العرب بين اتفاق أوسلو وتطبيع الخليج
أطراف عربية عديدة تندد وتدين اتفاقيات التطبيع الخليجية مع الكيان الصهيوني، وبعض هذه الأطراف يشن هجوما لفظيا قاسيا على الإمارات والبحرين بسبب تجاوز القضية الفلسطينية والحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني. هناك قدح وذم وهجاء واتهامات وشتائم وسباب ضد أمراء الخليج، ليس جميعا. وأنا أشارك رأي هؤلاء الغيارى على القضية الفلسطينية، وما تقوم به إمارات الخليج يشكل طعنات قاتلة للقضية الفلسطينية ونكرانا لقدسية الأرض العربية والمقدسات الإسلامية والمسيحية. هذه إمارات غدر وخديعة وعمالة وخيانة.
لكن السؤال الذي أطرحه أمام نفسي وعلى وسائل الإعلام هو: أين كانت المواقف العربية عند توقيع اتفاق أوسلو؟ اتفاق أوسلو في حينه لم يكن يقل خطورة على القضية الفلسطينية من اتفاقيات الخليج. بل كان أكثر خطورة لأنه أتى من أصحاب الحق الذين استهتروا بحقوقهم، وأوسعوا شعبهم الفلسطيني دجلا وكذبا وتضليلا. وعلى شاكلة إمارات الخليج تغطى أهل أوسلو بما يسمى المصالح الوطنية للشعب الفلسطيني. تقول إمارات الخليج إنها بما تفعل تساهم في الضغط على الصهاينة من أجل تخفيف الضغوط على الشعب الفلسطيني وإيقاف عملية الضم التي ينوي نتن ياهو القيام بها. أما أهل أوسلو فقالوا للشعب إن اتفاقية أوسلو تقيم دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، وستزول المستوطنات، وسيعود اللاجئون، وستأتي الأموال للشعب الفلسطيني من كل حدب وصوب، وستصبح الضفة الغربية وقطاع غزة هونغ كونغ الشرق الأوسط. وطبعا إمارات الخليج لن تضغط على الصهاينة ولن يكون بمقدورهم ذلك أيضا، والوضع الفلسطيني بعد أوسلو كما تشاهدون. كل طرف يتغطى بشعارات وطنية أو قومية أو إسلامية ومن ثم تنقشع الغيوم وتظهر الحقائق.
تلخصت المواقف العربية وقت اتفاق أوسلو بالقول إنهم يرضون ما يرضاه الفلسطينيون لأنفسهم، وهذا كلام انهزامي إعلامي لا قيمة له. فقط سوريا وبعض القيادات اللبنانية شذت عن هذا الموقف ورأت في الاتفاق تهديدا للحقوق الفلسطينية. وقد فسرت المواقف العربية في حينه على أنها مواقف تنفس الصعداء إذ رأوا في الاتفاق معبرا إلى التخلص من هموم القضية الفلسطينية. وإذا كان الفلسطينيون قد اعترفوا بالكيان، فإن الباب أصبح مفتوحا أمام الجميع لقبول الكيان الصهيوني عضوا في الجامعة العربية. حتى إيران التي تعتبر القضية الفلسطينية وفق التعاليم المذهبية قضية عقائدية وليس مجرد قضية سياسية طأطأت كلماتها بشأن الاتفاق.
وبالرغم من تطابق المواقف الخليجية مع اتفاق أوسلو من ناحية القبول بالكيان والدفاع عن أمنه، لا نسمع من قادة العرب الرافضين للتطبيع ولا من وسائل الإعلام التي تدعم المقاومة كلمة ضد اتفاق أوسلو، ولا نسمع دعوات لإلغاء الاتفاق عمليا، ونقل القضية الفلسطينية إلى مرحلة جديدة تتميز بالمواجهة ضد قوات الاحتلال الصهيوني. حتى الأمناء العامون للفصائل الفلسطينية لم يتخذوا مواقف ضد التطبيع الفلسطيني مع الكيان، ولم يطالبوا حتى بإلغاء الإجراءات التي اتخذتها السلطة ضد قطاع غزة المقاوم.
فإذا كانت القضية الفلسطينية قضية عربية وإسلامية فإن قدسيتها يجب أن تبقى فوق الجهة التي تخضع للإرادة الصهيونية الأمريكية. اتفاق أوسلو مس قدسية القضية والثوابت الفلسطينية والحقوق الفلسطينية بالضبط كما تمس اتفاقيات الخليج مع الصهاينة. طبعا لا مبرر لإمارات الخليج لتنحو هذا المنحى، لكنها تستعمل الانحراف الفلسطيني مبررا لسوء صنيعها. وعليه فإن على منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية أن يسعيا إلى تصحيح المسار الفلسطيني. إنها عملية شاقة وصعبة بعد أن تورط الشعب الفلسطيني بأوحال أوسلو، لكن الأمر يستحق التضحيات. وأن نعاني بالمزيد الآن أفضل من ضياع القضية في أروقة الداعرين غدا.
وأذكر أن العرب نقموا على السادات بعد توقيع كامب ديفيد، لكن القطيع لحق به إلى الحظيرة فيما بعد وتمخض عن المبادرة العربية الاستسلامية الخيانية المخزية في بيروت عام 2002، وكانت منظمة التحرير الفلسطينية أول اللاحقين عندما زار رئيس المنظمة مبارك في الإسماعلية عام 1983. بمعنى أن الكلام والألفاظ لا قيمة لها إن لم تكن متبوعة بإجراءات عملية على الأرض.
عربي21
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
استشهاد الصحفي هائل النجار بقصف شمال غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أُعلن مساء اليوم الأربعاء، عن ارتقاء الزميل الصحفي هائل النجار وعدد من أفراد عائلته، شهداء، بقصف إسرائيلي لمنزله في...
هنية: شعبنا أسقط كل المؤامرات والمخططات الخبيثة على مدى 76 عامًا
رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس إسماعيل هنية في ذكرى النكبة76: * اليوم التالي للحرب ستقرره حماس مع باقي الفصائل. *ذكرى النكبة تحل...
انتشال عشرات الشهداء من حيّي الزيتون والصبرة بعد تراجع الاحتلال
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال المتحدث باسم الدفاع المدني بغزة محمود بصل، يوم الأربعاء، إن الطواقم تمكنت من انتشال عشرات الشهداء من مناطق عدة في...
معروف: جرائم الاحتلال في غزة يعكس فاشيته وانحطاطه
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أكد سلامة معروف، رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، اليوم الأربعاء، أن تصعيد جيش الاحتلال عدوانه باستهداف...
بذكرى النكبة.. العفو الدولية: لإسرائيل سجل مروّع بتهجير الفلسطينيين
لندن - المركز الفلسطيني للإعلام قالت منظمة العفو الدولية، الأربعاء: إن "التهجير القسري الجاري لقرابة مليوني فلسطيني، والتدمير الشامل لممتلكات...
الصين: بعد 76 عاما من النكبة.. الظلم التاريخي لشعب فلسطين ما زال يتفاقم
عواصم – المركز الفلسطيني للإعلام قالت الصين، الأربعاء، إنه رغم مرور 76 عاما على نكبة الفلسطينيين عام 1948، إلا أن "الظلم التاريخي للشعب الفلسطيني لا...
هنية وفيدان يتباحثان هاتفيًا في سُبُل وقف العدوان على غزة
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة المقاومة الإسلامية حماس، الأربعاء، إنّ رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية تلقى اتصالا هاتفيا من وزير...