السبت 27/أبريل/2024

فتيل الانفجار في القدس قصير عام 2023م

فتيل الانفجار في القدس قصير عام 2023م

فتيل الانفجار قصير في ملف القدس المحتلة فالتصعيد المتنامي عام 2022م يبشّر بعدوان متسع مع حلول عام 2023م وتسلل نجوم التطرّف الصهيوني لحكومة “نتنياهو” التي تتجاوز الخطوط الحمراء كافة في التهويد والاستيطان وسلب العقارات بالقدس.

ثمَّة ملفات شائكة من المرجح تصاعدها أولها اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى وإقامة صلوات وشعائر “تلمودية” علنية واستمرار الحفريات تحت الحرم وتوسيع رقعة القدس الجغرافية بضم مزيد من المستوطنات وتخفيض عدد الفلسطينيين في القدس وزيادة تعداد اليهود.

ويرجّح مراقبون للمشهد المقدسي أنَّ تشهد المدنية ومقدساتها وأراضيها صداماً واشتباكاً مكثفاً في العام الجاري ينذر بتصعيد ميداني قد يفجّر المنطقة برمتها في إطار عدوان الاحتلال المكثف وتراجع الدعم العربي لقضية القدس.

وتشير المعطيات الميدانية والسياسية الأمنية الإسرائيلية أن عام 2023م سيشهد تصعيداً في اقتحام الأقصى وتهويد معالم المدينة المقدسة خاصّةً مع تولي الوزير “بن غفير” شئون الأمن القومي الإسرائيلي وإخضاع الشرطة وجزء من الجيش لإمرته.

عدوان متجدد

من المؤسف القول إن اشتباك الفلسطينيين في القدس المحتلة مع الشرطة التي تحمي المستوطنين لن يجد أكتافاً دافئة من أشقائهم العرب لذا يبقى خيارهم الوحيد تفعيل أدوات المقاومة الشعبية كافة لتعزيز صمودهم القسري.

وشهد عام 2022م تكثيفًا للاستيطان والتهويد في ملف المدينة والمقدسات وفق خطتين الأولى تهويد ومحاصرة القدس بواسطة بناء مستوطنات تفصل القدس عن العمق الفلسطيني والثانية هي اقتحام الأحياء المقدسية من الداخل وتفتيتها بإقامة المستوطنات وتفتيت المجتمع المقدسي والسيطرة عليه.

ويؤكد د. غسان وشاح أستاذ التاريخ والحضارة في الجامعة الإسلامية بغزة أنَّ الاحتلال يركز من قبل نكبة 1948م على ملف القدس؛ لأنها تعدّ المبرر الأهم في قيام وبقاء كيانه فوق أرض فلسطين المغتصبة.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “يبررون وجودهم بأكاذيب ويزعمون أن لهم تاريخًا وحضارة وآثارًا تحت الأقصى ويعدون بإقامة الهيكل لذا سيعززوا العام الجاري الحفريات والاقتحامات”.

العدوان فوق أرض ومرافق القدس يبعث برسالة لليهود في أنحاء العالم أن هناك ما يستحق عناء العمل في القدس وأن مشروع الاحتلال يواجه مخاطر رغبةً في تحويل الهجرة العكسية من “إسرائيل” للولايات المتحدة وأوروبا إلى هجرة نحو فلسطين.

ويرى غسان دغلس الخبير في شئون الاستيطان أن مظاهر الاستيطان والتهويد والاقتحامات من المرجح أن تستمر عام 2023م لكنها ستكون بوتيرة مرتفعة وقوية وسريعة في إطار حكومة يمينية تتبنى وتدعم التطرف.

ويتابع لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “نرى في الميدان في أول أيام حكومة نتنياهو عام 2023م تجريف طرق وتمهيدًا لمستوطنات كانت إجراءاتها معلّقة منذ عام 2005م وهذا عدوان يقضي في طريقه على آلاف الأشجار والدونمات”.

وكثف الاحتلال من التهويد في الأقصى وباب العمود وسلوان والشيخ جراح وسعى لدمج شرقي المدينة بغربها وإقامة بنية تحتية وطرق وأنفاق وجسور وسكك حديدية لخدمة المستوطنين في القسم الشرقي مقابل إقصاء الأحياء الفلسطينية وإهمالها وتغييبها.

أهم المخاطر

ووفق رصد الأمم المتحدة في الفترة ما بين 2009م – 2022م هدم الاحتلال 1725 منزلاً ومنشأة وأطلق يد المستوطنين في الاقتحامات والطقوس والقرابين “التلمودية” طوال عام 2022م رغبةً في تصوير ما يجري للعالم أنه جزء من الحياة اليومية الطبيعية في “إسرائيل”.

ويشير د. وشاح إلى أن أهم المخاطر التي تحدق بالقدس المحتلة عام 2023م هو استمرار أشكال العدوان والتصعيد المكثفة عام 2022م مرجحاً زيادة عدد الاقتحامات للأقصى بأعداد أكبر تثير ضجّة عالية وإجراءات تعسفية تؤدي لتغييرات جديدة.

تركيز الاقتحام والتواجد الصهيوني في منطقة “باب الرحمة” التي أقام فيها الاحتلال “السجود الملحمي” وممارسات توراتية يعدها د. وشاح أعلى مراتب التعبد والشعائر الدينية وهدفها السيطرة وإقامة “كُنس” للعبادة هناك قريباً.

وكان المستوطنون أقاموا عام 2022م “السجود الملحمي” فرادي في الزاوية الشرقية للأقصى وتكرر الحدث عند باب السلسلة ثم تحول إلى “سجود جماعي علني” حتى وصل إلى قلب المسجد بجوار “سبيل قايتباي”.

أما تسريب الأراضي والعقارات التي تساهم في نقل ملكيتها العربية للاحتلال أطراف عديدة منها شخصيات في السلطة الفلسطينية فمن المتوقع تصاعدها حسب قراءة د. وشاح بوتيرة أعلى يزيد معها سلب وتسريب أراضي وعقارات ومنازل.

ويقول غسان دغلس الخبير في شئون الاستيطان إن القادم القريب هو دعم كامل في ضم الأراضي وتكثيف الاستيطان وإن الوزير “بن غفير” لن يكتفي بالاقتحامات والصلوات بل سيعزز التقسيم المكاني والزماني يرافقه إجراءات ميدانية لترسيخ واقع جديد”.

ودأب الاحتلال قديماً على استغلال الأعياد اليهودية لخدمة تهويد القدس؛ فعيد الأنوار لا علاقة له بالمسجد الأقصى ورُبط مؤخراً بالمسجد الأقصى وأضيء الشمعدان في حائط البراق.

ويجمع الدكتور وشاح والخبير دغلس أن المشهد في القدس المحتلة يمضي نحو اندلاع ثورة شعبية كبيرة تشمل كل الضفة المحتلة وأن الغضب والمقاومة الشعبية هو حجر الأساس في معادلة المواجهة القادمة للدفاع عن القدس والأقصى.

مقدسات القدس

وهجّر الاحتلال في السنوات الماضية أكثر من 70 ألف مقدسي من غربي القدس كانوا يملكون عقارات وبيوت وأراضي ويحملون الأوراق الثبوتية لكن قوانين الاحتلال العنصرية لم تنصفهم وسلبت حقوقهم.

وكان الملك عبد الله الثاني ملك الأردن حذر الحكومة اليمينية الجديدة في “إسرائيل” من تخطي ما أسماه بخطوط عمّان الحمراء في تعاملها مع ملفات مثل القدس والاستيطان مضيفاً في تصريحات صحفية قبل أيام: “إذا ما استمر استغلال القدس لأغراض سياسية يمكن أن تخرج الأمور عن نطاق السيطرة بسرعة كبيرة”.

ويرى د. وشاحأنَّ التهويد في القدس لا يفرق بين المقدسات الإسلامية والمسيحية وأن الاحتلال يركّز على الاستحواذ على القدس وتحويلها لمدينة “توراتية” تحت شعار ما أسماه “تهويد أرض أكثر وفلسطيني أقل” بعد تحزيم القدس بمستوطنات متصلة جغرافيًّا ثم التمدد بوصلها معاً.

ويتابع: “حدود القدس الجغرافية متعرجة والاستيطان يلتف الآن حولها وستظهر قريباً قرى وضواحي القدس العربية كبؤر متقطعة الاحتلال يضاعف مساحة القدس لرفع عدد سكانها اليهود وخفض عدد الفلسطينيين.

وأحكم الاحتلال السيطرة علي غرب القدس عام 1948م ثم احتلال شرقها عام 1967م لتهويدها كاملة وتكثيف الاستيطان وعزلها عن الضفة وقد أعلن حاخام الجيش وقتها “شلومو غورين” وهو يصلي قرب حائط البراق عام 1967م “القدس بشطريها لليهود” وفي عام 1980م شرّع “الكنيست”: (القانون الأساسي للقدس الموحدة) كعاصمة للاحتلال.

ويخطط الاحتلال ليكون عدد الفلسطينيين أقل من 10% وهم الآن يبلغون 35% وهذا يجري وسط مقاومة فلسطينية شديدة تكافح الطرد والتهويد وسلب الممتلكات والهوية المقدسية.

ويقول الخبير دغلس إنَّ تداعيات تنصيب الوزير المتطرف “بن غفير” لها انعكاسات جديدة في القدس؛ لأنه الآن يدعم ويحمي التهويد والاستيطان وهو ما ينذر ببروز إجراءات احتلالية مكثفة في ميدان القدس بدأت منذ أيام وستتعزز طوال العام الجاري.

واقتحم المستوطنون تحت حماية الشرطة الأقصى عام 2022م أكثر من 250 مرة ونُفذ أكثر من 1000 عملية اعتقال بحق المرابطين والمقدسيين في القدس في حين يتواصل استهداف المناهج الفلسطينية بواسطة أسرلة التعليم في مدينة القدس.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات