عاجل

الإثنين 13/مايو/2024

تزامن الجبهات في الحرب القادمة.. القلق يتسلل لاجتماعات قادة الاحتلال

تزامن الجبهات في الحرب القادمة.. القلق يتسلل لاجتماعات قادة الاحتلال

كل ما تفعله “إسرائيل” وهي تدرك تطور أدوات المقاومة على حدود فلسطين المحتلة الجنوبية والشمالية، أن تشتري الوقت من سوق التحايل على تحدياتها الأمنية والميدانية، لكن المحظور واقع لا محالة غداً أو بعد غدٍ.

أكثر ما تخشاه دولة الاحتلال، هو تقاطع نيران المقاومة إذا وقع تزامن جبهة غزة مع جنوب لبنان في أي مواجهة قادمة، عندها لن تجد ما تخصف به عوار خواصرها الطرية حين تصبح كثير من الأهداف الإستراتيجية في مرمى نيران المقاومة من الجنوب والشمال.

عاد إعلام الاحتلال للحديث عن المواجهة القادمة، ووصفها بالأكثر خطورة، إن تَطوَّر تقارب حماس مع حزب الله لسلوك ميداني في مواجهة أي عدوان قادم، ووقع جيش وأمن الاحتلال بين فكي جبهات غزة وجنوب لبنان والداخل المحتل عام 48.

الأدوات القتالية المقلقة للاحتلال، تتجسد معظمها في القذائف الصاروخية التي تقدر أعدادها لدى جبهات المقاومة بالآلاف، إضافة إلى الطائرات المسيّرة التي باتت فاعلة في أجواء فلسطين المحتلة وحدودها بعد أن تفاخرت دولة الاحتلال لسنوات بامتلاكها أنواعا متطورة منها تصدّرها لدول داخل الشرق الأوسط وخارجه.

اعتادت دولة الاحتلال قديماً نقل ثقل المعارك لأرض خصومها، لكنها اليوم تخشى من الوقوف في موقع المدافع أمام مقاومة فوق الأرض المحتلة، وربما خلف خطوطها، عندها ستكون أمام معضلة حقيقية لم تجربها بتوسع من قبل.

حسابات المواجهة

يتسلل القلق على رؤوس أصابعه لاجتماعات قادة الأمن والجيش في دولة الاحتلال عند تخيّل قذائف صاروخية بإمكانها ضرب أهداف إسرائيلية مهمة من غزة وجنوب لبنان، في حين تبقى قذائف لفصائل مقاومة عربية أخرى من العراق واليمن وسوريا حاضرة لا تسقط من حسابات “إسرائيل” الأمنية.

لا تخوض دولة الاحتلال منذ انتهاء حروبها عام 1973 و1982م حروباً مع جيوش عربية وفق كلاسيكية الجيوش، لكنها أمام معضلة مقاتلين أشداء يتحلون بالإرادة الموفقة التي نالت من قوة الردع الإسرائيلية التي لم تعد فيها صاحبة الرصاصة الأخيرة في القتال.

ويؤكد اللواء يوسف شرقاوي، الخبير في الشؤون العسكرية، أن دولة الاحتلال تحسب كثيراً لفكرة وقوع تقاطع نيران المقاومة فوق الأرض المحتلة، وهي فكرة تحدث بها سابقاً الأمين العام السابق لحركة الجهاد الإسلامي الراحل عبد الله شلّح.

وتصدّرت تحليلات الأخبار في الكيان ولبنان وفلسطين قبل أيام، مسألة الطائرات المسيّرة التي أطلقها حزب الله فوق شمال فلسطين المحتلة، وفشلت الدفاعات الإسرائيلية في إسقاط واحدة منها بعد أن نفذت طائرات الاحتلال المسيرة في السنوات الماضية عدة مهمات فوق لبنان للاستطلاع والقصف.

توقيت تحليق طائرة حزب الله تناغم مع حديث حسن نصر الله -الأمين العام للحزب- قبل أيام حول امتلاكه عددا كبيرا منها وقذائف أخرى، مشيراً أنه على استعداد لاستخدامها متى دعت الحاجة، بل ونقلها لمن يريد تفعيلها أداةً متطورة في الصراع مع الاحتلال.

ويضيف الخبير شرقاوي لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “تخفق مجدداً دفاعات إسرائيل وسلاح الطيران في إسقاط طائرة حزب الله، وتفشل الرادارات في منع تحليقها في أجواء شمال فلسطين المحتلة، وهذا أمر يقلق إسرائيل كثيراً”.

ويمتلك حزب الله، حسب إعلانه الأخيرة، منظومة طائرات مسيّرة، وتحديثًا لآلاف القذائف الصاروخية التي من المرجح استخدامها في أي مواجهة قادمة بين المقاومة والاحتلال، وهي أدوات أثبتت نجاعتها في حروب غزة الأخيرة وحرب تموز 2006م، حين قصفت أهدافا مهمة نالت من سيادة دولة الكيان، وأهمها مطار “بن غوريون” الذي تعطلت حركته في عدوان غزة مايو 2021م.

اجتهدت دولة الاحتلال طوال عقدين مضيا على تجنب وقوع تزامن جبهات مقاومة شمال وجنوب فلسطين المحتلة، وحرصت على خوض جولات وحروب مع كل جبهة منفردة، لكن احتمال تزامن الجبهات وارد ولا يصل درجة المستحيل، إنه وقت تطورات اتفق فيها خصوم الاحتلال على الضغط معًا للنيل من هيمنته المستمرة.

يقول المحلل السياسي طلال عوكل: إن دولة الاحتلال قلقة من تطور أدوات المقاومة مع جبهة غزة وجنوب لبنان، وتراقب توسع قدراتهما، مشيراً إلى أن حزب الله لم يعد بحاجة فقط للصواريخ ليؤمّن دوره السياسي الفاعل في الساحة اللبنانية.

ويتابع لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “إن وقعت مواجهة وتزامنت عدة جبهات في قتال إسرائيل ستكون إسرائيل في موقف صعب، وربما لن يتوقف الأمر على جبهة غزة وجنوب لبنان، فهناك جبهة الجولان السوري، وصواريخ لدى المقاومة العراقية، عندها ستكون حرب غير مسبوقة من حيث تطوراتها على أمن إسرائيل الداخلي”.

سيف القدس2

منذ لحظة انتهاء معركة سيف القدس بغزة مايو 2021م وحتى الآن، تحاول دولة الاحتلال استقاء العبر والعظات من تطوراتها التي شكلت نقلةً في الصراع، وهي تدرك أن غزة التي قاتلت وحدها في إطار حالة الغضب العارمة في أرض 48 والضفة المحتلة، لا تعني أن جبهة حزب الله كانت صامتة عبثاً، لكنها كانت تراقب ما يجرى من كثب.

ولا يختلف اثنان أن ائتلاف حكومة الاحتلال الحالي هشّ بمقدار يعرضه في أي تطور ميداني أو سياسي بعد رحيل حقبة “نتنياهو” لاحتمال الدخول في أزمة سياسية، تُعدُّ فصائل المقاومة أحد فواعلها التي تتدخل عن بعد، وأحياناً عن قرب بعد أن فقدت دولة الاحتلال قوة الردع الكاملة.

ويرى الخبير شرقاوي، أن حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله، قال مراراً إنه تابع معركة “سيف القدس” ساعة بساعة، وكان له اتصال مع غزة، وهو تعبير حقيقي عن مبدأ تحالف النيران الذي لا يسمح بسقوط جبهة من جبهات المقاومة من حول الاحتلال الإسرائيلي.

تمتلك “إسرائيل” قوة تدميرية هائلة، وأدوات قتالية متطورة جعلت منها القوة الأولى الشرق أوسطية، لكنها مؤخراً وقعت في إحراج مع دول عقدت معها صفقات لشراء طائرات مسيّرة، وأسلحة أخرى أثبتت مقاومة غزة ولبنان قدرتها على النيل منها.

ويقول الخبير شرقاوي: إن المستقبل الميداني لأي تطور في القتال بين غزة وحزب الله ودولة الاحتلال، هو ما يترجم احتمال وقوع تزامن في الجبهات وتقاطع في النيران، وإذا لم يقع يبقى احتمال نافذ يتطلب أخذ الاحتلال للاحتياط والحذر من وقوع المحظور.

وأثبتت جولات الحروب والعدوان التي خاضتها دولة الاحتلال ضد غزة وجنوب لبنان، عجز جبهتها الداخلية عن تحمل أيام طويلة من القصف، وكانت كلما حمي وطيس المعركة تهرب نحو تهدئة مؤقتة بمعاونة أطراف عربية ودولية لا تلتزم هي نفسها بما تتفق عليه مع خصومها بأقلام ومباحثات الوسطاء.

ويرجّح المحلل عوكل، وقوع احتمال القتال بين دولة الاحتلال وخصومها على عدة جبهات عاجلاً أم آجلاً، واصفاً ما يجرى الحديث عنه بالأمر الذي لا مفر منه في يوم من الأيام وسط إصرار فصائل المقاومة على تطوير أدواتها القتالية بالكم والنوع.

ويؤكد أن تطوير المقاومة لأدوات القتال والأسلحة، لا يوجه حتماً إلا نحو تعزيز موقفها في ميدان المواجهة مع دولة الاحتلال، وليس أي ميدان داخلي في أرض عربية، وأن دولة الاحتلال تخشى مواجهة شاملة، لذا تحرص في كل مواجهة على خوض قتال على جبهة واحدة فقط.

ولا يُعد حديث دولة الاحتلال عن حرب أكثر خطورة قد تقع مستقبلاً بينها وبين خصومها على جبهتي الشمال والجنوب مادةً إعلامية تنقشع سحابتها بعد أيام، فالحسابات الأمنية متواصلة لصناعة سيناريو معقد تعدّ فيه دولة الاحتلال على أصابعها للألف قبل اتخاذ قرار عسكري وسياسي بالقتال على عدة جبهات.

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات