الاعتداء على نجل زكريا الزبيدي… وجه آخر لضعف السلطة الفلسطينية
في 7 كانون الثاني/ يناير، اعتدى عناصر من قوة أمنية مشتركة في جنين على الشاب محمد، نجل الأسير زكريا الزبيدي قائد “كتائب شهداء الأقصى” سابقاً، والقيادي في حركة “فتح”، والموقوف في سجن جلبوع الاسرائيلي الذي يسمى “الخزنة” لشدة الحراسة الأمنية، وينتظر محاكمته. وكان نجح في أيلول/ سبتمبر من العام الماضي في الفرار مع 5 من الأسرى الفلسطينيين، من سجن جلبوع، ولاحقاً أعيد اعتقالهم.
وتظهر مقاطع الفيديو، أن اعتداء عناصر الأمن الفلسطيني على الزبيدي، حصل بعد توقيفه وتقييده والاعتداء عليه بالضرب الشديد باليدين والهراوات وبعد ابلاغهم بهويته، إذ قال له المعتدين: “بدك تغلبنا أنت وأبوك”.
وفي ضوء ذلك، شهد الشارع الفلسطيني حالة غضب واستنكار وإدانات شديدة لا تزال تتفاعل بين المواطنين والأحزاب السياسية، ومنظمات حقوق الإنسان التي اعتبرت الحادثة مساً خطيراً بحقوق الإنسان واهانة لكرامته وطالبت بمحاسبة مرتكبي الاعتداء.
يستذكر الفلسطينيون حادثة مقتل الناشط السياسي نزار بنات على أيدي عناصر قوة من جهاز الأمن الوقائي في مدينة الخليل في أيلول 2021، أثناء اعتقاله، وأثار مقتله حالة غضب واحتجاجات واسعة في الضفة الغربية، واجهتها أجهزة الأمن الفلسطينية بعنف وقمع واعتقالات طاولت سياسيين ونشطاء حقوقيين وصحافيات وصحافيين.
حادثة الاعتداء “الأمنية” على نجل الأسير الزبيدي، ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، وهي تأتي في سياق مستمر من انتهاكات حقوق الإنسان والعنف، التي تمارسها الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة.
وقد توفي راهناً الشاب امير اللداوي متأثراً بإصابته جراء انقلاب السيارة التي كان يستقلها، بعدما لاحقه عناصر في جهاز الأمن الوقائي، في مدينة أريحا، أثناء استقبال أسير محرر من السجون الإسرائيلية.
وفي السياق ذاته، شنت الأجهزة الأمنية حملة ما زالت مستمرة، لملاحقة نشطاء “حماس” الذين كثفوا نشاطاتهم في رفع رايات الحركة في استقبال عدد من الأسرى المفرج عنهم من السجون الإسرائيلية، وفي وسيلة لمواجهة السلطة في الضفة الغربية.
وتتهم السلطة الفلسطينية الحركة بـ”تسحين” الضفة الغربية وإحراجها وتوجيه اتهامات لها بقمع الحريات العامة ومنع المقاومة من مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، بخاصة بعد هبة القدس والشيخ جراح، والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في أيار/ مايو من العام الماضي، وأن حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” تحرّضان الفلسطينيين في الضفة ضد السلطة.
هذا إضافة إلى تصاعد المقاومة، وتنفيذ عمليات عسكرية ضد المستوطنين والجيش الإسرائيلي، ما يحرج السلطة أمام التزاماتها الأمنية مع إسرائيل، إلى جانب غضب الفلسطينيين من مواقف السلطة عموماً.
في ظل ذلك تعاني السلطة الفلسطينية من حالة ضعف شديد وشبه انهيار وتدهور اقتصادي واجتماعي، تترافق مع عجزها عن حفظ الأمن وفرض سيادة القانون، في ظل الانفلات الأمني الذي يحيلنا إلى حد كبير، إلى الأيام التي عاشتها السلطة وحركة “فتح”، عامي 2005 و2006، والتي سبقت سيطرة “حماس” العسكرية على قطاع غزة.
وتعاني السلطة أزمة سياسية ومالية خانقة، جراء عدم التزام إسرائيل بتحويل أموال المقاصة التي تجبيها من عائدات الضرائب على البضائع المستوردة من الخارج، وهي تشكل إيراداً مهماً لموازنة السلطة، إضافة إلى غياب التمويل من الدول الأوروبية المانحة، والدول العربية التي لم تف بتعهداتها المالية السنوية للسلطة.
كل ذلك ينعكس على الحالة الأمنية في الضفة، بخاصة في ظل الاعتداءات الإسرائيلية واستباحة مدن الضفة الغربية والاعتقالات اليومية، والاخطر اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين وعجز السلطة وأجهزتها الأمنية عن حمايتهم.
وما يعمق الغصب وعدم الثقة بين الفلسطينيين من جهة وبين السلطة من جهة أخرى، هو الاجتماعات التي عقدها الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع وزير الأمن الإسرائيلي بني غانتس في شهري آب/ أغسطس، وكانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي، وكان الأول في مقر الرئيس عباس في رام الله واللقاء الثاني في بيت غانتس. وكان هدفه من اللقاءين الحفاظ على الوضع القائم والاستقرار في الضفة الغربية، والتزام عباس أمام غانتس بضبط الأوضاع واستمرار التنسيق الأمني.
يواجه الفلسطينيون أوضاعاً سياسية واجتماعية واقتصادية خطيرة، والسلطة الفلسطينية في تآكل مستمر، فيما إسرائيل تواصل سياساتها العنصرية وجرائمها وانتهاكاتها، وتتابع التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، متنكّرة للحقوق الفلسطينية، محاولة حسم الصراع.
في المقابل، لم تستفد السلطة الفلسطينية من دروس التاريخ والماضي القريب، ومؤسساتها تعاني الفساد والمحسوبية والتغوّل على السلطة القضائية وإضعاف السلطة التشريعية، وانتهاك حقوق الإنسان وقمع الحريات العامة. ولم تستطع خلق نموذج من الحكم الصالح الرشيد، بل هي ممعنة بالسيطرة على المواطنين بالقوة، وعدم احترام حقوقهم، مع انها تعيش أحلك مراحلها، والمؤشرات تدلل على أن الأمور تزداد سوءاً وتعقيداً، وتؤكد الوقائع على الأرض قرب انهيار السلطة، ومعركة التوريث بعد عباس تجري سراً وعلناً، في ظل غياب أي أفق للمصالحة وإنهاء الانقسام.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
لليوم الـ 212.. القسام يواصل قصف الاحتلال بصواريخ رجوم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تواصل كتائب القسام لليوم الـ 212 على التوالي، التصدي للقوات الصهيونية المتوغلة في عدة محاور، والتي أسفرت حتى اللحظة...
أبو مرزوق: إذا أقدم جيش الاحتلال على دخول رفح لن يجني غير الفشل والفضيحة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أكد رئيس مكتب العلاقات الدولية بحركة حماس د. موسى أبو مرزوق في حوارٍ أجراه مساء اليوم الأحد مع قناة الأقصى، أنّ هناك...
الاحتلال يعترف بمقتل 3 جنود وإصابة 9 في عملية كرم أبو سالم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام اعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي رسميا، مساء اليوم الأحد، بمقتل ثلاثة من جنوده في عملية استهداف معسكر لجيش الاحتلال في...
للمرة الثانية.. الاحتلال يمنع المفوض العام للأونروا من دخول غزة
نيويورك- المركز الفلسطيني للإعلام منعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا فيليب لازاريني، من دخول...
ميدل إيست آي: السلطة طلبت من الوسطاء استبعاد البرغوثي من أي صفقة تبادل محتملة
لندن- المركز الفلسطيني للإعلام كشف موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، اليوم الأحد، عن طلب السلطة الفلسطينية من الوسطاء استبعاد القائد البارز في حركة فتح...
حزب الله: استهدفنا مواقع للاحتلال وحقّقنا إصابات مباشرة
جنوب لبنان – المركز الفلسطيني للإعلام قال حزب الله اللبناني، إنه "استهدف مواقع تابعة للاحتلال وحقّق فيها إصابات مباشرة". وأضاف في بيان وصل المركز...
الرشق: إغلاق مكاتب الجزيرة يعبر عن حالة الهستيريا والارتباك في سلوك نتنياهو
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام اعتبر عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس، عزت الرشق، أن قرار حكومة الاحتلال، اليوم الأحد، إغلاق مكاتب...