عاجل

الإثنين 13/مايو/2024

سطوة اليمين تهدد حكومة بينيت وتسحب إسرائيل للهاوية

سطوة اليمين تهدد حكومة بينيت وتسحب إسرائيل للهاوية

المزاج العام في الشارع الإسرائيلي خاضع لسطوة اليمين واليمين المتطرف من سنوات عديدة، توالت عليها حكومات يشكل ائتلافها أحزاب المستوطنين والمتدينين بعد أفول نجم الوسط واليسار من قمرة القيادة السياسية.

تصارع حكومة بينيت التي جرت صياغتها بصعوبة حتى تتجاوز حقبة نتنياهو الرابض في قيادة المعارضة، وهو يحاول التأثير عليها لتلج لمغامرة تسقط معها سواء بشن عدوان على خصوم “إسرائيل” أو العودة لإبرام انتخابات مبكرة قد تسقط فيها أيضاً.

منذ وقعت معركة سيف القدس يتحدث كثير من المفكرين والسياسيين عن مستقبل وجود دولة “إسرائيل” المهددة بالزوال في زمن اليمين المتحكم بجميع ملامح الحياة السياسية في “إسرائيل”، والناظم لأدائها الميداني والأمني الذي يشهد سخونة غير معهودة في الداخل المحتل.

قبل أيام قال رئيس حكومة الاحتلال السابق “إيهود باراك: “الانقسام الداخلي يحطمنا، وهو أخطر من التهديدات الخارجية، هو تهديد وجودي”، في إشارة إلى التهديدات الداخلية والانقسامات السياسية التي تعيشها حكومة الاحتلال، وتواصل العمليات الفدائية والفردية في الداخل المحتل.

يراوح المشهد السياسي في “إسرائيل” بين تحديات أهمها حالة الإرباك الداخلي، والحديث عن مستقبل الدولة والقدرة على المضي في التطبيع الذي حققت فيه نجاحات في إطار عدم قدرة حكومة “بينيت” أيضاً على الوقوف بمسافة آمنة في العلاقة مع روسيا وأكرانيا.

مجتمع يميني

قولاً واحداً اليمين يسيطر على الرأي العام في المجتمع الإسرائيلي، ورؤيته نافذة لمؤسسات الدولة كافة، لكن الإزاحة نحو التفكير بمنطق خارج اليمين تمضي ببطء شديد وربما عدم نجاحها يسِم شهادة وفاة الكيان الصهيوني الذي يخشى كثيرون عدم بلوغه 80 عاما.

كتب باراك -رئيس حكومة الاحتلال السابق- مقالين في مايو الجاري تحدث فيهما عن احتمال زوال الاحتلال بسبب الخلافات والانشقاقات الحالية الأخطر من التهديدات الخارجية، وثانياً عن خطر محور المقاومة، مضيفاً: “التاريخ يثبت أن أخطر عدو هو الانقسام الداخلي، وتنامي الكراهية بين اليهود أنفسهم، والتحريض والتعصب والطائفية التي تزداد سوءًا عامًا بعد عام”.

كما كتب قبل أسابيع الكاتب الإسرائيلي المتخصص في دراسات الشرق الأوسط “زيفي بارئيل”: “الأجيال الجديدة في العالم كله بدأت في رفض العجرفة الإسرائيلية وتصرفها بوقاحة واستخفافها بالقانون الدولي، ومن ثم أدركت حقيقة كون إسرائيل باعتبارها آخر كيان استعماري في العالم”.

هؤلاء نماذج من أصوات عديدة على رأسها المؤرخون الجدد في “إسرائيل” يشعلون في كتاباتهم الأضواء الحمراء حول مستقبل الكيان في وقت يزداد اليمين فيه سطوة ونمو حالة فهم أفضل للقضية الفلسطينية على صعيد شعوب العالم ومجتمعاته التي ستؤثر بالتراكمية على حكوماتها مستقبلاً.

ويؤكد محمد مصلح، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أن دعاية اليمين الإسرائيلي تشوش الرأي العام، وتعكس مؤخراً صورة للحكومة الحالية “حكومة بينيت” أنها ضعيفة وخائنة، ومسألة الحدة ولغة الكراهية ليست جديدة؛ بل هي جزء من المجتمع الإسرائيلي.

الخوف من المستقبل يزداد في “إسرائيل”؛ فرغم نجاحها في إفشال مشروع التسوية وتعزيز الاستيطان والتطبيع العربي وتراجع حضور اليسار والوسط في المشهد السياسي تصاعدت المقاومة الشعبية الفلسطينية في العامين الماضيين بشكل يثير القلق لـ”إسرائيل”.

امتصت حكومة “بينيت” عدة تحديات وقعت منذ معركة سيف القدس مروراً بملف المقدسات الذي يشكل عنوان الصراع والتصعيد اليومي في المدّة الأخيرة، لكن قدرتها على الصمود والوفاء لرؤية اليمين مثار مزايدة من زعيم المعارضة الحالي “نتنياهو”.

ويرى حسام الدجني -المحلل السياسي- أن اليمين لا يزال المهيمن على القرار الإسرائيلي، وأن المجتمع ينحاز بصراحة نحو اليمين واليمين المتطرف حتى انعكس الأمر على الإدارة الأمريكية أكبر داعم وحاضن لمشروع ومواقف الاحتلال في الشرق الأوسط.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “خير دليل على تأثر الولايات المتحدة بمينية إسرائيل هو رفع منظمة كاخ الإرهابية قبل أيام عن قوائم الإرهاب في حين تصنف حركات المقاومة الفلسطينية والعربية بالإرهاب، لذا لا يزال اليمين هو الأقوى في مشهد علاقة أمريكا بإسرائيل”.

طريق حكومة الاحتلال مليء بالألغام فهناك كثير من المحطات تذكي الصراع، وعليها الوفاء لأحزاب المتدينيين، وفي الوقت ذاته الحفاظ على معادلة الردع مع الفلسطينيين وسط انتقادات دولية من عدوانها وجرائمها المتواصلة التي كان آخرها اغتيال مراسلة قناة الجزيرة.

ويخشى جيش الاحتلال صاحب الحضور الكبير في سياسة دولته من خوض مغامرة غير محسوبة مع المقاومة شمال فلسطين المحتلة وجنوبها خشية تكرار الفشل الذي سيشجع الرأي العام الإسرائيلي على انتقاده والغضب من حكومته التي لم توفر الأمن الداخلي.

تكرار الفشل

لا أحد ينسى إبرام الاحتلال 4 انتخابات في أقل من عامين وهي تحاول تجاوز “حقبة نتنياهو”، حتى التصويت على الميزانية في “الكنيست” مرّ بمراحل عصيبة؛ لأن أحزاب المستوطنين والمتدينيين تريد تثبيت حصتها من التمويل حتى تدلي بصوتها للقيادة الجديدة.

قبل وصول “بينيت” مقعد رئاسة الوزراء كانوا يسمونه البديل الثاني لـ”نتنياهو”، واليوم أضحى ألد خصومه بعد سقوط  “الملك”، لذا فإن اليمين حسب رؤية الخبير مصلح لديه ثغرة فرغم تخالفه مع الحكومة الحالية يخشى المستقبل المجهول.

ويشير الخبير مصلح إلى أن خيار العودة لانتخابات مبكرة قد يضع الاحتلال في مأزق مكرر، وهو عدم القدرة على تشكيل حكومة كما جرى قديماً مع “نتنياهو”، والآن قد لا توجد نسبة حسم للكتل الانتخابية تؤهلها لتشكيل حكومة جديدة وهي معضلة متجددة.

قبيل حلول حكومة “بينيت” استخدم “نتنياهو” بعض الأحزاب العربية، والآن يثبت الواقع أن التحايل على تشكيل حكومة قد يقفز عن كل الأحزاب العربية في شمال وجنوب “إسرائيل”، وهي لعبة ظهرت ملامحها في الأسابيع الأخيرة في “إسرائيل”.

ويضيف الخبير مصلح: “كراهية اليمين موجّهة للعلماني واليساري الإسرائيلي وكل من لا يؤمن بالفكر اليهودي، والحكومة نجحت في تسويق أفكار اليمين دون أن تتهم أنها يمينية، وهذا خديعة للعرب الذين شارك بعضهم في حكومة بينيت”.

وكانت غيداء ريناوي الزعبي، النائب عن حزب ميريتس اليساري، انسحبت من الائتلاف، مبررة قرارها بعنف شرطة الاحتلال في المسجد الأقصى خلال تشييع مراسلة قناة الجزيرة شيرين أبوعاقلة، منددة  بسياسة الحكومة تجاه الفلسطينيين.

المشهد العربي في الكيان بات مختلفاً في سياق تصاعد خطاب الكراهية والجريمة، وحين وقعت معركة سيف القدس حدثت احتجاجات كبيرة ظهر فيها عنف الشرطة وسطوة اليمين الممتدة حتى الآن في وقت توحد الفلسطيني خلف هويته وقضيته.

استقطاب العرب واليسار في “إسرائيل” يعد أوراق للعبة الانتخابية، ونمو التطرف في إسرائيل يدفع بالصدام مع عرب 48، ويعزز نيران الصراع معهم ومع الفلسطيني في الضفة والقدس المحتلة في حين غزة فوق برميل من البارود جاهز للانفجار.

ويقول المحلل الدجني: إن التطرف في “إسرائيل” يمضي بها نحو العزلة السياسية، وإن الحوار الداخلي عن مستقبل “إسرائيل” وأخطاء التطرف لم تنضج بعد كي تعود للاهتمام باليسار والوسط، وهكذا لن يتغير مجتمع إسرائيل قريباً.

ويتابع: “مواقف الأردن في ملف القدس وكذلك المغرب وتصدي المقاومة والحراك في القدس هي أهم ما ينتظر حكومة بينيت إذا كان لديها أي نية لتعديل سلوكها الذين انزعج منه المجتمع الدولي وتراقبه السلطة الفلسطينية عاجزة”.

ويترقب العالم بعد أيام مسيرة الأعلام التي ينوي المتطرفون عقدها في القدس المحتلة الأمر الذي قد يشعل تصعيد من جديد في القدس والداخل المحتل، والتي دعمتها حكومة “بينيت”، وهي تحاول إرضاء اليمين والرأي العام.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات