السبت 27/أبريل/2024

لجنة التحقيق بوفاة النواتي.. هل تنصف الضحية وتحاسب المقصرين؟!

لجنة التحقيق بوفاة النواتي.. هل تنصف الضحية وتحاسب المقصرين؟!

مات سليم النواتي على أبواب المستشفى، ولم تشفع له أنّاته بين يدي والده وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، وبوفاته شكلت اللجان وفتحت الملفات علها تجد الإجابة الضائعة.

المشافي رفضت استقبال الطفل النواتي (16 عامًا) وتركته يموت؛ لأن السلطة الفلسطنيية لم تدفع مستحقات متراكمة لها ما قلص قدرتها على شراء الأدوية كما تقول، إلا أن هذا المبرر لم يجد صداه في الشارع الفلسطيني.

عاصفة أثارت الرأي العام الفلسطيني في كل أماكنه، ومعها أثيرت تساؤلات عن عمل دائرة العلاج بالخارج وكيفية إدارة الإجراءات، وكان هناك سؤال كبير عن مصير مشفى خالد الحسن والأموال التي جمعتها السلطة لأجله.

وشكلت وزارة الصحة لجنة تحقيق في قضية وفاة النواتي، ومعها خلصت إلى عدة توصيات.

وأوصت اللجنة بإعادة النظر بآلية عمل دائرة شراء الخدمة فنيا وإداريا ومالياً وتشكيل لجان بهذا الخصوص، وبمعاقبة كل من أشير لهم بالخطأ في القضية بما تراه مناسباً.

وقالت: نوصي بتحويل الملف إلى النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات المناسبة قانونياً، كما عدّت أن “مستشفى المطلع في القدس أخطأ في عدم قبول الحالة علماً أن حالات اللوكيما يتم تحويلها من الوزارة إلى هناك، متذرعاً بالحالة المالية وكان هذا قراراً إداريا”.

وأكدت “وجود سقوط أخلاقي وإنساني في قضية الطفل المريض سليم النواتي”، وقالت إنه “بقي من 27 ديسمبر وحتى وفاته لم يدخل أي مستشفى، وهذا غير معقول خاصة أن حالته كانت خطيرة”.

توزيع دمه بين القبائل
مدير مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية “شمس”، عمر رحال، قال: إن نتائج تحقيق وزارة الصحة في رام الله بحادثة وفاة الطفل سليم النواتي لم تشر مباشرةً للجهة المسئولة، وذهب التحقيق إلى “توزيع دمه بين القبائل”.

وأوضح رحال في تصريح لمراسلنا، أن الوزارة في تقريرها تحدثت عن النواتي من جانب أخلاقي وإنساني، دون أن تحمل أي جهة بعينها المسؤولية، مؤكداً أن نتائج لجنة التحقيق وتوصياتها لن ترى النور؛ لأنها “مشكلة من لون معين، ولم تحدد الجهة المقصرة التي تتحمل المسؤولية”.

وتابع: إن تشكيل لجنة التحقيق من جهة محددة دون وجود لأي جهات أهلية مستقلة من مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الصحية، تفقد التقرير “حيادتيه واستقلاليته”.

وبيّن رحال أن التحقيق يحمل مستشفى المطلع جزء من الخطأ بعدم استقبالها الطفل النواتي بذريعة الوضع المادي، وهذا أمر غير صحيح؛ “لأن المعلومات المتوفرة تنفي تحويل الطفل للمطلع”.

وأضاف: “اللجنة أوصت بتحويل ملف النواتي للنيابة العامة ومتابعة التوصيات”، متسائلاً: “كيف ستحقق النيابة مع إدارة المطلع الموجود في مدينة القدس، حيث لا يوجد أي ولاية قانونية للسلطة على الناس في القدس.. فكيف يمكن للنيابة العامة أن تقوم بالاستدعاء والتحقيق وليس لديها القدرة للوصول إلى القدس أساساً؟!”.

