عاجل

الإثنين 13/مايو/2024

الشهيد نصر جرار ونجله.. مقاومة تمتد من جيل إلى جيل

الشهيد نصر جرار ونجله.. مقاومة تمتد من جيل إلى جيل

تمضي الأيام على شعبنا الفلسطيني المقاوم في الضفة الغربية، تحمل في طياتها كل جديد، ورغم التضييق والملاحقة التي تعرضت لها المقاومة في السنوات الأخيرة؛ إلا أن حركة حماس أثبتت أن بذرة العمل المقاوم ما زالت في باطن الضفة لم تندثر.

عبر سنوات وأجيال تتوالى، أكدت حركة حماس على أن المقاومة لا تفنى، لكنها تنتقل من جيل إلى جيل.

الشهيد القسامي القائد نصر جرار الذي ارتقى شهيدا قبل أكثر من 18 عاما، لم يكن ليرحل دون أن يزرع البذرة، ويسلّم الراية لمن بعده، فحملها نجله البطل أحمد نصر جرار، فلم تسقط الراية حتى لو ارتقت الأجساد.

القائد نصر جرار

ولد الشيخ نصر جرار في الأول من يناير عام 1958، وينحدر من منطقة وادي برقين إحدى ضواحي جنين، تربى في عائلة مثقفة متعلمة ملتزمة، كان قلبه متّقدا بحب وطنه، حيث ألقى في عام 1977 قنبلة مولوتوف على محطة باصات “إيجد” الإسرائيلية في منطقة جنين.

بدأت رحلة الشيخ المجاهد القسامي نصر مع السجن مبكرا عام 1978، لتحوي لائحة اتهامه في محكمة الاحتلال إقامة خلية مسلحة مجاهدة، إسلامية الدوافع والتطلعات قبل انطلاق العمل المسلح عام 1987م.

واعتقلت  قوات الاحتلال القائد جرار عام 78 بتهمة إلقاء قنبلة مولوتوف على شركة باصات الاحتلال، ومحاولة تنظيم خلية إسلامية مسلحة، وتنظيم مظاهرات ضد الاحتلال، وحكمت عليه المحكمة العسكرية بالسجن عشر سنوات.

في عام 1988 خرج الشيخ نصر جرار من سجنه يبلغ من العمر ثلاثين عاما ممتلئا حماسا متقدا للعمل الدعوي، لينضم للجنة أموال الزكاة، ويكون من المشرفين على الأيتام والفقراء.

وفي عام 1994 كانت رحلته الطويلة الثانية مع السجن حيث اعتقل في معتقل مجدّو لأربع سنوات ونصف في الاعتقال الإداري بعد اتهامه بالوقوف خلف عملية الخضيرة التي نفّذها الاستشهادي رائد زكارنة، إلا أن صلابته في أقبية التحقيق لم تثبت عليه شيئا.

جهادٌ وشهادة

حاولت قوات الاحتلال في 1/1/2001 اغتيال القائد القسامي، بعد أن طوّقت منطقة سكناه في وادي برقين بحثا عنه، إلا أنه استطاع الانسحاب من بين براثنهم بعد أن شعر بتحركاتهم.

وفي 21/2 من عام 2001 انفجرت به عبوة ناسفة في منطقة قريبة من بلدة قباطية على الشارع الالتفافي أثناء مهمة جهادية، مما أدى إلى بتر يده اليمنى وساقه اليسرى من الفخذ.

وفي يوم الأربعاء الموافق 14/8/2002 طوّقت قوات الاحتلال منزلًا كان فيه الشهيد نصر جرار، وأطلقت قذائفها باتجاهه، وارتقى على إثرها شهيدا بعد اشتباكات عنيفة جرت في محيط المنزل بين أفراد من كتائب القسام وقوات الاحتلال التي هدمت المنزل وفيه الشهيد القائد.

نجله يواصل

بعد 15 عاما من ارتقاء الشهيد نصر، لمع نجم نجله المجاهد أحمد نصر جرار، والذي ارتقى شهيدا بعد مطاردة استمرت ما يزيد عن الشهر بعد تنفيذه عملية اغتيال المستوطن والحاخام الإسرائيلي “أزرائيل شيفح” قرب نابلس شمال الضفة الغربية.

شهر من المطاردة كان فيها أحمد نصر هو البطل المغوار، حامل راية أبيه ومصحفه، سالت الدماء إلى عمق الأرض، فالتقت بدماء أبيه لتشع نورا على نور، وتكمل قصة كتبها نصر جرار، وللقصة بقية.

سليل الأبطال

ولد أحمد نصر جرار عام 1994، وينحدر من واد برقين غرب مدينة جنين شمال الضفة الغربية، وتلقى فيها تعليمه، وحصل على شهادة جامعية في إدارة المستشفيات. 

عاش المجاهد أحمد جرار يتيما منشغلا بالتجارة، بعيدا عن المظاهر الاستعراضية، متخفيا عن الأنظار وأضواء الكاميرات.

ولم يعرف عنه أي نشاط أو اهتمام خارج عمله التجاري قبل العملية التي نفذها، والتي أدت في التاسع من يناير/كانون الثاني 2018 إلى قتل المستوطن “أزرائيل شيفح” قرب البؤرة الاستيطانية “حفات جلعاد”.

وبعد تنفيذ هذه العملية عاد جرار إلى مزاولة أعماله التجارية كالمعتاد وبكل هدوء، إلى أن حاصرت وحدات من القوات الإسرائيلية منزله واقتحمته في 18 يناير/كانون الثاني 2018. 

قالت والدته في حينه إنها لم تكن تعلم أن ابنها مطارد أو مستهدف، ولم تشعر حتى بوجود أي نشاط سياسي أو عسكري له قبل محاصرة واقتحام منزلها، أما هو فقد تمكن من مغادرة المنزل قبل وقت يسير من وصول قوات الاحتلال، واختفى أسابيع، كثفت فيها قوات الاحتلال مطاردته والبحث عنه دون جدوى.

شهادة مشرفة

وخلال أكثر من ثلاثة أسابيع اجتاحت قوات الاحتلال عدة قرى، واقتحمت أكثر من مرة وفي يوم واحد قرية وادي بورقين، مسقط رأس أحمد جرار، واعتقلت أقاربه وشبانا آخرين على أمل الحصول على أي معلومة تؤدي إلى الوصول إليه. 

وفي السادس من فبراير/شباط تمكنت قوات إسرائيلية من اغتيال الشهيد جرار خلال مواجهة معه في قرية اليامون بقضاء جنين بعد مطاردة استمرت نحو شهر.

وفي أول تعليق على إعلان جهاز الأمن العام “الشاباك”، قال وزير أمن الاحتلال الإسرائيلي حينها “أفيغدور ليبرمان”: “لقد أغلقنا الحساب مع أحمد جرار، وسرعان ما سنصل إلى قاتل بن غال”.

فلسطينيًّا، تحول جرار إلى “بطل” ونموذج للشاب المقاوم، وأطلق المواطنون عليه لقب “شبح جنين” وغيرها من الأوصاف والألقاب التي تعبر عن الاعتزاز والإكبار لابن جنين الذي أعاد سيرة والده مقاومة واستشهادا.

رحل الشيخ نصر جرار؛ لكنه ورث الجهاد لنجله أحمد من بعده، ليلحق به بعد 15 عاما بعد أن نفذ عملية جهادية، ولكن تبقى للقصة بقية، فقصص الأبطال كل يوم تتجدد ولا تنفد، وفي جعبة حماس من أبطال المقاومة بالضفة المحتلة الكثير الكثير.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات