الأربعاء 08/مايو/2024

الشيخ حسن يوسف.. القائد الوحدوي في الاعتقال مجددًا

على وقع اللقاءات المكثفة لترميم البيت الفلسطيني الداخلي، جاء إقدام الاحتلال الصهيوني على إعادة اعتقال القيادي في حماس، الشيخ حسن يوسف، رجل الوحدة والمقاومة في الضفة الغربية.

ولم يكن الاعتقال الجديد مفاجئًا، فالبرلماني القائد حسن يوسف (64 عاما) لا يكاد ينال الحرية حتى يعاد اعتقاله، فالاحتلال لا يحتمل بقاء مسعّر الوحدة والمقاومة حرًّا بين الناس.

وعلى مدار أقل من 3 أشهر بعد اعتقاله الأخير، استثمر القيادي الصلب في الضفة الغربية، الذي أمضى أكثر من ثلث عمره في سجون الاحتلال، كل وقته وجهده للمناداة بالوحدة وتفعيل المقاومة الشعبية في الضفة الغربية المحتلة.

إلى الاعتقال مجددا
واعتقلت قوات الاحتلال الصهيوني، فجر الجمعة (2 أكتوبر)، القيادي يوسف خلال اقتحام منزله ببلدة بيتونيا قرب مدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة.

وأفادت مصادر محلية أن قوات الاحتلال داهمت بلدة بيتونيا انطلاقا من معسكر “عوفر”، واقتحمت منزل القيادي يوسف، واعتقلته.

وجاء الاعتقال الجديد، بعد استدعاء جهاز المخابرات الإسرائيلي للشيخ في 10 سبتمبر الماضي، للمقابلة في معسكر “عوفر” قرب رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة.

تقارب لا يروق للاحتلال
وعقب الإفراج عنه حينها، قال القيادي في حركة “حماس” حسن يوسف: إن المخابرات الإسرائيلية حققت معه على خلفية العمل الوطني المشترك والتقارب بين حركتي فتح وحماس.

وأكد القيادي الشيخ حسن يوسف، في تصريح صحفي، أن الاستدعاء الأمني الذي خضع له في سجن “عوفر”، جاء بهدف التحذير من استمرار المصالحة الفلسطينية والمشاركة فيها، وأن الاحتلال لن يسمح لهذه المصالحة بالنجاح.

وأضاف يوسف: “نحن نتوقع من الاحتلال هذا الموقف الرافض للمصالحة الفلسطينية؛ فهو يخشى الوحدة والتكاتف والتعاضد، ويسعى إلى الفرقة والخلاف والخصام، وهذا يجعلنا نصمم على تحقيق الوحدة والمصالحة والمضي في هذا المشوار حتى تحقيق الأهداف”.

وشدد يوسف على أن التقارب الحاصل بين فتح وحماس “لا يروق للاحتلال”.

محاولة إسكات
ولأن القائد يوسف، لا يهدأ ولا يتوقف عن المناداة بالوحدة، أعاد الاحتلال اعتقاله، ضمن محاولته إسكات أصوات التثوير والمقاومة والوحدة بين الفلسطينيين.

وأفرج عن يوسف من آخر اعتقال له في 23 يوليو الماضي بعد أن امضى 15 شهرًا في الاعتقال إداريًّا.

والشيخ حسن يوسف من أبرز قيادات “حماس” في الضفة الغربية، ومن أبرز مبعدي مرج الزهور في الجنوب اللبناني في عام 1992، وفاز في الانتخابات التشريعية الثانية رغم كونه رهن الاعتقال في سجون الاحتلال.

وتبوأ القيادي في حركة حماس الشيخ حسن يوسف (64 عاما) مكانة خاصة لدى أبناء الشعب الفلسطيني، حيث برز قائدا وطنيا ضحى بكل ما يملك في سبيل قضيته.

وأمضى ما يزيد على ثلث عمره في سجون الاحتلال، إضافة لما تميزت به شخصيته من صفات وطنية ووحدوية جامعة، وجدت القبول لدى جميع ألوان الطيف الفلسطيني.

ويعاني الشيخ يوسف من أمراض عدة منها السكري والضغط وارتفاع نسبة الكوليسترول؛ وتوقف في نوفمبر الماضي عن تناول الدواء؛ احتجاجا على استمرار اعتقاله إداريًّا.

تميز القائد يوسف، بمناداته للوحدة والإرادة القوية التي أفشلت رهانات الاحتلال على إخضاعه أو إسكات صوته رغم نحو 20 اعتقالًا بمجموع قارب 23 عامًا في الأسر.

الاعتقال المتكرر.. لماذا؟
يدرك القائد يوسف، مرامي الاحتلال من اعتقاله المتكرر، فعقب نيله حريته من الاعتقال قبل الأخير له فسّر ذلك بقوله: “يريدون كسر إرادتنا، وإبعادنا عن شعبنا، ولكن شعبنا في القلب، وإرادتنا لن تكسر”.

وبعزم شامخ يضيف: “ماضون في هذا الطريق حتى انعتاق شعبنا من الاحتلال ونيل حريته”.

رحلة عطاء وتضحية
رحلة القيادي حسن يوسف حكاية عطاء وتضحية وصبر، فلا يكاد ينال الحرية حتى يعاد اعتقال من جديد، فالاحتلال لا يحتمل حضور قائد بحجمه وتأثيره في مساحة العمل الوطني بالضفة المحتلة.

هو يُبقي ملابسه وأغراضه في السجن، مذياعه، مسبحته الطويلة، طاقيته الشتوية البنية، قشطه البالي، ساعته السوداء وغيرها، يضعها في شنطة ويحتفظ بها في مخزن قسم (12) في سجن عوفر، ويكتب عليها اسمه من الخارج”، يقول الصحفي أحمد البيتاوي، تحت عنوان “لمن لا يعرف، شهادة حق، بالشيخ حسن يوسف”.

حسن يوسف داخل الأسر
يتابع “البيتاوي” الذي لازم الشيخ يوسف بالأسر: “في يوم الإفراج عنه، يهمس في أذن الأسرى دوماً: راجع.. مش مطول”.

بمجرد الإفراج عنه يعود إلى سيرته الأولى، “لا يترك مناسبة وطنية أو اجتماعية أو دينية إلا وتجده أول الحاضرين، كما أنه يصر على رسالة الوحدة رغم البطش والتفرد والإقصاء من فريق السلطة الحاكم في الضفة المحتلة”.

فبعد ساعات من تحرره، كان يذيع رسالة الأسرى، بالتأكيد على الوحدة الوطنية، والدعوة لتحقيق المصالحة، والابتعاد عن التراشق الإعلامي، قائلا: “وحدتنا هي الأساس”، مناديا بإنهاء العقوبات الجماعية على غزة.

بطاقة تعريف
ولد الشيخ حسن يوسف دار خليل، في مدينة رام الله شمال فلسطين المحتلة في نيسان عام 1955 في قرية الجانية، وتلقى تعليمه الأساسي فيها، وأكمل تعليمه في الإعدادية والثانوية في بلدة كفر نعمة المجاورة.

كان والد الشيخ حسن يعمل إماماً ومؤذناً وخطيباً لمسجد القرية؛ ما جعل انتماءه للمساجد وللإسلام شيئا متجذراً، وواحدة من صفاته الملازمة التي لا تفارقه، فتربى على حب الإسلام والانتماء له والالتفاف حوله، ما صقل شخصيته، وانعكس ذلك على انتمائه وسلوكه.

وعندما بلغ عمره 15 عاماً كان مسؤولاً عن مسجد رام الله التحتا، وبعدها التحق بكلية الدعوة وأصول الدين بجامعة القدس، وتزوج من السيدة صباح أبو سالم، وهي من بلدة بيتونيا، وأنجب منها ستة أولاد.

نظرة مغايرة
بالرغم من الخطابات المحبطة على لسان الساسة، إلّا أن نظرة “يوسف” تبدو مغايرة عن أقرانه؛ يبين البيتاوي: “لديه قدرة كبيرة على رفع المعنويات وشحذ الهمم، رغم سوداوية الواقع وضبابية المستقبل، خطيبٌ مفوه، يصرخ حتى يبح صوته، كلماته آسرة، حُجته قوية. في الليل تراه قوّاماً يصلي أكثر من ثلث الليل، وفي النهار صوّاماً يصوم الاثنين والخميس من كل أسبوع”.

“هو خفيف الظل، يمتلك روح دعابة ونَفَسا طيبة في إعداد الطعام، يشرف عليه ويعده بنفسه كل يوم دون كلل أو تعب”، ويستذكر البيتاوي: “دعاني ذات مرة للغداء في غرفته، فأخذ يطعمني بيده، كما تفعل الأم مع طفلها الصغير”.

متى الاعتقال القادم؟
ويستذكر الصحفي علاء الريماوي، في تعليق سابق تجربته مع الشيخ حسن يوسف: “في مقابلة صحفية سألته، متى اعتقالك القادم؟ ضحك، وقال أنا ما زلت في المعتقل، تراني الآن في “الفورة” (استراحة السجن).

يتابع الريماوي: “لم أجد في حياتي رجلا في حركته، ونشاطه، واستعداده للعمل، فبرنامجه اليومي لا يخلو من عشرة أنشطة”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات