الأربعاء 08/مايو/2024

الاعتقال السياسي في الميزان

سامي الشاعر

يمثل الاعتقال السياسي ظاهرة سيئة الصيت في الشارع الفلسطيني، فهي تستهدف رأس مال الثورة الفلسطينية والعمود الفقري للقوة البشرية العاملة في الميدان الساعية إلى تحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني، وتعد ظاهرة غريبة عن ثقافة العرف الوطني الفلسطيني.

وقد نصت مواثيق ومبادئ منظمة التحرير ضمان العمل المسلح، ومع قدوم السلطة الفلسطينية بموجب اتفاق أوسلو إلى قطاع غزة والضفة الغربية عام 1994م، أكد المجلس التشريعي على حرية الرأي والتعبير و حرية العمل السياسي، بينما أحدث اتفاق أوسلو المشوه في تكوينه السياسي خرقا خطيرا في هذه القضية المصيرية التي مثلت خطوطا حمراء من الاقتراب إلى الدم أو الفلسطيني أو مساسا بأمن رجال المقاومة، بل فتح الباب على مصرعيه لمهاجمة المقاومة ووصفها بالإرهاب كما نصت عليه اتفاقية طابا التي جاءت شارحة للمبادئ العامة لاتفاق أوسلو، ونصت على أن أي جهة تقاوم الاحتلال منظمة إرهابية.

ذهبت السلطة إلى أخطر من ذلك بإمداد أجهزة أمن الاحتلال الشاباك والموساد بمعلومات عن المقاومين أسفرت كثير منها إلى اغتيال الشخصيات المنضوية تحت سقف الأجنحة العسكرية الفلسطينية المقاومة وآخرين تعرضوا للاعتقال من الاحتلال ثم شرعت بتنفيذ الاعتقالات في سجون السلطة.

وذهبت السلطة إلى أخطر من ذلك بإمداد أجهزة أمن الاحتلال الشاباك والموساد بمعلومات عن المقاومين أسفرت كثير منها إلى اغتيال الشخصيات المنضوية تحت سقف الأجنحة العسكرية الفلسطينية المقاومة وآخرين تعرضوا للاعتقال من الاحتلال ثم شرعت بتنفيذ الاعتقالات في سجون السلطة.

ومن هنا بدأت قصة الاعتقال السياسي المهددة للنسيج الاجتماعي والوطني، وبالنظر للمواثيق الدولية نرى أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام ،1948 في المادة (19) منه: نص على “لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته فـي اعتناق الآراء وفي المادة التاسعة جاء فيها: “لا يجوز القبض على أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفا”.

ونصت وثيقة الأسرى عام 2006 أن تحرير الأسرى والمعتقلين واجب وطني مقدس يجب أن تقوم به وبكافة الوسائل القوى والفصائل الوطنية والإسلامية و”م. ت. ف” والسلطة الوطنية رئيسا وحكومة والتشريعي وكافة التشكيلات المقاومة.

ونحن نقرأ ذلك نرى مخالفة صريحة لما طالبت به الحركة الأسيرة وأعلنت الفصائل الفلسطينية حينها احترامها لوثيقة الأسرى وما جاءت فيها من بنود واحترام دعوات الأسرى للوحدة في يميدان الحكم والسياسة والمقاومة، حتى السلطة أقرت احترامها للوثيقة ولكن أجهزتها الأمنية لم تلتزم بإطلاق سراح الاسرى أو ترك الأمر للمقاومة حرية العمل في ميدان مواجهة الاحتلال ورد عدوانه عن الشعب الفلسطيني.

وعندما نلقي نظرة على بنود وثيقة الوفاق الوطني والمقترح المصري للمصالحة عام 2009 نجد أن من بنود الوثيقة التالي:” أي معلومات أو تخابر أو إعطاء معلومات للعدو تمس الوطن والمواطن الفلسطيني والمقاومة، تعتبر خيانة عظمى يعاقب عليها القانون. – تحريم الاعتقال السياسي. – احترام الأجهزة الأمنية لحق الشعب الفلسطيني في المقاومة والدفاع عن الوطن والمواطن. – العلاقة الخارجية للشؤون الأمنية تخضع لقرار سياسي وتنفذ التعليمات السياسية. – إبعاد المؤسسة الأمنية عن التجاذبات والخلافات السياسية بين القوى والفصائل، وعدم التجريح والتخوين لهذه المؤسسة، واعتبارها ضماناً لأمن واستقرار الوطن والمواطن.

ويتساءل المواطن والشارع الفلسطيني في دهشة وحسرة في آن واحد لماذا لم تلتزم السلطة بذلك؟

وسبق تأكيد وثيقة الوفاق على حق المقاومة وتجريم الاعتقال السياسي تأكيد المجلس التشريعي خلال جلسة إقرار تقرير اللجنة السياسية حول الحوار الوطني الفلسطيني عام 2008 بأن المقاومة حق مشروع كفلته كل الشرائع السماوية والأرضية، والقوانين الإنسانية الدولية، ولهذا فإن حماية المقاومة وصيانة مشروعها يجب أن يظل صلب أي اتفاق وطني كما حددته وثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني واتفاق مكة من قبل. وحرم التشريعي الاعتقالات السياسية ودعا حينها إلى وقف عملية الاعتقال السياسي.

لماذا هذا الإصرار العجيب من السلطة في محاربة المقاومة واعتقال رجالاتها وما حدث في جنين وقبلها في نابلس واستمرار احتجاز مصعب اشتيه وعشرات آخرين لا يبعث بالأمل للشارع الفلسطيني من الوصول لوحدة وطنية وتشكيل جبهة وطنية مقاومة واحدة للانقضاض على الاحتلال، إن سلوك السلطة الغريب عن أعراف الشعب الفلسطيني في مسلسل الاعتقالات السياسية ينذر بكارثة محققة تنعكس سلبا على الشارع الفلسطيني نفسه وتمنح المحتل مصل الحياة والاستمرار في الجثم على الأرض وتعطي شرعية لاعتداءات المستوطنين على القرى الفلسطينية، وتحرم الفلسطيني الغيور من الدفاع عن نفسه، كما في القانون الدولي والإنساني الذي يكفل للشخص حماية نفسه من الأخطار الخارجية.

فإلى متى تستمر حلقات هذا المسلسل المظلم الخطير الذي يهدد مشروع تحرير فلسطين ومقوماته وأدواته، ويعزز صور الانقسام والكراهية، هل من رجل رشيد يوقف هذا الانحدار السياسي؟

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات