الجمعة 10/مايو/2024

انخراط الأمة في معركة فلسطين .. تاريخ عطاء هل يستعيد مجده؟

انخراط الأمة في معركة فلسطين .. تاريخ عطاء هل يستعيد مجده؟

بيروت – المركز الفلسطيني للإعلام
على وقع تعاظم الخطر من سياسات الاحتلال الصهيوني على الفلسطينيين والمسجد الأقصى وغيره من المقدسات، والأمة بأسرها، جاءت دعوة خالد مشعل رئيس حماس في الخارج للأمة توسيع دائرة انخراطها في المعركة ضد الاحتلال الصهيوني.

ومن بلد المليون شهيد (الجزائر) أطلق مشعل دعوته لرفع وتيرة شراكة الأمة في المعركة مع الاحتلال، وقال: إن الدم العربي والإسلامي يجب أن يراق جنباً إلى جنب مع الدم الفلسطيني على أرض القدس وفلسطين.

وجاءت الدعوة بعد عقود من التحولات التي غيبت الخيار العسكري لدى النظام العربي الرسمي في مواجهة الاحتلال مع ميل عدة دول لمسارات التسوية، وتوقيع اتفاقات مع إسرائيل، قبل أن تنخرط بعض الدول في مشاريع التطبيع في السنوات الأخيرة.

ويحدد مشعل ثلاثة أبعاد لدعوته؛ أولها أن فلسطين قلب الأمة؛ وثانيها أن العدو الصهيوني خطر على الأمة بأسرها؛ وأخيرًا تشكيلة حكومة الاحتلال الحالية التي تضم غلاة المتطرفين في الكيان الصهيوني، وهو ما يستوجب من الأمة تطوير خياراتها لتجبر العدو على التراجع.

اقرأ أيضًا: مشعل يدعو الأمة إلى دعم المقاومة الفلسطينية بالمال والسلاح

وتاريخيًّا العرب كانوا مع الخيار العسكري وخاضوا حروب 1948 و1967، و1973، وكانوا منخرطين في المعركة ثم قالوا السلام خيارنا الاستراتيجية، وفق مشعل، الذي أشار إلى أن الاحتلال لم ينسحب من أي مكان إلاّ تحت ضربات المقاومة والمواجهة العسكرية.

دعوة واجبة

أنيس القاسم، أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية، والخبير في القانون الدولي، رأى أن الدعوة لانخراط الأمة في معركة تحرير فلسطين واجبة، رغم تسجيله عدم تأكده من جدية هذه الدعوة.

وقال القاسم في مقابلة خاصة مع المركز الفلسطيني للإعلام: يجب أن تنخرط الأمة بشكل أكبر في معركة نصرة فلسطين وتحريرها، مشددًا على ضرورة أن يترافق ذلك مع خطة عمل واضحة بالانخراط في مقاومة الاحتلال بعيدًا عن عقد أي اتفاقات معه.

أنيس القاسم: الشعوب قادرة على إيجاد واجتراح آليات للنصرة وتجاوز أي عقبات

ويرى أن المشاركة العربية والإسلامية مهمة وفعالة، مذكرًا أنه كان في السابق انخراط كبير في إطار الثورة الفلسطينية.

وشهدت الثورة الفلسطينية منذ تفجّرها انخراطًا عربيًّا وإسلاميًّا وحتى أمميًّا من أحرار العالم في المواجهة العسكرية مع الاحتلال الصهيوني، إلى جانب الانخراط العربي الرسمي في الحروب السابقة ضد الاحتلال.

وقال القاسم: كلنا نتذكر كتيبة الجرمق جنوب لبنان؛ هذه التجربة الرائدة في النضال الفلسطيني في وجه الاحتلال، حيث كانت تضم مقاتلين عربًا، وكنا نتحدث حينها عن المناضلين العرب من أجل فلسطين على غرار الأفغان العرب.

المشاركة في المقاومة ضد الاحتلال مهمة وضرورية؛ لأن عدونا لا يمكن مهادنته لأنه ليس كأي احتلال آخر، وفق القاسم، الذي أشار إلى أن الاحتلال الصهيوني يريد فناءنا وإنهاء وجودنا، وبالتالي القتال معه لا يعرف المهادنة.

وعبر عن أسفه لعدم وجود استثمار من القيادات الفلسطينية المختلفة للعالم الإسلامي في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، بخلاف على سبيل المثال الدور الفعال الذي أحدثه الحاج لأمني الحسيني في عهده، وفق رأيه.

وحول آليات تنفيذ هذا لانخراط في سياق الواقع العربي الحالي، أكد القاسم أنه إذا خلقت جبهة إسلامية عربية جدية للتصدي للعدو الصهيوني تصبح الأدوات والآليات ليست ذات قيمة.

وشدد على أن الشعوب قادرة على إيجاد واجتراح آليات للنصرة وتجاوز أي عقبات، منبهًا إلى أن تجربة غزة كخير مثال على استطاعتها رغم الحصار أن تستجلب السلاح والمعدات وتراكم القوة في مواجهة الاحتلال.

ووفق القاسم؛ فإن محور المقاومة هو العامود الفقري لهذه الحالة، مشيرًا إلى أن قوة حزب الله المجهزة والمدربة ولديها الدافعية والإرادة لمساندة المقاومة الفلسطينية ومواجهة العدو الصهيوني.

اقرأ أيضًا: جاهزون .. مقطع فيديو لغرفة عمليات مشتركة لمحور المقاومة

وزاد الحديث في الآونة الأخيرة عن محور المقاومة، ووحدة الساحات، في مواجهة تصاعد اعتداءات الاحتلال، كما حدث في مايو الماضي، عندما انخرط جنوب لبنان والضفة الغربية وقطاع غزة والجولان في تنفيذ عمليات نصرة للأقصى.

مشروع وحدوي ونهضوي

محسن صالح، المدير العام لمركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، يؤكد أن مشروع تحرير فلسطين لا يمكن أن يتحقق إلاّ من خلال مشروع وحدوي ونهضوي، ومن خلال تعبئة طاقات الأمة دعما لفلسطين وتكاتفها معها.

وحدد صالح في مقابلة خاصة مع المركز الفلسطيني للإعلام، أربع مرتكزات تدعم دعوة رئيس حماس في الخارج لرفع شراكة الأمة في المعركة؛ أولها أن فلسطين قضية أمة، والفهم الأساس الذي بنيت عليه حماس، كحركة إسلامية مجاهدة، ووصول الحال في فلسطين جراء الاحتلال إلى وضع فرض العين للتخلص منه، مع بلوغ المشروع الصهيوني أقصى حالات علوه ودخوله في مراحل متقدمة من تهويد القدس والأقصى، إلى جانب تجارب التاريخ الفلسطيني في الشراكات في الحروب والثورات السابقة.

محسن صالح: مشروع تحرير فلسطين لا يمكن أن يتحقق إلاّ من خلال مشروع وحدوي ونهضوي، ومن خلال تعبئة طاقات الأمة دعما لفلسطين وتكاتفها معها.

وشدد على ضرورة أن تعود هذه القضية لأصلها وتوسيع دائرتها حتى تتسع دائرة المواجهة مع العدو الصهيوني.

بالتالي -وفق محسن- يجب رفع وتيرة المقاومة في وجه هذا العدو، وليس فقط إيقاع العبء على الشعب الفلسطيني، وأن تكون قوة مقابلة لهذا العدو، وهذا لا يتم إلاّ بتضافر جهود كل العرب والمسلمين وأيضًا البعد الإنساني.

وأشار إلى أن التجربة في قضية فلسطين تشير إلى وجود شراكات في هذه القضية ضد المشروع الصهيوني، سواء خلال الحروب أو خلال الثورات وفصائلها، وأنه يجب أن تعود هذه القضية لأصلها؛ حتى تتسع دائرة المواجهة مع العدو الصهيوني.

ويرى أن آليات نصرة فلسطين تبدأ بالشعور بالمسؤولية؛ لأن فلسطين مسؤولية كل مسلم، وكل عربي؛ بل ومسؤولية إنسانية لكل إنسان يريد الحق والعدالة والحرية على هذه الأرض.

يضيف: ثم بعد ذلك ندخل في واجب النصرة كل حسب ظروفه وطاقته وإمكاناته، بدءًا من الدعاء، والتوعية والتثقيف، والأنشطة: الإعلامية، والسياسية، والاقتصادية، والدعم المالي، وصولا إلى ذروة السنام وهو الجهاد؛ وهذا يرتبط بظروف كل بلد وكل شخص وحسب مقتضيات المرحلة والحاجة لذلك؛ بحسب ما تقتضيه المصالح العامة والمصالح العليا لمشروع الجهاد.

تحول نوعي

ويذهب أستاذ التاريخ، الكاتب والمحلل السياسي، عدنان أبو عامر، في حديثه الخاص مع المركز الفلسطيني للإعلام إلى أن دعوة مشعل تمثل نقلة في خطاب حماس السياسي، مشيرًا إلى أن حماس اعتادت أن تدعو لإشراك الأمة في القضية الفلسطينية ودعمها ماليا ولوجستيا وأحيانا عسكريا بالسلاح على اعتبار أن هذه المعركة هي معركة الأمة وليست فقط معركة الفلسطينيين وحدهم أو المقاومة أو حماس فقط.

عدنان أبو عامر: دعوة مشعل تمثل نقلة في خطاب حماس التي اعتادت أن تدعو لإشراك الأمة في القضية الفلسطينية ودعمها ماليا ولوجستيا وأحيانا عسكريا

وقال: هذه الدعوة تحول نوعي وقفزة في محاولة حماس إشراك الأمة في المعركة؛ خاصة أن العدو الصهيوني بات عداؤه للأمة واضحا وضوح الشمس وليس فقط استهداف الشعب الفلسطيني، من ذلك استهداف المسجد الأقصى والمقدسات وهي لا تخص الفلسطينيين، بل الأمة بأسرها.

ويسجل الخبير أبو عامر، لحماس أنها استطاعت تحقيق الشراكة للأمة طوال سنوات طويلة من عمر الصراع خاصة في السنوات الأخيرة، مبينًا أنها نجحت أن تحشد وتجيش مقدرات الأمة في الدعم المالي، والعسكري، والخيري، والأهلي.

وقال: هناك معطيات شواهد دلت أن الأمة قدمت للقضية الفلسطينية من النواحي المالية والإسنادية الشي الذي لا يمكن أن تخطئه العين.

وأشار إلى حصول انتكاسة في ذلك بسبب الثورات المضادة قبل عقد من الزمن أو زيادة، مستدركًا أن الأمة بقيت سواء رسميا أو شعبنا تقدم للمقاومة أوجه دعم كبيرة قد لا يتم الإعلان عنها أو عن تفاصيلها لاعتبارات متفهمة.

ويُذكّر أبو عامر أن لحماس سابقة في الاستعانة بخبرات عسكرية وأمنية ولوجستية من الدول العربية، مبينا أن هناك شواهد عديدة منها من استشهد مثل مهندس الطيران التونسي محمد الزواري، ومنها معتقلين، ومنها أشخاص على قيد الحياة طي الكتمان، وبالتالي للأمة بصمة ميدانية وليس فقط إسنادية.

ولم توصد كتائب القسام، أبوابها أمام كل حر، لدعم المقاومة أو الالتحاق في صفوفها، ونصرة للقضية القضية الفلسطينية.

وضمن الشهداء من خارج فلسطين الذين ارتقوا خلال التحاقهم بكتائب القسام، الشهيد عصام مهنا الجوهري من مصر، ونفذ عملية فدائية برفقة الشهيد حسن عباس عام 1994 في القدس المحتلة، وكذلك الشهيدين محمود عطا الله المحمودي، وياسر علي عكاشة من مصر.

وتضم القائمة أيضا المسلمان البريطانيان من أصل باكستاني عاصف محمد حنيف وعمر خان شريف، ونفذا عملية فدائية ي مقهى “مايكس بلاس” في تل أبيب في 30/4/2003، لتوقع 58 صهيونياً بين قتيل وجريح.

اقرأ أيضًا: قسّامِيُون لا يَعْرِفُون الحُدودَ رَوت دِماؤُهم أَرضَ فلسطِين

دلالات الزمان والمكان

ووفق تقدير الخبير أبو عامر؛ فإن هذه الدعوة لها دلالات، قائلاً: لا أظنها أطلقت عفويًّا وإنما في إطار توجه لدى حماس؛ نتكلم عن مكان الخطاب في الجزائر التي أعلنت أنها دوما مع فلسطين، بلد المليون شهيد، التي يستهدفها الاحتلال ويعدها عقبة في طريق التطبيع شمال إفريقيا، ورغبة حماس في تطوير علاقاتها بالعديد من الدول العربية.

وربط الأمر مع جملة من الجبهات التي تريد أن تقدم نصيبها وحصتها في مسيرة المقاومة كما حدث في شهر رمضان السابق عندما أطلقت صواريخ من جنوب لبنان نصرة للمسجد الأقصى في إطار ما يعرف بوحدة الساحات.

ويشدد على أن الارتقاء بالدعم الإسنادي إلى الدعم البشري يعني انخراط وتوسيع رقعة المواجهة وتضييق الحصار على العدو، منبهًا إلى أن المسألة ليست سهلة بالنظر لطبيعة الحدود مع فلسطين المحتلة، ولكنها استدرك أن الأمر في البداية يمكن أن يكون في الإطار السري وحماس لديها علاقات واتصالات وتجربة ممتدة في العمل المقاومة.

وذهب إلى أننا أمام تطور حقيقي وربما سيتلوه إجراءات ميدانية مع مكونات الأمة دون الدخول مع أي إشكالات مع أي دولة عربية.

توضيح مشعل

ويوضح مشعل رؤيته أنه ليس مطلوبا من الدول العربية أن تخوض حرب جيوش وإنما أن تدعم المقاومة بالموقف والسياسة والجماهير والدعم المالي والإغاثي وأن تدعمها بالسلاح وأن يكون هناك إسهام عربي في المعركة وقال: شكل الإسهام نتفاهم عليه.

وقال: آن الأوان أن يعيد العرب النظر في درجة انخراطهم وإسهامهم في المعركة؛ وهذا أمر يتم التفاهم عليه بما يحقق خمة القضية الفلسطينية وردع إسرائيل وتعزيز صمود شعبنا ودعم مقاومته دون أن يخل بالأمن القومي العربي أو مصلحة العرب.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات