الجمعة 03/مايو/2024

الاستيطان في نابلس.. انتشار سرطاني يخنق جبل النار

الاستيطان في نابلس.. انتشار سرطاني يخنق جبل النار

عبر سلسلة من المستوطنات والبؤر الاستيطانية، والمواقع والحواجز العسكرية، تحاصر قوات الاحتلال “جبل النار”؛ لتكرس وجودًا استيطانيًّا سرطانيًّا شمال الضفة الغربية.

وتواجه محافظة نابلس، الواقعة في قلب فلسطين التاريخية، واحدة من أعتى المخططات الاستيطانية، وباتت مؤخرًا في بؤرة استهداف المستوطنين، ضمن محاولات فرض الأمر الواقع وتكريس الهيمنة الاستيطانية على حساب أصحاب الأرض والحق.

وفي أرجاء المحافظة تنغرس غصبًا 15 مستوطنة و39 بؤرة استيطانية، و24 موقعًا عسكريًّا، و10 حواجز ثابتة، لتخلق بيئة جغرافية معقدة، حولت الأحياء والقرى الفلسطينية إلى كانتونات منعزلة تتحكم بها مكونات استيطانية طارئة، فضلاً عن تداعيات التقسيم الذي فرضته اتفاقية أوسلو على الضفة وتوزيعها بين مناطق أ وب و ج دون أي ترابط ومرجعيات إدارية مختلفة.



ونابلس من المدن التي أسسها الكنعانيون وسموها “شكيم” بمعنى الأرض المرتفعة، وقد سماها الرومان باسم “نيابولوس” وهي إلى الشمال من مدينة القدس، وتبعد عنها 69 كيلومترًا.

وتبلغ مساحة مدينة نابلس 29 كيلومترًا مربعًا، في حين تبلغ مساحة المحافظة كاملة 605 كيلومترات مربعة، وتضم أراضي المحافظة 62 تجمعًا سكانيًّا ما بين المدينة والقرى والمخيمات.

سياسة الاستيطان
تعرضت أراضي محافظة نابلس، كما هو الحال في باقي مناطق الضفة الغربية والقدس، لهجمة استيطانية استعمارية توسعية؛ حيث سلب الاحتلال عشرات آلاف الدونمات من الأرض، وقطع أوصال المناطق الفلسطينية، بحيث تركزت معظم المستوطنات في محافظة نابلس على السفوح الجبلية، فحاصرت المدن والقرى الفلسطينية، ومنعت تطورها، وغيّرت طبيعتها، ونهبت خيراتها.

ونالت محافظة نابلس حصتها من سلب الاحتلال للأغراض الاستيطانية المختلفة عقب احتلالها عام 1967، كان منها: بناء المستوطنات والبؤر الاستيطانية ومعسكرات لجيش الاحتلال، ومناطق عسكرية للتدريب.

مراحل التوسع الاستيطاني

ومرّ الاستيطان في محافظة نابلس بمراحل من التوسع منذ احتلال جميع فلسطين عام 1967.

فعلى الرغم من أن الاحتلال لم يباشر ببناء المستوطنات في مدينة نابلس فور احتلالها، إذ كان قراره التمكن من القدس ووسط الضفة أولًا، ثم الانتقال ليضع أقدامه الاستيطانية في شمال الضفة وجنوبها، لكن كان هنالك استثناءات دائمًا، فقد شهد العام 1971 أي بعد اكتمال احتلال الضفة الغربية بأربعة أعوام إقامة أول مستوطنة وهي مستوطنة “حمرة” التي تصنف على أنها مستوطنة زراعية.

وما بين 1983 إلى 1986 بلغ التوسع الاستيطاني ذروته في نابلس؛ حيث بنى الاحتلال خلالها 5 مستوطنات، وفقًا لدراسة أعدها مركز رؤية للتنمية السياسية عام 2019.

وبحسب مدير مركز أبحاث الأراضي في شمال الضفة الغربية، محمود الصيفي، وفي حديث خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، فقد بلغ عدد المستوطنات في محافظة نابلس 15 مستوطنة، من ضمنها مستوطنة اسمها حومش المقامة على أراضي قرية عقربة التي أخليت عام 2005، لكن يُمنع الفلسطينيون من الاقتراب منها.


null

وتحتل محافظة نابلس المرتبة السابعة من حيث أكثر المحافظات بناءً للمستوطنات على أراضيها، في المدّة من 1971-2018، وفقًا لجهاز الإحصاء الفلسطيني.

أما بالنسبة للزيادة في عدد المستوطنين في محافظة نابلس فقد شابهت نسبة الازدياد الذي حصل في بناء المستوطنات على مدار السنوات الماضية، فقد شهدت الأعوام من 1983 إلى 1986 أكبر عدد لازدياد المستوطنين، إذ بلغ عدد المستوطنين الذين قدموا للإقامة في مستوطنات المحافظة أكثر من 10 آلاف مستوطن، في حين بلغ عدد المستوطنين في محافظة نابلس حتى العام 2019 وفقًا لجهاز الإحصاء الفلسطيني 18458 مستوطن.

أنواع المستوطنات

تختلف أنواع المستوطنات المقامة علي الأراضي الفلسطينية، فهناك مستوطنات سكنية وزراعية وصناعية وسياحية وعسكرية.

ويلاحظ أن معظم المستوطنات المقامة على أراضي محافظة نابلس هي مستوطنات سكنية، بمعني أنها مستوطنات مبيت، تستخدم للنوم في الليل، وفي النهار يذهب معظم سكانها للعمل في الداخل المحتل عام 1948 أو في المستوطنات المجاورة.

ويوضح الصيفي أن هناك 3 مستوطنات زراعية في نابلس هي: الحمرة ومخوره وجيتيت، أما الصناعية وعددها 4 فهي: ألون موريه وعيلي وشيلو وايتمار، و8 مستوطنات سكنية هي: شافي شمرون وبراخا ويتسهار ومجداليم ورحليم وعميحاي ومعالي لفونة وشفوت رحيل.


null

البؤر الاستيطانية
بلغ عدد البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية مع نهاية العام 2017 حسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني 116 بؤرة.

والبؤرة الاستيطانية هي التي يدشنها المستوطنون في البداية دون إقرار رسمي، ويشرعون في البناء فيها ويتوسعون حتى تتحول إلى مستوطنة، كما جرت العادة.

ويشير مدير مركز أبحاث الأراضي إلى أن سلطات الاحتلال أقامت 39 بؤرة استيطانية في محافظة نابلس، آخرها بؤرة أفيتار على أراضي قريتي قبلان وبيتا.

ويوضح أن ما يسمى بمستشار القضاء الإسرائيلي قد أصدر قرارًا الشهر الماضي يقضي بعودة المستوطنين إلى بؤرة أفيتار، بعدما أخليت سابقًا نتيجة أعمال المقاومة الشعبية.

وهذه البؤر غير معترف بها على أنها مستوطنات شرعية من حكومة الاحتلال، لكنها تخضع لحماية جيش الاحتلال، وأغلب هذه البؤر تبعد عن المستوطنات الأم التابعة لها مسافة تتراوح من 2-6 كيلومترات.

الجدار الفاصل في محافظة نابلس
لا تملك محافظة نابلس حدودًا على الشريط الفاصل مع الأراضي المحتلة عام 1948، وتفصل بينهما محافظة سلفيت وقلقيلية ونابلس في الجانب الغربي، ومحافظة جنين من الجانب الشمالي، وبسبب موقعها البعيد نسبيًّا عن الأراضي المحتلة عام 1948 لم يصلها جدار الفصل العنصري، رغم أنه يمتد إلى منطق قريبة غرب المحافظة لكنه بقي ضمن حدود محافظتي سلفيت وقلقيلية.


null

الطرق الالتفافية
وتشكل الطرق الالتفافية التي أقامتها قوات الاحتلال لخدمة مستوطناتها في الضفة الغربية، أحد أبرز أوجه المعاناة للفلسطينيين لدورها في قطع أوصال حركتهم بهدف تسهيل حركة المستوطنين، وتسهيل سيطرة جيش الاحتلال على الأرض، خاصة مع أهميتها الإستراتيجية لكونها منطقة جبلية عالية مطلّة على منطقة الأغوار الشمالية.

ووفقًا لمحمود الصيفي، فقد بلغ طول الشوارع الالتفافية الاحتلالية في محافظة نابلس 104 كيلومترات، وسلب الاحتلال أكثر من 3 آلاف دونم من أراضي المحافظة لشق هذه الطرق.

وفيما يلي أبرز الشوارع الالتفافية الاستيطانية في المحافظة:

ـ الشارع رقم 60: شارع استيطاني أساسي يربط شمال الضفة بجنوبها، ويقطع هذا الشارع محافظة نابلس من غربها ويمر بجانب قرى برقة وصرة وتل وصولا إلى حوارة جنوب نابلس ومستكملا طريقه لرام الله، ويتقاطع مع عدة طرق التفافية منها الشارع الاستيطاني رقم 55 الذي يتفرع عند مفترق جيت غرب المدينة.

ـ شارع التفافي كفار تفوح: يقع جنوب مدينة نابلس ويوصل بين مستوطنتي كفار تفوح وعيلي مرورًا بمستوطنة ايتمار، ويأخذ من أراضي قرية الساوية وقرية اللبن الغربي.

ـ شارع نابلس الالتفافي: يربط المنطقة الشرقية لنابلس ببعضها بعضًا، وهو طريق قريب على مستوطنتي ايتمار القريبة من بيت فوريك ومستوطنة الون موريه الواقعة شمال دير الحطب، كما أن الطريق يصل جنوب المحافظة ليخدم مستوطنتي حمرة وبراخا.

ـ شارف شافي شمرون- جبل عيبال الالتفافي: هو أحد الشوارع التي تتقاطع مع الشارع رقم 60، وقد أقيم على أراضي قرى بيت ايبا ودير شرف والناقورة غرب نابلس وشمال غربها، ليربط بين مستوطنة شافي شمرون ومعسكر لجيش الاحتلال في جبل عيبال.


خريطة سلفيت والمستوطنات فيها

المواقع والعسكرات

يوجد في محافظة نابلس 24 موقعًا عسكريًّا لجيش الاحتلال، وفقًا لما أوضحه مدير مركز أبحاث الأراضي، وتتوزع هذه المواقع ما بين معسكرات لجيش الاحتلال، وحواجز عسكرية، وبوابات، ومناطق عسكرية مغلقة.

وقد أقيمت هذه المعسكرات على أراضي الفلسطينيين، حيث سلبت سلطات الاحتلال مئات الدونمات من أراضي المحافظة لإقامتها وتوسيعها، من أجل إحكام القبضة العسكرية على محافظة نابلس، وخدمة المستوطنين وحمايتهم أثناء تنقلهم على الطرق والشوارع الالتفافية.

كما تمثل نقاطًا لمراقبة تحرك الفلسطينيين، وتستخدم مراكزَ لانطلاق اعتداءات جيش الاحتلال على التجمعات السكانية في المحافظة، ومراكزَ اعتقال وتحقيق.

أبرز المعسكرات في محافظة نابلس
معسكر حوارة، ومعسكر جبل عيبال (موشيه زرعين)، ومعسكر جبل جرزيم، ومعسكر رادار.


الحواجز العسكرية
يقول محمود الصيفي: أقام جيش الاحتلال على أراضي محافظة نابلس 10 حواجز عسكرية دائمة، عدا عن الحواجز الطيارة التي يقيمها في المنطقة التي يشاء حسب الوضع الأمني في المحافظة، وهذه الحواجز تفصل مناطق محافظة نابلس عن بعضها، وفيما يلي الحواجز الـ10 الدائمة، وفقًا لدراسة نشره

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

عدنان البرش.. الطبيب الإنسان

عدنان البرش.. الطبيب الإنسان

غزة – المركز الفلسطيني للإعلاملم يترك الدكتور عدنان البرش (50 عامًا) مكانه ومهمته في إنقاذ جرحى حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية بغزة، حتى اعتقاله...