تطرّف إسرائيل يزود قطار التحرير بالوقود
الأعناق كلها ممتدة نحو القدس المحتلة؛ هل سيفجر التطرّف الإسرائيلي جولة جديدة من الصدام تتطور لعدوان على غزة ومواجهات مع الفلسطينيين في الضفة وأراضي 48.
لم يدبر اقتحام المسجد الأقصى المتكرر هذه المرة في ليل، بل أعلن قبل أسابيع عن إقامة مسيرة الأعلام للاحتفال باحتلال القدس، لكن وتيرة التحدي ترتفع بين الفلسطيني ومحتله.
هذه المحطة مهمة ومفصلية في تفاصيل الصراع بين الفلسطينيين والمشروع الصهيوني الذي احتفل قبل أيام بالذكرى الرابعة والسبعين لنكبة فلسطين وإقامة دولة “إسرائيل”.
الظروف كلها تتهيأ لميلاد مرحلة جديدة من الصراع تقفز عن التفاصيل كافة التي أرادت تأجيلها تسوية سياسية متعثرة بدأت قبل 29 عاما ولم تجبر “إسرائيل” على الاعتراف بالحقوق الفلسطينية.
مرحلة جديدة
القول إن المشروع الصهيوني رغم قوته العسكرية وانفتاحه السياسي على الإقليم وتقدمه الاقتصادي والتكنولوجي العالمي مبشّر بالزوال يتكرر على لسان المؤرخين الجدد في “إسرائيل” وقيادات سياسية وأمنية.
ويؤكد د. إبراهيم حبيب -المحلل السياسي- أن المرحلة الحالية من عمر قضية فلسطين تعدّ الأكثر أهمية منذ بدأ الصراع وحلّت النكبة قبل 74 سنة لعدة أسباب.
ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “أولاً المقاومة أدركت نقاط قوتها ونقاط ضعف الاحتلال، وباتت قادرة على استثمار ذلك، فهناك مئات نقاط الضعف في إسرائيل لا يمكن تجاوزها بحكم جغرافيا الكيان”.
لم تعد النظرية الأمنية الإسرائيلية التي رافقت نشأة الدولة قائمة؛ فالحرب الاستباقية والضربات الخاطفة ونقل المعركة لأرض العدو لم تعد يد “إسرائيل” فيها طليقة.
ويشير المحلل حبيب أن قيادات أمينة وعسكرية إسرائيلية تقول مؤخراً: إن حروبها على غزة المتكررة هي أخطاء إستراتيجية؛ لأن غزة لم يعد لها ما تخسره، وقد مرّنت أهلها على الحرب من حيث لا تدري.
تعرّض قطاع غزة لأربع جولات عدوان عدا عن عشرات جولات التصعيد من عام 2006-2021م توجت مايو العام الماضي بمعركة سيف القدس التي بدّلت الحسابات كافة في رؤوس قادة الاحتلال.
يقول مصطفى الصواف -المحلل السياسي-: إن الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة يقف على المحطة الأولى من طريق التحرير بشكل حقيقي؛ لأن عملا مقاوما شاملا ومنتشرا في كل فلسطين التاريخية بات أمرا واقعا.
ويتابع لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “نحن أمام عمل مقاوم وعسكري جاد بالضفة وأرض 48 وثورة فلسطينية حقيقية بدأت في معركة سيف القدس وسط قلق واضطرابات داخلية إسرائيلية”.
رغم قلق الاحتلال مما وقع منذ مايو 2021م إلا أنه يزيد من التطرّف والبطش في عمليات التهويد والاستيطان والقتل والاعتقالات وهدم المنازل؛ لأن التطرّف نافذ في بنية مجتمعه ومؤسسات كيانه.
يظن الاحتلال أن ما لم يأخذه بالقوة من الفلسطيني ممكن انتزاعه بيمين القوة، وهذا يستدعي طاقة كامنة لدى الفلسطيني من مخزون الصمود حين يتعلق الصدام بالمقدسات.
نحو النهاية
القصة ليست في تكرار اقتحام المسجد الأقصى من المستوطنين؛ الحكاية تكمن في الإصرار الصهيوني على العدوان والاستماتة الفلسطينية في الدفاع بشكل نجح الفلسطيني فيه بتحقيق نديّة حقيقية.
تكامل الصمود المعلن وغير المخطط له غالباً بين الفلسطيني في غزة والضفة والقدس وأرض 48 يدلل أن “إسرائيل” لن تنجح بعد اليوم في سياسة “فرق تسد”؛ لأن مشاعر الفلسطينيين حول مقدساتهم تلقائية التفاعل والدفاع.
ويقول المحلل حبيب: إنّ غزة وهي تتجهز الآن للدفاع عن الأقصى تقول “نحن جاهزون” بعد أن عطل عدوان “إسرائيل” مناحي الحياة كافة في المدينة المحاصرة.
ويتابع: “الجيل اليوم يقاتل حتى الموت وهو مختلف عن جيل مرحلة 48 ومرحلة 67 ويتمتع بثقافة مقاومة، في حين الإسرائيلي يعيش نمط حياة غربيا، وله جواز سفر أجنبي ويسافر متى شعر بالخطر”.
ويعيش كيان الاحتلال أزمة قيادة وخلافات في أجهزته الأمنية والسياسية والعسكرية، وهي الآن حسب رؤية المحلل حبيب في أضعف حالاتها منذ نشأتها في ظل عودة مشاركة قوية في المشهد لعرب 48.
وأخبرت الولايات المتحدة الأمريكية -حليف “إسرائيل” الأول- أنها لا تريد وصول التدهور لحالة حرب قد تشعل حربا إقليمية، لكن الاحتلال مصرّ على العدوان على القدس.
ولا يستبعد المحلل حبيب أن تتدخل أطراف مثل إيران وحزب الله وأصدقاء القضية الفلسطينية هذه المرة إن اندلعت جولة عدوان واسعة، فالكل يدرك حساسية المشهد.
تعقيدات المشهد الإسرائيلي بدءًا من خلافات السياسيين والجيش وصولاً للجماعات المتطرفة في القدس تسحب “إسرائيل” نحو الهاوية في ظل إصرار المقاومة على الوفاء بوعودها للأقصى.
ويشير المحلل الصواف إلى أن الاحتمالات كافة باتت مفتوحة في مواجهة العدوان المتصاعد في القدس المحتلة في مرحلة قد تدخل فيها أطراف من داخل فلسطين وخارجها على تطورات الميدان.
عبث الاحتلال بمشاعر مئات ملايين المسلمين والعرب باستمرار وهو يكرر العدوان على القدس يراكم مزيدا من التحدي في جولة صراع انطلقت من محطتها وتزود قطارها بالوقود حتى نهاية المطاف.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
لازاريني: وفاة طفلين بسبب موجة الحر غير العادية في قطاع غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام كشف المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فيليب لازاريني، الجمعة، عن وجود تقارير تفيد بوفاة...
الدفاع المدني: انتهاء البحث وانتشال الشهداء في مجمع ناصر الطبي
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أعلن الدفاع المدني الفلسطيني في قطاع غزة، اليوم الجمعة، انتهاء أعمال البحث وانتشال الشهداء من المقابر الجماعية في...
حماس تحذر من خطورة التصعيد الصهيوني في المسجد الأقصى
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة حماس، اليوم الجمعة، أن الإجراءات التي تفرضها سلطات الاحتلال الصهيوني على المصلين في المسجد الأقصى المبارك،...
الأورومتوسطي: الصيف القائظ يفاقم معاناة النازحين بغزة في ظل استمرار العدوان
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن معاناة النازحين الفلسطينيين بفعل الهجوم العسكري الإسرائيلي المستمر...
تقرير أممي: دفن أكثر من 20 فلسطينا أحياء في مجمع ناصر الطبي
نيويورك – المركز الفلسطيني للإعلام أعلن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية الأممي (تابع للأمم المتحدة)، الجمعة، أنه تم التعرف على 165 جثة فقط من أصل 392...
المقابر الجماعية بغزة.. هكذا تفنن الاحتلال بتعذيب ضحاياه قبل قتلهم
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام لم تنته قصة المئات من المواطنين المحاصرين في داخل ومحيط مجمع ناصر الطبي بمدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، منذ أربعة أشهر،...
نعتهما الجماعة الإسلامية.. شهيدان باستهداف مُسيّرة إسرائيلية لمركبة بلبنان
بيروت – المركز الفلسطيني للإعلام استشهد شخصان، اليوم الجمعة، في استهداف من طائرة مسيّرة إسرائيلية لمركبة بمنطقة البقاع الغربي في لبنان. وأعلنت...