عاجل

السبت 18/مايو/2024

صبرا وشاتيلا.. المجزرة مستمرة بأدوات قتل جديدة!

صبرا وشاتيلا.. المجزرة مستمرة بأدوات قتل جديدة!

إلى الغرب من العاصمة اللبنانية بيروت وقبل 37 عاما وقعت المجزرة الشهيرة التي أودت بحياة أكثر من 3 آلاف معظمهم فلسطينيون، تعرضوا للذبح على مدى ثلاثة أيام متواصلة.

لا تزال مشاهد الذبح وبقر بطون الحوامل واغتصاب النساء ماثلة في ذاكرة من كتب لهم النجاة، ونجوا من مجزرة “صبرا وشاتيلا”، ليحكوا قصصهم لكل المتضامنين الذين يأتون إليهم من كل مكان.

واقع وذكريات
وعلى الرغم أنه من المفترض أن تشكل تلك المجزرة المروعة، نقطة تغيّر في كيفية التعامل مع اللاجئين الفلسطينيين، إلا أن النتيجة كانت عكسية، فمن نجا من تلك المجزرة وبقية الفلسطينيين في المخيمات، يعيشون حياة الإذلال والعوز، والحرمان من الحقوق المدنية، من تملك وحق العمل والاستشفاء والتعليم، بدعوى رفض التوطين.

ويربط المتخصص في شؤون اللاجئين الفلسطينيين ياسر علي حديثه لـ”قدس برس” بين مجزرة “صبرا وشاتيلا”، وما يجرى اليوم مع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، بالتذكير بمقولة نسبت إلى رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي أرييل شارون، والمسؤول عن مجزرة صبرا وشاتيلا، أن “لبنان يجب ألا يكون فيه فلسطينيون، ويجب أن يغادروا إلى بلاد أخرى (..)، وأن الأردن هو الوطن البديل للفلسطينيين”.

ويشير أنه وبعد 37 عاما على وقوع المجزرة، تتكرر فكرة تهجير اللاجئين الفلسطينيين من لبنان، لكن ضمن سيناريوهات جديدة.

ويوضح أن آخر تلك السيناريوهات ما يطرح من خلال الخطة الأمريكية للتسوية السياسية في الشرق الأوسط والمعروفة إعلاميا بـ”صفقة القرن”.

ويشير المتخصص ياسر علي، أن “صفقة القرن” تقوم على أربع قضايا رئيسة؛ الأولى هي القدس، والثانية المستوطنات، والثالثة الحدود، والرابعة قضية اللاجئين، التي هي جوهر وعصب القضية الفلسطينية، ويجرى الآن التضييق عليهم كي يهاجروا”.

ويؤكد علي أن “خطة تهجير الفلسطينيين من لبنان واضحة على مدار الأربعين سنة الماضية، ففي الحرب الأهلية عام 1976، والتي جرى فيها حصار (تل الزعتر) ومجازر (الكرنتينا) و(تل الزعتر) و(المسلخ) و(جسر الباشا)، فبعد تلك الفترة فتحت ألمانيا أبواب الهجرة أمام اللاجئين الفلسطينيين ثم بعد حرب الاجتياح الإسرائيلي فتحت السويد أبوابها أمام اللاجئين الفلسطينيين، وبعد حرب المخيمات ما بين عام 1985 و1987 بدأ التضييق القانوني على الفلسطينيين وفتحت بريطانيا أبوابها للاجئين الفلسطينيين، ثم بعد الأزمة في سورية فتحت أوروبا أبوابها لفلسطينيي سورية”.

ويشير إلى أن “التضييق الذي يعاني منه الفلسطينيون في لبنان نتيجة سلسلة قوانين مجحفة وظالمة كان آخرها قانون العمل الجديد، وأن تضافر كل هذه الإجراءات كانت أشد وطأة على الفلسطينيين من مجزرة (صبرا وشاتيلا) من زاوية تهجير الفلسطينيين”.

ويضيف “الحقيقة كان قانون العمل بمنزلة الجدار الأخير، وجاء بعد احتقان فلسطيني متراكم على مدى عشرات السنين نتيجة العنصرية التي يواجهون بها من السلطة الحاكمة في لبنان، وكان هذا القانون هو القشة التي قصمت ظهر البعير، والقطرة التي أفاضت الكأس، وبالتالي فإن الفلسطينيين في لبنان يرون أن قانون العمل هو جزء لا يتجزأ من السياسة الطاردة للفلسطينيين في لبنان، خاصة وأنه ترافق مع فتح أبواب الهجرة بطرق شرعية وغير شرعية إلى أوروبا”.

وعن مستقبل الفلسطينيين في لبنان يقول: “نحن نعلم أن اتفاق أوسلو ترك بعض الموضوعات للحل النهائي، وأحد هذه الموضوعات التي ذهبت للمفاوضات متعددة الأطراف هي قضية اللاجئين التي تولت رئاسة لجنتها في ذلك الوقت كندا، وجاء وزير خارجيتها في ذلك الوقت وتفقد أحوال اللاجئين الفلسطينيين في لبنان لكي يرتبوا خطة لتهجير الفلسطينيين من لبنان، وباعتقادي أن العمل جارٍ على قدم وساق وبجهد دولي عربي إقليمي من أجل تهجير الفلسطينيين من أماكن لجوئهم المحيطة بفلسطين لكي ينهوا قضية اللاجئين وحق العودة والأونروا وغير ذلك، وينطلقوا إلى حلول من غير هذا الثقل الذي يعيق حركتهم في إطار مفاوضات الحل النهائي”.

واستدل الباحث ياسر علي، بما صرح به رئيس الولايات المتحدة دونالد ترمب منذ أشهر عدّة، من أنه تمكن من إزالة قضية القدس عن طاولة المفاوضات، ويسعون الآن لإزالة قضية اللاجئين عن طاولة المفاوضات أيضا عبر التضييق عليهم أولا ثم تجيرهم أبعد ما يمكن عن فلسطين”.

غياب القصاص
من جهته، قال أحمد الحاج -الباحث المتخصص في شؤون اللاجئين-: إن ما يزيد من حجم الألم الذي يعاني من الناجون من المذبحة أنه لم يؤخذ القصاص بحق من ارتكب تلك الجريمة الشنيعة حتى لم توجه لهم تهم مباشرة، وأن تقرير القاضي اللبناني استبعد المنفذين الرئيسين، ووجه الاتهام فقط للعدو الإسرائيلي، بينما الجهات اللبنانية التي نفذت تلك المذبحة ظلت طليقة، والأدهى من ذلك أن بعض من نفذ المذبحة أصبح في عداد المسؤولين الرسميين في لبنان، فلم يعفَ فقط من المسؤولية لكن أصبح من المسؤولين الذين يأخذون حيزا عريضا في الإعلام اللبناني، والحقيقة هذا وجع كبير على أهالي الضحايا”، وفق قوله.

وأضاف “لا يمكن طمس الماضي، ولكن مطلوب معالجة آثاره على الأقل من خلال إجراءات عدة كمحاكمة القتلة، وأن يعترفوا بجريمتهم النكراء”.

وأكد أن “جريمة صبرا وشاتيلا لم تكن عملا ثأريا فقط؛ وإنما كان نتيجة مؤامرة مخطط لها مسبقا، وهذا ما أثبتته وثائق كشف عنها قبل عامين، وما يحدث اليوم في حق الفلسطينيين من تضييق وحرمان من العيش بكرامة ليس صدفة، وإنما هو عمل مخطط له أيضا بهدف تهجير الفلسطينيين”.

وشبه الحاج مجزرة “صبرا وشاتيلا” بمجزرة “دير ياسين”، والتي كان من أهدافها تهجير الفلسطينيين، وما حدث في العراق ويحدث اليوم في سورية من قتل وتهجير بحق الفلسطينيين كان للهدف ذاته؛ وهو تهجيرهم”.

وأشار إلى أن “المذبحة ما تزال مستمرة بحق الفلسطينيين في لبنان، ولكنها اليوم عبر القوانين الظالمة كقانون العمل ومنع التملك وعشرات القوانين التي استهدفت اللاجئين”، مشبها تلك القوانين بأدوات قتل دون دماء.

وأضاف: إن “قانون العمل ماهو إلا جزء دفين يعكس عن بشاعة الأحقاد والعنصرية الممتدة منذ عام 1982، والتي تفجرت في صبرا وشاتيلا”.

وأكد أن “مستقبل الفلسطيني في لبنان يعتمد على عدد من العوامل أولها التوافق الفلسطيني اللبناني التوجهات اللبنانية، وأيضا التوجهات الفلسطينية الذاتية وعدم انقسامهم وإيجاد مشروع فلسطيني يستطيع مواجهة تلك المخططات المختلفة الأمريكية والاسرائيلية، وحتى بعض القوى المتعصبة في لبنان والمتطرفة ضد الفلسطينيين”.

وختم حديثه لـ”قدس برس” أن “الفلسطيني مستهدف كلاجئ في المنطقة، وعليه أن يكون أكثر يقظة وقدرة على المواجهة من أي وقت مضى؛ لأن الصراع يحتد على اللاجئين في هذا الوقت”.

وقائع المجزرة
ويحيي الفلسطينيون من كل عام الذكرى الـ 37 لمجزرة صبرا وشاتيلا، والتي تصادف يوم 16 أيلول/ سبتمبر من عام 1982، والتي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي والميليشيات المسيحية اللبنانية؛ المتمثلة بحزب الكتائب اللبناني وجيش لبنان الجنوبي، عام 1982 في مخيم للاجئين الفلسطينيين جنوبي العاصمة اللبنانية (بيروت).

وقد كان مخيما صبرا وشاتيلا على موعد مع مجزرة استمرت ثلاثة أيام، وأوقعت آلافًا من المدنيين العزل “شهداء”؛ منهم أطفال ونساء وشيوخ، عرفت فيما بعد باسم “مجزرة صبرا وشاتيلا”.

وبدأت بعد أن طوق جيش الاحتلال الإسرائيلي، بقيادة وزير الحرب آنذاك أرئيل شارون، ورافائيل ايتان، المخيم، وارتكبت بعيدًا عن وسائل الإعلام، واستخدمت فيها الأسلحة البيضاء وغيرها في عمليات التصفية لسكان المخيم.

وبدأت المجزرة، ما بين السادس عشر والثامن عشر من أيلول من العام 1982، ذبح آلاف عدة من اللاجئين الفلسطينيين (رجال ونساء وأطفال وشيوخ) بوحشية من قوات الميليشيات المسيحية اللبنانية المتعاونة مع “إسرائيل”.

وعملت قوات الجيش الإسرائيلي على حصار اللاجئين ومنعهم من الهروب من هذه المخيمات.

حدثت المجزرة في الأسابيع التي توسطت فيها الولايات المتحدة لتسهيل عملية انسحاب مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان أواخر صيف العام 1982، وتركت من بقي من المدنيين الفلسطينيين (اللاجئين) دون حماية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

ارتقاء قائد من كتيبة جنين بقصف للاحتلال

ارتقاء قائد من كتيبة جنين بقصف للاحتلال

جنين – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية مساء اليوم الجمعة عن ارتقاء شهيد وثمانية إصابات، حيث وصلت إصابة بحالة مستقرة وصلت إلى...

إغلاق محيط حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة

إغلاق محيط حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة

القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام قررت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، يوم الجمعة، إغلاق جميع الشوارع المؤدية إلى حي الشيخ جراح ونشر مئات الجنود...