لاءات السيف
بعد أن كان الاحتلال الإسرائيلي يروِّض الإقليم على فكرة أن غزة منعزلة وأنها تهديد للأمن القومي العربي والوضع القائم فيها مزعج لما سموه استقرار الدول، وأن علاجها فقط بحصار يُدار بالتنقيط الاقتصادي والهدنة المرحلية المعيشية، جاءت الحقائق بعكس ما تشتهيه سفن الأمن ومخططاته.
سيف القدس أوضحُ صورة وأهم خط أحمر رسمته المقاومة، كان لديه عمق جغرافي اخترقه ونجح؛ وبُعد سياسي وصل له وفرض معادلته، وقائمة انتظار لمرحلة جديدة من اللاءات.
جديد المشهد يكمن في تجاوز السيف حدود القطاع هدفًا وقرارًا ورؤية، فكانت المعركة الأولى والأهم التي خاضتها المقاومة مباشرة باسم القدس والمسجد الأقصى، والتي خلطت الأوراق الأمنية والروتين الإقليمي الذي ركن إلى إشغال غزة بحياتها اليومية، والضفة بخنجر التنسيق الأمني الذي ذبح الفصائل فيها من الوريد للوريد.. سيف القدس وسّع المفهوم وعزز المنشود وشدد اللاءات وضاعفها وراكمها.
بالعودة للمسار الذي فرض المعادلة الجديدة وبعد أن صمدت غزة في وجه الحصار والحروب الثلاث الأولى، وعززت نظرية المقاومة التي كانت فيها على مدار سنوات تعزز اللا للحصار، واللا لإطلاق جنود أسرى مقابل رفع الحصار، واللا لفرض معادلة الدولار مقابل الهدوء، واللا لزعزعة الفكرة من خلال الفلتان، واللا لمخطط موت غزة، واللا لتثبيط معنويات الضفة.
كل ما سبق عززته ثلاث مواجهات أضافت للمعنويات والجبهة الداخلية الكثير من عناصر البناء والمتانة وصد هجمة إعلامية ونفسية كانت تهدف لتجريد الضفة الغربية من روح القتال والثورة؛ وإحباط غزة بأن سلاحها فقط لحياتها وأنها يجب أن تتحول لحارس لمخزن أسلحة فقط.
صفعت المقاومة تلك النظرية وتقوّت وشدت بنيانها ورصت صفوفها وأصدرت قرارها بإشهار سيفها الذي تجهزت لأجله لسنوات.
الزاوية الأهم في السيف وما قبله بشهور قليلة حينما كانت تل أبيب تدك بالصواريخ التي قيل إنها بالخطأ تزامنًا مع هجمة إدارة السجون الإسرائيلية ووحداتها الخاصة وكلابها البوليسية على أسرى سجن النقب آنذاك؛ جاء الردع لأول مرة بصواريخ النصرة التي هزت تل أبيب ووصلت رسالتها المعنية.
هناك سُجلت لا جديدة لاستفرادهم بأسرانا بعد أن كسرت المقاومة لاءهم عام ٢٠١١ بصفقة وفاء الأحرار؛ فبات على عاتق المقاومة تحرير الأسرى وهذا ما تنجزه منذ عقود وتحتفظ بجنود لديها، وأضيف على عاتقها منع التهجم والاعتداء على الأسرى حتى داخل السجن فكانت رسالة تل أبيب.
الزاوية الأخرى حينما قررت أن تختلط صيحات التكبير في باحات الأقصى مع صوت صافرات الإنذار معلنة قصف القدس نصرة لمن استغاث صائمًا مدافعًا عن القدس، فكانت الصدمة لمن أراد أن يستفرد بكل ملف فلسطيني ويقسمه على مزاجه.
الزاوية التي تلتها حينما تراكمت لاءات الانتصار ومنعت المقاومة مسيرة الأعلام السنوية في القدس؛ وحينها خرج وما زال يخرج الإعلام العبري بمعادلة الإحباط أنه لم تعد السيادة الفعلية للاحتلال على القدس وأن المقاومة تقول كلمتها، وبالحديث عن مسيرة الأعلام الخبيثة المدمرة التي تقام سنويًّا كانت كابوسًا للمقدسيين حيث تجوب الشوارع وتدخل البلدة القديمة ويحطم المستوطنون كل ما يجدونه أمامهم بعنصرية وتخريب؛ فكانت لاءات السيف قاسمة لظهر المستوطنين وموجعة لأحلامهم.
لاءات جديدة تمت إضافتها بمنع الاقتحام للمسجد الأقصى وإطلاق النار فيه؛ فكان الرد فورًا ميدانيا من “إلعاد” و”أريئيل” وتقوع وباب العمود وغيرها، فقط بتوجيه الجبهة الداخلية أن راكموا اللاءات ووحدوا الموجة وأعدوا العدة وجهزوا أنفسكم.
لاءات أيضًا هناك حيث بؤرة مقاومة تنشأ وتزداد صلابة في جنين حيث سيف القدس ما زال مشهرا بتهديد واضح بأن مساس الاحتلال وغلمانه بالمخيم يعني أن الخريطة كلها فلسطين ستصبح على وقع التنفيذ لما توعدته المقاومة.
إذًا هي لاءات وخطوط حمراء لم ترسمها أوسلو اللعينة ولا توصيات مجلس أمن دولي ولا وصاية شكلية على المقدسات ولا منظمة مؤتمر ولا جامعة دول؛ بل هي بكل بساطة صاحب حق قرر وأعد واستعد وبات يوجع من يصر على الاستعباد والطرد والقهر.
أصبح الأسرى وجنين والقدس وأهل الداخل والضفة ومن قبلهم جميعا غزة لديهم سيف لم يغمد وخطوط حمراء تنتظر أن يتوسع مداها وتدخل حيزها لاء جديدة؛ ملخصها لا للاحتلال، لتتوج مسيرة عطاء فلسطينية تجبر من وقف صامتا من دول قريبة وبعيدة أن تضع بصمتها في حلقة أخيرة ويكون تحرير لا صمت ولا تمرير.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
استشهاد الصحفية إيمان الشنطي وأطفالها بغزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أدان مركز حماية الصحفيين الفلسطينيين (PJPC) ومنتدى الإعلاميين الفلسطينيين قتل الاحتلال الإسرائيلي الصحفية "إيمان حاتم...
العفو الدولية تمنح الصحفي أنس الشريف جائزة المدافع عن حقوق الإنسان لعام 2024
كانبرا - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت منظمة العفو الدولية في أستراليا عن منح الصحفي أنس الشريف جائزة “المدافع عن حقوق الإنسان” لعام 2024؛ تكريمًا...
19 شهيدًا و69 إصابة بعدوان الاحتلال على غزة في 24 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب مجزرتين ضد العائلات في قطاع غزة وصل منها للمستشفيات 19 شهيدا و69 إصابة...
الاحتلال يستهدف المُستشفى الإندونيسي عدَّة مرَّات و60 جريحًا يواجهون خطَر الموت
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قال مدير المستشفى الإندونيسي في شمال قطاع غزة مروان السلطان، إنَّ الاحتلال استهدف المشفى عدة مرات بالرغم من وجود...
مسؤولة أممية تطلع مجلس الأمن على الوضع المتدهور في قطاع غزة
نيويورك - المركز الفلسطيني للإعلام قالت كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة سيخريد كاخ، فجر اليوم الأربعاء، إن" الوضع...
حملة دهم واعتقالات إسرائيلية في الضفة الغربية
الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلامشنت قوات الاحتلال الليلة الماضية وفجر اليوم الأربعاء، حملة اقتحامات واعتقالات واسعة بالضفة الغربية شملت مناطق...
إصابة 3 مستوطنين بإطلاق نار في نابلس
نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام أصيب ثلاثة مستوطنين بجروح - صباح الأربعاء- جراء إطلاق نار في نابلس شمال الضفة الغربةي المحتلة. وأفادت وسائل إعلام...