السبت 27/أبريل/2024

مقاومة الضفة.. حالة متطورة تربك أمن الاحتلال

مقاومة الضفة.. حالة متطورة تربك أمن الاحتلال

لم تتوقف عمليات إطلاق النار في الضفة الغربية طوال السنوات الماضية، لكنها في السنوات الأخيرة شهدت تصاعدًا غير مسبوق، وخاصة في المدّة التي تزامنت مع معركة “سيف القدس” إبان العدوان على غزة والقدس والداخل المحتل.

تلك العمليات التي باتت تؤرّق الاحتلال وجنوده شبه يوميًّا، تستهدف نقاطا متفرقة لقوات الاحتلال الصهيوني، خاصة في جنين ونابلس، عدا عن القرى والبلدات المجاورة.

ويرى مراقبون أنّ عمليات إطلاق النار في مدن الضفة المختلفة باتت أكثر جرأة، وفي وضح النهار أحيانًا، وعلى مدَدٍ متقاربة، حتى إنّ بعض الأيام الماضية شهدت أكثر من عملية في اليوم الواحد، ما يعني -وفق المراقبين- أنّ الأمور آخذة في التطور والتصاعد، وما قد يقيِّد تلك العمليات محاولات أجهزة أمن السلطة إفشالها، أو التبليغ عن منفذيها.

حالة متطورة

وبحسب التقرير السنوي الصادر عن المكتب الإعلامي لحركة “حماس” بالضفة الغربية؛ فقد ضاعفت المقاومة خلال 2021 من عملياتها المؤثرة، في الضفة الغربية والقدس، ونوّعت من أساليبها في مواجهة الاحتلال والمستوطنين.

ووفق التقرير، بلغ عدد العمليات المؤثرة 441 عملية، مقابل نحو مئة عملية في عام 2020، وبلغ مجمل عمليات المقاومة بما فيها المقاومة الشعبية 10850 عملية بما يمثل ضعفها عام 2020.

ويؤكّد المختص في الشأن الصهيوني صلاح الدين العواودة، أنّ هناك ظاهرة جديدة في الضفة الغربية ولا سيما شمال الضفة، وصفها بأنّها “حالة نضالية تطورت من ذاتها كما يظهر، وهي خليط بين المقاومة الشعبية والعمل المسلح”.

ويقول العواودة لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: إنّ الظاهرة تتمثل بأنّها ليست مواجهات شديدة بين الشبان وقوات الاحتلال، ولا هي عمليات عسكرية منظمة ذات أهداف محددة، مضيفًا: “ظاهرة إطلاق النار على الحواجز العسكرية ونقاط الحراسة والمراقبة تمثل تطورا في النضال الوطني، وابتكارا من وحي البيئة”.

ويشير إلى أنّه في سياق إجراءات الاحتلال الأمنية وإستراتيجياته للتعامل مع الانتفاضات، والتي تقضي بتقليل الاحتكاك مع السكان إلى أدنى مستوى، لم يعد بالإمكان إيجاد نقاط مواجهة ساخنة في كل شارع وزقاق كما كان في الانتفاضة الشعبية الأولى مثلاً.

ويضيف المختص في الشأن الصهيوني: “وفي إطار قبضة أمنية شرسة من الاحتلال وأجهزته الأمنية من جهة، والسلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية من جهة أخرى، لم يعد من السهل تنظيم خلايا عسكرية تقليدية، وتنفيذ عمليات نوعية ضد قوات الاحتلال والمستوطنين إلا في حالات نادرة”، وفق قوله.

ويؤكّد العواودة أنّه لصعوبة التنظيم والتدريب، وسهولة كشف العمل المنظم في مناطق الضفة؛ “لجأ الشباب الفلسطيني وبابتكاره الذاتي إلى هذا الأسلوب من العمل الذي يخلط بين العمليات المنظمة والمقاومة الشعبية، فانتقل من عمليات الطعن والدهس وإلقاء الزجاجات الحارقة إلى عمليات إطلاق نار متفرقة، قد لا توقع الكثير من الإصابات في الأرواح؛ لكنها تزعزع استقرار الاحتلال وتزعجه، وتقلق راحته، وتحافظ على توقّد روح المقاومة بنفوس الشباب”.

ويعتقد المحلل السياسي أنّ أبطال هذه العمليات أصبحوا محل إعجاب في أوساط الشباب عمومًا، وهو ما يؤكد أنها حالة نضالية فريدة من إبداعات الفلسطيني، وهو ما يعجز أمامه الاحتلال عن بلورة إستراتيجية لمواجهة هذا النوع من العمليات حتى الآن أو التغلب عليها، فما يزال يحاول عبر الاقتحامات والاعتقالات والضغط على أجهزة السلطة الفلسطينية الأمنية لتجمع السلاح.

ويبين العواودة أنّ هناك محاولات لم تنجح حتى الآن في مواجهة هذا النوع، “وهو ما يبشر بأن هذا الأسلوب من العمل يمكنه أن يتطور أفقيًّا بالانتشار، وعموديا بمستوى الأداء”، لافتًا إلى أنّ ذلك يأتي أيضًا في إطار التخوفات التي يبديها الاحتلال من إمكانية انفجار الأوضاع في الضفة الغربية وعدم قدرته على السيطرة عليها.

إقرار “إسرائيلي”

وأقرت وسائل الإعلام “الإسرائيلية” أنّ مدن الضفة الغربية تشهد ارتفاعًا متزايدًا لعمليات إطلاق النار التي يستهدف بها المقاومون قوات الاحتلال وحواجزه والبؤر الاستيطانية، وذكرت صحيفة (ميكور ريشون) الإسرائيلية، أن “حالات إطلاق النار على قوات جيش الاحتلال والمستوطنين في الضفة المحتلة، كانت نادرة نسبيًّا في الماضي، لكن حجمها زاد مؤخرًا زيادة ملحوظة”.

وقالت: إنّ “معطيات أجهزة الأمن الإسرائيلي، كشفت عن زيادة العمليات الفلسطينية ضد مواقع عسكرية إسرائيلية خلال العام 2021 بنسبة 300 في المئة”.

في حين ذكرت القناة “14” العبرية أن “القفزة الكبيرة في العمليات الفلسطينية خلال العام الماضي، تعكس صورة مقلقة للغاية”.

ووفق المعطيات الإسرائيلية؛ فقد سجلت 2700 عملية فلسطينية ضد الاحتلال، منذ العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة في أيار/مايو الماضي، وأن “العمليات زادت خلال النصف الثاني من عام 2021، بعد قدوم الحكومة الإسرائيلية الجديدة”.

السيطرة لا تمنع المقاومة

المحلل السياسي المختص بالشأن الصهيوني عمر جعارة، يقول: إنّ “الاحتلال يدرك تمامًا أنّ المقاومة هي “DNA” عند الفلسطيني، ولا يمكنه التخلي عنها بأي شكلٍ من الأشكال، ما دام الاحتلال جاثمًا على أرضه”.

ويؤكّد جعارة لمراسلنا أنّ سيطرة الاحتلال على الضفة الغربية جميعها وتحكّمه بمداخلها ومخارجها، لا يمنع أبدًا المقاومة بجميع وسائلها وأدواتها، مبينًا أنّ الفلسطينيين لم يدخروا جهدًا لتطوير وتجديد أشكال مقاومتهم للاحتلال.

ويشير المحلل السياسي إلى أنّ تلك العمليات مهما كان نوعها منظمة أو غير منظمة، فهي لم تفضِ إلى إنجاز سياسي حقيقي، لكنها تظل مصدر قلق وإزعاج للاحتلال على الدوام، وأنّ بقاء الاحتلال يعني بقاء المقاومة وتصاعدها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

شهيدان باشتباك مع الاحتلال غربي جنين

شهيدان باشتباك مع الاحتلال غربي جنين

جنين - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد شابان وأصيب آخران، فجر اليوم السبت، برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، قرب حاجز "سالم" العسكري غربي مدينة جنين،...