الإثنين 29/أبريل/2024

تأخر رد المقاومة.. تكتيك نوعي

خالد أبو الروس

لم تتوقع دولة الاحتلال “الإسرائيلي” تأخر رد المقاومة الفلسطينية على عملية الاغتيال الجبانة التي استهدفت 3 من قيادات سرايا القدس في غزة؛ فهذا التكتيك أربك حسابات الاحتلال الذي كان يتوقع ردودًا فلسطينية مألوفة.
ولذا، تدرك المقاومة أن ترك الاحتلال ينتظر ويترقب الرد الفلسطيني إلى حين اقتناص لحظة مناسبة للرد هو بحد ذاته ردُّ موجه ونوعي؛ وهذا يمنح المقاومة ميزةً في إدارة عملياتها القتالية، ويدلل على أنها مقاومة راشدة وناضجة، ويعطي انطباعًا عنها بأنها تواجه المعضلات الأمنية التي تواجهها بحسن تصرف وبقرار مسؤول.
لا شك أن الاحتلال “الإسرائيلي” وضع المقاومة الفلسطينية أمام تحدٍ أمني كبير؛ عبر تفعيل سياسة اغتيال قادتها، واخترق التهدئة في غزة برعاية مصرية، إلا أنَّ ذلك لن يمنع المقاومة من الرد على الجريمة بمسؤولية واقتدار، وخطوات محسوبة من خلال غرفة العمليات المشتركة التي طورت من خططها القتالية الدفاعية والهجومية بعد معركة “سيف القدس” عام 2021م، والتي شكلت مرحلة فارقة في الصراع مع الاحتلال.
من ناحية تدرك المقاومة الفلسطينية دوافع وأهداف رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو المأزوم داخليًا وخارجيًا من وراء عملية الاغتيال هذه، ولذا هي ترى أن الاستفراد بفصيل دون غيره وبجغرافية دون غيرها سياسة “إسرائيلية” انتهت دون رجعة وتجاوزتها الظروف والوقائع على الأرض، وأن الفرصة متاحة وممكنة لتطوير استراتيجية “وحدة الجبهات” عبر التنسيق مع محور المقاومة في الشرق الأوسط، والذي وجه ضربة نوعية ومركزة للاحتلال في الجبهة الشمالية قبل أسابيع فقط لن ينساها وكانت بمثابة صفعةً لتقديرات الموقف لديه.
ومن ناحية أخرى، أراد “نتنياهو” إنجاز عمل عسكري موثوق يواجه بها الضغوط الذي يتعرض لها أمام شركائه في حكومة التطرف، ويرمم صورة الردع المتآكلة لجيشه، إلا أن الذي يحصل هو العكس؛ فهذا الكيان وضع نفسه في مأزق؛ فبدل أن يردع عدوه، فإذا به يعيش تحت تأثير الاستنفار والطوارئ والرعب، كما أنه أراد أن يدفع المقاومة الفلسطينية لردود أفعال تناسب حساباته هو؛ فينجح في استنزافها وتمرير مسيرة الأعلام المقررة في 19 مايو المقبل دون مشكلة.
يحاول “نتنياهو” أن يستفيد من عملية الاغتيال وتوظيفها لصالحه؛ فتارة يصورها بأنها “إنجاز كبير”، وتارة أخرى يحاول أن يصور أن كيانه من خلال هذه العمليات يضرب الجماعات المرتبطة بإيران في فلسطين، وفق زعمه، لكن من المعروف أن “نتنياهو” يجيد التعامل مع الكاميرا وصياغة العبارات لأغراض الدعاية والتسويق: داخليًا يريد “نتنياهو” أن يتلاشى انتقادات ائتلافه الحكومي، ويرفع من أسهمه في ظل استطلاعات الرأي التي تشير إلى تراجعه، وخارجيًا، يرغب بتصميم حملة دبلوماسية خاصة لاستمالة المجتمع الدولي والولايات المتحدة من أجل منح عمله مشروعية.
ولذا فإن رد المقاومة الفلسطينية المنظم والمدروس على عملية اغتيال قادة السرايا سيفرغها من مضامينها ولن تحقق هدف “نتنياهو” السياسي الذي يرغب بإنجازه، وبالتالي فإن الكرة الآن في ملعب المقاومة التي تحسن قراءة نوايا العدو باقتدار وتصيغ خطواتها بأدوات ووسائل تناسب الجريمة المرفوضة دوليًا وعربيًا وفلسطينيًا. الرد حتمي وقادم محاولة ترميم صورة الردع على حساب دماء غزة لن تسمح به المقاومة و”حساب الحقل غير حساب البيدر”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات