السبت 27/أبريل/2024

العدوان على جنين .. فشل مركب للاحتلال والمقاومة تتقدم بالنقاط

العدوان على جنين .. فشل مركب للاحتلال والمقاومة تتقدم بالنقاط

جنين – المركز الفلسطيني للإعلام
على ما يبدو فإن الاحتلال الصهيوني قد أخطأ التقدير هذه المرة أيضاً، فقد بات واضحاً أنه وبينما كان يخطط لشن هجومه على مخيم جنين، توقع أن يلقى مقاومة، لكنه لم يتوقع أن تكون بهذه الشراسة والاتقان والحرفية العسكرية.

فقد واجه جيش الاحتلال وقواته المقتحمة مقاومة أكثر تنظيماً مما مضى، وأكثر استعداداً، تنسب الكمائن وتعدها بإحكام، وتجهز العبوات وتزرعها في أماكن مختلفة، وتصبر على استخدامها وتفجرها في وقت تراه مناسباً، ومجموعات تغير وأخرى تتريث، كل هذا لم يكن في حسبان الجيش الكرتوني الذي هاجم المخيم ظاناً أنه سينهي أمره وأمر مقاومته خلال ساعات قليلة.

ولكن مع مرور الساعات ومع استمرار عناد المقاومين وتزايد ضرباتهم، واشتداد ضراوة المعركة وارتفاع معنويات المقاتلين، بدأ اليأس يدب في أوساط الاحتلال العسكرية والسياسية وحتى الإعلامية.

عملية فاشلة من البداية للنهاية

صحيفة هآرتس الإسرائيلية، قالت صياح اليوم الثاني للعملية أمس الثلاثاء، إن العملية العسكرية المستمرة لليوم الثاني في مدينة ومخيم جنين، لن تحقق أهدافها كاملة بالقضاء على المقاومة الفلسطينية.

ودعت “هآرتس” قادة أحزاب اليمين في حكومة الاحتلال الإسرائيلي ومناصريهم في الكنيست والمستوطنات، إلى “التقليل من توقعاتهم حول نتائج العملية العسكرية في جنين”.

وبيّنت أن “كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية ليس لديهم أي أوهام بأن هذه العملية ستحدث تغييرًا جوهريًا في الواقع الأمني، وأن الهدف منها حاليًا توجيه ضربة للخلايا المسلحة تصعب من محاولاتهم لتنفيذ هجمات”.

وعادت ذات الصحيفة العبرية ومع انسحاب الجيش الصهيوني من جنين لتكشف أنّ المسؤولين في المؤسسة الأمنية الصهيونية كانوا يعتقدون أنّه من الممكن إنهاء العملية في جنين صباح أمس الثلاثاء.

وبحسب الصحيفة، فإن جلسة تقييم الوضع الأمني التي جمعت المسؤولين الأمنيين بالمستوى السياسي الإسرائيلي، تقرر من خلالها تمديد العملية في مخيم جنين لفترة أطول؛ لتحقيق الإنجازات بضرب المزيد من المقاومين.

وأشارت تقديرات مؤسسة الاحتلال الأمنية إلى وجود نحو 300 مسلح في مخيم جنين شاركوا بعمليات إطلاق نار مختلفة، حدّد جهاز “الشاباك” 160 من بينهم كأهداف يجب الوصول إليها خلال العدوان، فيما تمكن الاحتلال من اعتقال 30 منهم، واستجواب 100 آخرين من سكان المخيم، وفق زعم الصحيفة.

وبينت الصحيفة أن مؤسسة الاحتلال الأمنية، توقعت اعتقال عدد أكبر ممن تصفهم بـ”المطلوبين”، لكن ذلك لم يتحقق، موضحةً أنّ من اعتقلوا لا يعتبرون من وجهة نظر الاحتلال من قيادات الصف الأول.

الجيش يقر بالفشل

الناطق بلسان جيش الاحتلال غيل هغري، أقر أن العدوان العسكري على مدينة جنين ومخيمها شمال الضفة الغربية المحتلة لم يحقق الأهداف المرجوة، مشيراً إلى أنه لا توجد حلول سحرية لما أسماه “الإرهاب”.

وقال، في حديث إذاعي صباح اليوم الأربعاء، إن المعلومات الاستخباراتية لم تكن كافية للوصول إلى جميع الأهداف في مخيم جنين، وأن الكثير من الخلايا المسلحة انسحبت خارج المخيم وبضمنها الخلية التي قتلت أحد المستوطنين قبل أسابيع جنوبي غرب جنين.

ووصف الناطق العملية بالمعقدة في بيئة معادية وأنه جرى خلالها اعتقال 300 فلسطيني يعتقد أن 30 منهم “مطلوبون ضمن أهداف العملية، بينما تم قتل 12 فلسطينيا في العملية”.

ورداً على سؤال حول فشل الجيش في الوصول إلى منفذي عملية قتل المستوطن مئير تماري في العملية قرب مستوطنة “خرميش” قبل أكثر من شهر مع أنه وضعها كأحد أهداف عملية اجتياح جنين، قال الناطق إن عدم توفر معلومات استخباراتية حال دون الوصول إليهم.

وأضاف “للأسف لم تكن لدينا معلومات مسبقة حول مكان تواجدهم وفي النهاية سنصل لمن نفذ هذه العملية الفظيعة وندفعه الثمن، لا توجد حلول سحرية للإرهاب وسنضطر للعودة إلى جنين حال توفر معلومات محددة ودقيقة”.

هذا الأمر يدفعنا للتساؤل ورؤية الحالة وقراءتها على الجانب الآخر، وهو الجانب الفلسطيني، الذي أظهر مقاوموه وحدة ميدانية عالية منقطعة النظير، وبسالة في التصدي، وقوة في المواجهة، ولقنوا الاحتلال درساً في البطولة والصمود رغم قلة الإمكانيات.

إبقاء جذوة الصراع محتدمة

الكاتب والمختص في الشأن الصهيوني صلاح العواودة يرى أن المقاومة في جنين أنجزت أهدافًا ملموسة، وأبقت جذوة الصراع محتدمًا رغم كل مشاريع التصفية والتدجين.

وقال العواودة في مقابلة مع “المركز الفلسطيني للإعلام” إن بؤر المقاومة الممتدة في جنين ونابلس وطولكرم وعقبة جبر، أبقت المواجهة حيّة.

وأوضح أن الاحتلال سعى بكل قدراته الأمنية والعسكرية والسياسية لجعل نفسه جزءًا من المنظر الطبيعي للعالم، وأنه لا يوجد أي مشاكل في فلسطين، إلا أن هذه المقاومة أفسدت عليه تلك المحاولات، وأبقت البوصلة في نصابها الصحيح، وجذوة الصراع مشتعلة.

وأشار العواودة إلى أن العالم يغض طرفه عن الاستيطان، ومشاريع التهويد، وسلب الأراضي، وتأتي المقاومة بأفعالها المشروعة لتذكر العالم بمظلومية الشعب الفلسطيني، وحقه في الدفاع عن نفسه.

وأكد أن المقاومة أبقت قضايا شعبنا الفلسطيني على جدول أعمال المجتمع الدولي، وهي تخوض المعارك ضد الاحتلال وجرائمه ومشاريعه التصفوية.

وأوضح أنه ورغم قلة الخبرة وضعف الإمكانيات التي يمتلكها المقاومون، إلا أنهم يُخرجون جيش الاحتلال في عمليات عسكرية كبرى كالتي تجري في مخيم جنين، وهذا العدوان تتويج لعامين من المقاومة حاول فيها الاحتلال جز العشب وكسر الأمواج، إلا أنه فشل في النهاية، واضطر لدخول قوات كبيرة إلى المخيم، وهذا بذاته إنجاز للمقاومة يظهر صلابة الفكرة والإيمان الراسخ.

ورغم كل المغريات ومشاريع التدجين وكي الوعي إلا أن مخيم جنين بقي بؤرة للمقاومة، ومصدر إلهام للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، وفق الكاتب الفلسطيني.

وقال العواودة: “في ميزان الصراع غير المتكافئ ليس متوقعا أن يكون هناك خسائر كبيرة في صفوف العدو، ففي هذا الصراع يكفي إزعاج العدو وإجباره على الانسحاب.

وأضاف أنه بقدر ما يبحث العدو عن الأمن والهدوء، تبحث المقاومة عن إرباكه وإزعاجه وتسبب له القلق، المقاومة تحقق هذا الهدف.

صبر تكتيكي واستنزاف طويل

عسكرياً يرى خبراء ومتابعون للشأن العسكري أن المقاومة الفلسطينية في جنين نجحت في استنزاف الاحتلال وقواته لمدة زمنية أطول مما كان يتخيل، عبر ما وصوفوه بالصبر التكتيكي وعدم استخدام أوراق المواجهة دفعة واحدة.

الخبير العسكري اللبناني شارل أبي نادر، فيرى أن المقاومة في جنين سجلت مجموعة اختراقات في إدارة الميدان، أولها احتفاظها بعديد الأوراق الميدانية وعدم كشفها مرة واحدة لهذه القوات.

وقال ابي نادر، في تصريحات تابعها “المركز الفلسطيني للإعلام“، إنّ المؤشر الثاني تمثل في قدرة المقاومة على استدراج الاحتلال للكمائن، كما أنها نجحت في استنزاف قواته وإرغامه على تحديد جدول مختلف لما كان يخطط له في إنهاء العملية.

وذكر أن المقاومة أدارت الاشتباك وفق قاعدة الصبر الاستراتيجي، فهي لم تنجرّ وراء أهداف الاحتلال، بل استدرجته ضمن نقاط التفافية، ولم تمنحه الضربات الحاسمة التي يقضي عبرها على المقاومين، وهو مؤشر أيضا لتوزيع ميداني محكم في إدارة المواجهة، كما قال.

وأكدّ أبو نادر أن المقاومة في كل الأحوال نجحت من حيث المبدأ في رسم مسرح العملية من حيث التأهب المسبق ودفع الاحتلال للوصول لما تريده المقاومة.

وشدد أن وحدة المقاومة في الميدان وقدرتها العالية على التنسيق فرض نفسه كحالة إبداعية رغم قوة النار التي تستهدف المقاومين، وهو ما يعكس حالة تخطيط كامل وتنسيق.

ورأى أن نتائج العملية؛ ستفصح في النهاية عن خسارة إسرائيلية بالغة في سياق البحث عن نصر وهمي خلف مخيم جنين الذي لا يزيد في مساحته عن نصف كيلو متر مربع.

الخبير العسكري اللبناني أمين حطيط، رصد من جهته، مجموعة متغيرات في مسرح عمليات المقاومة بجنين، مشيرا إلى أن الأكثر بروزا هو إدارة الفعل وليس ردة الفعل، فالمقاومة لم تنتظر الاجتياح لتصدّه، بل توقعته وعملت لمواجهته ضمن حالة تطويق وإطباق معا.

وذكر، في تصريحات تابعها “المركز الفلسطيني للإعلام“، أن ما يجري يعد إجراء عملياتيا متطورا ولافتا يضع حدا لفكرة العمل الفردي أو غير المخطط لدى المقاومة، ويعكس غرفة عملياتية قادرة على التنسيق وإدارة الميدان، والقول لحطيط.

وقال حطيط، إنّ إدارة المقاومة للنار مثلّت تطورا لافتا، فمن جهةّ نجحت في الاستدراج، ثم التطويق، وصولا للإطباق، ومنها للاستنزاف، فاستمرار المواجهة كان نتيجة لهذه القدرة العملياتية التي أظهرت إغراقا ناريا محسوبا في إدارة مسرح الميدان.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

شهيدان باشتباك مع الاحتلال غربي جنين

شهيدان باشتباك مع الاحتلال غربي جنين

جنين - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد شابان وأصيب آخران، فجر اليوم السبت، برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، قرب حاجز "سالم" العسكري غربي مدينة جنين،...