الجمعة 10/مايو/2024

الخبير عصام عابدين يفكك طلاسم المجزرة القانونية في أروقة القضاء

الخبير عصام عابدين يفكك طلاسم المجزرة القانونية في أروقة القضاء

منذ أيام تشهد أروقة القضاء في الضفة الغربية المحتلة احتجاجات للمحامين والقضاة في سياق تدخلات خطيرة للسلطة التنفيذية عبر جملة من تعيينات غير قانونية ومخالفة للدستور والقانون الفلسطيني.

ويتضح من هذه القرارات التي اتخذتها السلطة التنفيذية بمراسيم من رئيسها محمود عباس أن هذه السلطة تسعى لجعل المجلس التشريعي القادم بين فكي السلطة التنفيذية والسلطة القضائية المعينة أصلاً من السلطة التنفيذية وفق مصالح معينة بعيداً عن النزاهة والاستقلالية.

وكانت المحكمة الدستورية في رام الله أصدرت قراراً بحل المجلس التشريعي الفلسطيني المنتخب في 12 ديسمبر لعام 2018، في سابقة ومخالفة قانونية واضحة.

مجزرة قضائية
وقال الخبير في الشؤون القانونية والقضائية عصام عابدين لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: إن المشكلة الأساسية لا تكمن في قانون السلطة القضائية الأكثر تطوراً واحتراماً لاستقلال القضاة والقضاء، وإنما في عدم احترام قانون السلطة القضائية من السلطة التنفيذية وعدم تعيينه أي مجلس قضائي أو رئيس مجلس قضائي ورئيس محكمة عليا حسب قانون السلطة القضائية الذي أقره المجلس التشريعي الفلسطيني المنتخب”.

 وحذّر الحقوقي عابدين من أن “تدخلات السلطة التنفيذية من خلال تعديلاتها المستمرة بالقرارات بقوانين غير الدستورية على قانون السلطة القضائية، حطمت سيادة القانون واستقلال القضاء والفصل بين السلطات وأدت للتدهور المستمر الحاصل في الحقوق والحريات وكرامة الناس”.

وتساءل الحقوقي الفلسطيني، عن “المغزى من إقرار القرارات بقوانين الماسة “بالسلطة القضائية” والهيمنة الكاملة على القضاء (العادي والإداري والدستوري)، واغتصاب صلاحيات المجلس التشريعي قبيل الانتخابات العامة؟ وكيف يتم إجراء تعديلات تؤثر على نزاهة مسار العملية الانتخابية وإرادة الناس من خلال القضاء كأداة ثم تقول ليُترك الأمر للمجلس التشريعي القادم؟!”.

معركة مستمرة
وأوضح المختص في الشأن القضائي، أن ما يجرى معركة حقيقية يخوضها المحامون والناس.

 وأضاف: “سبق وأن جرى التراجع عن قرارات بقانون لاقت احتجاجاً من الناس، ونحن أمام الاحتجاج الأوسع مجتمعياً”.

 وتساءل: “لماذا لا يتم إلغاؤها واحترام قانون السلطة القضائية 2002 المتصل بالقانون الأساسي الفلسطيني (الدستور)، ولا يمكن التغول عليه بتشريعات استثنائية (قرارات بقوانين)؟”.

فساد بقرار
وبعث المحامي عابدين برسالته لرئيس وزراء السلطة محمد اشتية يسأله: “كيف تفسر إحالة الدفعة الخامسة من القضاة، ستة قضاة بينهم أربع قاضيات، بالتزامن مع التعديلات على التقاعد أي عزلهم وحرمانهم من ضماناتهم وحق الدفاع خلافاً للدستور وقانون السلطة القضائية؟!”.

ومضى متسائلاً: “كيف تُفسر الامتيازات التقاعدية التي حصل عليها رئيس مجلس القضاء وحده (تقاعد شهري على أساس 15% عن كل سنة خدمة تصل إلى 70%) في حين يتم احتساب تقاعد جميع القضاة على أساس 2% (المادة 14 من تعديل قانون السلطة القضائية)؟”.

وأضاف: “ألا يعتبر قيام رئيس المجلس القضائي والمستشار القانوني للرئيس بتلك التعديلات تضارب مصالح وجريمة فساد بموجب قانون مكافحة الفساد؟ وفي مقابل ذلك، ألا تُعد الإطاحة بأي قاضٍ لا يرضى عنه مستشار الرئيس جريمة فساد؟ وما تأثير كل ذلك على استقلال القضاء؟ وعلاقته بالإصلاح القضائي؟”.

وأردف: “كيف تُفسر استثناء رئيس مجلس القضاء نفسه فقط من سن التقاعد في قانون السلطة القضائية (70 سنة) كونه عمره (85) سنة ليصبح مجدداً رئيساً لمجلس القضاء (المادة 14 من التعديل على قانون السلطة القضائية)؟ ألا تعتبر الاستثناءات التي أجراها رئيس المجلس القضائي مع المستشار القانوني للرئيس لمصالح شخصية جرائم فساد؟ وما علاقة ذلك بالإصلاح القضائي؟”.

وبين أن هذه هي المرة الثالثة التي يشغل فيها الشخص ذاته منصب رئيس المجلس الأولى (2005 -2009) والثانية (تموز 2019 ولغاية مطلع 2021)، وهذه الثالثة تستمر حتى بلوغه 90 عاماً.

وتساءل عابدين: “لماذا هذا الإصرار على تحطيم المجلس القضائي كمؤسسة لصالح شخص رئيس المجلس التابع للسلطة التنفيذية وهيمنته على المجلس والقضاة والقضاء والإصرار على مخالفة القانون الأساسي (الدستور) وقانون السلطة القضائية وتفصيله لصالح شخص بعينه وإحالة القضاء لأداة لانتهاك حقوق الناس وبذلك يفقد القضاء شرعيته الدستورية؟”.

وتساءل أيضاً: “ما علاقة عرض أسماء عدد من القضاة على السلطة التنفيذية كي تختار واحداً منهم رئيساً لمجلس القضاء والمحكمة العليا بالإصلاح القضائي أي انفرادها بتعيين رأس الهرم في القضاء وبطريقة مشينة؟ وما علاقة قبولها استقالتهم بشرعنة “الاستقالات المسبقة” لرؤساء المجالس القضائية وفضائحها المتكررة؟”.

وأوضح الحقوقي عابدين، أنّ السلطة التنفيذية تسعى إلى تحصين قراراتها المخالفة للدستور والقانون حتى مع وجود مجلس تشريعي منتخب يعارض تلك القرارات، بالالتفاف على الإرادة الشعبية التي يمثلها المجلس المنتخب من خلال الأحكام والقرارات القضائية، فيتحول التشريعي إلى نكتة سَمِجة بوجود قضاء على المقاس كما تفعل الأنظمة المستبدة التي تنتهك الدستور وإرادة الناس.

وختم بقوله: “القرارات بقانون التي حطمت القضاء يجب أن تُلغى. السلطة التشريعية القادمة باتت في قبضة السلطتين التنفيذية والقضائية”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات