الأربعاء 15/مايو/2024

ربيع الشهداء يحتفي بيوم الأرض

أحمد الحاج علي

ليس تقاطعاً زمنياً فقط بين حملة “ربيع الشهداء” أو “أسبوع الشهداء” وذكرى يوم الأرض، بل هو احتفاء متبادل بين الشهداء والأرض. احتفاء الأرض بمائة ألف شهيد أحيوا ذكرها، وأبقوا على قضيتها، فلم تتدثر بغبار الزمن. وهو احتفاء الشهداء بأرض اكتسبت قدسيتها بأمر السماء، وأعطت الشهداء هذا العلوّ والتكريم والمجد. 

الشهداء الذين أسقطوا كل محاولات النسيان، فجعلوا الذاكرة رطبة، تقاوم اليأس رغم كل الخذلان. لا حياة لقضية دون تضحية. الملاحم الكبرى لم تعش دون حكايات التضحية. قصص العشق الكبرى التي لا تنتهي بموت العاشق ستبقى ناقصة. وكذلك الأرض، حكايتها مستمرة، وما زالت تُروى بفضل هذا الدم، بعد فضل الله. 

كأية أمة تحفظ أسماء شهدائها، هكذا هو تاريخنا المعاصر، فمن لا يحفظ اسم الشيخ عز الدين القسام مثلاً، الذي خشي ديفيد بن غوريون وقتها دمه، في إطار الصراع على الأرض. فقد ذكر الشاعر الصهيوني حاييم غوري أن بن غوريون أبلغ مؤتمر حزب مباي أواخر 1935 أن مقتل الشيخ عز الدين القسام ينطوي على مخاطر  كبيرة على الحركة الصهيونية، لأنه أرسى أمام الأجيال العربية القادمة منطلقات أخلاقية لمواجهة المشروع الصهيوني.

وبعد 87 عاماً على استشهاده، ما زال دمه واستشهاده محرّكاً أساسياً في الصراع. لذلك فإن قيادة الكيان الصهيوني تنتابها خشية كبيرة من قدرة الفلسطينيين على التضحية. بل إن الأب الروحي لليمين الصهيوني زئيف فلاديمير جابوتنسكي اعتبر أن مسألة الأرض وأحقية امتلاكها مسألة إشكالية، حسب زعمه، لكن من لديه القدرة على التضحية هو الذي يمكن أن يحسم هذا الحق.

والملاحظ أن قدرة واستعداد الفلسطينيين للتضحية في تزايد توضحها مؤشرات عديدة، من الاستطلاعات إلى الأحداث الميدانية وأعداد الاستشهاديين. أما قدرة الصهاينة على التضحية فهي في تناقص مستمر، فالمستوطن الذي قاتل عام 1948، ضعفت قدرته على القتال منذ الستينيات، نتيجة اندفاعه في تيار اللذة، كما يوضح بشكل مفصّل الدكتور عبد الوهاب المسيري. لذلك، ووفقا لجابوتنسكي نفسه، يمكننا توقع من سيفوز في الأرض بالنهاية، ويحظى بها.

وكما يئس بن غوريون عام 1938 وقال “وراء “الإرهابيين” توجد حركة قد تكون بدائية ولكنها ليست خالية من المثالية والتضحية بالذات. يجب ألا نبني الآمال على أن “العصابات الإرهابية” سينال منها التعب، لأنه إذا ما نال من أحدهم التعب سيحل آخرون محله”، كذلك سييأس الصهاينة اليوم، ويحتفي “ربيع الشهداء” بأرض يستحقها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات