الأحد 05/مايو/2024

غزة بين مطرقة كورونا وسندان الحصار

غزة بين مطرقة كورونا وسندان الحصار

شوكات الإرادة لا تتحطم في غزة فرغم بلوغ حصارها عامه الرابع عشر أصابها قسطٌ من معاناة البشرية في جائحة كورونا.

وشكل يوم 24 أغسطس من العام الجاري 2020م بداية اختبار جديد لغزة المحاصرة تواجه فيه الجائحة بخطة معدة سلفاً وإمكانات متواضعة مع بدء الإعلان عن أول إصابة بفيروس كورونا

وتعاني غزة من أزمات الحصار الممتد لحياة سكانها في المجال الاقتصادي والصحي ومناحي الحياة كافة، لكن خطة الطوارئ وحظر التجوال زادت من مشقة المؤسسات الحكومية والمواطنين في التكيّف مع الجائحة.

حصار جديد
تصارع غزة جائحة كورونا بكبرياء مجروح؛ فمحاولاتها المستمرة للتكيف مع حصار زاد عمره عن 14 عاماً تتوجت الآن بوقوعها تحت مطرقة كورونا التي شلت أركان الحياة اليومية.

ويؤكد موسى السماك، نائب رئيس لجنة متابعة العمل الحكومي بغزة، أن شعار حكومة غزة الحالي لمواجهة كورونا “استهتارك يقتل أحبابك” داعياً المواطنين للالتزام بحظر التجوال وإجراءات السلامة.

ونجحت الحكومة بغزة من 15 مارس 2020م حتى 24 أغسطس 2020م في منع وصول فيروس كورونا لقطاع غزة، وأخضعت الوافدين بواسطة معابرها للحجر الصحي.

ويقول السماك لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “لدينا تجربة طويلة استفادت من دول حولنا؛ لكن الصحة العالمية قالت إن كورونا سيدخل يوماً ما، ودخل يوم 24 أغسطس فطبقنا خطة معدة مسبقاً لمنع الحركة وتقسيم المحافظات وتقسيم المحافظة لمربعات”.

 ومنذ 16 يوماً تنتشر أجهزة وزارة الداخلية والصحة ومندوبو المؤسسات الحكومية في شوارع غزة لتعزيز حظر التجوال، والحد من حركة السير والتجارة سوى للضرورة القصوى، ضمن المرحلة الأولى من تتبع الخارطة الوبائية لكورونا.

ويتابع: “لدينا 3 مراحل قبل العودة لتاريخ 24 أغسطس، أولها مرحلة الإغلاق الكامل لمحاصرة المناطق الموبوءة، ولا نزال في هذه المرحلة نتابع المصابين والمخالطين ومخالطي المخالطين وفحصهم بواسطة لجان الاستدلال”.

وأفردت وزارة الصحة مشفيين للعزل الكامل، وعددا من مراكز الحجر الصحي للمخالطين، وفرضت الحجر المنزلي على عائلات وبنايات من المخالطين.

 وتتلخص المرحلة الثانية في تخفيف حركة الحياة اليومية ومنع التجوال قبل الوصول للمرحلة الثالثة، وهي التعايش مع المرض مع الالتزام بإجراءات السلامة.

ويؤكد السماك أن الحصار في ظل الجائحة يلقي بظل ثقيل على الحياة اليومية وخطة العمل، فقد طال كل بيت بغزة، مما اضطر الحكومة للتنسيق مع اللجنة القطرية ومؤسسات أخرى لتوفير 3500 فرصة عمل مؤقتة بوزارة الداخلية والصحة.

ووفرت وزارة الشئون الاجتماعية ومؤسسات خيرية أخرى مساعدات غذائية وإغاثة للأسر الفقيرة التي تزيد أعدادها عن الإمكانات المتوفرة.

شلل اقتصادي
جراح الحصار في غزة طازجة دائماً، فارتفاع نسبة البطالة التي بلغت 61% وبلوغ نسبة الفقر 70% حسب إحصاءات جديدة، رشت جائحة كورونا الملح فوقها.

ويقول أستاذ علم الاقتصاد بجامعة الأزهر معين رجب، إن قطاع غزة عاش جائحة كورونا منذ أشهر، ومرّ بمراحل مختلفة، لكن الفترة الحالية هي الأشد صعوبة.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “الحكومة الآن أجبرت الناس على ملازمة منازلهم، فتوقفت حركة العمل والإنتاج والنشاط الاقتصادي سوى شريحة قليلة جداً تعمل بظروف اضطرارية”.

ويصف رجب الحالة الاقتصادية قبل جائحة كورونا في ظل الحصار بالصعبة، لكن تعطل الحياة الاقتصادية رفعها لدرجة المعاناة البالغة التي أصابت مئات آلاف الأسر.

ويتابع: “لنتساءل كيف يعيش العاطلون عن العمل وعمال المياومة ومن حياتهم مرهونة بالسعي اليومي، وكذلك عمال النقل والمواصلات مع توقف حركة التعليم والعمل الحكومي الاعتيادي.. كلهم يعانون..”.

قبل جائحة كورونا دأبت وزارة التنمية الاجتماعية ومؤسسات العمل الخيري على إغاثة آلاف الأسر، وفي ظل الجائحة انضم جيش جديد من الفقراء لخارطة المعاناة الاقتصادية بغزة التي اتفق فيها كورونا مع الحصار عليهم.

ومنذ عامين تحصل آلاف الأسر الفلسطينية على مساعدة نقدية عاجلة من اللجنة القطرية، وقد أضيفت في المنحة القطرية الجديدة قوائم جديدة للسجل السابق.

ويدعو الخبير الاقتصادي إلى توفير بنك معلومات وطني دقيق لكامل الأسر بغزة حتى يحصلوا على مساعدات، واصفاً المرحلة الحالية بأنها مرحلة تحتاج لإغاثة اضطرارية مع توقف كامل النشاط الاقتصادي.

 محرقة الحصار

لسنوات اعتقد سكان القطاع أن زوال أزمة الكهرباء الممتدة من عام 2006 قد تشكل خشبة الخلاص من معاناتهم اليومية خاصة في أسابيع الصيف الحارقة.

كثيرة هي قصص ضحايا أزمة الكهرباء التي أودت بحياة عشرات الضحايا حين حاولت الأسر الفلسطينية استخدام وسائل بديلة للطاقة، لكن ما جرى مع المواطن عمر الحزين قبل أيام كان صادماً بمعنى الكلمة.

أشعل الحزين شمعةً لإنارة حجرة أطفاله الثلاثة قبل أن يغلق باب حجرتهم وينسحب على عجل لشراء بعض السلع من البقالة المجاورة لمنزله غرب مخيم النصيرات.

سقطت الشمعة على فراش الأطفال، فأحرقتهم وهم نائمون، ولفظوا أنفاسهم قبل أن يتنبه جيرانه وأقاربه لحريق اندلع في الحجرة.

ويقول ياسر الحزين أحد وجهاء العائلة، إن والد الأطفال عاطل عن العمل، وإن الحريق التهم أجساد الأطفال يوسف الحزين (5 سنوات)، وأخويه محمود (4 سنوات)، ومحمد (عامين).

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “كعائلة نحمل الاحتلال ما وقع فالحصار التهمت نيرانه أجساد أطفالنا، والد الأطفال لا يجد عملا ليعيل أطفاله وهو يحب أبناءه كثيراً، وحالته النفسية صعبة جداً من يوم وفاتهم”.

 ويعاني أطفال قطاع غزة في ظل حظر التجوال عقب بدء جائحة كورونا حالة معاناة يومية لآلاف الأسر العاجزة عن توفير طعام لأبنائها أو توفير سبل الرعاية والراحة لهم في ظل حالة الإغلاق الشامل.

 وكانت محطة الكهرباء الرئيسية بغزة قد توقفت عن العمل الشهر الماضي ما أدى لتخفيض ساعات وصل الكهرباء لأقل من 4 ساعات يومية، مما اضطر السكان للبحث عن مصادر بديلة عجز معظمهم عن توفيرها بسبب ارتفاع معدل الفقر والبطالة.

وهزت حادثة احتراق الأطفال الثلاثة أركان قطاع غزة الخاضع تحت حظر التجوال، مذكرةً بعشرات الحوادث التي تسبب فيها الحصار بسقوط عشرات الضحايا بسبب أزمة الكهرباء.  

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

كتائب القسام تزف شهداءها في طولكرم

كتائب القسام تزف شهداءها في طولكرم

طولكرم - المركز الفلسطيني للإعلام زفّت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة "حماس"، شهداء طولكرم الذين ارتقوا أمس السبت، بعد أن خاضوا اشتباكًا مسلحًا...