أمام تحديات كبرى أهمها محاولة جرها لمربع العداء للمقاومة وتصاعد حالتها في الضفة الغربية المحتلة من خلال سلوك السلطة الأمني.

وبعيداً عن انخراط ومشاركة كوادر فتحاوية في المقاومة وعمليات التصدي للاحتلال المتصاعدة في الضفة المحتلة، إلا أن حركة فتح ما زالت مقيدة في أطر المواقف التي يجاهر بها قائدها العام ورئيس السلطة التي تتحكم في كل مفاصلها برفضه للكفاح المسلح، وتمسكه بخيار التسوية والمسيرات الشعبية فقط سبيلاً لمواجهة سعار القتل والاستيطان الصهيوني، وطلب الحماية الدولية على منابر الأمم المتحدة وفي كل إطلالة إعلامية.

ورغم إشادة نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروري، بحركة فتح وتاريخها النضالي وبقاعدتها الشعبية المنخرطة في العمل المقاوم دون قرار سياسي فتحاوي رسمي، إلا أنه أكد على وجود خلل واضح في سياسات السلطة وقيادتها وأجهزتها الأمنية.

وقال العاروري: “هناك دوائر ضيقة مع الأسف التزامها تجاه الاحتلال أعلى من التزامها تجاه شعبنا، وهذا مؤسف جداً وخطير جداً”.

ولم تفلح كل الأصوات الفصائلية والشعبية التي طالبت حركة فتح بالعودة إلى النسيج الوطني الفلسطيني، والانخراط في مقاومة الاحتلال بكل الوسائل المشروعة وعلى رأسها الكفاح المسلح، فالممارسة العملية لأجهزة السلطة التي تقودها فتح، ما تزال بعيدة كل البعد عن هذا المفهوم، بل تمارس عكسه تماما.

هذا التعنت والرفض دفع أصواتاً داخل حركة فتح، لإعلاء صوتها ورفض نهج أجهزة السلطة المعادي للمقاومة والملاحق لرجالاتها، وبات عدد كبير من أبناء حركة فتح لا يخفون غضبهم تجاه سياسات السلطة بشكل عام وخاصة فيما يتعلف بملف علاقتها مع المقاومة وفصائلها المسلحة.

بينما يعبر الموقف الرسمي للسلطة عن رفضه للحالة العسكرية في الضفة المحتلة، وتسعى أجهزة السلطة التابعة له لملاحقة المقاومين واعتقالهم، والتضييق عليهم، يشارك جزء من أبناء الحركة وقواعدها في الفعل المقاوم بشكل مباشر.

مواقف واضحة

وبينما يعبر الموقف الرسمي للسلطة عن رفضه للحالة العسكرية في الضفة المحتلة، وتسعى أجهزة السلطة التابعة له لملاحقة المقاومين واعتقالهم، والتضييق عليهم، يشارك جزء من أبناء الحركة وقواعدها في الفعل المقاوم بشكل مباشر.

ليس هذا فحسب بل بدأت تعلو أصواتهم رفضاً لنهج السلطة وقيادة حركتهم التي يرأسها محمود عباس، ما عرض عدداً منهم للاعتقال والملاحقة.

وبرزت مواقف جديدة توضح عمق الشرخ والتباين، عقب قتل أجهزة السلطة للشاب عبد القادر زقدح (25 عامًا)، بإطلاق النار عليه بشكل مباشر من عناصر الأجهزة الأمنية ما أدى لاستشهاده وإصابة آخرين من بينهم والد الشهيد رمزي العارضة، خلال عمليات القمع التي نفذتها أجهزة السلطة ضد الأهالي المعترضين إزالتها الموانع التي وضعتها المقاومة على مداخل المدينة والمخيم؛ لإعاقة اقتحامات قوات الاحتلال.

كتائب شهداء الأقصى نعت الشاب عبد القادر زقدح، في بيان نشرته على قناتها الخاصة بتلجرام، داعية قيادات حركة فتح والكتائب في الأقاليم والمدن والقرى للإعلان بشكل واضح وصريح عن رفضهم لما وصفوه بـ”الممارسات الخيانية بحق أبطالنا”، وإعادة تفعيل جميع المجموعات العسكرية ومحاسبة المتورطين فيما قالت إنه “خيانة لوصايا الشهداء والأسرى”.

وقالت الكتائب: “لطالما دعونا السلطة لوقف الاعتقالات وملاحقة المقاومين وأكدنا التزامنا الواضح بعدم حرف البوصلة وعدم الالتفات للأفعال الخيانية الصادرة من بعض قيادات السلطة ودعونا للإصلاح، لكن نطل عليكم بعد أحداث اليوم لنعلنها بكل وضوح أنه ومنذ اللحظة سنقطع اليد اللي تمتد على مقاومينا والألسن التي تمسهم، والأيادي التي تسلمهم للاحتلال”.

وترى الكتائب، في بيانها، أن حركة فتح تتعرَّض لمؤامرة صهيونية لتصفيتها نهائيًّا عن طريق قيادات، قالت إنه “تم تعيينهم من قِبل حكام تل أبيب”.

وشددت أن أي مشروع يكبل المقاومة هو خيانة، “فمشروعنا هو المواجهة مع الاحتلال بنفس طويل الأمد حتى دحره”.

وقررت الكتائب في ختام بيانها منع دخول السلطة وأجهزتها لمخيم طولكرم، وقالت إن الجواب سيكون بالرصاص وسيتم التعامل مع دخول الاجهزة كدخول الاحتلال”.

ليس الموقف الأول

صحيح أن هذا هو آخر المواقف لكنه ليس أولها، ففي السادس والعشرين من الشهر الجاري، طالبت كتائب شهداء الأقصى في بيت لحم جنوبي الضفة الغربية المحتلة، أجهزة السلطة بالإفراج عن المطاردين الذين اعتقلتهم، والكف عن ملاحقة المقاومين.

وقالت الكتائب، في بيان: “لقد شاهد الجميع حجم العدوان الكبير من جيش الاحتلال على أبناء شعبنا من قتل واعتقال ومجازر في حق المدنيين، وأبناؤنا الأبطال يقفون في وجه هذه الغطرسة الصهيونية يقدمون دماءهم رخيصة دفاعاً عن أبناء شعبهم، وإن ما يدمي القلب أن تأتينا الطعنة القاتلة من إخوتنا في الأجهزة الأمنية”.

وأوضحت أن الأجهزة الأمنية اعتقلت المطاردَين من كتائب شهداء الأقصى مصعب الزير وعمر عياد، محملة الأجهزة الأمنية المسؤولية عن حياتهما، وطالبت بالإفراج الفوري عنهما.

وجاء في البيان: “نطالب الأجهزة الأمنية بالكف عن هذه التصرفات في ملاحقة واعتقال أبنائنا في كتائب شهداء الأقصى”.

وفي الأول من يناير 2023، طالبت كتائب شهداء الأقصى الذراع العسكري لحركة فتح، بإقالة قائد منطقة بيت لحم بعد إصداره أوامر بإطلاق النار على عناصرها.

وقالت الكتائب في مؤتمر صحفي، عقدته في حينه، إنها تطالب رئيس السلطة محمود عباس بإقالة قائد منطقة بيت لحم بشكل فوري عقب إصداره أوامر بإطلاق النار على المدنيين والعزّل وعناصر من شهداء الأقصى.

والجدير ذكره أن هذا البيان جاء بعد يوم واحد، من وقوع اشتباكات عنيفة بين عناصر من أجهزة السلطة، ومسلحين من حركة فتح في مدينة بيت لحم، عقب قمع مسير عسكري احتفالاً بالذكرى الـ 58 لانطلاقة حركة فتح.

وفي السابع عشر من يوليو 2023، أعلنت كتائب شهداء الأقصى- مجموعة الرد السريع – كتيبة طولكرم، براءتها من الاعتقالات والملاحقات التي تنفذها السلطة الفلسطينية بحق المقاومين في الضفة الغربية المحتلة.

ودعت عناصر أجهزة السلطة لتصحيح المسار، والكف عن ملاحقة أبناء الأذرع العسكرية.

ومواقف سياسية أيضاً

ولم يقف الأمر عند الحالات العسكرية التابعة لحركة فتح، بل صدرت مواقف من بعض القياديات السياسية لحركة فتح، ومن بينهم القيادي جمال حويل من جنين، والذي قال في رسالة لعناصر أجهزة السلطة، إنه “آن الأوان أن تدافعوا عن أبنائكم في مخيم جنين”.

وقال حويل، في تصريحات سابقة، إن ملاحقة المقاومين تحت مسمى القانون أمر غير مقبول، مطالبا السلطة بالإفراج عن المقاومين المعتقلين في سجونها.

وأكد أن رصاص المقاومة لن يكون موجهًا إلا إلى صوب الاحتلال، مشددا على أن محاولات البعض إشعال فتن بين المقاومين لن تنجح.

ويرى أن المقاومة المسلحة هي السبيل الوحيد لتحرير فلسطين والبندقية ستبقى حتى زوال الاحتلال.

هذا كله يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك ضرورة أن يعيد الحريصون والشرفاء داخل حركة فتح دفة السفينة إلى مسارها الصحيح وصولاً إلى جعل الخيانة أمراً يستحق المحاسبة والإعدام، وعدم اعتبارها وجهة نظر، كما كان يخشى القائد الفتحاوي الشهيد صلاح خلف أبو إياد، حتى تصل السفينة بأمان إلى شواطئ التحرير والعودة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

عدنان البرش.. الطبيب الإنسان

عدنان البرش.. الطبيب الإنسان

غزة – المركز الفلسطيني للإعلاملم يترك الدكتور عدنان البرش (50 عامًا) مكانه ومهمته في إنقاذ جرحى حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية بغزة، حتى اعتقاله...