الأحد 16/يونيو/2024

دور الأمة في النصرة ..حملة الإفطار المغربي المقدسي نموذجا

هشام توفيق

كلما فتحت عالم الواتساب والفيسبوك والقنوات الإعلامية، إلا وجدته يرصد الخبر تحليلا عن آلام أمة وشعب، عن حصار غزة، ومحاولات الكيان الصهيوني ضم الضفة الغربية، ومحاولة اقتحام المسجد الأقصى، وتكالب على اليمن وسوريا، ومحاولات الانقلاب على باقي ثورات شعوب صمدت، خبر في خبر عن تكالب في تكالب، يزداد وينمو ويتصاعد في شلة استكبارية استبدادية، لكن في المقابل من سيحدثنا رصدا حقيقيا، عن مشاهد الخير والانتصار والأمل في الأمة والشعب الفلسطيني، من يحدثنا بعمق عن آثار انتصارات المقاومة وأربعين دقيقة، ومعركة الأسباط، والرحمة وصلاة الفجر، بل من يرصد فينا وجود بناء وعمل وإعداد وبركة في الأمة تستعد..

من يدلنا على خير باق في الأمة وهو من نعم الله، من يحدثنا عن بشارات نبوية لا زالت تحف أطراف هذه الأمة، وتبشرها بالخيرية، وعودة قوتها وإمامتها رغم القراءات السوداء المجحفة..

فهل نعلم ماذا حدث في الأمة يوم أمس الجمعة في المغرب وماذا حقق الشعب المغربي صحبة الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة وصحبة العلماء في ظاهرة مباركة؟
حاولت الكتابة في هذا الحدث، لأنه وبدون تهويل هو عمل مشرف، لكن ربما قد تقلل منه الآلة الإعلامية إن غابت عن تحليله ورصده، لإنه حدث يحتاج إلى رصد وتحليل لنفسية وتركيبة شعب مغربي ناصر الشعب الفلسطيني وتحليل لثمارهذا العمل، هو فعل ملفت قد لا نفقه ثماره ونتائجه الآن، لكن المراصد الصهيونية ترصد بقوة كل حركة شعبية في الأمة مع فلسطين والمقاومة، وتعالوا نحكي لكم ما القصة والحدث؟

القصة مع الرصد
كان هناك جزء من الأمة في أقصىاها يشع فيه النور والبركة والنصرة، وتتأجج منه معاني المحبة والعشق المقدسي ، وتنمو فيه مساعي ومعالي تحرير باب المغاربة وتحرير حي المغاربة المحتل المغتصب وتحرير فلسطين..

أين نجد هذا الخير وكيف تحركت أنوار النصرة في البيوت مع أنوار العشر الأواخر وكورونا حاصرت الناس وهم في صبر وجلد من أمرهم ..؟

يوم أمس وفي المرحلة التي تتصاعد فيها الآلة الصهيونية التطبيعية لتهميش وتخوين الشعب الفلسطيني من خلال دراما التطبيع، ومسلسلات “أم هارون”، فقد أبدع المغاربة إبداعا يضرب جهود التطبيع ويطوع من الرواية الصهيونية، عمل مبدع تفرح له السماء، وتطرب له نفوس الشعب الفلسطيني، وقد يغيض هذا الفعل العدو الصهيوني بطريقة مبدعة.. كيف ولماذا؟

لم يخرج المغاربة في مسيرات حاشدة مليونية كما العادة، ولا وقفات مسجدية، لم يخرجوا إلى الشارع، بل انتقلوا من النصرة في الشارع إلى النصرة في البيوت كيف؟

ليست النصرة هذه المرة من الخارج بل من الداخل، من داخل العمق المغربي الأسري نصروا القضية الفلسطينية وبيت المقدس، ونصروا الله أولا…

مغاربة شكلوا موائد مغربية باسم إفطار مقدسي وأكلات وتراث فلسطيني مع العوائل والأبناء والأحياء والأسر رغم الوباء وأحواله.

يوم الجمعة كان المغاربة في أرض بيت المقدس والمسجد الأقصى، لكن بروحهم ومهجهم ميممة إلى القبلة الأولى أرض الإسراء والمعراج، كانوا همما قاصدة لله بموائد الذكر والقيام والقرآن والرحمة والرحمان صحبة موائد نصرة وإفطار جمة شعبية مناصرة، موشحة بغناء فلسطيني، وكوفية فلسطينية في أعناق الأطفال والجدة، وفي الجانب الآخر هناك، طرف طافح بأكلات وحلويات فلسطينية…

هو تراث، لكن الصهيونية تعلم جدا خطورة النصرة بالتراث الذي يتصف عند الأنثروبولوجيين، بالشعبية وسرعة الانتشار الكمي، لأنه شعبي مقبول يصل إلى الجميع، بل واسأل كيف كان الاحتلال الفرنسي يخترق قبل الحملة العسكرية الشعوب المغربية والجزائرية من بوابة التراث وعلم الإناسة والشعوب والقبائل.

الإفطار مغربي مقدسي هو عمل بسيط ولطيف ماتع، لكن ما هي رسالة المغاربة ورسالة من حضر من رجال ورواد وفعاليات في مهرجان مقدسي مغربي، مثل الشاعر الداعية منير الركراكي وعائشة المصلوحي المغربية الفلسطينية والشيخ كمال الخطيب والأستاذ عبد الصمد فتحي وخديجة عويص وغيرهم من الفعاليات؟

الرسالة الأولى: أن فلسطين ليست أرضا بل هي أمة، هي المغرب والجزائر وتونس ليبيا ولبنان والشام والأردن ومصر واليمن …

الرسالة الثانية : أن الشعب الفلسطيني ليس فقط شعبا، بل هو في عمق الأمة رغم كل جهود فصلنا عن هذا الشعب الفريد كي لا نقتبس منه، ولا يظن أحد أن الشعوب تخلت عنه، فقط هو حصار وسوف ينكسر قريبا.

الرسالة الثالثة : أن المغاربة والأمة مستعدة ومناصرة للشعب الفلسطيني رغم كل تصعيد في صفقة أو تطبيع بمسلسلات “أم هارون ومخرج 7” ، لماذا ؟ لأن فلسطين أرض الأنبياء والرسل وأرض المسلمين..

الرسالة الرابعة: رسالة الشعب المغربي أن الأمة واحدة، وهمها واحد، رغم جهود مائة سنة لصناعة عقل يؤمن بحدود “سايس بيكو” والحدود القومية….

الرسالة الخامسة : وهي الرسالة القوية وسميتها، الرسالة الأدبية الخالدة…

فلسطين كانت في ضيافة المغاربة يوم أمس، دخلت إلى كل بيت مغربي، ففرح المغاربة بالضيف المقدسي، وقالوا في حوار ماتع:

المغاربة : أهلا بالمسجد الأقصى والضيف الرجل الفلسطيني، أهلا بالقبة الصخرة، أهلا بباب المغاربة، وحائط البراق والمغاربة، وأهلا بحي المغاربة الذي هدمه الاحتلال 67، أهلا برجال الأنفاق القسام، أهلا بالمرابطين والمرابطات، أهلا بالأسرى، أهلا بصلاح الدين الأيوبي رحمه الله، وبمغاربة مقدسيين عاشوا لسبعة قرون في بيت المقدس، وصحبوا في الجهاد أخاهم صلاح الدين الأيوبي لهزيمة الصليبيين، فأسكنهم أرضا مقدسية قرب حائط البراق أمانة وحراسة، أهلا بالشهداء والأسرى في إفطار مقدسي، أهلا بباسل الأعرج، أهلا بناجي علي، أهلا بعز الدين القسام، أهلا بصلاح شحادة، والعلمي وضرغام ورزان النجار، رحمة الله عليهم جميعا.

في المقابل صرح الضيف وهو المسجد الأقصى والرجل المقدسي فقالا:

المسجد الأقصى والرجل المقدسي: وأنتم أيها المغاربة لكم ثلاث فرحات :

فرحة الإفطار…

فرحة لقاء الله..وقد حدث النبي صلى الله عليه بذلك …

وفرحة ثالثة نصرتكم للمؤمنين والفلسطينيين، والتقاء الشقيقين المسجد الأقصى والمغرب الأقصى، وإن غاب عنهما أسطول صلاح الدين الذي جمعهما يوما، في :

ـ هم واحد.

ـ وبوصلة واحدة.

ـ ووجهة واحدة، الهم هو التغيير، والبوصلة بيت المقدس، والوجهة الله.

المغاربة : نعم الوجهة هي ..

قال الضيف المسجد الأقصى والمقدسي : وأعظم الفرحة أيها المغاربة حين نسمع حديثا نبويا لا يقلل من شأن أي حركة لنصرة المستضعفين، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “موقف ساعة في سبيل الله خير من قيام ليلة القدر عند الحجر الأسود”. أخرجه ابن حبان وغيره، وقال الألباني رحمهم الله جميعا في السلسة الصحيحة: هذا إسناد صحيح.

النبوة فقيهة بأي معروف تعملونه، وما هو أثره في البناء، ولو نصرة صغير من خلال موقف لساعة عبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم بقول جميل لطيف {موقف ساعة في سبيل الله خير} ، فما أدراك بأجر وجزاء من الله لمواقف لساعات من الرباط والاعتكاف والنصرة والمعرفة والميدان.

هو النبي صلى الله سلم يعلم لماذا قال لها ، ويعلم العدو أثر أي حركة ولو من إفطار، ويفقه ثمارها وهو ما لا يستوعبه بعض أرباب فهم منفصم أخدج لا يفقه معنى البناء وقوته لبنة لبنة بتؤدة وتدرج، قال الله سبحانه : {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ}، تدبروا {وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ} أي الإنفاق ولو من شيء بسيط، ليس بالضرورة كمال الشيء للنصرة وإن كان الكمال مطلبا، في المقابل هناك من يوفي هو الله..انتهى حديث الضيف الضيف المسجد الأقصى والرجل المقدسي في الإفطار المقدسي….

وأجاب المغربي المضيف المزور : ولنا “ثلاث فرحات” ولكم منا رباطان، رباط إيمان ورباط جهاد…

– رباط في المغرب يسمى الاعتكاف، ونبشر الجميع أن المغاربة لهم سنة وعادة كل سنة، يعتكفون ويحيون السنة بنية وجه الله والعبادة وإعداد النفس لمستقبل قريب للتحرير …

– ورباط نصرة الأقصى وإسراجه بقناديل الأكلات المغربية الشعبية السوسية ،والصحراوية والفاسية، والمكناسية، والشرقية، والغربية، والشمالية، ولو من زيت مائدة، ولو من زيت طبخة، ولو من زيت غناء مقدسي، أو دعاء من عجوز من مكناس أو فاس، رحم الله ميمونة بنت سعد صاحبة السعد وحديث الزيت، روى الإمام أحمد من حديث مَيْمُونَةَ، مَوْلَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللهِ، أَفْتِنَا فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَقَالَ: أَرْضُ الْمَنْشَرِ، وَالْمَحْشَرِ، ائتُوهُ فَصَلُّوا فِيهِ، فَإِنَّ صَلَاةً فِيهِ كَأَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ، قَالَتْ: أَرَأَيْتَ مَنْ لَمْ يُطِقْ أَنْ يَتَحَمَّلَ إِلَيْهِ، أَوْ يَأْتِيَهُ قَالَ: فَلْيُهْدِ إِلَيْهِ زَيْتًا يُسْرَجُ فِيهِ، فَإِنَّ مَنْ أَهْدَى لَهُ كَانَ كَمَنْ صَلَّى فِيه.

وأعظم الفرحة لما يقف المغاربة بين إيمان رمضان، ونصرة للإخوان في وجه علو كيان…

المسجد الأقصى والمقدسي الضيف : سبحان الله وكأنكم أيها المغاربة جمعتم بين تحريين {من فعل يتحرى أي يتلمس}، تحريتم ليلة القدر في العشر الأواخر بتعبد واعتكاف، وتحريتم نصرة الشعب الفلسطيني بالوقوف في سبيل الله مع إخوانكم في فلسطين نصرة بإفطار ودعما، تربية وجهاد، إيمان وعمل..

لكن ما عناصر الإفطار المقدسي المغربي ؟

ما عناصر الإفطار المقدسي المغربي وكيف أبدعوا في النصرة؟

منذ شهور كتبت مقالا عن “عودة حنظلة” وحذف بسبب مخالفته للتطبيع والصهيونية، كتبته حين رفعت الجماهير المغربية الكروية شعار “ثورة حتى النصر” ورسموا “حنظلة” نصرة للشعب الفلسطيني، وكان لذلك تبعيات على الجمهور الرجاوي بحصاره ونسج فخاخ تطبيعية له..

لكن إذا كان المغاربة في الأمس أهل رباط في “ملاعب ثغور الرياضة”، للصدع بأهازيج “رجاوي فلسطيني وعودة حنظلة وفي بلادي ظلموني”فاليوم الثغر مختلف، على ثغور المأدبة وإكرام الضيف كان المغاربة يثغرون، والإكرام من شعب الإيمان.

جعلوا من بيوتهم ثغورا وسواحل النصرة بشكل آخر، لإعداد جيل الاقتحام والنصر، ليقولوا أن المسجد الأقصى عقيدة وإيمان، وجزء من الدين،” ماشي غير أرض”..

رغم فخاخ التطبيع والفن، فإن هذا الأخير قد فشل حين يصدم بقناعة وإيمان الشعوب وفطرتهم، وكأن المغاربة ضجروا يأسا من هذه الفخاخ الصهيونية، والمقالب المتكررة لإقناع الشعوب، بدولة مزيفة عبرية مجرمة، قتلت المغاربة في حي اسمه حارة المغاربة بالجرافات الصهيونية سنة 1967 ثم يقولوا لنا اعترفوا وتعايشوا، نحن شعب مسالم..

الكيان العظيم، المقلوبة المقبولة
هو إفطار شكله مقدسي ممزوج بالمغربي و”الحريرة” والقهوة والشاي والحلويات الفاسية، لكن وسط المائدة كيان عظيم وأكلة شعبية فلسطينية، اسمها “المقلوبة المقدسية”، قلبت المفاهيم وصححت الخطأ الذي يقول أن الطبخ لا ينفع في المقاومة والنصرة، بل أظن أن التراث بوابة مناصرة قوية شعبية لأنها تعيد حقيقة التاريخ ليصل إلى أكبر عدد وسواد. التراثية الشعبية ترتبط بالمخيل الشعبي وهي مقبولة محفزة ميسرة بسيطة، وقد نسجت سابقا في ذلك دراسة بحثية ترصد “آثار التراث في الحفاظ على الهوية وتطور الإستراتجية الصهيونية للاهتمام بالتراث العبري وربطه بترا

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

صرخة إلى كل المعمورة.. شمال غزة يموت جوعًا

صرخة إلى كل المعمورة.. شمال غزة يموت جوعًا

غزة -المركز الفلسطيني للإعلامبينما يحتفل المسلمون في أصقاع المعمورة بعيد الأضحى المبارك، يئن سكان شمال قطاع غزة تحت وطأة المجاعة المستمرة، في حين...

يونيسيف: غزة تشهد حربا على الأطفال

يونيسيف: غزة تشهد حربا على الأطفال

غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قال المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) جيمس إلدر إن القتل والدمار الذي يمارسه الجيش الإسرائيلي في...