عاجل

السبت 04/مايو/2024

الأهمية الاستراتيجية لفلسطينيي الداخل في أي حرب قادمة

سليمان أبو ستة

يبلغ عدد فلسطينيي الداخل المحتل مليوني نسمة، وهو ما يجعلهم قوة كبيرة مؤثرة ومقلقة للكيان الصهيوني، خاصة أنهم يتمتعون بنقاط قوة في غاية الأهمية، بدأ الاحتلال بالتنبه إليها في أعقاب معركة سيف القدس، التي اشتبك خلالها أولئك المواطنون مع قوات الاحتلال ومستوطنيه؛ وذلك تفاعلاً مع إخوانهم في قطاع غزة الذين خاضوا معركة بطولية، وتفاعلاً مع المسجد الأقصى الذي يتعرض لعدوان صهيوني شرس.

ولقد كان حراكهم مقلقاً لقوات الاحتلال التي بدأت تضع في حساباتها العسكرية إمكانية نجاح الشبان الفلسطينيين في الداخل في عرقلة حركة القوات العسكرية، والتشويش على سير العمليات والخطط الحربية، واحتمال اندلاع اشتباكات واسعة مع المستوطنين بشكل تعجز عن مواجهته الشرطة، ما يجعل تدخل الجيش ضروريا فيؤثر بالتالي على عمله في مواقع أخرى، ويستنزف جهده في غير المهمة الرئيسية.

ويزيد من أهمية تأثير فلسطينيي الداخل قربهم من التجمعات الصهيونية الاستيطانية، وبالتالي فإنه بمجرد أن ينوي أحد منهم عمل شيء ما يكون قادرا على تنفيذ ذلك فوراً، لا يحتاج إلى قطع حدود، أو اجتياز حواجز، بل إنه في قلب العدو مباشرة.

ويتمتع فلسطينيو الداخل بنقاط قوة في غاية الأهمية من الناحية الاستراتيجية، ذلك أنهم ينتشرون على امتداد الخارطة الفلسطينية من الشمال في عكا وحيفا إلى الجنوب في النقب، مروراً بالوسط حيث اللد والرملة والمثلث، وهو ما يجعل أي حراك لفلسطينيي الداخل مؤثرا على الكيان ككل، وليس على بقعة محددة فحسب.

فقطاع غزة على سبيل المثال في حال المواجهة لن يكون قادراً على التأثير في شمال فلسطين المحتلة بشكل فعال، والمقاومة اللبنانية في حال دخولها مواجهة مع العدو فلن تكون قادرة على التأثير الفعال في جنوب فلسطين، بينما فلسطينيو الداخل قادرون على التأثير في الكيان ككل، كما أن هذه القضية تحرم العدو من إمكانية عزل هؤلاء الفلسطينيين وحصارهم، وهو ما تتنبه له المؤسسة الأمنية الصهيونية فبدأت بالعمل على تقليص تأثيره؛ من خلال السعي لعزل التجمعات الفلسطينية في الداخل بمستوطنات تتكامل صورتها النهائية كسور قادر على حصارهم في كل تجمع، وعزلهم بشكل كامل. 

كما أن من نقاط قوتهم قربهم من شوارع رئيسية في فلسطين المحتلة ما يجعلهم قادرين على قطعها وشل الحركة فيها بشكل كامل؛ سواءً للآليات العسكرية أو الحركة المدنية، فلك أن تتخيل تأثير شاب يسكب كميات من الزيت على شارع 6 الذي يعد واحدا من أهم شوارع الكيان، حيث يصل بين الجنوب والشمال، ويعد حيويا في حال الدخول في مواجهة مع المقاومة في لبنان، وهذا الشارع قريب من وادي عارة حيث التجمع الفلسطيني المهم جدا.

وهو ما يمكن أن يحدث بشكل أوسع في النقب، حيث تنتشر التجمعات الفلسطينية على مساحة جغرافية واسعة، قادرة على قطع عشرات الشوارع الحيوية، بما يعزل مدينة بئر السبع تماما، وربما عزل جنوب فلسطين -حيث القواعد العسكرية والجوية الأهم في الكيان- عن الشمال والوسط -حيث التجمعات البشرية الأكبر-، وهو ما ينطبق بالضرورة على خط القطار الذي يمكن وقفه وشل حركته بيسر كبير، ولنا أن نتخيل حجم التشويش الناتج مثلاً عن وضع كميات من الحجارة على امتداد خط السكة الحديدية في النقب.

كما أن فلسطينيي النقب قادرون على التأثير الفعال على عشرات القواعد العسكرية والجوية الاستراتيجية، والتي يسكنون في مناطق قريبة منها، وقد سبق أن اشتكى الصهاينة من قيام بعضهم بتخريب معدات عسكرية مهمة، والاستيلاء على كميات من الأسلحة، ولقد قُتل قبل أشهر قليلة جنديان صهيونيان بنيران داخلية أثناء محاولة التصدي لمثل هذه الأعمال.

وبالإمكان تصور مدى الضرر الذي سيلحق بالقدرة الجوية للكيان؛ في حال الحرب الشاملة، عندما يقوم بعض فلسطينيي النقب بإطلاق النار على الطائرات الحربية المتقدمة وهي على الأرض داخل حظائرها، أو تخريبها بأي وسيلة كإشعال النار فيها، أو غمرها بالمياه.

كما أن القرب الجغرافي لفلسطينيي الداخل يجعل بإمكانهم تنفيذ عمليات في غاية الخطورة على الكيان دون كثير من الجهد، فبالإمكان إشعال النار في الغابات، والمصانع الحيوية، والمؤسسات المهمة، ما يعطل في لحظات المواجهة كثير من قدرات الكيان، ويشغل مؤسساته، ويشتت تركيزها.

هذه بعض نقاط القوة التي يمتلكها فلسطينيو الداخل، والتي تجعل قدرتهم على مواجهة الكيان الصهيوني كبيرة جداً في أي حرب قادمة، وهو ما يلقي في قلب العدو الصهيوني قلقا كبيراً، وترقباً واسعا.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات