الأربعاء 08/مايو/2024

بعد كورونا.. من سيحتاج المدن عندما نتحوّل جميعا للعمل من البيت؟

بعد كورونا.. من سيحتاج المدن عندما نتحوّل جميعا للعمل من البيت؟

هل ستصمد المناطق الحضرية أمام الزيادة المفاجئة للعمل من المنزل؟ نعم ستصمد، ولكنها قد تضطر إلى إعادة تطوير نفسها؛ إذ مثّلت المدن على مر التاريخ العوامل المحركة للتجارة والابتكار.

عندما أصبح الناس والشركات مجتمعين في مكان واحد، كانوا قادرين على تلبية احتياجات بعضهم بعضا بسرعة ومشاركة أفكارهم في الوقت ذاته، لكن يبدو أن التكنولوجيا أدت إلى تلاشي تلك الفوائد.

وبدلا من ذلك، شهدت بعض المدن مثل ديترويت تراجعا شديدا، في حين أصبحت مدن أخرى مثل نيويورك بعد الانتكاسات أقوى مما كانت عليه في أي وقت مضى، بحسب تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية للكاتب جاستن لا هارت.

ويقول الكاتب: إن الناس توقعوا لعقود من الزمن أن تعمل التكنولوجيا على تسوية أرضية التنافس الجغرافية في الولايات المتحدة، ما يسمح للمناطق التي لا توجد بها مراكز للصناعات التي تستند إلى التكنولوجيا، مثل خليج سان فرانسيسكو والمناطق الحضرية في نيويورك، أن تجذب المزيد من أصحاب الدخل المرتفع. وهذا لم يحدث، لكن أزمة كوفيد-19 قد تقلب الموازين.

 تجربة العمل من المنزل
ووفقا للخبير الاقتصادي في جامعة “هارفارد” إدوارد جلاسر؛ فإنه على الرغم من أن تكنولوجيا المعلومات سهلت على الشركات المصنعة الابتعاد عن المدن، فإنها زادت من مزايا الاقتراب منها عندما يتعلق الأمر بتطوير الابتكارات في الصناعات القائمة على الاستخدام المكثف للمعلومات. لذلك ازدهرت المدن التي احتوت على عدد مهم من المثقفين في نهاية المطاف رغم تضررها في البداية من خروج الشركات المصنعة منها.

وأورد الكاتب أن تكنولوجيا الاتصالات استمرت في التطور، وأصبح العمال أكثر براعة في استخدامها، خاصة وسط أزمة كوفيد-19، فضلا عن تجربة العمل من المنزل التي خلقتها. بعد أن تأكدت الشركات من قدرة الموظفين على العمل بفعالية دون الحاجة للوجود في المكتب، ستواصل الشركات اتباع هذه الطريقة في العمل.

وتقول كريستي جونسون مؤسسة شركة “أرتيميس كونكشن”، وهي شركة استشارية تشغل 35 موظفا يعملون منذ البداية عن بُعد: إنه بالإضافة إلى عدم الاضطرار إلى دفع إيجار المكتب الباهظ عند عمل الموظفين عن بعد، يُمكن الاستفادة من المواهب في كل مكان.

مكاتب فرعية
أفاد الكاتب بأن العديد من عملاء شركات جونسون يفضلون الاستمرار في استخدام ترتيبات العمل عن بُعد بمجرد انتهاء الأزمة. مع ذلك، توضح جونسون أن إجراء ترتيبات العمل عن بعد غير قابل للتطبيق في جميع الحالات، مشيرة إلى أن “هناك بعض المجالات التي يجب أن تحدث فيها المقابلات وجها لوجه مثل الابتكارات التي يجب أن تحدث في المختبر”.

كما تحتاج الشركات أيضا إلى أن تأخذ بعين الاعتبار ولاء الموظفين تجاهها، الذي يظهر عندما يعمل الناس معا. ولا بد من مراعاة رغبة الموظفين الأصغر سنًا في العيش والعمل في أماكن حيث يمكنهم الالتقاء والاختلاط. ووفقا لجلاسر من جامعة هارفارد، قد تسعى المزيد من الشركات إلى إنشاء مكاتب فرعية للحفاظ على هذه الفوائد.

العيش بعيدًا عن المدينة
يوضح جلاسر أن السماح للموظفين بالعمل عن بعد لبضعة أيام في الأسبوع -وهو إجراء من المرجح أن يعتمده العديد من أرباب العمل للتقيد بالتباعد الاجتماعي حتى يصبح اللقاح متاحا- قد يمثل تغييرا دائما آخر.

وأوضح الكاتب أن العديد من الشركات ستعود إلى طريقتها القديمة في العمل، ولكن حتى التغيير الجزئي في طريقة العمل قد تكون له تداعيات كبيرة.

فعلى سبيل المثال، سيكون الأشخاص الذين يعملون من المكتب لبضعة أيام في الأسبوع أكثر استعدادا للعيش بعيدا عن المدينة، ما قد يؤثر على قيمة العقارات. فسيخفّض ذلك من الطلب على المساحات المكتبية التجارية، ويضر بمبيعات المطاعم وتجار التجزئة وسط المدينة. كل ذلك يعني أن المدن قد تضطر إلى إعادة تطوير نفسها من جديد.

الجزيرة

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات