تشديد حصار غزة وشحن الأجواء أمنيًّا.. ماذا في الأفق؟
إغلاق معابر غزة مع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام48، وسيلة إسرائيلية متجددة في تشديد العقوبات الجماعية على أكثر من مليوني نسمة من السكان المحاصرين منذ أكثر من خمسة عشر عاماً، ترافق هذه المرة مع شحن أمني للأجواء، واستنفار إسرائيلي في “غلاف غزة”، فماذا يدور في الأفق؟
تواصل سلطات الاحتلال لليوم الثالث تواليًا إغلاق معبر كرم أبو سالم التجاري جنوب القطاع وحاجز بيت حانون شماله عقب اتخاذ جيش الاحتلال إجراءات أمنية مشددة على الحدود بزعم احتمال وقوع رد مقاوم على اعتقال القيادي بحركة الجهاد الإسلامي بسام السعدي بجنين قبل أيام.
وتهيمن “إسرائيل” على معابر غزة رغم انسحابها منه عام 2005م، وتشدد الخناق على الاقتصاد الفلسطيني مع استمرار استيراد 70% من السلع والبضائع من الاحتلال الإسرائيلي، في حين ترد 30% من السلع من مصر.
ويؤدي إغلاق المعابر لشلل وأزمات اقتصادية وتجارية، خاصة منع تصدير السلع من غزة للعالم، الأمر الذي يعزز معاناة قطاعات فلسطينية عديدة، وينذر بانفجار المشهد الميداني نحو التصعيد.
عقاب جماعي
الهدوء الخدّاع الذي يحوله الاحتلال بين لحظة وضحاها لساحة عدوان يثبت في كل مرة أن “إسرائيل” تتعامل مع غزة والضفة عامة من نافذة أمنية بحتة، وتمارس العنف والقوة والاعتقالات والاغتيالات، وتعطل الخيار السياسي في كسر الهدوء والاستقرار النسبي.
بل ولا تعبأ “إسرائيل” كثيراً بمخالفة القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف حين تقيّم المشهد أمنيًّا، وتحاول تأزيم الحياة العامة في سياق تعطيل مسار التسوية.
يؤكد المحلل السياسي د. حسام الدجني أن إغلاق معابر غزة هو تواصل لسياسة العقاب الجماعي المخالفة للقوانين الدولية، وأن مبررات “إسرائيل” لم تؤيدها أدلة واقعية، فالقطاع لم تخرج منه رصاصة واحدة مؤخراً.
ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “إسرائيل تسوق ذرائع أمنية وهي تغلق المعابر لا تنطلي على أحد؛ لمعاقبة سكان غزة مجدداً”.
إغلاق المعابر يشلّ كل مناحي الحياة بغزة، فهناك آلاف المرضى يعجزون الآن عن التنقل بين غزة والضفة والداخل المحتل، ويدمر حركة التجارة والاقتصاد بمنع التصدير والاستيراد، ويمنع العمال من التنقل، ويكبّد مصانع عديدة خسائر فادحة.
ويرى المحلل السياسي د. تيسير محيسن أن “إسرائيل” تحاول في كل محطة رفع سقف التعقيدات حتى تكون جزءًا من مطالب وتفاهمات مستقبلية بين المقاومة والاحتلال.
ويتابع لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “إغلاق معابر غزة هو انعكاس لحظي لتقييمات الاستخبارات الإسرائيلية وسط ممارسة الجيش الاعتقالات والاغتيالات بالضفة، ومحاولة لربط غزة بمشهد الضفة الأمني”.
وتناول إعلام الاحتلال -اليوم- تصريحات لضباط كبار في “إسرائيل” يدعون لاتهام غزة وتحميلها مسؤولية كل حدث يجرى في الضفة والقدس المحتلة.
وتحاول “إسرائيل” تحطيم سقف المطالب الفلسطينية بعودة الحياة الطبيعية لغزة، حتى إذا وقعت تفاهمات مستقبلية تشرع غزة في المطالبة بالعودة لوضع كان موجود مسبقاً قبل إغلاق المعابر، وبالتالي لا تتقدم نحو كسب مزيد من النقاط.
سيناريوهات متوقعة
يلوح الاحتلال بهراوة غليظة عند الحديث عن شؤون غزة؛ فقد هدد بتوجيه ضربات إلى حركة حماس باعتبارها الجهة المسؤولة عن إدارة الحياة في القطاع طامحاً لمعادلة “ممارسة عدوان دون رد”.
وكانت الفصائل الفلسطينية أكدت عقب اعتقال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي بجنين بسام السعدي وإغلاق المعابر أنها في حالة دراسة وتقدير الموقف، في وقت قد يدخل فيه وسطاء إقليميون لمنع التصعيد في المرحلة القادمة.
يقول المحلل الدجني: إنّ الوسطاء إذا لم ينجحوا في إعادة قطار الحياة لسكّته السابقة بغزة وتفتح معابر غزة ويتوقف الترهيب، قد يذهب الميدان نحو التصعيد؛ لأن التدهور الميداني سيكون بسبب الاحتلال.
انفجار ميدان غزة ليس بالضرورة أن يأخذ الصبغة العسكرية المكررة، فربما تلجأ الفصائل لإعادة استخدام الأدوات الخشنة للضغط على الاحتلال بدل عودة الموت البطيء لغزة، وهو ما لن تسمح به الفصائل.
ويشير المحلل محيسن أنَّ استقرار المشهد بغزة سيكون رهن أيام قليلة ولن يطول، وأن الأمور ستخرج عن سياقها الطبيعي، مرجحاً رأي المحلل الدجني لعودة استخدام الأدوات الخشنة.
ويتابع: “الآن قد يتدخل الوسطاء؛ حتى لا تنفلت الأمور الأمنية، وهو ما لا ترغب به كل الأطراف، فلا أحد يريد انفجار المشهد الميداني بغزة مجددا”.
ويحاول الاحتلال تصدير أزمة حكومته السياسية لكسب نقاط بين الخصوم في الائتلاف الإسرائيلي الحاكم على حساب دماء غزة المحاصرة وملف الضفة والقدس المحتلة المشتعل.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
لليوم الـ 426.. القسام يستهدف 50 جندياً بعبوة مضادة للأفراد
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تواصل كتائب الشهيد عز الدين القسام لليوم الـ 426 على التوالي، التصدي للقوات الصهيونية المتوغلة في عدة محاور من قطاع...
انتحار جندي احتياط في جيش الاحتلال بعد عودته من معارك غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام كشفت صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية، عن حادثةٍ جديدة في صفوف جيش الاحتلال "المُرهق" تتعلق بانتحار جندي "إسرائيلي" عقب...
عقب استشهاد طفل بعدوان إسرائيلي.. صحة غزة تدعو لحماية مستشفيات غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام دعت وزارة الصحة بقطاع غزة، الخميس، المؤسسات الدولية إلى ضرورة التحرك لحماية المستشفيات من "العدوان الإسرائيلي...
بولندا: ملتزمون بتنفيذ قرارات الجنائية الدولية بشأن اعتقال نتنياهو
وارسو – المركز الفلسطيني للإعلام قال نائب وزير خارجية بولندا أندجي شينا، الخميس، إن بلاده مستعدة للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية بشأن تنفيذ...
قاسم: إسرائيل ارتكبت أكثر من 60 خرقًا ويجب وضع حدٍ لتماديها
بيروت – المركز الفلسطيني للإعلام قال الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، إن اتفاق وقف إطلاق النار يُعدّ آلية لتنفيذ القرار الدولي 1701، الذي يفرض...
أبو صفية: استشهاد طفل و12 إصابة في استهداف صهيوني لمستشفى كمال عدوان
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أكد مدير مستشفى كمال عدوان، الدكتور حسام أبو صفية، مساء اليوم الخميس أنه تم استهداف المستشفى قبل قليل، مما أسفر عن 12...
الحوثي: أمريكا والاحتلال حولا غزة لحقل تجارب لأسلحتهما الفتاكة
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام أكد قائد حركة أنصار الله ، عبد الملك الحوثي، أن الاحتلال الاسرائيلي بدأ باستخدام أسلحة أميركية جديدة بحق أبناء قطاع...