نتنياهو الى أين ؟

بعد حوالي 13 عاما و300 يوم فان مؤشرات كثيرة تدل على اهتزاز عرش رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ، من أهمها : اولاً قرار المستشار القضائي للحكومة أفيخاي مندلبلت في يوم 21-11 بتقديم لائحة اتهام لأول مرة ضد رئيس وزراء في السلطة( وهو بنيامين نتنياهو ) بتهم الرشوة والغش وخيانة الامانة ، في ثلاث ملفات فساد أخطرها 4000-بيزك والاه ، إضافة لملف 1000 وهو ملف الهديا من ملتشن وملف 2000 وهو ملف العلاقة مع رئيس وصاحب مجموعة يديعوت احرنوت ارنون (نوني موزيس ) .

ثانيا -تجرؤ أحد كبار الليكود وهو جدعون ساعر على الدعوة لعقد انتخابات داخلية لرئاسة الحزب بما يعنيه ذلك من اهتزاز معين لسيطرة نتنياهو الكاملة على حزب الليكود وقد تعني بداية لعودة عصر المعسكرات داخل الليكود .

أما المؤشر الثالث فهو المظاهرة متوسطة الحجم من حيث أعداد المتظاهرين والضعيفة من حيث الخطباء والمشاركين في تل أبيب قبل ايام والتي رفعت شعارات مؤيدة لنتنياهو وحادة وعنيفة ضد أجهزة فرض القانون وتحديدا ضد شاي نيتسان وليئات بن ارييه من النيابة العامة ، وقد تستخدم المظاهرة ايضا للاشارة لمدى تعاطف الجماهير معه حتى في احلك الظروف وضد مؤسسات الدولة الاخرى.

في المقابل فان هناك مؤشرات أخرى تدل على ثبات وصمود نتنياهو في وجه العاصفة واستمراره كرئيس للحكومة لمدة 6 اشهر اضافية على الاقل وأكثر من ذلك ان تم انتخابه مرة اخرى في انتخابات ثالثة متوقعة في بداية مارس 2020 ، واهم هذه المؤشرات هي :

في المجال القضائي والقانوني :فان أرجح التقديرات القانونية تشير الى البند 18 في من قانون أساس : الحكومة والذي لا يلزم نتنياهو بالاستقالة الا بعد ان تتم إدانته بقرار نهائي غير خاضع للإستئناف ، إضافة الى ذلك فان احتمالات تدخل المحكمة العليا لإجباره على الاستقالة ، بعكس ظاهر نص القانون نتيجة لتأويلات الوضع المعقد في اسرائيل هي احتمالات ضئيلة ، أي ان نهاية نتنياهو القضائية والقانونية لن تكون قريبة ، ووفق الكثير من خبراء القانون فنتنياهو يستطيع ان يستمر في مهام منصبه 6 اشهر اخرى لحين الانتخابات ،وفي حالة كانت نتائج الانتخابات الثالثة قريبة من الثانية فيمكن لرئيس الدولة ان يكلفه من جديد بتشكيل الحكومة ( رغم ان الامر يتطلب فتوى اضافية من المستشار القضائي مندلبلت ) .

فان نجح بتشكيل الحكومة يمكنه من الناحية القانونية الاستمرار كرئيس للوزراء مدة اربع سنوات كاملة ، إذ ان التجربة تشير الى امكانية استمرار عملية المحاكمة سبعة سنوات كما حصل مع رئيس الوزراء السابق اولمرت ، حيث استمرت المحاكمة من 2009 الى 2016 ، ومع الوزير ارييه درعي من 1993-2000 .

ثانيا -المسار السياسي :وهو المسار الاكثر واقعية في تثبيت او إزاحة نتنياهو ، وحتى هذه الايام لا يبدو نتنياهو ضعيفا من الناحية السياسية ، فمكانته في الليكود ورغم التراجع قوية ومتماسكة ، والامر خاضع للتطورات السياسية ، كما ان القطب الليكودي جدعون ساعر لا يشكل حتى الان تحديا جوهريا لزعامة نتنياهو والذي تساعده الثقافة السياسية في الليكود في مواجهة المنافسين حيث ثقافة الاصطفاف خلف القائد في الظروف الصعبة عميقة داخل الليكود ، وذلك بعكس الثقافة السياسية داخل حزب العمل المتهاوي باستمرار .

ومن العوامل الاخرى التي تزيد من احتمالية بقاء نتنياهو متماسكاً دعم الاحزاب الحريدية -المتدينة وجزء مهم من الصهيونية المتدينة والاستيطانية والذين اعطاهم نتنياهو ما لم يعطهم رئيس وزراء آخر ، وقد ظهرت متانة كتلة نتنياهو يمين حريديم في الاسابيع الأخيرة حيث لم تنجح المحاولات وسط مركز وليبرمان في اختراقها وكسرها .

بناء على ما سبق فمن المبكر الاعلان عن نهاية حكم نتنياهو أو وضع الافكار والخطط لمرحلة ما بعد حكم نتنياهو ، ويفضل الانتظار اياما للتأكد من تحقق السيناريو المرجح بإجراء انتخابات ثالثة والانتظار لمعرفة نتائج هذه الانتخابات، عندها سنكون اكثر حكمة وقدرة على تحليل الاحداث وتحديد مساراتها .