الأربعاء 08/مايو/2024

دلالات أولية لمعركة القدس الحالية

د. وليد عبد الحي

تكشف الجولة الجديدة من الصراع بين المقاومةالفلسطينية (الشعبية والمسلحة) وبين إسرائيل عن مجموعة من الدلالات يمكن تلخيصهافي الآتي:

1-     أناعتبار القدس عاصمة موحدة لإسرائيل أصابها بعض التشكيك، فهذه الاشتباكات داخل القدس،ووصول الصواريخ الفلسطينية إلى مدينة القدس ذاتها مترافقة مع التوجه لاحتفالات إسرائيلبذكرى استكمال احتلالها للقدس عام 1967 تجعل من اعتبار القدس عاصمة موحدة لإسرائيلأمرا حوله جدل كبير ولم يتم التعامل معه كمسلمة سياسية في إطار الصراع العربيالصهيوني، وقد تظهر أثار هذا التشكيك في مداولات مجلس الأمن وتشتت المواقف الدوليةالفاعلة حول موضوع القدس.

2-     تكريسالتحول العربي تدريجيا  من طرف في الصراعالى وسيط ، لكن قدرة هذا الوسيط  على الضغطعلى المقاومة اكثر من قدرته في الضغط على إسرائيل للوصول الى تسوية ، فالأطرافالعربية النشطة في محاولات التوسط ( خوفا من اتساع دائرة الصراع أو بطلب أمريكي منوراء الستار) أو  في سلسلة النشاطاتالدبلوماسية لهذه الأطراف يشير الى أن هذا الوسيط لديه إمكانيات للضغط على الطرف الفلسطيني( من النواحي المادية والجيوسياسيةواللوجستية) أكثر كثيرا من القدرة على الضغط على إسرائيل، وهو ما يعني أن نتائجالتوسط إما أنها ستصل للفشل أو أنها ستصل لنقطة لغير صالح الطرف الفلسطيني.

3-     أحيتالمواجهة فكرة أن جوهر الصراع في المنطقة هو الموضوع الفلسطيني، وان حل هذا الصراعهو امر جوهري، وهو ما يعني أن محاولة تهميش الموضوع الفلسطيني امر ليس بالبساطةالتي حاولت جهات مختلفة الترويج لها.

4-     وضعتالاشتباكات المدنية والعسكرية دول التطبيع موضع الحرج أمام شعوبها والشعوب العربيةبشكل عام، وهو ما اتضح في بياناتها الخجولة جدا، ومحاولاتها المساواة بين طرفي الصراع،وهو الأمر الواضح بشكل جلي في بيان دولة الإمارات العربية المتحدة، بينما تنتظرالبحرين الموقف السعودي لتنسج على منواله.

5-     تكشفالمواجهة أن دول التطبيع العربية (القديمة والجديدة) تعتبر التشبث بالعلاقة مع إسرائيلوالاعتراف بها له أولوية تعلو على موضوع الأقصى والمقدسات أو الحقوق الفلسطينية، وأنهامتشبثة بالعلاقة مع إسرائيل حتى لو مس ذلك عمق منظومة القيم الدينية والقومية العربية.

6-     إحياء البعدالديني للصراع هو امر لا تريده الأنظمة العربية خوفا من تداعيات هذا الإحياء على أوضاعهاالداخلية بخاصة بعد جولات الصراع مع الحركات الدينية التي تعتقد بانها صاحبة الأولويةفي تسنم النظام السياسي العربي، لذا ليست مصادفة أن التطبيع من ناحية وخنق الحركاتالدينية من ناحية ثانية سارا جنبا الى جنب خلال العشرية الماضية، لكن المفارقة هيانه في الوقت الذي تطبق الدول العربية على الوجدان الديني لمجتمعاتها لخنقه، ترخي إسرائيلالحبل على الغارب للوجدان الديني اليهودي وتعززه.

7-     تدل المواجهة أنقدرة المقاومة من الناحية العسكرية تحسنت بقدر واضح، لكن ذلك لا ينفي أن ثمنالمواجهة لن يكون هينا، لكن متابعة العلام الصهيوني يدل بشكل واضح على نوع من”الإنهاك النفسي” للمجتمع الإسرائيلي الذي يشعر بانه يعرف اشتباكا يومياهنا وهناك منذ أكثر من 54 سنة، بخاصة مع تزايد تراجع تأييد الرأي العام الدولي لإسرائيلحتى في بعض الدول المؤيدة تقليديا لها. وتدل تقارير وزارة الصحة الإسرائيلية أن أعلىمعدل انتحار في إسرائيل هو في مستوطنات غلاف غزة، ولا أظن أن ذلك جاء مصادفة بل هو–كما يؤكد علماء النفس الإسرائيليون- نتيجة الإنهاك النفسي والقلق النفسي الشديدوالمتواصل، ولعل معارك غزة ووصول الصواريخ للقدس وتل أبيب يعمم هذا الإنهاك منمستوطنات الغلاف الى لب الكيان الإسرائيلي نفسه.

8-     دلت معركة القدسعن العجز المطلق لسلطة التنسيق الأمني الفلسطينية، وثبت أن القرار الاستراتيجي فيالتوجهات الفلسطينية هو بيد غزة وليس رام الله، ولعل ذلك يجعلني أتوقع أن تطرحسلطة التنسيق الأمني

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات