الإثنين 13/مايو/2024

البؤر الاستيطانية .. دفيئات إرهاب تبنيها عصابات المستوطنين

البؤر الاستيطانية .. دفيئات إرهاب تبنيها عصابات المستوطنين

الضفة الغربية – المركز الفلسطيني للإعلام
تشكل البؤر الاستيطانية المنتشرة في الضفة الغربية المحتلة، دفيئات إرهاب تبنيها عصابة شبيبة التلال الإرهابية، ويرعاها كيان الاحتلال، ويغطيها القضاء الإسرائيلي، هذا ما خلص إليه المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان.

وأشار المكتب في تقرير له، السبت، إلى أن المحكمة العليا في إسرائيل قررت الأسبوع الماضي منع إخلاء بؤرة استيطانية أقيمت مؤخرا وسط الضفة الغربية على أراضي قرية المغير في محافظة رام الله والبيرة، وسط الضغوط التي مارسها وزير المالية الصهيوني المتطرف بتسلئيل سموتريتش.

وقال المكتب: كما كان متوقعا؛ عملت المحكمة كذراع من أذرع الاحتلال، وهي كذلك في الأغلبية الساحقة من القضايا التي تعرض عليها عندما يتعلق الأمر بالاستيطان والمستوطنين.

اقرأ أيضًا: البؤر الاستيطانية .. وسيلة الاحتلال للسيطرة على الأرض الفلسطينية

دور خطير لمحكمة الاحتلال

وبيّن أن محكمة الاحتلال تقوم بدور في غاية الخطورة على هذا الصعيد، فهي تدعي أنها تعكس التزام كيان الاحتلال بسلطة القانون وتسهم في تكريس شرعيته أمام مؤسسات القضاء الدولية، أي أن أحد وظائفها من حيث علاقتها بالاحتلال وممارساته هو حماية صورة إسرائيل وحماية الذين يخالفون القانون.

اقرأ أيضًا: فلسطينيو 48 يطالبون بالتصدي لشرعنة الاحتلال بؤرة استيطانية قرب عيلبون

ووفق التقرير؛ جاء قرار المحكمة في سياق النظر بالتماس قدمته 5 عائلات استوطنت في الموقع بعيد عملية إطلاق النار على مدخل مستوطنة “عيلي” قبل أسبوعين وأسفرت عن مقتل 4 مستوطنين، وينص القرار على منع إخلاء 5 مباني أو تدميرها على الأقل حتى بداية الأسبوع المقبل، مقابل وديعة مالية بقيمة 50 ألف شيكل.

ويتطرق هذا القرار كذلك إلى واحدة من أصل 7 بؤر استيطانية أقامها المستوطنون في أعقاب العملية التي استهدفت تجمع مستوطنين على موقف للمسافرين على مدخل مستوطنة “عيلي”، وكان وزير جيش الاحتلال يوآف غالانت، قد أصدر أمرا بإخلاء البؤرة الاستيطانية رغم معارضة بتسلئيل سموتريتش.

وبحسب توزيع السلطات في وزارة الجيش الصهيوني؛ فإن لدى غالانت صلاحية إصدار أمر إخلاء إذا كانت هناك “اعتبارات أو حاجات أمنية” لذلك، وبالفعل أصدر غالانت أمرا بالإخلاء، غير أن القرار ألغي أو أوقف بقرار من المحكمة.


254 بؤرة وانتشار سرطاني

ويفتح قرار المحكمة العليا الإسرائيلية هذا ملف البؤر الاستيطانية التي تنتشر كالفطر أو كالسرطان في الأرياف الفلسطينية في الضفة الغربية، حسب المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان.

ويولي سموتريتش كما بن غفير وغيرهما أهمية فائقة لهذه البؤر في حسابات السيطرة على أوسع مساحة ممكنة من الأرض بأقل عدد ممكن من السكان الفلسطينيين.

وحسب البيان؛ تجاوز عدد البؤر حتى الآن نحو (254) بؤرة موزعة على محافظات الضفة الغربية، بما فيها القدس.

وهي على النحو التالي تقديريا: 50 بؤرة في محافظة الخليل 17 في محافظة بيت لحم، 15 في محافظة القدس، 20 بؤرة في محافظة أريحا، 55 في محافظة رام الله والبيرة، 18 في محافظة سلفيت، 11 في محافظة قلقيلية، 45 في محافظة نابلس، 5 في محافظة طولكرم، 11 في محافظة طوباس، 7 في محافظة جنين.

ظاهرة مرتبطة بأوسلو

ووفق المكتب، بدأت ظاهرة البؤر الاستيطانية بعد التوقيع على اتفاقيات أوسلو في محاولة لفرض حقائق جديدة على الأرض تمحو الفواصل التي كان رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق اسحق رابين قد حددها بين المستوطنات السياسية والمستوطنات الأمنية.

واستفحلت البؤر كظاهرة نهاية تسعينيات القرن الماضي إثر دعوة أرئيل شارون الذي كان يشغل منصب وزير الطاقة والبنية التحتية في حكومة نتنياهو الأولى، المستوطنين آنذاك لاحتلال رؤوس الجبال والتلال للحيلولة دون انتقالها للفلسطينيين لاحقا في إطار أي تسوية سياسية مستقبلية بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني.

وكانت تلك الدعوة بمنزلة الضوء الأخضر لقيام منظمات يمينية متطرفة لعبت الدور الأبرز في نشر تلك البؤر الاستيطانية، وعرفت لاحقا باسم “شبيبة التلال”.

كيف تتشكل البؤر الاستيطانية؟

ووفق المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، تبدأ الخطوة الأولى بخيمة أو بكرفان لعدد من المستوطنين بالقرب من مستوطنة قائمة في المنطقة.

وأوضح أنها خطوة تبدأ بها عصابة شبيبة التلال ويتعهدها قادة (أماناه) بالتمويل وترعاها المجالس المحلية أو الإقليمية في المنطقة فضلا عن الحاخامات لمنع الحكومة والإدارة المدنية من إزالتها كونها مخالفة حتى للقوانين الإسرائيلية المرعية، ليأتي دور لواء الاستيطان ليوقع عقودا مع المستوطنين إما للبناء أو لاستخدامات الأراضي.

ولواء الاستيطان هذا هيئة غير حكومية تأسست عام 1971 وميدان عمله الضفة الغربية، كان تابعا لدائرة الاستيطان في الوكالة اليهودية حتى العام 1993 واستقل عنها ليصبح أحد الأذرع الخفية لكا يسمى الإدارة المدنية في جيش الاحتلال.

وسرعان ما تتطور الخيمة أو الكرافان لتصبح بيوتا متنقلة أو بيوتا جاهزة يجري ربطها بالمستوطنات القريبة بشوارع ترابية ثم معبدة وبشبكة مياه وكهرباء وغيرها من لوازم البنية التحتية في انتظار منحها الشرعية من الإدارة المدنية، وفق البيان.

شرعنة زائفة

وكثيرة هي البؤر الاستيطانية التي تحولت مع الوقت إلى أحياء لمستوطنات قريبة أو لمستوطنات قائمة بذاتها، كما هو حال مستوطنة “راحاليم” ومستوطنة “شيفوت راحيل” إلى الجنوب والجنوب الشرقي لمدينة نابلس.

يذكر أن المجلس الأمني الوزاري المصغر في إسرائيل (الكابينت) كان قد وافق في فبراير/ شباط الماضي على إضفاء الشرعية (وهي شرعية زائفة وفقا للقانون الدولي) على 9 بؤر استيطانية غير قانونية في الضفة الغربية من أصل 77 بؤرة غير قانونية، يطالب وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بإضفاء الشرعية عليها.

ولم يلق قرار المجلس الوزاري الصهيوني معارضة لا من المحكمة العليا الإسرائيلية ولا من المستشارة القضائية للحكومة التي لم تدعم مساعي الحكومة لشرعنة البؤر الاستيطانية العشوائية في الضفة، لكنها لم تعارض الإجراءات التي عدّتها الحكومة استثنائية، علما بأن الحكومات الإسرائيلية امتنعت خلال فترة طويلة عن شرعنة بؤر استيطانية مقامة على أراض بملكية فلسطينية خاصة.

والبؤر الاستيطانية التي وافق المجلس الأمني الوزاري المصغر على شرعنتها فقد كانت “أبيغيل” و”بيت حوغلا”، و”غفعات هرئيل” و”غفعات أرنون”، و”متسبي يهودا”، و”ملآخي هشالوم”، و”عساهئيل”، و”سادي بوعز”، و”شحريت”.

وحسب بيان الحكومة في هذا الخصوص، فإن القرار دعا الى بدء عملية واسعة للتحضير لمواصلة إجراءات شرعنة سائر البؤر الاستيطانية العشوائية.

مخاطر محتملة

ولا تقف خطورة هذه البؤر الاستيطانية عند حدود السطو بالقوة على أراضي المواطنين الفلسطينيين، بل وفي الاعتداء على حياتهم وتهديدهم في أمنهم، حسب المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان.

وأوضح المكتب أنه في هذه البؤر بدأت تتشكل خلايا إرهابية سرية تطورت مع الوقت الى منظمات إرهابية تعمل في العلن بشكل منظم، ولها مرجعياتها السياسية في الكنيست والحكومة والمجالس الإقليمية للمستوطنات ومرجعياتها الدينية وهم حاخامات المستوطنات ومرجعياتهم التنظيمية الميدانية.

وبيّن أن هؤلاء كانوا يخرجون إلى الشوارع بمجموعات صغيرة يعتدون على المواطنين الفلسطينيين، يخربون ممتلكاتهم ويخطون على جدران منازلهم شعارات عنصرية وأصبحوا يخرجون بالمئات بشكل منظم يداهمون ويحرقون ويدمرون ما يعترض طريقهم في حماية جيش الاحتلال ورعاية المرجعيات السياسية والروحية، كما هو الحال منذ مطلع العام بدءا ببلدات حوارة وبرقة وبورين وجالود وقصرة في محافظة نابلس، مرورا بسنجل وترمسعيا والمغير وأم صفا في محافظة رام الله والبيرة، وانتهاء بمسافر يطا في محافظة الخليل.

أجهزة أمنية الاحتلال الإسرائيلي ذاتها، بما فيها الشاباك، تخشى وفق مصادر إسرائيلية من تشكيل ميليشيا مسلحة للمستوطنين لتنفيذ جرائم ضد الفلسطينيين على ضوء الدعم الكبير والتغطية التي يتمتعون بها من جانب وزراء في حكومة الاحتلال.

وتشير هذه الأجهزة – حسب التقرير- إلى أن جماعات “شبيبة التلال” و “تدفيع الثمن” وغيرهما من منظمات الإرهاب اليهودي التي تتخذ من البؤر الاستيطانية ملاذات آمنة، لها تمثيل في الكنيست عبر وزراء وأعضاء كنيست كانوا على رأس هذه الجماعات، بينهم بن غفير وسموتريتش، واللذين سبق أن اعتقلا على خلفية قيادتهم الاعتداءات على الفلسطينيين في الضفة.

كما يحظى المستوطنون بدعم من عضو الكنيست “تسفي سوكوت” المحسوب على “شبيبة التلال” وكان أحد قادتها، حيث أعرب مؤخرًا عن امتعاضه من سياسة الحكومة الإسرائيلية في الضفة بعدم الرد على العمليات بالطريقة الصحيحة.

وتمنح حكومة الاحتلال -وفق التقرير- غطاءً لتشكيل ميليشيا مسلحة للمستوطنين في الضفة، إذ هاجم العشرات من المسلحين المستوطنين قرى أم صفا وترمسعيا وعوريف مؤخرًا.

عمليات الهدم

وفي السياق، تراجعت عمليات هدم المباني غير القانونية، وفقا للقوانين الإسرائيلية، التي يبنيها المستوطنون في الضفة الغربية منذ أن مُنح زعيم حزب “الصهيونية الدينية”، وزير المالية والوزير في وزارة الجيش سموتريتش، سلطة واسعة على القضايا المدنية في الضفة الغربية.

في المقابل، تركز ما يسمى الإدارة المدنية بشكل أساسي على هدم المباني الفلسطينية، فمن أصل 187 أمر هدم مبانٍ جديدة صدرت من عام 2019 إلى نهاية 2020، كان منها 159 للفلسطينيين، وفقط 28 للمستوطنين.

اقتحام جنين مقدمة لهجوم استيطاني

على صعيد آخر، عدّت الصحفية الإسرائيلية عميرة هيس أن الهجوم على جنين ومخيمها الأسبوع الماضي هو مقدمة للعودة لأربع مستوطنات في محيط جنين والتي ألغي قانون إخلائها مؤخراً، وأن العملية العسكرية تهدف إلى إخضاع الفلسطينيين وإضعافهم وبالتالي بدء تنفيذ مخطط العودة لمستوطنات شمال الضفة وهي “غانيم”، “كاديم”، “صانور”، “حوميش”.

وتخطط الحكومة الصهيةني اليمينية بعد إلغائها قانون إخلاء المستوطنات إلى العودة للاستيطان هناك، إلا أنه كان من الصعب تحقيق هذا المخطط مع وجود قوة عسكرية في جنين وبالتالي كان لزاماً الخروج لهكذا عملية عسكرية، حيث تسعى الحكومة بعد إلغاء ذلك القانون الى إعادة المستوطنين الى المستوطنات التي أخليت عام 2005، بحسب التقرير.

يذكر أنه على الرغم من إخلاء المستوطنات الأربع في العام 2005 إلا أن جيش الاحتلال الإسرائيلي أعلن عنها مناطق عسكرية مغلقة ومصنفة كمناطق C يحظر البناء الفلسطيني في فيها، وبالتالي بقيت على حالها منذ 18 عاماً.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

مواجهات عقب هجوم للمستوطنين جنوب نابلس

مواجهات عقب هجوم للمستوطنين جنوب نابلس

نابلس – المركز الفلسطيني للإعلام اندلعت مساء اليوم الاحد، مواجهات بين المواطنين والمستوطنين وقوات الاحتلال في بلدة قصرة جنوب شرق نابلس....