الأحد 19/مايو/2024

الطرق الالتفافية بالضفة.. استيطانٌ قاضم للأرض ومقطع للأوصال

الطرق الالتفافية بالضفة.. استيطانٌ قاضم للأرض ومقطع للأوصال

قد يكون رقما صادما إذا عرفت أن الطرق الالتفافية التي أقامتها سلطات الاحتلال في الضفة الغربية قضمت ما مجموعه (2%) من مجمل الأراضي في الوقت الذي يحتل فيه البناء الاستيطاني نحو (3.5%) من مساحة الأرض، في حين تقدر مساحة الأرض التي ابتلعها الاستيطان بالضفة إجمالا 33% من مساحة الضفة.

وهذا يشير إلى تقارب مساحة الطرق مع مساحة المستوطنات؛ حيث إن الفارق فقط في السيطرة على الأرض بين الشوارع الالتفافية والمستوطنات هو (1.5%).


null

ويصف مسئول ملف الاستيطان شمال الضفة غسان دغلس أن الطرق الالتفافية عبارة عن شبكة معقدة من الطرق التي تقطع أوصال الضفة الغربية بطريقة مدروسة بعناية تحقق عددا من الأهداف، بدءا من توفير شبكة مواصلات متصلة بين المستوطنات وأراضي 48، إضافة إلى فصل المستوطنين عن المدن والبلدات الفلسطينية في الضفة، ويضاف إلى ذلك تقطيع أوصال الضفة بشبكة طرق ذات بعد أمني وعسكري.

ويؤكد لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أن مفهوم الطرق الالتفافية هو مفهوم عنصري بالأساس؛ لأنه يقوم على منح أفضلية للمستوطنين للتنقل وإبعاد مسالكهم عن السكان الفلسطينيين.

وتمتد الطرق الالتفافية في مناطق (ج) التي تشكل ثلثي مساحة الضفة الغربية، ومن الغريب أنه وحتى في الطرق التي يستخدمها الاحتلال وتقع أو تمر بين مناطق “أ” و “ب”؛ فإن تصنيفها “ج” ما يشير إلى عمق المأساة التي خلفتها اتفاقية أوسلو في تقسيماتها الجغرافية.


null

حولت الضفة لمعازل

ولا تشير شبكة الطرق -بحسب الناشط في مقاومة الجدار والاستيطان  صلاح الخواجا- إلى وجود نية لدى الاحتلال في الانسحاب من الضفة الغربية، حيث إن شبكة الطرق تجعل من المستوطنات مناطق متصلة مع أراضي 48، مذكرا بالطريق الذي يعمل الاحتلال عبره لربط مدينة “كفر قاسم” بأراضي 48 بمستوطنات الضفة حتى حاجز حوارة جنوب نابلس.

وأضاف في حديثٍ لـ”المركز“: أسهمت الطرق الالتفافية في عزل كثير من البلدات في الضفة الغربية التي أصبح ممرها الوحيد من خلال مدخل واحد أو نفق تحت طريق التفاقي محاط بالأشياك، وبالتالي تحولت هذه القرى مثل قرى غرب رام الله إلى معازل بفعل هذه الطرق.

وينبه الخواجا إلى أن مجال الطرق الالتفافية لا يقل من حيث أثره السيئ عن الطرق نفسها؛ حيث إن سلطات الاحتلال تمنع أصحاب الأراضي من البناء لمسافات تتراوح بين 75-250 مترًا في بعض الأحيان ما يعني حرمان كثيرين من الاستفادة من أراضيهم في تلك المناطق.

ويشير تقرير لمكتب الاتحاد الأوروبي في فلسطين إلى أن كل مائة كيلومتر من الشوارع الالتفافية، وضع لخدمتها حرم شارع يبلغ عشرة آلاف دونم من الأراضي الفلسطينية يمنع الاستفادة منها؛  بمساحة إجمالية تزيد على (140) ألف دونم، في حين قسمت شبكة الطرق الضفة الغربية إلى أربعة معازل فلسطينية وشبكة متصلة من المستوطنات في المقابل.


null

أدت لسيطرة واسعة على الأراضي

ويزيد على ذلك تقرير لمركز أبحاث الأراضي في  القدس، والذي يشير إلى أن الطرق الالتفافية نهبت أكثر من 196.000 دونم، وحرمت الفلسطينيين من استخدم أراضيهم القريبة من تلك الطرق والتي بلغت ما يزيد على 98.000 دونم، فضلا عن الاستيلاء على كل الموارد الطبيعية القريبة من الطرق الالتفافية مثل آبار المياه والينابيع، بمساحة إجمالية تبلغ نحو 100 ألف دونم  تسمى (حرم الشارع).

ويشير أيضا إلى أن مجموع مساحة الأراضي الضائعة من الفلسطينيين بسبب الاستيطان وحماية المستوطنات وطرقها وجدار الفصل العنصري نحو (1864) كم2، وهذه تشمل ما مساحته 33% من مجموع مساحة الضفة الغربية بما فيها شرقي القدس. 

وعلى مدى عقود غيرت سلطات الاحتلال من خارطة الطرق الطبيعية في الضفة الغربية لمصلحة بنية تحتية غير متوازنة وغير متلائمة مع الاحتياجات الطبيعية للفلسطينيين، وعلى الرغم من أن الفلسطينيين يسلكون هذه الطرق في تنقلهم ما قد يبدو ظاهريا تسهيلا لحركتهم لما تتمتع به هذه الطرق من بنية تحتية جيدة، فإن باطن الأمر يبرز خارطة من الطرق مفصلة لتحويل المدن الفلسطينية كافة إلى معازل بمجرد نصب الاحتلال لعدد من الحواجز على هذه الطرق في أي لحظة يريدها.

وبحسب تقرير لمركز الأبحاث التطبيقية أريج؛ فإن أطوال الطرق الالتفافية تبلغ (770 كلم) باستثمار بلغ (3.6) مليار دولار، وهي استثمارات تطورت من خطة ألون في سبعينيات القرن الماضي الذي يفترض إيجاد خطوط شمال جنوب تصل بين وادي الأردن و”إسرائيل” دون أن يكون هناك خطوط رئيسة شرق غرب.

ولكن وفي أواسط السبعينيات ومع تسلم حزب الليكود الحكم في “إسرائيل” خضعت شبكة الطرق لمفهوم الليكود الجغرافي- الإستراتيجي، وهو “ضم” المنطقة بكاملها لدولة الاحتلال؛ بغرض ربط ودمج شبكة الطرق في الضفة الغربية بشبكة الطرق الإسرائيلية.


null

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات