الإثنين 06/مايو/2024

القفل المكسور

محمد القيق

حينما رفع الجنرال الأمريكي المتقاعد دايتون تقريره بأنه أغلق ملف الضفة الغربية وللأبد ووضع قفله الأمني عليه وأعطى المفتاح لأجهزة الأمن الإسرائيلية والفلسطينية بالإشراف الأمريكي؛ لم يكن يعلم أن عقد الهدوء الذي أنجزه في محافظات الضفة الغربية تحت قبضة الأمن سينتهي بل وتعود الأمور أكثر تعقيدا.

دايتون تعامل مع القضية الفلسطينية بالعقلية الأمنية، تلك العقلية التي أصلا بنيت عليها اتفاقية اوسلو والتي همشت كثيرا النظرة السياسية أو تحقيق أقل القليل من الحقوق الفلسطينية، ليكن اليوم هذا القفل مكسورا بإرادة شعبية تخطت حواجز الخوف والترهيب والترغيب والإعمار والتحسينات الاقتصادية والعقوبات الجماعية، هذا القفل اليوم كسرته مجموعات الشباب التي حملت السلاح ورفضت نظرية الردع التي مارستها “إسرائيل”.

القفل الذي أحكم إغلاقه الأمريكان من خلال عدة حلقات بدأت في تجاهل صوت الشعب والانتخابات عام ٢٠٠٦ وما سبقها من دعم عسكري ومالي للاحتلال في انتفاضة الأقصى وغطاء سياسي وأمني تمكنوا من خلاله من ارتكاب مجازر بشعة بحق الفلسطينيين، وبعد تجاهل الانتخابات وإجبار العالم على مقاطعتها بات الأفق السياسي معدوما جدا حتى وصل الحال بحصار غزة والضغط على الضفة الغربية.

صفحات دامية خلفتها إسرائيل في كتاب القضية وفتحت ملحقا لإسدال الستار عليها، وكان هذا الملحق هو اوسلو وتبعاتها من التفاهمات الأمنية وصولا إلى قفل الضفة الغربية.

بعد العام ٢٠١٥ تحركت الضفة فرديا وعادت من جديد إلى شوارعها جنازات الشهداء اليومية والعمليات، ثم امتدت الحالة لسيف القدس ٢٠٢١ الذي يعتبر محطة مهمة في كسر القفل المحكم على الفلسطينيين في الضفة الغربية.

ظهرت عرين الأسود وكتيبة جنين؛ وكانت في كل لحظة تدرك منظومة الأمن الإسرائيلي بأن المشهد ينقلب وتتغير المعطيات وتتوسع المخاوف، فمن كان يحمل سكينا بات بيده سلاح ناري وعبوة وحزام.

هنا تعتبر أخطر نظريات الأمن التي حاول دايتون وكل برامجه أن يلغي من الضفة العبوات الناسفة والمتفجرات والأسلحة وغيرها إلا أنهم الآن يشاهدونها واقعا ويعرفونها ميدانا تصل أخباره العاجلة إلى أذن كل ذوي الشأن .

كسر القفل الذي تبجح الاحتلال كثيرا بأنه مفتاح خطة الضم وثمرة اوسلو والتنسيق الأمني وإقصاء وملاحقة المقاومة.

كسر القفل الذي كان نقلة أمنية مهمة لدى الاحتلال بالتزامن مع جدار الفصل العنصري.

إجراءات أمنية واسعة لم تبدأ من دايتون ولم تنته بقمم شرم الشيخ والعقبة وما بينهما وقبلها، إنها حلم المستوطن بالأمن والقفل الذي كان مفتاحه لحرق عائلة دوابشة في قرية دوما والمحاصيل في كل أنحاء الضفة الغربية والمساجد والاستيلاء على المنازل في القدس والأراضي فيما يعرف بمناطق “ج” المصنفة بحسب اوسلو.

باتت تل أبيب تحت النار من جديد والردع تهشم أكثر والمراهنة على تحييد الجبهات فشل، وتمزيق الحاضنة الشعبية لم ينجح، كل ذلك فقط لأن قفلهم انكسر ومفتاح الإرادة في يد المقاومة والشعب.

وآخر حلقات ونتائج كسر القفل ما جرى في تل أبيب دلالة ومضمونا.

فالضفة من جديد بعد ٢٠ عاما من تحكّمها سابقا في أمن الكيان بالأحزمة والعبوات انتقل التحكم بأمنه مباشرة ليد غزة بصواريخها وأسر الجنود.

ليكون ٢٠٢٣ العام الذي بات التحكم بأمن تل أبيب من الضفة وغزة وجبهات أخرى وهذا محبط لمنظومة الأمن الإسرائيلي.

فشل الاحتلال في عزل الساحات بل هشّم الردع أكثر وما زال الميدان يرسم معالم الأيام القادمة.
فالاستنزاف والمفاجأة والتوقيت.. تكتيك المقاومة وحسابات شلومو ودايتون وغلمانهم أخطأت.
بأس جنين صداه في تل أبيب وقفل الضفة انكسر وهيبة الثبات تفتح باب التوسع الجغرافي والمعنوي في جبهة الضفة الغربية التي بذلت جهودا وأموالا وأوقاتا لإحكام قفلها وصمتها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

الاحتلال يقصف مناطق متفرقة جنوب لبنان

الاحتلال يقصف مناطق متفرقة جنوب لبنان

بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام شن طيران الاحتلال الإسرائيلي -اليوم الاثنين- غارات على عدة بلدات جنوب لبنان، بالتزامن مع قصف مدفعي. وقالت "الوكالة...