إغلاق المواقع وثقافة العبيد

القرار الجديد لمحكمة الصلح في رام الله بإغلاق 59 موقعًا وصفحة إلكترونية ومنصاتها عبر منصات التواصل الاجتماعي بتوجيه من النيابة العامة في رام الله الذي يأتي ضمن سلسلة قرارات تتخذها السلطة لقمع الحريات العامة والشخصية والتضييق على المؤسسات والهيئات والأشخاص، وخاصة عبر المنابر الإعلامية والنشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

القرار الجديد هو امتداد لقرار رئيس السلطة محمود عباس ضد القضاء الفلسطيني في الضفة وتحويل العديد منهم للتقاعد الإجباري وتكليف قضاة ولجان ومحاكم خاصة تتواءم مع قراره وتوجهاته.

لم تكتفِ السلطة بذلك في قمع الحريات، بل تسير نحو مواصلة السيطرة على النقابات والاتحادات الشعبية كما حدث مع حل اللجان الشعبية للمخيمات، واليوم سيتم الإعداد لتشكيل مجلس نقابة للصحفيين امتدادًا للحالي الذي يتم تزكيته وتسميته من قبل المخابرات العامة، ويشرف عليه اللواء توفيق الطيراوي مدير الجهاز سابقًا، وهو ما شكّل المجلس الحالي، ورفض أي حلول مقترحة لإجراء انتخابات وطنية مهنية يتنافس فيها الصحفيون بحرية لاختيار من يمثلها.

كل ما يحدث يحمل رسالة إقصاء لغزة؛ حيث إن غالبية المواقع المستهدفة تعمل في غزة وكذلك وجود نقابة شكلية تمثل رجل كرسي لنقابة الصحفيين برام الله، وتهميش لكافة المواقف التي تتبناها الفصائل الفلسطينية كما الحال مع مبادرة الثمانية، واتخاذ قرارات انفرادية وشخصية بغياب وطني كما الحال أيضًا مع الانتخابات التشريعية بعيدًا عن الكل الوطني.

لم تكتفِ السلطة بذلك، بل تريد أن تحوّل الشعب الفلسطيني إلى عبيد يخضعون لقرارات السلطة الانفرادية وتكميم الأفواه ولو كانت منشورات عبر العالم الافتراضي، في تساوق واضح مع سياسة الاحتلال في مواجهة المحتوى الفلسطيني، وأكثر من ذلك هو ترك الساحة لرواية الاحتلال باستمرار وتركها في سبيلها.

نحن لا زلنا أمام منظومة من الإقصاء تمارسها السلطة ضد المؤسسات والهيئات والمواقف الوطنية، وفرض رؤية انفرادية إقصائية ضد الكل الوطني، وهو من شأنه أن يواصل تدمير منظومة المؤسسات والنقابات والهيئات الوطنية، وعدم الاستفادة من التجارب الفاشلة التي سببت الانقسام الفلسطيني وتراجع القضية الفلسطينية على كافة الصعد.