خلل كبير
أما مدير وحدة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، فضل المزيني فقد قال: إن هناك خللا كبيرا في آلية التحويل للعلاج بالخارج يعاني نتيجة هذا الخلل مئات المرضى، منهم عشرات استطاعوا بالفعل بعد إجراءات معقدة الحصول على تصاريح والوصول لمستشفيات الضفة الغربية ولم يستطيعوا الدخول لها بسبب وجود مشاكل بين تلك المستشفيات ووزارة الصحة نتيجة عدم تغطية الأخيرة الالتزامات المالية الواقعة عليها.

وأضاف المزيني، في تصريح خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “لا يوجد أي مبرر للمستشفيات الفلسطينية بعدم استقبال المرضى الذين يعانون من أوضاع حرجة، خاصة بعد اجتيازهم العراقيل الإسرائيلية ووصولهم إلى تلك المستشفيات”.

وتابع: “هذا الحديث لا يبرر على الإطلاق أيضاً رفض المستشفيات استقبال هؤلاء المرضى الذين يعانون من أوضاع حرجة.. كان على المستشفيات أن تستقبل هؤلاء المرضى، وأن تلبي واجبها الإنساني نحوهم”.

وأكد أن منظومة العلاج بالخارج تحتاج إلى إعادة نظر وتصحيح؛ حتى يكون بالإمكان تلبية احتياجات سكان قطاع غزة الطبية، نتيجة عدم وجود منظومة صحية في غزة تستطيع تلبية احتياجات السكان نتيجة الحصار الاسرائيلي المستمر منذ 15 عاماً، ووضعها القيود على المعدات الطبية والأجهزة الخاصة بالمختبرات واللازمة لعلاج مرضى السرطان وخاصة أجهزة العلاج الإشعاعي، وأيضاً نتيجة الانقسام.

وأشار إلى أنه يوجد خلل في موضوع استمرار عدم تأهيل المستشفيات سواء في غزة أو الضفة الغربية الخاصة بعلاج أمراض السرطان، لافتاً أن هذا المرض منتشر، ولا بد من وجود آلية ومستشفيات خاصة لرعاية المرضى بالسرطان.

ولفت إلى أن نتائج لجنة التحقيق التي صدرت حول وفاة الطفل النواتي جاءت مناسبة وتبين الأخطاء التي وقعت فيها جميع الجهات بدايةً من دائرة العلاج بالخارج التي هي جزء من وزارة الصحة ومن ثم المستشفيات، مستدركاً أنه ليس المهم النتائج التي صدرت عن اللجنة، وإنما محاسبة الجهات التي ارتكبت هذه الأخطاء، وضمان عدم تكرار هذا الخطأ حتى لا يؤدي إلى وفاة مرضى آخرين.

وقال: “لا يزال حتى اللحظة عشرات المرضى الذين يعانون من نفس الأمر الذي حصل مع الطفل النواتي، وما زالت المشكلات بين المشكلات ووزارة الصحة قائمة، ويدفع الثمنَ المرضى المحوّلون لهذه المستشفيات”.

وطالب بضرورة إزالة جميع العراقيل التي تحول دون علاج المرضى في المستشفيات المحولين إليها، وضمان تقديم الخدمة العلاجية المناسبة للمرضى الذين يعانون من أمراض خطيرة ومستعصية، ولا يوجد لهم علاج في مستشفيات قطاع غزة.

وفقاً للتقرير السنوي عن أعمال ديوان الرقابة المالية والإدارية لعام 2020، وفي تقرير حول التحويلات الطبية في وزارة الصحة عن العامين 2018-2019، فإنّه يوجد اختلاف وتضارب في قيمة تكلفة التحويلات الطبية الفعلية في التقارير الصادرة عن وزارة الصحة، كما “لم يتوفّر تأكيد حول صحة البيانات المدخلة على النظام المحوسب لعام 2018 خاصة فيما يتعلق بتكلفة التحويلات، وتبيّن عدم وجود عدد من البيانات الأساسيّة التي تتعلّق بتفاصيل حول التحويلات.

ويبين التقرير وجود اختلاف في أرصدة المديونيّة بين تقارير وكشوفات وزارة الصحّة وتقارير وكشوف المستشفيات التي يتم تحويل الحالات إليها، وأوضح عدم وجود أي آليات أو سياسات معتمدة يتم اتباعها في سداد الحقوق والذمم المالية للمستشفيات.

رد العائلة
وعلقت عائلة الطفل سليم النواتي على نتائج التحقيقات التي صدرت من اللجنة المشكلة من وزارة الصحة بشأن تفاصيل وفاة ابنها الطفل سليم عمر النواتي جراء المماطلة من العلاج بالخارج، والتحويلات للمستشفيات، حيث قالت: “إن هذه الحادثة جريمة في حق ابننا، وتستوجب اتخاذ المقتضى القانوني، وقيام النائب العام باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بكل من ورد اسمه وصفته بتقرير اللجنة”.

وشكرت عائلة النواتي الرأي العام، معاهدةً أبناء شعبنا على متابعة هذا الموضوع لضمان عدم تكرار هذا الحدث مع أيّ مريض من أبناء شعبنا الفلسطيني في تلقي الخدمة الطبية لكل محتاج في أرجاء الوطن مع التسهيلات الصحية والطبية.

وأوضحت العائلة أن هناك عددًا من المسائل، والملاحظات على عمل اللجنة ونتائجها وتأتي إلى تنازلها عن الحق في موضع لاحق على الرغم من تثميننا للسرعة في أداء اللجنة.

شبهة جنائية

أما الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة “أمان” فقد أكد انه تابع نتائج لجنة التحقيق في وفاة الطفل سليم النواتي.

وأشار ائتلاف أمان إلى إجراءات المساءلة والمحاسبة اللاحقة لهذا التقصير سواء للموظفين من داخل وزارة الصحة أو خارجها وعدم ربط مساءلة الموظفين العامين داخل الوزارة والمستشفيات الخاصة بنتائج تحقيقات النيابة، سيما وأن وزيرة الصحة مي كيلة قد أكدت خلال المؤتمر الصحفي أنه “لا يوجد أي عذر للنظام الصحي الفلسطيني في القطاع العام والأهلي والخاص لعدم استقبال هذه الحالة”.

وقال أمان: إن قرار اللجنة بتحويل الملف للنيابة العامة يؤكد وجود شبهة جنائية، وعليه يطالب الائتلاف النيابة العامة بالشروع في التحقيق في الموضوع، وإعطائه أولوية، ونشر نتائج التحقيق للمواطنين؛ لكون القضية أصبحت قضية رأي عام.

وأكد ائتلاف أمان أن مشاكل التحويلات الطبية التي تستنزف ما يقارب 70% من النفقات التشغيلية لوزارة الصحة لن تنتهي إلا بخلق حلول جذرية لهذا الملف.

وتابع: “لذا من الضرورة المضي قدما في وضع منظومة صحية عامة وشاملة تعالج الخلل في المنظومة الصحية، وعلى رأسها تبني نظام تأمين صحي شامل وإلزامي، وإعادة هيكلة رسوم الخدمات الصحية والتأمين الصحي وفقا لشرائح الدخل، وتوطين الخدمات الصحية، والحدّ من التسرب المالي في بند التحويلات الطبية، والاهتمام بزيادة أعداد الكوادر الطبية، واعتماد خطة طوارئ وقنوات اتصال مع الجمهور، ورفع جهوزية القطاعين الأهلي والخاص، وإسناد المراكز الصحية كافة؛ الحكومية والخاصة، بالتجهيزات والمستلزمات الطبية”.

وطالب ائتلاف أمان الحكومة الفلسطينية بالوقوف عند مسؤولياتها فيما يخص إنشاء مستشفى متخصص لعلاج السرطان في فلسطين، وهو مستشفى خالد الحسن، ويطالب بتحملها مسؤولية عدم التزامها بإنشاء هذا المشروع الوطني الذي أكد رئيس السلطة ضرورة المضي بتنفيذه خطوة بخطوة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

شهيدان باشتباك مع الاحتلال غربي جنين

شهيدان باشتباك مع الاحتلال غربي جنين

جنين - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد شابان وأصيب آخران، فجر اليوم السبت، برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، قرب حاجز "سالم" العسكري غربي مدينة جنين،...