السبت 27/أبريل/2024

الطفلة المصري.. حرمها الاحتلال من العلاج وأطفأ فرحة والديها

الطفلة المصري.. حرمها الاحتلال من العلاج وأطفأ فرحة والديها

على الرغم من توقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، إلا أن مئات المرضى لا يزالون يواجهون حربا إسرائيلية أخرى لا تقل خطورة، وهي منعهم من الوصول إلى المستشفيات في الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلة، لتلقي علاج غير متوفر في القطاع المحاصر.

ولا تزال حكاية القهر في قطاع غزة مستمرة بفعل الحصار الإسرائيلي الظالم؛ لتتساقط كل يوم ورقة من أوراق العمر لأحباب فقدوا بسبب عدم تمكنهم من نيل أبسط حقوقهم وهو حق العلاج.

الطفلة فاطمة المصري من محافظة خانيونس جنوبي قطاع غزة صاحبة العام والسبعة أشهر، هي شمعة أخرى تنطفئ بسبب سياسة المماطلة التي ينتهجها الاحتلال بحق مرضى قطاع غزة وعدم تمكنها من السفر للعلاج.

مناشدات دون مجيب

يستذكر جلال المصري -والد الطفلة- تلك الساعات التي ناشدها لأجل إنقاذ حياة ابنته التي كان ينتظر قدومها بفارغ الصبر لكن دون مجيب.

ويقول المصري لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “كانت ابنتي تعاني من ثقب في القلب وقدمت العديد من المناشدات لتحويلها للعلاج للداخل المحتل، وبعد حصولي على التحويلة اصطدمت بأن الاسم تحت الفحص”.

ويتابع المصري بقهر وألم: “فقدت ابنتي التي كنت أنتظر قدومها بشوق وعطش بعد 8 سنوات من عدم الإنجاب، بسبب سياسة إسرائيلية ظالمة”.

“5 مرات وأنا أحاول أن أحصل على تصريح لابنتي لكن يرفض الاحتلال الطلب، والسبب أن الطلب تحت الدراسة! لماذا طفلة بهذا العمر يتم حرمانها والمماطلة في علاجها”، يضيف المصري بغصة.

وتتذرع إسرائيل عادة بـ”الدواعي الأمنية” لتبرير عدم منحها المرضى تصاريح للسفر من أجل العلاج، ويتساءل المصري: “ما الخطر الذي تشكله طفلة مثل فاطمة على إسرائيل حتى تمنعها من حقها في السفر والعلاج؟!”.

ويشير المصري أنه توجه بالعديد من المناشدات، كما توجه للمؤسسات الحقوقية لمساعدته في إخراج طفلته للعلاج لكن دون فائدة، مضيفاً: “هذا هو قدر الغزيّ؛ أن يبقى في ألم وقهر دون القدرة على الحصول على أدنى حقوقه في السفر للعلاج”.

ويلفت إلى أن ابنته فاطمة جاءت له بعد 8 سنوات من عدم القدرة على الإنجاب، وكانت تمثل له كل شيء في هذه الحياة، لكن الاحتلال منعه من إكمال فرحته بها.

دعاوى واهية

ويحرم الاحتلال عدداً كبيراً من المرضى من تلقي العلاج في مستشفيات الداخل المحتل والضفة والقدس، تحت “ذرائع واهية”، الأمر الذي يزيد من معاناتهم.

وبحسب مؤسسات حقوقية، فإن الاحتلال يمنع مرضى غزة من الوصول إلى المستشفيات، خصوصا الحالات الخطيرة ومرضى السرطان وغيرهم من الذين لا يستطيع النظام الصحي في القطاع التعامل مع حالاتهم، بعد أن أفضى الحصار والانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة إلى تدمير مقومات الرعاية الصحية فيه، وألحق أضرارًا بقدرات المستشفيات التشخيصية والعلاجية.

من جهته قال المحامي في مركز الميزان لحقوق الإنسان يحيى محارب: إن المرضى في قطاع غزة يضطرون لتلقي العلاج خارج قطاع غزة بسبب الحصار الإسرائيلي، ما يضطرهم لتلقي العلاج في أحد مستشفيات الضفة الغربية أو مصر والأردن.

وأوضح محارب، في تصريح خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، أن الطفلة فاطمة المصري حدّد موعد لها في مستشفى المقاصد بالقدس المحتلة في منتصف فبراير 2022، حيث تلقت العائلة رداً بأن الطلب تحت الدراسة، وتم تحديد عدد من المواعيد.

وأشار إلى أن الطفلة حصلت على تحويلة طبية من دائرة العلاج بالخارج في وزارة الصحة الفلسطينية، وعلى (3) مواعيد للعلاج في مستشفى المقاصد في مدينة القدس، غير أن قوات الاحتلال حرمتها من السفر لتلقي العلاج في جميع المواعيد التي حصلت عليها من المستشفى، وحرمتها من الوصول إلى المستشفى، وكان آخر موعد حصلت عليه بتاريخ 05/4/2022، إلا أن رد سلطات الاحتلال “أن الطلب تحت الفحص”؛ ما أدى إلى تدهور حالتها الصحية، إلى أن توفيت بتاريخ 25/3/2022.

وأفاد أن المركز تدخل قانونيًّا على هذا الأساس دون تلقي أي رد من الاحتلال، لافتاً إلى أن السياسة الإسرائيلية بالمماطلة في استخراج التصاريح للمرضي ليست جديدة؛ حيث إن معظم الحالات والمرضى الذين يريدون العلاج في الضفة والقدس والداخل المحتل يأتيهم الرد “تحت الفحص وقيد الدراسة”.

وأكد محارب أن المماطلة الإسرائيلية سبب مباشر لوفاة الطفلة فاطمة، لافتاً إلى أن هناك الكثير من النماذج التي وصلتهم في المركز، والتي كان آخرها الطفلة المصري.

وذكر محارب أن حالة الطفلة فاطمة المصري كانت مثالا حيا ومباشرا على تعمد الاحتلال عرقلة سفر المرضى، متسائلاً: “ما ذنب الطفلة التي لا تكاد تبلغ العامين لعدم إعطائها تصريحًا للسفر لأكثر من مرة”.

وأضاف أن هذه العرقلة تؤدى في أغلب الأحيان إلى فقدان حياة الكثير من المرضى أو تدهور حالتهم الصحية.

وأشار إلى أن المؤسسات الدولية والإقليمية ومنظمة الصحة العالمية على اطلاع مباشر وعميق بكل التفاصيل الدقيقة لهذا الملف، مشدداً على أن المؤسسات تسعى لتشكيل ضغط أن يتراجع الاحتلال عن هذه السياسة.

جرائم بحق المرضى

من جهته أدان رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني “حشد” المحامي صلاح عبد العاطي، جرائم الاحتلال المتواصلة بحق مرضى قطاع غزة، والتي تأتي ضمن سياسات الاحتلال بتقييد حرية الحركة في إطار الحصار المفروض على القطاع.

وأكد عبد العاطي، في تصريح خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، أن هذا الأمر انعكس على المواطنين الفلسطينيين عموماً وعلى مرضى القطاع خصوصاً؛ حيث تتعنّت سلطات الاحتلال بإصدار تصاريح للمرضى ومرافقيهم تحت دعاوى واهية.

وقال: إن هذا التأخر انعكس بالسلب وفاقم الحالات الصحية لعدد كبير من المرضى في القطاع، مشيراً إلى أن نسبة الاستجابة إلى معدلات التصاريح لا تتعدى في أحسن الأحوال 40%.

خرق للقانون الدولي

ولفت عبد العاطي أن الاحتلال يتسبب في وفاة ومقتل العشرات من المرضى الفلسطينيين، إضافة إلى أن هذا الأمر يشكل خرقاً فاضحاً لقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وأحكام اتفاقية جنيف، ويرقى إلى شكل من أشكال العقوبات الجماعية التي تتطلب ضغطاً من المجتمع الدولي لوقف مثل هذه الممارسات والجرائم.

وأضاف: “في الوقت ذاته يجب أن يكون هناك تحرك جاد من المؤسسات الدولية لضمان توفير جميع أشكال العلاج للمرضى في قطاع غزة”.

وتابع: “نحن نتحدث عن حالات متعددة لا يمكن حصرها”، لافتاً إلى أن “هناك حالات متعددة توفيت في عام واحد بسبب منع تنقل المرضى، وبلغ عددهم 34 من مرضى السرطان، وخلال هذا العام يوجد 4 حالات توفيت جراء استمرار الفحص الأمني وتأخير صدور التصاريح لمرضى قطاع غزة”.

وفي تعقيبه على وفاة الطفلة المصري قال مركز الميزان لحقوق الإنسان: إنه ينظر بخطورة بالغة إلى استمرار تقويض قوات الاحتلال الإسرائيلي للحق في حرية الحركة والتنقل، لا سيما حق المرضى من سكان قطاع غزة في الوصول إلى المستشفيات وتلقي العلاج، ما يفاقم من أوضاعهم الصحية، ويعرض حياتهم لخطر الموت.

وأضاف المركز: “لا يوجد ما يبرر تأخير وصول الطفلة فاطمة المصري للعلاج برفقة جدتها ياسمين منصور المصري (45 عاماً) لأكثر من خمسة أشهر، وبأن يتم الرد على جميع طلبات المرور بأنها (تحت الفحص)، وكأن طفلة لم تتجاوز عاما ونصفا وجدتها يمكن أن تشكلا تهديداً أمنياً”.

وعبّر المركز عن أسفه لوفاة الطفلة، مستنكرًا بشدّة استمرار حصار قطاع غزة وحرمان سكانه من حقهم في التنقل والحركة، بما في ذلك حرمان المرضى من الوصول إلى المستشفيات.

 وحسب البيان؛ فإن مركز الميزان رصد وفاة (71) فلسطينيا منذ عام 2011؛ منهم (25) سيدة و(9) أطفال جراء المماطلة والمنع الإسرائيليين.

ويرى المركز في هذا السلوك أحد أشكال التمييز والفصل العنصري، وينتهك على نحو جسيم المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وقواعد القانون الدولي الإنساني.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

شهيدان باشتباك مع الاحتلال غربي جنين

شهيدان باشتباك مع الاحتلال غربي جنين

جنين - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد شابان وأصيب آخران، فجر اليوم السبت، برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، قرب حاجز "سالم" العسكري غربي مدينة جنين،...