الجمعة 14/يونيو/2024

الحاج سعيد الخواص.. النصيرات حزينة لفقدان الحلاق البشوش

الحاج سعيد الخواص.. النصيرات حزينة لفقدان الحلاق البشوش

بعد اليوم لن يذهب الشاب محمد الشافعي إلى صالون الحاج سعيد الخواص في مخيم النصيرات لقص شعره، بعد أن قضى الأخير شهيدًا في حادثة النصيرات الأليمة.

الشاب الشافعي اعتاد ارتياد صالون الحاج الخواص لقص شعره، منذ سنوات طوال، يقول: كل مخيم النصيرات حزين على الحاج الخواص، نلقبه بحلاق المخيم، كان لنا أبًا طيبًا، وذا ابتسامة جميلة.

يضيف أن استشهاده في الحريق الذي التهم محلات وبسطات في سوق مخيم النصيرات شكل صدمة للجميع، يتابع: “أنا لم أستوعب ما حدث”.

وتوفي الخواص (65 عاما) في أحد مشافي الضفة الغربية، متأثرًا بحروقه البالغة التي أصيب بها بعد أن التهمت النيران صالونه ومحلات عدة في فاجعة النصيرات الأليمة، التي راح ضحيتها 13 مواطنًا جلهم نساء وأطفال، وإصابة آخرين.

والخواص، قبل وفاته، زاول مهنة الحلاقة بحب وشغف منذ 4 عقود من الزمن، وكان يقطن مخيم البريج، إلا أنه اختار النصيرات لعشقه الكبير لهذا المخيم، كما يقول مرتادو صالونه.

ويقع صالون الحاج الخواص على الدوار الرئيس لمخيم النصيرات وسط قطاع غزة، وهو محل صغير، يرتاده الزبائن من مناطق بعيدة، لما للخواص من مهارة عالية وخبرة طويلة.

“كان عنوانًا”
أما الحاج الستيني أبو خالد عماد، يقول بصوت خافت يعتريه حزن وأسى: أنا اعتدت على الحلاقة عند الحاج سعيد الخواص منذ عقود مضت، كنا نجلس معه في الصالون ونتجاذب أطراف الحديث، ونسعد بمحادثته وملاطفته. كان عنوانًا في المخيم.

يتابع والدموع تترقرق في عينيه: فقدنا أخًا حبيبًا، وإنسانا غاليًا، ورجلا نادرًا. فقدانه صدم الجميع.

ظروف صعبة ووصية

الدكتور يوسف إبراهيم، وكيل وزارة التنمية الاجتماعية سابقًا، وأحد زبائن الصالون منذ سنوات طويلة، قال: إن الحاج الخواص عمل جاهدًا ليطعم عائلته التي تعيش في ظروف صعبة، جراء إصابة أحد أبنائه خلال مسيرات العودة، وآخر بحروق في الجسم قبل سنوات، وثالث بمرض كلوي، بالإضافة إلى هجرة اثنين آخرين خارج القطاع.

وأشار إلى أن الحاج سعيد قد تحدث إليه في الأيام الأخيرة قبل وفاته عن همومه وحمّله بعض الوصايا.

لحظات أخيرة

الحاجة أنعام العدوي تتحدث عن لحظات أخيرة جمعتها بزوجها الحاج، تقول: كان سعيد في محله بالنصيرات، وكنت خارج المنزل في الليلة السابقة للحدث، وأتيت إلى الصالون في الساعة العاشرة صباحا، وتحدثنا، وغادرت للتسوق.

تتابع: “أثناء التسوق كان قلبي منقبضا، لم أعرف أشتري شيئًا، ألف السوق لشراء ولا أشتري، كان قلبي حاسسني”.

تشير إلى أنها وعندما سمعت بحريق مخبز البنا، أصيبت بحالة ذهول، وقررت الذهاب للبحث عن زوجها، “خرجت للبحث عن الحاج، ابني نازل يقول لي يما أبوي أخدوه على مستشفى الأقصى”.

وفي الطريق، جاء اتصال للحاجة بأنه تم تحويل سعيد إلى المشفى الأوروبي بخانيونس، تقول: منعوني من رؤيته لوضعه الصعب.

“الدكتور قال لي إن حروقه 85% ووضعه لا يطمئن، وعيناه فقئتا من النيران”، وعندما ذهب للضفة ونحن نسأل وهم يحاولون طمأنتنا، إلا أنه توفي الساعة 12 من فجر السبت الماضي”.

تقول الحاجة: لم نره بعد الحريق مطلقًا ولا حتى بعد وفاته، وبقيت صورته في أذهاننا كما هي بدون أي تشوه.

صبر

تتابع الحاجة: سعيد طول عمره صابر، ابني انحرق قبل 20 عاما، لفينا المشافي سنوات، ولي ولد آخر اتصاوب قبل سنتين، والحمد لله صابرين، ولي ولد ثالث أصيب أيضا، وبقدرة الله شفي، والحمد لله صابرين.

وتابعت حديثها أن لها أيضا ولدًا مصابا بالفشل الكلوي، ولها ولدين آخرين هاجرا من غزة، وكان والدهما حزينا على هجرتهما.

“كانت رزقته قليلة، ولم يكن علينا ديون، وكنا مستورين، وكان يخرج للفقراء والمساكين، كان بشوش الوجه، وأينما يذهب كان محبوبًا”.

تتابع: “حنيته كانت تملأ الدنيا، على أخواته، وعلى بناته، وعلى أحفاده، وعليّ أنا يعاملني كطفلة”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات