عاجل

الجمعة 03/مايو/2024

البؤر الاستيطانية .. وسيلة الاحتلال للسيطرة على الأرض الفلسطينية

البؤر الاستيطانية .. وسيلة الاحتلال للسيطرة على الأرض الفلسطينية

الضفة الغربية – المركز الفلسطيني للإعلام
بخيمة أو غرفة متنقلة، تبدأ البؤرة الاستيطانية على أرض فلسطينية في موقع مميز، لتتمدد لاحقًا على شكل كتلة استيطانية سرطانية تزرع الدمار والخوف والموت في محيط المنطقة بأسرها.

وكشفت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية؛ عن إقامة 7 بؤر استيطانية جديدة في الضفة الغربية بعلم رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو والمستوي السياسي في الكيان الصهيوني، بعد عملية (رام الله) التي نفذت في مستوطنة “عيلي” (الثلاثاء الماضي) وأسفرت عن مقتل 4 مستوطنين.

اقرأ أيضًا: مستوطنون يقيمون 7 بؤر استيطانية جديدة في الضفة والقدس

ماذا تعني البؤرة الاستيطانية؟

والبؤرة الاستيطانية هي تجمع استيطاني يشيد في الضفة الغربية دون قرار رسمي معلن من سلطات الاحتلال، وتنشأ عادة على شكل بناء جديد أو عدد من المنشآت (البيوت المتنقلة) ذات مساحة محدودة ومنفصلة عن المستوطنات القائمة.

وعادة ما تتخذ تلك البؤر؛ التلال الفلسطينية مكانا لها، ويهدف المستوطنون من خلال إقامتها كأبنية محدودة المساحة إلى توسيع مستوطنة قائمة حيث يتم الربط بينها، ما يعني قضم مساحات شاسعة، أو إقامة مستوطنات جديدة مكانها مستقبلاً.

بؤرة استيطانية

ورغم أن هذه البؤر تدشن دون موافقات صهيونية رسمية معلنة فإنها تحظى بالحماية من جيش الاحتلال والدعم والرعاية من حكومات الاحتلال التي دعمت ضمنيًا الحفاظ عليها ومحاولات إضفاء الشرعية عليها أو دمجها في المستوطنات القائمة.

أسلوب قديم جديد

ويؤكد الخبير في شؤون الاستيطان خالد منصور أن البؤر الاستيطانية هي أسلوب قديم جديد يسعى للسيطرة على الأرض الفلسطينية بدعم المؤسسات الرسمية الإسرائيلية والجمعيات اليهودية التي تعنى بالاستيطان.

وأوضح منصور، في حديثٍ خاصٍّ لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، أن هذه البؤر تبدأ من قيام هؤلاء مستوطنين بوضع بيت ومن ثم الزيادة التدريجية، وهذه البؤر تنتشر في مناطق سي وفق تصنيف اتفاق أوسلو البغيض.

خالد منصور: البؤرة الاستيطانية تحيل المنطقة التي تقع فيها إلى جحيم

وأضاف أنها تبدأ غير رسمية في البداية عبر الاستيلاء على عشرات الدونمات، ثم تبدأ حكومة الاحتلال بشرعنتها عبر تقديم البني التحتية والكهرباء والشوارع وتحويلها إلى مستوطنة تسيطر على مئات وآلاف الدونمات.

بؤرة استيطانية

وأشار إلى أنه خلال تشكيل حكومية اليمين الصهيوني الحالية، جرت توافقات بين أركانها على شرعنة هذه البؤر، وبالفعل صدر قرار بشرعنة 60 بؤرة، مشيرًا إلى أن هذه الحكومة الفاشية بدأت بقرار تعديل قانون فك الارتباط للعودة لأربع مستوطنات في الضفة الغربية وأعلنت عودة رسمية لمستوطنة حومش.

وشدد على أن قرار شرعنة المستوطنات موجود لدى حكومة الاحتلال، منبها إلى أن شرعنة أي بؤرة استيطانية يعني إطلاق حملة مصادرات واسعة للأراضي.

وأكد أن البؤرة الاستيطانية تحيل المنطقة التي تقع فيها إلى جحيم، كونه سيصار إلى شق طرق استيطانية، ومن ثم تتوالى عملية التمدد على حساب الأرض الفلسطينية، فضلاً عن الاعتداءات التي ينفذها المستوطنون على السكان وممتلكاتهم في تلك المناطق.

مخططات مقصودة

وأكد منصور أن إقامة البؤر الاستيطانية يكون عبر مخططات تختارها بدقة الجمعيات الاستيطانية، وهي لا تقام عشوائيًّا إنما وفق مخطط ورؤية استيطانية توسعية بهدف السيطرة الفعلية على أكبر مساحة من الأرض الفلسطينية وبحيث تصبح البلدات والقرى الفلسطينية إلى كانتونات منعزلة.

ويبلغ عدد المستوطنات في الضفة المحتلة 199 بالإضافة إلى 243 بؤرة استيطانية، ويقطن هذه المستوطنات والبؤر ما يزيد عن 900 ألف مستوطن منهم في شرقي القدس المحتلة 350 ألف، وفق تقرير لمعهد الأبحاث التطبيقية في القدس (أريج)، نهاية عام 2022.

ويشير الخبير منصور، إلى صعوبة حصر عدد البؤر الاستيطانية نظرًا لحالة التغير المستمرة، مبينًا أنه حسب الإحصاءات هناك 199 مستوطنة و256 بؤرة استيطانية لم تأخذ صفة الشرعية.

وفيما يتعلق بالبؤر الاستيطانية الجديدة التي دشنت بعد عملية مستوطنة عيلي وكشفت وسائل الإعلام العبرية، أشار إلى عدم وجود تفاصيل كاملة عن جميع هذه البؤر حتى الآن.

البؤرة في اللبن الشرقية .. مخاطر محتملة

وتطرق على سبيل المثال، إلى البؤرة الجديدة في اللبن الشرقية، وتقع في مثلث تقع به ثلاث مستوطنات هي ليفونا وشيلي وعيلي، وتمددت هذه المستوطنات وصادرت مساحات واسعة من الأراضي بين هذا المثلث.

مستوطنون يقيمون بؤرة استيطانية على أراضي قرية اللبن الشرقية بنابلس

وبيّن أنه إذا أقيمت هذه البؤرة فإن كتلة استيطانية ستنشأ في تلك المنطقة وتشكل عائقًا في الطريق بين نابلس ورام الله، حيث إن قرية اللبن الشرقية هي آخر القرى جنوب نابلس، وقرية ترمسعيا آخر الحدود الشمالية لرام الله، وبذلك يصبح هناك حاجزين للاحتلال بين رام الله ونابلس، الأول حاجز زعترة، والثاني هذه الكتلة الاستيطانية.

وبدأ اتشار ظاهرة البؤر الاستيطانية غير المرخصة في التسعينيات، بعد أن خفضت إدارة رابين آنذاك معدل المصادقة على البناء في المستوطنات المقامة في مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1993.

وذكر انه في السابق عندما كنا ننظر للخارطة كانت المستوطنات تبدو في بحر التجمعات الفلسطينية، أما اليوم فأصبحت القرى والبلدات الفلسطينية كأنها جزر في محيط استيطاني كبير.

خريطة توضح بعض البؤر الاستيطانية

وشدد على أن ما تقوم به حكومة الاحتلال يسعى لفرض واقع في الضفة يستحيل معه إقامة دولة فلسطينية، بل تصبح المناطق الفلسطينية أشبه ببلديات تحت إدارة مدنية إسرائيلية.

دور شارون!

واشتد تفشي ظاهرة البؤر الاستيطانية بعد عام 1998 إثر دعوة مجرم الحرب الصهيوني أرئيل شارون الذي كان يشغل منصب وزير الطاقة والبنية التحتية في حكومة نتنياهو آنذاك، للاستيلاء على مواقع التلال والمرتفعات الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، حيث قال: ينبغي على كل شخص هناك أن يتحرك ويركض، أن ينتزع المزيد من التلال ويوسع المنطقة. كل ما يتم الإمساك به سيكون بين أيدينا، كل ما لا نمسك به سيكون في أيديهم.

فتية التلال

وكان هذا التصريح الضوء الأخضر لإنشاء المستوطنين المتطرفين تنظيم شبيبة التلال (فتية التلال)، التنظيم الذي يلعب الدور الأكبر في السيطرة على الأراضي الفلسطينية وإنشاء البؤر الاستيطانية، وهم أصحاب فكرة الاستيطان الرعوي وإقامة البؤر الرعوية خاصة.

خطوات إنشاء البؤر الاستيطانية

وتمر عملية إنشاء أغلب البؤر الاستيطانية عبر 8 خطوات، تهدف جميعها إلى السيطرة على الأراضي الفلسطينية، وفق تقرير أعدته مؤسسة أريج.

وتبدأ أولى الخطوات عن طريق خلق حقائق على الأرض من المستوطنين أو تنظيم شبيبة التلال عبر شق طريق جديد ونصب عدد من الخيام أو وضع منازل متنقلة (كرفانات).

بؤرة

أما الخطوة الثانية فتتمثل في اكتساب الحقوق على الأرض، وخلالها يقدم ما يسمى لواء الاستيطان على توقيع عقود مع المستوطنين للبناء أو استخدام الأراضي المخصصة له، وتسمى هذه العقود بار ريشوت “bar reshut” أو شهادة التفويض، دون إشراف حكومي أو موافقة رسمية.

وفي الخطوة الثالثة يجري إعداد المخططات والموافقة عليها، يليها رابعًا إصدار رخص البناء، وخامسًا إنشاء البنية التحتية، وسادسًا، بناء المنازل وبيعها للمستوطنين، ومن ثم الصيانة اليومية وتطوير البؤرة الاستيطانية، وأخيرًا شرعنة البؤرة الاستيطانية بأثر رجعي.

مشروع استيطاني توسعي

ويؤكد جمال العملة، مدير مركز أبحاث الأراضي، أن المشروع الصهيوني استيطاني ومنذ البدايات تسعى الحركة الصهيونية لاستملاك أكبر مساحة من أرض فلسطين.

وأوضح العملة في في حديثٍ خاصٍّ لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” إلى أنه الاحتلال إثر عام 1948 سيطر على 95 % وإثر الاحتلال عام 1967 استولى على مساحات واسعة من الأرض الفلسطينية تحت حجج وذرائع مختلفة، واليوم هو يلاحق الفلسطينيين حتى في أراضي أ، وب، وفق تصنيف أوسلو، ويعمل استجلاب مستوطنين محلهم فيها.

جمال العملة: المشروع الصهيوني استيطاني ومنذ البدايات تسعى الحركة الصهيونية لاستملاك أكبر مساحة من أرض فلسطين

وأشار إلى أن الحكومة الصهيونية الحالة تضم غلاة المستوطنين المتطرفين، ومنهم بتسلإيل سموتريش وزير المالية الإسرائيلي ورئيس حزب الصهيونية الدينية، الذي يقول: هذه الأرض لنا، وأن الفلسطينيين إما يجب قتلهم أو ترحيلهم، وكذلك تضم إيتمار بن غفير المعروف بتطرفه وانفلاته.

وفي 18 يونيو الجاري، صدقت حكومة الاحتلال على تفويض سموتريش -أحد مؤسسي المنظمة الاستيطانية “ريجافيم”_ على إصدار المصادقة الأولية للتخطيط والبناء في المستوطنات، إضافة إلى تقصير إجراءات توسيع المستوطنات.

وشدد العيلة على أن ما يجري من استيلاء على الأرض الفلسطينية وإحلال مستوطنين عليها، هو جريمة إنسانية تتم على مرأى من العالم وبعض العرب الذين وقعوا اتفاقات مع الاحتلال.

وأشار إلى أن الاحتلال ركز في الآونة الأخيرة على إقامة بؤر استيطانية رعوية، واستجلب مستوطنين وأمن لهم الأموال، وسلحهم، وقال لهم: هذه الأرض لكم مشاع هي ومن عليها، والتالي هم يمارسون القتل والعربدة والهدم بأنفسهم.

وأكد أن الحاصل في الضفة المحتلة، هو تكريس لضم الضفة، فكل إجراءات الضم تتم على أرض الواقع وهي تجاوزت كل الخطوط الحمراء.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات