الإثنين 06/مايو/2024

دماغك ليس للتفكير فقط.. هذا دوره لتقليل مخاوفك في الأزمات

دماغك ليس للتفكير فقط.. هذا دوره لتقليل مخاوفك في الأزمات

تكشف النتائج الحديثة في علم الأعصاب أن الأفكار والمشاعر الواعية التي يولدها الدماغ تخدم احتياجات إدارة الجسم أكثر مما ندرك. وفي إطار الأوقات العصيبة التي نمرّ بها حاليًّا، قد يساعد هذا المنظور العجيب لحياتك العقلية على تقليل مخاوفك.

في تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” NYTimes الأميركية، قالت الكاتبة ليزا فيلدمان باريت: إن أهم وظيفة للدماغ لا تُختزل في التفكير فحسب، وإنما تبين أنه يدير أيضا مختلف أنظمة جسمك لإبقائك على قيد الحياة وبصحة جيدة.

وأوضحت الكاتبة أن الكثير من نشاط عقلك يحدث خارج نطاق وعيك. وفي كل لحظة يتعيّن على دماغك معرفة احتياجات جسمك لإدارتها مسبقًا. فعلى سبيل المثال، عندما تستيقظ كل صباح، يحتسب دماغك الطاقة التي ستحتاجها للنهوض من السرير وبدء يومك. لذلك، يغمر مجرى الدم استباقيًّا بهرمون الكورتيزول، ما يساعد على إفراز الغلوكوز لإمدادك بطاقة سريعة.

وذكرت الكاتبة أن الدماغ يدير الجسم باستخدام إستراتيجية تشبه الموازنة، حيث يتابع مستويات موارد مثل نسبة الماء والملح والغلوكوز في كل مرة تكتسبها أو تخسرها. وكل عمل يستنزف هذه الموارد (على غرار الوقوف والجري والدراسة) يشبه إجراء سحب من رصيدك الطاقي، في حين تشبه النشاطات التي تغذي احتياجات جسمك الودائعَ (على غرار الأكل والنوم).

عقلك في وضع الاستعداد
تُسمى هذه العملية بالتوازن الداخلي، وتعني التنبؤ والاستعداد تلقائيًّا لتلبية احتياجات الجسم قبل أن تطرأ. خذ بعين الاعتبار مثلا ما يحدث لجسمك عندما تشعر بالعطش وتشرب كوبا من الماء. يستغرق الماء حوالي 20 دقيقة ليصل إلى مجرى الدم، لكنك تشعر بالارتواء في غضون ثوانٍ فقط. ما الذي يروي ظمأك بهذه السرعة؟ إنه دماغك. بعبارة أخرى، يعد الماء وديعة من ودائع توازنك الداخلي وهو يساهم في ترطيب جسمك، لذلك يعمل عقلك على إرواء ظمئك قبل أن يصل الماء حتى إلى دمك.

قد يبدو مفهوم حساب التوازن الداخلي لتوضيح كيفية عمل الدماغ منطقيا عندما يتعلق الأمر بوظائفك الجسدية، وقد يبدو من غير الطبيعي أن تنظر إلى حياتك العقلية على أنها سلسلة من عمليات الإيداع والسحب، لكن تجربتك الخاصة نادرا ما تكون دليلا على آليات عمل دماغك من الداخل.

كل فكرة تخطر على بالك، وكل شعور بالسعادة أو الغضب أو الخوف يختلجك، وكل نوع تعاطف تظهره، وكل إهانة تتحملها أو تنطق بها، تعدّ جزءًا من تقديرات دماغك، حيث يتوقع ويضبط معدلات احتياجاتك الأيضية.

وأضافت الكاتبة أن لهذا المنظور العديد من الانعكاسات على فهم تركيبة البشر؛ فعلى سبيل المثال، غالبا ما نتصور أنفسنا من منظور عقلي منفصل عن الجسم، ولكن من منظور الموازنة الداخلية للجسم، فإن هذا الفصل بين العقل والجسد لا يُجدي. إن القلق لا يسبب آلاما في المعدة، وإنما مشاعر القلق وآلام المعدة تعدّ من الطرق التي يعبّر من خلالها الدماغ عن الإرهاق الجسدي.

لا يوجد شيء اسمه مشكلة عقلية بحتة؛ لأن كل تجربة عقلية مرتبطة بالتوازن الداخلي الجسدي. وهذا هو أحد الأسباب التي تجعل القيام ببعض الإجراءات الجسدية، مثل أخذ نفس عميق، أو أخذ قسط كاف من النوم، مفيدًا بشكل مدهش في معالجة المشاكل التي نعدها غالبا نفسية.

كافئ عقلك
عموما، نحن جميعا نمرّ بأوقات عصيبة، وكلنا معرضون لخطر كبير يتمثّل في تعطل التوازن الداخلي للجسم. لذلك، في حال أنهكك الوباء وأصبت بنقص الحوافز، فكر في وضعك من منظور موازنة الجسم.

قد يصبح العبء الذي تحمله أخف إذا أدركت أن الانزعاج الذي تشعر به مجرّد رد فعل طبيعي لجسمك، وعندما تخطر ببالك فكرة مزعجة، كأن تقول لنفسك مثلا “لا يمكنني تحمل هذا الجنون بعد الآن”، اطرح على نفسك بعض الأسئلة المتعلقة بالتوازن الداخلي للجسم، على غرار “هل نمت جيّدا الليلة الماضية؟ هل شربت ما يكفي من الماء؟ هل ينبغي عليّ الخروج في نزهة أو الاتصال بأحد أصدقائي؟”.

من الممكن الاعتراف بما يفعله دماغك بالفعل والحصول على بعض المواساة منه. فلم يُخلق دماغك للتفكير فقط، بل إن كل ما تستحضره من أفكار ومشاعر وأحلام يخدم التوازن الداخلي للجسم. وبالتالي، يعد هذا المنظور مصدرا للصمود في الأوقات العصيبة.

المصدر: نيويورك تايمز

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات