الجمعة 26/أبريل/2024

عين الأقصى .. تقرير يرصد تصاعد العدوان ونفوذ جماعات المعبد

عين الأقصى .. تقرير يرصد تصاعد العدوان ونفوذ جماعات المعبد

بيروت – المركز الفلسطيني للإعلام

أطلقت مؤسسة القدس الدولية، تقريرها السنوي “عين على الأقصى” الـسابع عشر، في مؤتمرٍ صحفيٍ في العاصمة اللبنانية بيروت، بحضور ثلةٍ من الشخصيات السياسية والدينية الإعلاميين وعدد من المهتمين والعاملين لقضية القدس وفلسطين.

افتُتح المؤتمر – الاثنين- بكلمةٍ من بشارة مرهج، القائم بأعمال رئيس مجلس أمناء مؤسسة القدس الدولية، الذي وجه تحيةً إلى المدافعين عن فلسطين، والمناصرين للقدس ومقدساتها.

واستهل مرهج كلمته بالحديث عن المسجد الأقصى، وعدّ جريمة إحراق المسجد، لم تكن خطأً عابرًا إنّما خطيئة معبّرة عن المخاطر المحدقة بالأقصى وعن مخططات إزالته من الوجود.

وأشار مرهج في كلمته إلى تواطؤ الاحتلال في تنفيذ الجريمة قائلًا “صحيح أنّ الاحتلال الإسرائيلي لم ينفّذ تلك الجريمة مباشرة، لكنّ تورّطه فيها كان واضحًا مع تعمّده تأخير وصول عربات الإطفاء وعرقلتها، ولاحقًا في ترحيل منفّذ الجريمة والادعاء أنّه مختلّ عقليًا”.

وحول استمرار محاولات استهداف المسجد أضاف مرهج: “اليوم، يتعاظم الخطر على الأقصى حيث نشهد الجريمة ذاتها، بأدوات مختلفة، من اقتحامات للأقصى تترافق مع محاولات حثيثة لطمس هويته العربية والإسلامية، وتحويله من مقدّس إسلامي خالص يتعرضّ للعدوان إلى مقدّس مشترك بين المسلمين واليهود، عبر فرض الطقوس التوراتية فيه وتكريس ذلك على أنّه حقّ للمستوطنين، كلّ ذلك ضمن سياسة رسمية تتبنّى العدوان على الأقصى وإبعاد أهله عنه، ومنعهم من الصلاة فيه”.

كما تطرق مرهج إلى قضية الاعتداء على المقدسات المسيحية في القدس، واستهداف المسيحيين ورجال الدين من قبل الاحتلال ومستوطنيه والذي شهد تصاعداً مؤخراً. وقال مرهج: “هناك مقاطع قد انتشرت تظهر مستوطنين يعتدون على رجال دين مسيحيين في القدس، عدا عن الاعتداءات على الأديرة والكنائس المقابر المسيحية وتدنيسها بالكتابات المعادية للدين المسيحي”.

وأكدّ مرهج على ضرورة دعم المرابطين والصامدين في القدس، مشددًا على أنّ المسؤولية في مقاومة اعتداءات الاحتلال على المقدسيّين والأرض والمقدّسات هي مسؤولية كلّ معنيّ بالقضية الفلسطينية لتشكّل الجهود مجتمعة دعمًا للمقدسيين، خطّ الدفاع الأول عن القدس ومقدساتها، وإسنادًا لهم، وتثبيتًا في مواجهة الاحتلال لمنعه من الانتصار في معارك الوعي، والثقافة، والهوية، وفي معارك التاريخ والجغرافيا.

أبرز المعطيات

وقدم الكلمة الثانية في المؤتمر هشام يعقوب، مدير قسم الأبحاث والمعلومات في مؤسسة القدس الدولية، مستعرضًا أبرز معطيات تقرير “عين على الأقصى السابع عشر”.

وأشار يعقوب إلى أنّ التقرير يتكون من 4 فصول، وهي تطور فكرة الوجود اليهود في الأقصى دينياً وسياسياً وأمنياً وقانونياً، والمشاريع التهويدية والحفريات التي تهدد المسجد الأقصى، أمّا الفصل الثالث فقد تناول تحقيق الوجود اليهودي الدائم والكثيف داخل المسجد الأقصى، عبر الاقتحامات وغير ذلك، فيما تناول الفصل الرابع التفاعل والمواقف والفعاليات المرتبطة بالمسجد الأقصى، وذلك على المستوى المحلي الفلسطيني والعربي والإسلامي والدولي، ثم كانت الخاتمة بجملة من التوصيات لمختلف الأطراف الفاعلة.

وسلط يعقوب الضوء على تصاعد تمثيل جماعات “المعبد” في البيئة السياسية الإسرائيليّة خلال أشهر الرصد، إذ أفرزت الانتخابات الأخيرة لهذه الكتلة اليمينية المتطرفة 29 مقعداً في “الكنيست” و16 حقيبة وزارية، من أصل 32 حقيبة، ما يشكل نصف مقاعد الحكومة.

وعلّق يعقوب: “لا شك في أنّ الحكومات (الإسرائيلية) السابقة كلها مجرمة بحق الشعب الفلسطيني، لكن لم يسبق أن وصلت كتلة قوية تتبنى الأجندات والأيديولوجيا الدينية بهذا الشكل إلى سدة الحكم والحكومة والكنيست، كما حصل في هذه الحكومة السادسة لـ(نتنياهو)”.

وبحسب معطيات التقرير عملت منظمات “المعبد” عملت على تحقيق استراتيجية تهويد الأقصى عبر 3 أجندات، وهي: التقسيم الزماني والمكاني للأقصى، و”التأسيس المعنوي للمعبد”.

و أشار يعقوب إلى أنّ هذه الاستراتيجية اصطدمت بالفعل المقاوم الفلسطيني والإسناد الشعبي، مستعرضًا أبرز محطات المقاومة في القدس خلال السنوات الماضية: في هبة أبو خضير 2014، وهبة السكاكين 2015، وهبة باب الأسباط 2017، وهبة باب الرحمة 2019، وهبة باب العمود 2021 التي سبقت معركة (سيف القدس) الحاسمة.

وعلى الرغم من هذه المحطات فإن جماعات “المعبد” وفي ظل حكومة الاحتلال الحالية، باتت أكثر إصراراً على فرض وقائع جديدة ضمن استراتيجية تهويد الأقصى.

وفي سياق ما تقوم به هذه الجماعات أورد يعقوب قضية التطهر والبقرة الحمراء قائلًا: “منذ 36 عاماً تسعى جماعات (المعبد) لجلب بقرة حمراء تنطبق عليها مواصفات معينة من أجل أن يتم استخدام رمادها لـ (تطهير) اليهود، بحسب معتقدهم الديني، كي يتمكنوا من اقتحام الأقصى، وفي الأسابيع الأخيرة تمكنت تلك الجماعات من جلب 5 بقرات من أجل هذه الغاية”. مضيفًا: “وفي حال الوصول إلى بقرة واحدة مرشحة من البقرات الخمسة سيكون المسجد الأقصى أمام مصير خطير جداً، سترتفع فيه وتيرة الاقتحامات وأعدادها كمًّا ونوعًا وهذا بحاجة إلى وقفة لردع الاحتلال الإسرائيلي”.

وحول أعداد مقتحمي المسجد الأقصى في أشهر الرصد، كشف يعقوب بأنّ 58533 مستوطناً وعنصرًا أمنيًا وطالبًا يهوديًا، اقتحموا الأقصى خلال فترة الرصد، بزيادة نحو 7800 مقتحماً عن التقرير الماضي.

تهويد فضاء الأقصى

وفيما يخص تهويد فضاء المسجد الأقصى ومحيطه، تناول يعقوب الحديث عن مشروعي “التلفريك” التهويدي والقطار الخفيف اللذان يستهدفان مناطق مثل: البلدة القديمة وسلوان، والطور، ووادي الجوز وغيرها. أما عن تهويد ما تحت الأرض فقد تحدث يعقوب عن شبكة الأنفاق الموجودة التي تتطور وتتوسع وتزداد ويستغلها الاحتلال الإسرائيلي للترويج للروايات المكذوبة. محذرًا من الأخطار المحدقة بالمنطقة الشرقية المهددة بالتقسيم المكاني والتي تسعى جماعات “المعبد” لممارسة معظم طقوسها الدينية فيها ما ينذر باستمرار تراجع دور الأوقاف إلى حدّ العجز عن أدائه في الساحة الشرقية للمسجد الأقصى.

وختم كلمته بإطلاق تحذير تحت عنوان “الأقصى في خطر”، وقال يعقوب: “نعم كما ذكرنا في التقرير الماضي، ورفعنا الصوت عالياً وقلنا لأول مرة الأقصى في خطر على مستوى الهدم وانهيار أجزاء منه، واليوم بات هذا الخطر يحيق بالأقصى”.

وأضاف: اليوم تعززت القناعات العملية بأنه هناك أجزاء من المسجد الأقصى بالفعل مهددة بالانهيار، وما الذي حصل في مصلي الأقصى القديم، وفي المصلى المرواني، وفي مصلي قبة الصخرة من تساقط للحجارة، ومن تصدعات وتشققات وتسرب للمياه، إلا مؤشرات حقيقية إلى أنه قد تحصل هناك انهيارات قريبة.

وقال يعقوب: “ربما تكون الساحة الجنوبية الغربية أكثر المناطق مرشحة لتحصل فيها انهيارات كبيرة، وهذا ما يتمناه الاحتلال الإسرائيلي”.

واستقرأت كلمة ياسين حموّد مدير عام مؤسسة القدس الدولية تفاعلات الأطراف المختلفة مع المخاطر المتصاعدة بحق الأقصى، وقدم جملة من التوصيات للأطراف المختلفة.

وقد استهلّ حمود كلمته بتقديم واجب العزاء للشهيد حمزة أبو سنينة، وقال حمّود: “ارتقى البطل شهيدًا بعد 16 شهرًا من إصابته داخل الأقصى، وقد سبقته إحدى كريمتيه إلى الجنة، فداء للمسجد وذودًا عنه، ومع ما في خبر نيله الشهادة من مكرمة جليلة ومنزلة عظيمة، إلا أن الشهور التي تلت إصابته وفقدانه إحدى عينيه، أظهرت عجزًا كبيرًا في الوقوف مع واحدٍ من أبطال الدفاع عن المسجد، أصابته يدُ الإجرام الصهيونيّة، رحمه الله تعالى وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان، والتحية إلى من يشكل الحصن المنيع في وجه أطماع الاحتلال”.

وأشار حمّود إلى ما يشهده هذا العام من حشد الاحتلال لمختلف أذرعه من أجل فرض المزيد من السيطرة والتحكم على المسجد، في الوقت الذي يستمر الغياب العربي والإسلامي عن مشهد مواجهة الاحتلال وأطماعه، ما يفتح شهية الأخير ليمضي في حشد متطرفيه واقتحام ساحات الأقصى ومنع الأوقاف من الترميم.

وقال حمّود: “على الرغم من ذلك المشهد القاتم، وقدرة الاحتلال على المضي في مخططاته، إلا أن دولة الاحتلال تمرّ بواحدةٍ من أعقد أزماتها منذ نشأتها، فعلى أثر التعديلات القانونية تحت مسمى (الإصلاح القضائي) التي يحرص عليها رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو، والمكاسب التي يريدها اليمين الصهيوني الداعم له، نشهد شرخًا استثنائيًا في المجتمع والسياسة الإسرائيليين على حدّ سواء، ونتابع تلك التجاذبات وانتقالها إلى الشارع من خلال المظاهرات الضخمة الرافضة لمخططات نتنياهو”.

فرصة استثنائية

وأضاف قائلاً: ” إنّ التشظي الإسرائيلي الحالي، يُمكن أن يسجل فرصة استثنائية لدفع عدوان الاحتلال عن الأقصى، وعرقلة العديد من مخططاته، وأن الوقت الحالي يستوجب المزيد من العمل الدؤوب، والمتراكم لصدّ الاحتلال، خاصة استمرار الانغماس الغربي عامةً، والأمريكي على وجه الخصوص في أتون الحرب الروسية – الأوكرانية، ما يفتح المجال أمام المزيد من انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من المنطقة، وفتح المجال أمام معادلات أخرى، لا يكون فيها الاحتلال الرابح الدائم أو الوحيد”.

وعرّج ياسين حمّود في حديثه على المستوى الفلسطينيّ، إذ تابعت المقاومةُ الفلسطينيةُ والجماهيرُ الفلسطينيةُ تموضعَها في قلبِ معركةِ القدس، واستمرت جهود المقدسيين والفلسطينيين من الأراضي المحتلة عام 48 في مواجهة تهويد الأقصى، فقد شكّلوا بحسب قوله خطّ الدفاع الأول في وجه الاعتداءات المتكررة على الأقصى، وعمارة ساحاته.

وذكر حمّود في كلمته أنّ معركة الاعتكاف في الأقصى والتي خاضتها الجماهير منذ الأيام الأولى لشهر رمضان، وبلغت ذروتها في أسبوعه الثالث الذي تزامن مع عيد “الفصح العبري”، إذ رسخ الفلسطينيون فيها أنّ الاعتكاف أداتهم الأبرز لرفع مستوى الوجود الإسلامي في الأقصى، ومواجهة اقتحامات المسجد في رمضان، على الرغم من محاولات الاحتلال المتكررة والوحشية لإنهاء الاعتكاف، واعتقال عشرات الفلسطينيين من داخل المسجد، إلا أنّ الاعتكاف استمرّ حتى نهاية شهر رمضان.

وتدليلاً على ارتفاع وتيرة العمل المقاوم بكل أشكاله في القدس والضفة الغربية، استعرض حمّود ما وثقته مؤسسة القدس الدولية خلال الأشهر الماضية من عام 2023، إذ تم إحصاء أكثر من 953 عملًا مقاومًا في القدس المحتلة بمفردها.

وفيما يخص مواقف الأطراف الرسمية: الفلسطينية والعربية والإسلامية، أكدّ ياسين حمّود على أنها لم يطرأ عليها أي تغير، سوى ترسيخِ التطبيعِ مع الاحتلالِ، وعقد عددٍ من اللقاءات المشبوهة في العقبة في 26/2/2023، وفي شرم الشيخ في 19/3/2023، والإشارات المتتالية التي رافقت هذه الاجتماعات بأنها أتت في سياق استباق التصعيد المرتقب في شهر رمضان والأعياد اليهودية.

أما المواقفُ الدوليةُ فبقيتْ على حالِها مكتفية بتصريحاتٍ تدين الاستيطان أو أعمال العنف عامةً، في استمرارٍ للمساواة ما بين الضحية والجلاد، على حد قول حمّود.

توصيات

واختتم ياسين حمّود كلمته بجملة من التوصيات، التي خلص إليها تقرير عين على الأقصى السابع عشر، إذ دعا السلطة الفلسطينية إلى وقفُ أيِّ رهانات على الإدارة الأمريكية الحالية، أو الأطر الدولية، وتنفيذ قرارات وقف التنسيق الأمني، وتقديم كافة سبل الدعم للمقاومين والمرابطين.

أمّا المقاومة الفلسطينية فقد دعاها حمّود إلى تعزيزُ العملِ المقاومِ في الضفة، من بوابةِ الدفاعِ عن القدسِ والأقصى، ومضاعفةُ التفاعلِ معَ الأحداثِ في الأقصى، وتحقيقُ التوازنِ بينَ الخطابِ الإعلاميِّ التهديديِّ للاحتلالِ ذي السقفِ العالي جدًّا، وظروفِ المقاومةِ التي لا تسمحُ لها دائمًا بتنفيذِ التهديداتِ، بسببِ ظروفٍ مفهومةٍ.

وأكدّ حمّود على ضرورة مواصلة الرباط في الأقصى وتجديد الدماء فيه ومشاركة الأفراد والعائلات والمؤسسات بذلك، وخاصة في مواسم الأعياد اليهودية، والتنبه لما يحاك ضدَّ المنطقةِ الجنوبيةِ الغربيةِ من الأقصى من حفرياتٍ ومحاولاتٍ للسيطرةِ عليها، وإفشالُ هذه المخططاتِ بكلِّ ما يمكنُ، الرباطُ في المنطقةِ الشرقيةِ في الأقصى، وضرورةُ أن يكونَ لهذه المنطقةِ مبادراتٌ شعبيةٌ خاصةٌ بها، تضمنُ عمارتَها وعدمَ خلوِّها في أيِّ ساعةٍ من ساعاتِ اليوم.

وإلى الأردن الرسمي توجه ياسين حمّود بجملة التوصيات والمطالبات، والتي تضمنت الدعوة إلى الردُّ بحزمٍ على اعتداءاتِ الاحتلالِ على الأقصى، والدفاعُ عن الحصريةِ الإسلاميةِ في إدارتِه، وإنهاءُ كلِّ مظاهرِ التطبيعِ مع الاحتلال، والوقوف بوجه في وجهِ استمرارِ منعِ أعمالِ الصيانةِ عن سائرِ مرافقِ المسجدِ، وأن يوقفَ حفرياتِ الاحتلالِ في الجهةِ الجنوبيةِ الغربيةِ.

وأكدّ حمّود على أهمية أن يعودَ التحامُ دائرةِ الأوقافِ الإسلاميةِ في القدسِ معَ الجماهيرِ المقدسيةِ، لمواجهةِ المخاطرِ الكثيرةِ التي يتعرضُ لها المسجدُ الأقصى، ليشكِّلا معًا سورًا للدفاع عن المسجد.

وختم ياسين حمّود كلامه بدعوة المستوى الشعبي العربيُّ والإسلاميُّ بناءُ سيرورةٍ دائمةٍ من التفاعلِ مع الأقصى وقضاياه، وذلك في المساراتِ السياسيةِ، والإعلاميةِ، والثقافيةِ، والماليةِ، والقانونيةِ وغيرِ ذلك.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات