بلفور.. والتبني البريطاني المبكر للمشروع الصهيوني

في هذه الأيام من كل عام يحيي الفلسطينيون الذكرى السنوية المشئومة لإصدار وعد بلفور، الذي أطلق الاحتلال اسمه على شارع المقر الرسمي لرئيس حكومته، تكريمًا له، وشعورًا بالامتنان التاريخي لما قام به من وضع حجر الأساس للمشروع الصهيوني منذ بداياته الأولى.
لعلها فرصة لاستذكار بعض الأسباب التي دفعت بريطانيا لإصدار ذلك الوعد المشئوم، مع أننا نتحدث عن إمبراطورية لم تكن تغيب عنها الشمس في ذلك الوقت، منحت وعدًا لحركة سياسية ما زالت ناشئة، وليس لها ذلك الصيت في أنحاء القارة الأوروبية، ما يثير كثيرًا من التساؤلات المشروعة عن الدوافع الخفية التي تقف خلف إصدار هذا الوعد، الذي أطلق عليه القانونيون والمؤرخون بأنه “وعد من لا يملك، لمن لا يستحق”.
قدر البريطانيون آنذاك أن الدولة اليهودية الموعودة، التي ستُنشأ بموجب هذا الوعد؛ ستكون خط الدفاع الأول عن قناة السويس، وستضمن استمرار تجزئة الوطن العربي، أيضًا رغبت بريطانيا في كسب الرأي العام اليهودي في الولايات المتحدة، لما لهم من تأثير سياسي واقتصادي، وخشيت أن يسبقها الألمان والحلفاء بوعد مماثل، ما قد يغير مسيرة الحرب العالمية الأولى لمصلحتها، إضافة إلى خوفها من النهوض المتوقع لحركة التحرر في فلسطين، فضلًا عن مكافأة الزعيم الصهيوني وايزمان على خدماته التي قدمها في أثناء الحرب، واكتشافه مادة (الأسيتون) الفعالة، وهي نوع من المتفجرات المستخدمة آنذاك.
صحيحة هذه الأسباب، وتؤخذ بعين الاعتبار، لكن أهم أسباب صدور الوعد تكمن في الجانب الاستعماري، بزعم أنه لا يوجد جنس آخر في العالم كله يستطيع أن يقوم بالخدمات التي يريدها البريطانيون غير اليهود أنفسهم، وفي هذه الحالة قد تتحول الحركة الصهيونية إلى قوة محركة ستجعل امتداد الإمبراطورية البريطانية ركن قوة دائمًا.
في وقت لاحق من إصدار وعد بلفور نتج عن الحرب العالمية الأولى تغيرات سياسية دولية مهمة، استطاعت من طريقها القوى الاستعمارية اقتسام مناطق النفوذ في العالم وفقًا لما يخدم مصالحها الخاصة، وفي نيسان 1920 قُرِّرَ انتداب بريطانيا على فلسطين، الذي جعلها مسئولة عن تنفيذ الوعد.
وقد التزمت الحكومة البريطانية بدعم المطامع الصهيونية في أرض فلسطين ضد إرادة أصحابها الشرعيين ومصالحهم، وبدا كأنه سياسة متعمدة؛ لأنها حالت دون تسريب أي معلومات إلى العرب عن وعد بلفور، وسياسة الوطن القومي اليهودي؛ لأنها تعرف مدى عدائهم للصهيونية من جهة، وشدة حرصهم على عروبة فلسطين من جهة أخرى.
أما الصهاينة أنفسهم فقد تطلعوا إلى تحويل فلسطين إلى دولة يهودية أسرع ما يكون، حتى لو أدى ذلك إلى ضياع الجهود البريطانية بتهدئة الخواطر العربية، وإيجاد نوع من التفاهم العربي الصهيوني، ووجدت تطلعاتهم ترجمتها في تحيز الإدارة العسكرية البريطانية، لكن الإدارات العسكرية البريطانية المتعاقبة على فلسطين منحت الصهاينة الغرباء العديد من الحقوق التي حرمت منها الفلسطينيين، أهل البلاد الأصليين.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

أوكسفام: ما يدخل غزة من مساعدات لا يغطي احتياجات المواطنين
لندن - المركز الفلسطيني للإعلام قالت المتحدثة باسم منظمة أوكسفام الدولية هديل القزاز، إن ما يدخل إلى قطاع غزة من مساعدات إنسانية لا يغطي إلا جزءا...

الاحتلال يجبر 30 ألف فلسطيني على النزوح من شمال الضفة
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام أجبر جيش الاحتلال الإسرائيلي زهاء 30 ألف فلسطيني على النزوح من مناطق سكناهم في شمالي الضفة الغربية المحتلة تحت...

حماس: انسحاب الاحتلال من محور نتساريم انتصار لإرادة شعبنا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة حماس أن انسحاب جيش الاحتلال الصهيوني من محور نتساريم هو انتصار لإرادة شعبنا، وتتويج لصمود وبطولات مقاومتنا...

الاحتلال ينسحب من محور نتساريم
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام انسحبت قوات الاحتلال الاسرائيلي -صباح -الأحد- من محور الشهداء (نتساريم) جنوب مدينة غزة حسب اتفاق وقف إطلاق النار....

من داخل الأنفاق .. القسام تنشر مراحل تسليم الدفعة الخامسة من الأسرى
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة حماس- صورا حصرية لعملية تسليم الدفعة الخامسة من الأسرى الإسرائيليين، التي جرت...

إصابة 31 مواطنًا في بيت لحم واقتحامات ومواجهات بالضفة
الضفة الغربية - المركز الفلسطيني للإعلام تواصلت اعتداءات قوات الاحتلال في أنحاء متفرقة من الضفة الغربية، في حين اندلعت مواجهات بين الشباب الثائر...

الأشقر: 200 من عمداء الأسرى تحرروا ضمن صفقة طوفان الأحرار حتى 8 فبراير
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أكد الباحث رياض الأشقر مدير مركز فلسطين لدراسات الأسرى أن (200) أسير من عمداء الأسرى تحرروا ضمن الدفعات الخمس التي...