الجمعة 03/مايو/2024

صفقة وفاء الأحرار.. الحرية قريبة من أسرى المؤبدات

صفقة وفاء الأحرار.. الحرية قريبة من أسرى المؤبدات

 بعد عقد من إبرامِها تستحق صفقة وفاء الأحرار التأمل في تفاصيلها وخصوصيتها على مكثٍ؛ فقد كسرت المحظور وداست أعلام كيان الاحتلال “الإسرائيلي” الحمراء في تاريخ الحركة الأسيرة.

ونجحت المقاومة الفلسطينية من غزة في أكتوبر 2011 في تحرير 1027 أسيرًا فلسطينيًّا، منهم 450 أسيرًا من أصحاب الأحكام المؤبدة والعالية خلال عملية تبادل مع الجندي الصهيوني “جلعاد شاليط”.

ورغم سجل صفقات التبادل الطويل في تاريخ الصراع مع الاحتلال منذ نكبة فلسطين عام 1948م إلاّ أن صفقة وفاء الأحرار انفردت بقوة التأثير في وعي الصراع.

وجددت الصفقة في قناعة أسرى الأحكام العالية أن للسجن بابًا بالإمكان إرغام كيان الاحتلال على فتحه وتلبية مطالب المقاومة الفلسطينية التي تضع ملف الأسرى دوماً على رأس سلم أولوياتها.

إرادة حرّة
للمرة الأولى بعد خمس سنوات من العدوان والقصف والأزمات تقوى يوم الثامن عشر من أكتوبر عام 2011م عضلات وجوه الناس في غزة على الابتسام بثقة.



تختلف صفقة وفاء الأحرار بين المقاومة بغزة والاحتلال عام 2011 عن جميع صفقات التبادل من حيث التوقيت والمكان وظروف تحرير أسرى الأحكام العالية الذين تجاوز عددهم 450 أسيرًا من الضفة وغزة والقدس وأراضي 48.

ووقع كيان الاحتلال عدة صفقات تبادل خلال 6 عقود من الصراع مع الفلسطينيين أهمها صفقة الجبهة الشعبية (القيادة العامة) 1985م وعملية تبادل 23 تشرين الآخِر 1983م إضافة إلى عملية التبادل بين الجبهة الشعبية- القيادة العامة والاحتلال 1979م.

ويؤكد مصطفى الصواف -المحلل السياسي- أن صفقة وفاء الأحرار أرغمت الاحتلال على الاستجابة لمطالب المقاومة وتنفيذ ما وصفه مسبقاً بالمستحيل في ملف الإفراج عن أسرى المؤبدات والأحكام العالية.


الكاتب مصطفى الصواف

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “حررت الصفقة 450 أسيرًا لم يعتقدوا للحظة أن ينالوا الحرية لولا عزيمة المقاومة التي أرغمت الاحتلال على تحريرهم والآن أسرى المؤبدات يترقبون صفقة وفاء الأحرار الثانية”.

أثبتت المقاومة أنه بالإمكان كسر المحظور وتحرير من ثبت ضلوعهم في عمليات مقاومة مؤثرة نالت من هيبة جيش وكيان الاحتلال، وعندما فتح باب السجن نال المئات من قادة الفصائل الفلسطينية حريتهم.


ونال أسرى القدس والداخل المحتل حريتهم في صفقة وفاء الأحرار وهم الذين حاول الاحتلال عزل قضيتهم عن ظروف الحركة الأسيرة بذريعة خضوعهم لقوانين كيان الاحتلال.

ويقول فايز أبو شمالة، المحلل السياسي: إن الأسير خلف القضبان لا يفكر على مدار الساعة سوى في الحرية وهو ما يحتل فضاء اهتمامه، وإذا قتل الأمل بالحرية مات الأسير.


فايز أبو شمالة

ويتابع لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “صفقة وفاء الأحرار أثبتت للأسرى أن هناك من يفكر بكم ولكم. هذه المشاعر لكبار الأسرى خلف القضبان تنتصر بصمودهم. لولا صفقات التبادل الناجحة لمات الأسرى همّاً وغمّاً”.

وبينما كانت معركة الإرادة مستعرة بين الحركة الأسيرة وإدارة سجون الاحتلال كانت المقاومة إلى جوار شعبها تدفع ثمن الوفاء بوعدها على دفعات بدأت من لحظة أسر الجندي “شاليط” حتى لحظة إبرام الصفقة في أكتوبر 2011م.

وأراد الاحتلال إجهاض إنجاز المقاومة في صفقة وفاء الأحرار فأعاد اعتقال العشرات من أسرى الضفة المحتلة ناقضًا بذلك بنود الاتفاق الموقعة برعاية مصرية في حين تشترط حماس اليوم إعادتهم للحرية قبل إبرام صفقة وفاء الأحرار الثانية.

خصوصية وفاء الأحرار

تحمل فصائل المقاومة ندباتها بشرف من معركة التضحية طوال 5 سنوات على الاحتفاظ بالجندي “شاليط” تعرضت فيها غزة لعدوان عام 2008م وجولات عديدة من التصعيد قدمت فيها مئات الشهداء والجرحى.

وغرقت غزة في الظلام منذ الساعات الأولى لأسر الجندي “شاليط” عام 2006م بعد أن قصفت قوات الاحتلال محطة الكهرباء الوحيدة بها لتندلع أزمة كهرباء ممتدة حتى اليوم رافقتها حزمة من المشاكل ومعاناة الحياة اليومية دون نهاية.


null

ويعلّق المحلل الصواف على نجاح صفقة وفاء الأحرار في كسر هيمنة الاحتلال بالقول إنه شاهد الفرح في عيون المحررين بعد أن حاول الاحتلال تبديد آمال الحرية أمام أسرى المؤبدات.

ويتابع: “لم تكن الصفقة لمصلحة فصيل محدد بل شملت جميع قيادات العمل الوطني والشعب الفلسطيني من كبار الأسرى، وكانت محطة مختلفة عن أي صفقة؛ لأنها أتت بعد أسر جندي من دبابة وإخفائه 5 سنوات بغزة المحاصرة”.

وسخّر كيان الاحتلال كل إمكاناته المادية والتكنولوجية في صراع أدمغة مع المقاومة استمرت لخمس سنوات خضع في نهايتها الاحتلال لشروط المقاومة التي كسرت محاذيره التي رفضت دوماً تحرير كبار الأسرى.

منحت صفقة وفاء الأحرار كبار الأسرى الراسفين خلف القضبان في الوقت الحالي أملاً جديداً بنيل الحرية رغم أنف الاحتلال حين أضحى خيار تطويع عنجهية الاحتلال بالقوة أمام إرادة مقاومة فولاذية ممكنًا.

ويرى المحلل أبو شمالة أن صفقة وفاء الأحرار شكلت وعداً صادقاً وتمتعت بإبداع أجبرت فيه مقاومة غزة الاحتلال أن يخضع لشروطها رغم حصار ومعاناة غزة المتصاعدة.

وجرت تفاصيل عملية التبادل وفق مشهد يكرّم تضحية الأسير خلف القضبان ويعكس قوة المقاومة حين رافق مسؤول القسام الشهيد أحمد الجعبري الجندي “شاليط” قبيل تسلميه للوسيط المصري.


null

ويشير المحلل أبو شمالة أن مقاومة غزة حرصت على إثبات انتصارها بعد طول تضحية في تفاصيل التبادل بدءً من نجاحها الأمني في الاحتفاظ بالجندي سالماً خمس سنوات ثم إيصاله لمعبر رفح وتحرير أسرى المؤبدات.

وقطعت المقاومة من عام 2011م عهداً أمام الشعب الفلسطيني الذي آمن بخيار نجاحها العملي أنها بصدد إبرام صفقة وفاء الأحرار الثانية التي يجرى الحوار بينها وبين الاحتلال الذي يطالب بتحرير 4 جنود وقعوا في الأسر بعد عدوان 2014م من خلال عدة وساطات.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

عدنان البرش.. الطبيب الإنسان

عدنان البرش.. الطبيب الإنسان

غزة – المركز الفلسطيني للإعلاملم يترك الدكتور عدنان البرش (50 عامًا) مكانه ومهمته في إنقاذ جرحى حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية بغزة، حتى اعتقاله...