الأربعاء 08/مايو/2024

تداعيات انتخابات بيرزيت على الحياة السياسية

د. خالد النجار

منذ الأزل والديمقراطية استحقاق للشعوب، ومسارًا ينبغي أن تسلكه لتنظيم الحياة السياسية من خلال تحديد آلية الاختيار للقيادة التي تتولى مهام النظام الرسمي، وهي ليست منّة من أحد على أحد، أو من السلطة على الناس، لأن الخيار الديمقراطي هو نهج يجبر السلطات الحاكمة العمل به للحفاظ على بنيان الدول واستقلاليتها.

لقد أثنت بعض الأوساط القيادية في الفصائل الفلسطينية على السلطة واعتبرت أنها أحد عوامل انجاح الانتخابات، وأنها تسير نحو التوجه الصحيح لتأهيل العمل النقابي والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية، وإن كان هذا الثناء مُبالغًا فيه، ولا يرتقي لحقيقة ما يحدث بين دهاليز الأقطاب السياسية في رام الله، وكيف نسقت السلطة لاعتقال نشطاء الكتلة الاسلامية والاعتداء عليهم من قبل عناصر ينتمون لحركة فتح، فهذا يدعونا إلى ضبط موقفنا بشيء من التوازن، وعدم الانجرار إلى محاباة أيٍ كان على حساب مصلحة أبناء شعبنا الذين يقفون في خندق واحد ويلتفوا حول خيار المقاومة.

▪️كيف استفادت حماس من هذه التجربة؟

بالتأكيد أن أخطاء حركة فتح والجرائم التي ترتكبها السلطة كرس نهجًا قمعيًا، وعزز من ثقل مؤسسات أمنية جاثمة على صدور أبناء شعبنا، تقمع الحريات، وتكبح كافة مظاهر وأشكال المقاومة، وتنسق مع الاحتلال، وتتمرد على الحياة العامة لكافة فئات وشرائح مجتمعنا الفلسطيني، وهو ما يبرر توجه الأغلبية نحو الطرف الآخر الذي يناهض كافة هذه الممارسات، ويدعوا لمقاومتها من خلال ترسيخ حق العودة للصف الفلسطيني والوحدة الفلسطينية على قاعدة المشاركة السياسية التي تضمن وتحمي التعددية السياسية ومقاومة الاحتلال، والدفع نحو تأهيل العمل النقابي، وبالتالي لم تنحصر هذه التجربة على حركة حماس وحدها، بل شارك في صياغتها معظم الرافضين لمشروع السلطة، وهو أحد المكتسبات التي حققتها حركة حماس من هذه الجولة الانتخابية التي سيكون ما بعدها ليس كما قبلها.

▪️تداعيات نتائج الانتخابات على حركة فتح.

الهزة السياسية التي تعرضت لها حركة فتح أعادت الذاكرة لما حدث في انتخابات البرلمان الفلسطيني عام 2006، والذي تحول حينها مسار القضية الفلسطينية إلى ما نحن عليه اليوم، وتداعياتها التي يُعتبر جزءًا منها ساهم في تعزيز المقاومة وبنيتها العسكرية، والجزء الآخر الذي ساهم في حدوث الانقسام بعد رفض حركة فتح قبول النتائج التي تحققت بإرادة شعبية، وبالتالي تدافعت قيادات فتح بعد خسارة الشبيبة الطلابية لتشكيل لجنة تحقيق، وتقديم استقالات غير مسبوقة في اقليم رام الله، وهو ما يشي أن الصدمة التي تعرضت لها حركة فتح لم تكن في حسابات قيادة التنظيم التي كانت تؤمن بالفوز على غرار ما حدث في انتخابات نقابة المحامين.

كذلك التصدع في بنية التنظيم، وانهزاز الثقة بين القيادة والقواعد الطلابية في الشبيبة، باعتبار أن مسؤولية إدارة منظمة الشبيبة تقع على عاتق رئيس السلطة وقادة الأقاليم في كافة المحافظات الشمالية.

▪️هل تستسلم حركة فتح؟ وما هو الدور المطلوب من حركة حماس للحفاظ على رصيدها الشعبي؟

على مر السنين لم تستسلم حركة فتح أمام نتائج صندوق الانتخابات، والتجربة عام 2006 كانت مؤشرًا رئيسًا لذلك، فقد حلّت المجلس التشريعي بقرار المحكمة الدستورية التي شكلها رئيس حركة فتح، وألغت الانتخابات العامة، ولم تسمح بإجراءها، وبالتالي هناك قيادة تتمرد على صندوق الانتخابات، وتتمرد على إرادة الشعب، ولا تقبل بالهزيمة، بل تدعوا لمحاربة المنتصر وإفشاله، وملاحقته أمنيًا، وتدمير البنية الديمقراطية التي يرتكز عليها العمل المؤسساتي الحكومي.

في حين أن المسلك الرئيس الذي ينبغي أن تسلكه فتح هو محاربة الفساد داخل السلطة، وإنهاء دور الأجهزة الأمنية، والعودة للتمسك بمشروع المقاومة، والالتفاف حول خيار إعادة تنظيم السلطة والقبول بإجراء انتخابات عامة، تشارك بها على  قاعدة تشكيل إطار وطني داعمًا للمقاومة ومشروع التحرير.

كما ينبغي على حركة حماس أن تسرع في تشكيل إطار بُنيوي يجمع كافة الأطر الطلابية بمن فيهم الشبيبة الطلابية، لتعزيز موقع حماس ومكانتها التي حظيت بثقة مؤيديها، وأن تترجم خطابها الاعلامي إلى واقع حقيقي تقدم خلاله برنامجًا هادفًا يسهل على الطلبة مسيرتهم العلمية، ويعزز فيهم روح الانتماء لمشروع المقاومة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات