عاجل

الأحد 26/مايو/2024

قرار الجنائية الدولية .. ما الخطوة التالية؟

قرار الجنائية الدولية .. ما الخطوة التالية؟

من السلطة الفلسطينية إلى الفصائل وعلى رأسها حماس، والمنظمات الحقوقية، توالت مواقف الترحيب بقرار المحكمة الجنائية الدولية، الذي أقر بولايتها القضائية على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، ليبقى السؤال الأهم ما الخطوة التالية؟ وهل يمكن محاسبة مجرمي الحرب الصهاينة؟.

وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني رياض المالكي، أعلن أن الجهات المختصة بدأت على الفور التنسيق مع الجنائية الدولية لتسريع فتح تحقيق رسمي في فلسطين، مبينا أن القرار يتيح محاسبة مجرمي الحرب في “إسرائيل” أمام المحكمة الجنائية.

التنسيق والدعم

ويؤكد شعوان جبارين، المدير العام لمؤسسة الحق لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أن “كل ما هو مطلوب تنظيم العمل وتقديم معلومات ووثائق دقيقة لمكتب الادعاء العام للوصول إلى التحقيق في كثير من الجرائم التي ارتكبها الاحتلال”، مبيناً أنّ الخطوة التالية لهذا قرار المحكمة هو المباشرة في التحقيق.

وأعلنت الدائرة التمهيدية الأولى للمحكمة الجنائية الدولية -في بيان لها الجمعة (5-2)- أنها “قررت -بالأغلبية- أن اختصاص المحكمة القضائي الإقليمي في ما يتعلق بالوضع في فلسطين، الدولة المنضوية في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، يمتد إلى الأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967”.

وأشار شعوان، إلى ضرورة أن يبدأ فريق التحقيق العمل وفق معاييره الخاصة وأساليبه ومنهجيته وطرقه باستقاء معلوماته للتحقق من جرائم معينة وربطها بأشخاص، ولاحقاً عندما ينتهي التحقيق يجب أن يكون هناك قرار توقيف بحق أشخاص.

وقال: “باعتقادي أن الاحتلال لن يسمح لفريق التحقيق للوصول للأرض المحتلة بأي شكل من الأشكال”، مشيرًا إلى أنّ الفريق ليس بحاجة لزيارة للميدان والواقع، فسياسة الاستيطان سياسة رسمية وواضحة، وفيها تقارير ووثائق، وكل شيء ممكن لأي فريق أن يطلبه حول الموضوع متوفر.

وأوضح الحقوقي الفلسطيني، أنّ هناك قضايا أخرى عديدة وثقت بما يكفي من معلومات ومعطيات عن موضوع القتل العمد، والتهجير القسري، وفيها ما يكفي من معلومات ومعطيات.

وأضاف: “بإمكان فريق المحكمة أن يشكك في المعلومات ليحصل على ما يكفي لإقناع أي فريق تحقيق، وبرأيي الحديث أن التحقيق غير مجدٍ إذا ما دخل الفريق للأرض المحتلة، هذا كلام غير واقعي، لأن التحقيق سيكون على أسس مهنية بنسبة مائة بالمائة”.

وكانت فاتي بنسودة، المدعية العامة في المحكمة -التي أنشئت عام 2002 ومقرّها لاهاي-  أطلقت في يناير/كانون الثاني 2015 تحقيقا أوليا حول اتهامات بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في “إسرائيل” والأراضي الفلسطينية، في أعقاب الحرب على غزة عام 2014.

وفي 20 ديسمبر 2019، وبعد خمس سنوات من الفحص الأولي، أعلنت بنسودة أن هناك أساساً معقولاً للشروع في التحقيق في جرائم وردت في نظام روما الأساسي ارتكبت في فلسطين، وقد أرجئ التحقيق حينها بانتظار صدور حكم قضائي من الدائرة التمهيدية الأولى لـلمحكمة الجنائية الدولية بشأن نطاق الولاية الإقليمية للمحكمة في فلسطين، الذي تأخر صدوره حتى الجمعة.

المطلوب فلسطينيًّا
وعن المطلوب فلسطينياً، أكّد شعوان أنّه يتوجب على كل من يمتلك معلومة أن يكون هناك تكامل للتنسيق والتعاون “وكان لدينا تجربة سابقة”.

وتابع: “برأيي أنّ استمرار التجربة السابقة يفيد؛ لأننا الآن نعيش في مرحلة دقيقة، والتحقيق ليس مرحلة الفحص الأولي، وهو يتطلب معلومة من نوع معينة للوقوف على حصول جرائم”.

وبيّن مدير مؤسسة الحق، أنّ هناك ما يكفي للقناعة بحصول جرائم حرب، وأضاف: “عندما يكون هناك تضارب للمعلومات وعدم دقة، هذا لن يخدم القضية، بالتالي التنسيق مسألة مهمة، وتدقيق المعلومات والابتعاد عن الخطابات والإنشاء والاعتماد على نقطة واحدة وحيدة، وثائق داعمة رسمية وليس مقالات، وتوثيق دقيق، باعتقادي أننا نمتلك مثل هذه المسائل، وإن لم يكن فإنّ تكاملنا يحقق ما هو مطلوب”.

وسبق أن قدمت مؤسسة الحق مع منظمات حقوقية أخرى، للمحكمة الجنائية العديد من الملفات المتعلقة بجرائم الاحتلال في غزة (القتل والقصف العشوائي والحصار) وكذلك الجرائم المتعلقة بالاستيطان في الضفة الغربية.

تقديم الأدلة اللازمة
الحقوقي الفلسطيني صلاح عبد العاطي، طالب السلطة الفلسطينية بتقديم الملفات الثلاثة الكاملة للمحكمة الدولية، وقال لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أنّه يفترض أن تقدم السلطة ثلاث ملفات متوفر فيها وثائق وأدلة، فقدمت ملف الاستيطان، والمطلوب منها الآن تقديم ملفي الأسرى والمعتقلين، والحصار والعدوان على قطاع غزة عام 2014.

وعدّ الحقوقي الفلسطيني، قرار المحكمة خطوة متقدمة وانتصارا لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان،، وأيضاً انتصار للعدالة الدولية وهو تأكيد على أنّ كل الجرائم التي حدثت داخل القدس والضفة الغربية وقطاع غزة تدخل في ولاية المحكمة؛ لأنها أراضي محتلة، وأضاف: “بالتالي كل الجرائم المقترفة من إسرائيل والولايات ونقل السفارة وارتكاب والاستيطان والانتهاكات بحق المدنيين والأعيان المدنية هي جرائم حرب تخضع إلى التحقيق الأولي”.

وأوضح عبد العاطي، أنّ الخطوة التالية، أن يفتح مكتب الادعاء العام تحقيقا جادا بكل الانتهاكات الجسمية التي اقترفتها سلطات الاحتلال، والبدء الجاد بالتحقيق، حتى يكون هناك إمكانية لتقديم قادة الاحتلال للقضاء الدولي.

واتفق عبد العاطي مع سابقه شعوان، أن الاحتلال سيمنع وفد المحققين من القدوم للأراضي الفلسطينية، موضحاً أنّ هذا يلقي بعبء على المنظمات الحقوقية والسلطة لنقل الأدلة وإفادات الضحايا إلى المحكمة للاستماع إليهم، وإيجاد كل السبل لتوفير الأدلة اللازمة، وفي هذا المجال يمكن إيجاد السبل المختلفة خاصة أن المنظمات الحقوقية والسلطة قدمت ما يفيد بارتكاب “إسرائيل” جرائم ترقى إلى مستوى جرائم حرب.

وبين، أنّه مطلوب العمل إلى جوار مكتب الإدعاء العام لتسهيل مهمته للالتقاء بالضحايا وتقديم الأدلة والوثائق اللازمة إلى المحكمة والتعاون الخلاق، مطالباً السلطة الفلسطينية والمنظمات الحقوقية بالتعاون الجاد حتى يدخل ضمن الجرائم التي ستحقق فيها المحكمة، ومن ناحية أخرى العمل إلى جوار الدول الأعضاء في ميثاق روما من أجل التصدي لأي عقبات قد تفرضها دولة الاحتلال وحلفائها أمام عمل المحكمة.

المصداقية الغائبة
ويؤكد الدكتور رامي عبده، رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن قرار الدائرة التمهيدية الأولى في المحكمة الجنائية الدولية يمثل انتصارا للضحايا وللحق والعدالة والحرية وللقيم الأخلاقية في العالم، وهو ثمرة لنضال فلسطيني استمر لعقود من أجل الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير.

وشدد على أن القرار من شأنه أن يفتح الباب لضحايا جرائم الحرب “الإسرائيلية” من الفلسطينيين من أجيال مختلفة، في طلب العدالة بعد أكثر من 70 عاما من الحصانة التي تم منحها لدولة الاحتلال، بما في ذلك محاكمة المجرمين أمام القضاء الدولي.

وأكد أن ترجمة القرار الصادر اليوم، وبدء التحقيق الفعلي في جرائم الحرب فيالأراضي الفلسطينية المحتلة، هو السبيل الوحيد لإضفاء المحكمة نوعاً منالمصداقية الغائبة منذ سنوات، شريطة أن تتمتع المحكمة بالاستقلاليةوالنزاهة، وأن تتجاهل جميع الضغوط التي قد تؤثر في مستقبل هذه القضية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات