الإثنين 06/مايو/2024

الإسرائيليون ممزقون بين التطبيع الخارجي والاحتراب الداخلي

 د. عدنان أبو عامر

في الوقت الذي يواصل فيه الإسرائيليون جهودهم الحثيثة للتطبيع مع العرب التي تبذلها حكومة نتنياهو، فإنهم يعيشون حربًا داخلية تحتدم بين التيارات المختلفة في المجتمع الإسرائيلي، لأن المناخ السياسي الذي رافق الإسرائيليين لأكثر من عامين قد يشوه قدرتهم على فهم ما هو جيد وما هو سيئ، في ظل تلاعب كل معسكر بالمعسكر الآخر، والنتيجة أن مواقف الإسرائيليين بين بعضهم بعضًا باتت متشددة ومتطرفة، وتضعف قدرتهم الأساسية على التمييز بين الحسن والسيئ.

يعد لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، سرًّا أو علنًا، حدثًا دراميًّا للإسرائيليين، لكن الأجندات المضطربة للإسرائيليين قد تربك مثل هذه التطورات، وتمنع توطيد علاقاتهم مع الدول العربية المطبعة، وهي جزء من عملية مستمرة منذ سنوات، وقد تضر بالمصالح الإسرائيلية.

كما أن زيارة نتنياهو للسعودية التي جاءت ضرورية في إطار إتمام عملية التقارب بينهما، ظهر حولها نقاش عن مدى الإضرار بالمصالح الإسرائيلية بمجرد تسريب نبأ الزيارة، صحيح أن السعوديين قد فوجئوا بالتسريب، فتأخر ردهم، وفي النهاية نفوا ذلك بطريقة ملتوية، لأن التعاون مع “إسرائيل” مهم بالنسبة لهم في هذا الوقت، وهو مفيد لإسرائيل أيضًا.

لكن المستفيد من تسريب خبر الزيارة هو على الأرجح نتنياهو، لأنها عملت على تحويل موضوع النقاش من لجنة تحقيق شراء الغواصات، نحو السلام الإقليمي مع العرب، ولذلك فهم يرحبون بالاتصالات مع السعودية، ولكن في الوقت ذاته من المهم معرفة كيفية إجراء الاتصالات، وعندما يعتمد السعوديون على شخص واحد فقط، وهو رئيس الحكومة، في حين وزيرا الحرب والخارجية معزولان دائمًا، فهذا سيئ لإسرائيل.

في الوقت ذاته، فإنه عندما يؤدي المسار السياسي الذي يقوده نتنياهو مع الدول العربية إلى تحييد مستمر لرئيسَي أركان سابقين، بيني غانتس وغابي أشكنازي، ممن صوّت لهما نصف الإسرائيليين، فهذا لا يشير إلى نظام حكم سليم، أو إدارة مثلى للشعب الإسرائيلي، أو القوة الداخلية للدولة، حتى اتفاقيات السلام أو التطبيع لا تُقاس بنهاية المطاف في الورقة الموقعة والتصوير الفوتوغرافي، ولكن في تنفيذها.

التقدير الإسرائيلي يرى أنه كلما زاد عدد المشاركين بعملية التطبيع، زادت احتمالية أن تؤتي الاتفاقيات ثمارها مع مرور الوقت، حيث تعمل الإدارة الجديدة بواشنطن على تغيير الواقع الذي يخيف الإسرائيليين، ويخيف السعودية أيضًا.

كل ذلك يؤكد أن التهديد الدائم بالانتخابات المبكرة، يعني أن الوضع الإسرائيلي بات معقدًا للغاية، لأنه من الغريب بذل جهود سلام كثيرة مع دول عربية، في ظل احتدام الحرب الداخلية بين اليهود، صحيح أن ذلك السلام يقويهم باليد اليمنى، لكن الحرب الداخلية باليد اليسرى تسحقهم وتضعفهم.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات