عاجل

الإثنين 06/مايو/2024

الاعتقال السياسي

خالد أبو الروس

إن استمرار لجوء السلطة إلى الاعتقال السياسي، رغم كل ما كتب وقيل خلال السنوات السابقة عن عدم قانونيته، يتناقض مع خطابها السياسي بأنها علقت التنسيق الأمني مع الاحتلال “الإسرائيلي” بعد اقتحام مخيم جنين الشهر الماضي، ويتعارض مع متطلبات المرحلة التي تستلزم وحدة وطنية فلسطينية؛ لمواجهة سياسات حكومة التطرف، فما سر هذا التناقض بين السلوك والقول؟.

منذ أن اختارت السلطة الفلسطينية برام الله مشروع التسوية السلمية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي أخذت على عاقتها حماية هذه العملية وعدم السماح لأي جهة معارضة أو أشخاص معارضين بعرقلتها. ورغم أن مشروع التسوية السلمية فشل باعتراف السلطة نفسها؛ نتيجة للوقائع الذي فرضتها حكومات التطرف المتعاقبة بالقوة والإكراه والإحلال إلا أن السلطة فيما يبدو لا تزال تعلق الآمال على إحياء هذه الفكرة الميتة.

ولم يعد إحياء هذه الفكرة الميتة فكرة واقعية ومنطقية في ظل جريمة التطهير العرقي الذي تمارسها قوات الاحتلال في فلسطين، وعجز القانون الدولي على إلزام القوة القائمة بالاحتلال بتطبيق قرارات الشرعية الدولية وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني، وعدم استعداد حكومات التطرف المتعاقبة على تقديم إنجازات للفلسطينيين سوى الاكتفاء بتقديم تسهيلات اقتصادية وأمنية للسلطة؛ لأن ذلك يخدم توجهات دولة الاحتلال الحالية ورغبتها بشراء الوقت من أجل تمرير المشروع الاستيطاني.

وبما أن دولة الاحتلال تمارس جرائم مركزة مع سبق الإصرار والترصد ضد الفلسطينيين من خلال الاقتحامات اليومية للمخيمات والمدن وتعجز السلطة عن مواجهة ذلك؛ فمن الطبيعي أن يدافع الفلسطينيون عن أنفسهم، وهذا حق كفلته القوانين والشرائع السماوية والأرضية والقوانين الإنسانية الدولية للشعوب التي تقع تحت الاحتلال، والأصل ألا يثير ذلك غضب السلطة التي من المفترض أن تقف ضد سياسات حكومة التطرف قولًا وعملًا، وألا تلجأ -بدلًا من ذلك- إلى حملات الاعتقال السياسي ضد المقاومين في الضفة.

إن إصرار السلطة على حملات الاعتقال السياسي يضعها في قفص الاتهام وينسف كل مزاعمها التي ترددها بأنها أوقفت التنسيق الأمني والاتصال مع دولة الاحتلال بعد عملية جنين؛ لأن السلوك العملي على أرض الواقع يتعارض مع هذا الخطاب، فلماذا تصر السلطة على حملات الاعتقال السياسي رغم الدعوات الوطنية بضرورة وقفها؟ ولماذا تراهن على محاولة إنعاش مسار ثبت فشله وتجاوزته الظروف؟.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات