السبت 27/أبريل/2024

الأسير الشهيد بسام السايح.. مقاوم بالكلمة والرصاص

الأسير الشهيد بسام السايح.. مقاوم بالكلمة والرصاص

لم يترك للأصحاء عذراً.. قاوم المحتل بالكلمة صحفيًّا، وبالرصاص ثائرًا، وقائدًا قساميًّا، كما قاوم السرطان، وضرب للبطولة مثالاً وللتضحية أمثلة، وللعطاء رغم المرض أبدع درسا أعيى مدعي القوة والصحة.

لم يرقْ للشهيد المجاهد بسام السايح ما حصل بحق عائلة دوابشة وجريمة الحرق التي طالت الطفل الرضيع ووالديه وشقيقه حتى قرر وإخوانه الثأر لهذه الجريمة بطريقة ترقى إلى مستوى القهر الذي استوطن قلوب الفلسطينيين، فانتقل من المقاومة بالكلمة لامتشاق سلاح الثوار.

أحد أبطال عملية إيتمار
بصمت وإخلاص المجاهدين كان السائح أحد المخططين لعملية إيتمار البطولية التي طارت إثرها قلوب الفلسطينيين فرحاً وسعادة بعد أن شفت صدور قوم مؤمنين.

وأكدت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” أن السايح أحد قادتها الميدانيين، واستشهد مساء الأحد (8-9) في سجون الاحتلال نتيجة الإهمال الطبي المتعمد، ووصفته أنه أحد مفجري انتفاضة القدس عام 2015م.

وقالت كتائب القسام في بيانها العسكري: إن القائد الميداني بسام السايح (47 عاماً) هو أحد منفذي عملية إيتمار القسامية التي شكلت باكورة انطلاق انتفاضة القدس بتاريخ 01/10/2015م، والتي قتل فيها مغتصبان صهيونيان.

وأضافت: “يرتقي إلى العلا شهيدٌ ليس كأي شهيد، تقدم وبادر ولبى نداء الوطن رغم المرض والألم ليقيم الحجة على الأصحاء، ويشعل مع إخوانه جذوة الجهاد والمقاومة في ضفة الأحرار”.

الاعتقال
واعتقلت قوات الاحتلال المجاهد السايح في 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2015، وواجه حكمًا بالسجن المؤبد مرتين، إضافة إلى 30 سنة أخرى، بتهمة مشاركته في عملية ايتمار التي نفذت في 1 أكتوبر 2015، شرقي نابلس والتي قتل فيها مستوطنان أحدهما ضابط كبير في جيش الاحتلال؛ ثأرًا لجريمة إحراق عائلة دوابشة.

واعتقل الاحتلال الصهيوني السايح أثناء توجهه لزيارة زوجته منى السائح آنذاك؛ حيث تعمدت المخابرات الصهيونية تأخير اعتقاله لعلمها المسبق أنه في حاله صحية صعبة إلا أنّها عمدت إلى استدراجه أثناء زيارته لزوجته.

وبحسب من عايشه في الأسر؛ فإن جنود الإحتلال وبمجرد وصول السايح في عام 2005 إلى معسكر سالم الاحتلال لحضور محاكمة زوجته تفاجأ بإدخاله مباشرة إلى متاهات وصولا إلى اعتقاله واقتياده مباشرة إلى معسكرات التحقيق في بتاح تكفا.

أمراض عديدة
السايح كان مريضا بنوعين من السرطان، وضعفٍ في عضلة القلب، وتضخمٍ في الكبد، ووجود ماء في الرئتين، كان يعامَل معاملة الأسير المصاب بمرض الزكام في سجن جلبوع، ومن قبله فيما يصطلح الأسرى على تسميته بمسلخ الرملة.

عاملته إدارة السجون معاملة أي مريض بمرض عابر؛ مسكنات وفحص عام فقط، في حين أن الجميع يعرف الإجراءات الصحية التي تتّبع مع مريض السرطان خلال رحلة لا يعلم إلا خالقه إن كان ختامها شفاءً أو ابتلاء.

بسام السايح وجسده المكدس بالأمراض لا يعقل أن يشكل خطراً على الاحتلال، وما كان هناك أي مسوغ لاستمرار اعتقاله مع الأخبار الأخيرة التي كانت تصل تباعاً عن وضعه الصحي، وأكدت وصوله مرحلة الخطر الشديد وحذرت من استشهاده.

غير أن هذه الإجراءات الممارسة بحقه جاءت انتقاماً لتهمةٍ وجهت له بانتمائه للخلية القسامية منفذة عملية إيتمار البطولية.

الإهمال الطبي
خلال المدة القصيرة الماضية نُقل الأسير بسام السايح إلى مستشفيات عدّة تابعة للاحتلال منها مستشفى العفولة، كما ونقل من سجن جلبوع الذي حارب لأجل أن ينقل إليه ليعود مرة أخرى إلى مسلخ الرملة، فقد خاض الأسير المريض السايح سلسلة من المطالبات بنقله من عيادة الرملة إلى جلبوع، بعد أن تعرض لصنوف الإهمال الطبي كافة، في عيادة تعامل مرضى السرطان معاملة مرضى الزكام.

وقد أبلغ السايح عائلته بنفسه أن نقله إلى جلبوع أفرحه فقد أصبح بمقدوره أن يتكئ على غيره من الأسرى الأصحاء دون أن يشعر بتأنيب الضمير من أنه قد يزيد من آلامهم، كما كان يحدث في مسلخ الرملة الذي يرسف فيه الأسرى المرضى بسجلات طبية صعبة.

ومؤخرا أصيب بتضخمٍ في الكبد، وضعفٍ متزايد في عمل عضلة القلب، فقد وصلت قدرتها على العمل إلى 25%، وكانت مياه موجودة على رئتيه.

الأسير السايح كان محروما من زيارة عائلته، فزوجته المحررة منى السايح حرمت من حقها في زيارته لأكثر من عام بسبب “المنع الأمني”، وتعاني والدته ظروفاً صحية صعبة جعلتها غير قادرة على زيارته دوريًّا، أو زيارة شقيقه المعتقل منذ العام 2002 أمجد السايح والمحكوم بالسجن 20 عاماً.

الأسير بسام السايح عمل صحفيا في صحيفة فلسطين، وقاوم بكلمته، ولم يكفه ذلك فقاوم بالسلاح، وكان لديه أحلامه الكثيرة التي استحق أن يعيشها، طموحه بالبناء على درجة البكالوريوس في الإعلام والماجستير في التنمية السياسية، كان يمني النفس ألا يذهب أدراج الرياح.

بسام إنسانٌ كسائر أبناء شعبه يحب الحياة ما استطاع إليها سبيلاً، وكان يستحق أن ينال حريته قبل فوات الأوان.

رغم خطورة حالته الصحية إلا أنّ الاحتلال رفض كل النداءات التي طالبت بالإفراج عنه بل إن المحكمة الصهيونية طالبت بإصدار حكم بحقه مؤبدين وثلاثين عاماً.

ترجل السايح شهيدا ليتردد اسمه بالأرجاء، وليصبح ذكره على كل لسان .. كيف لا وبطولاته وبصماته في ايتمار ما تزال تحكي أسطورة مجاهد لم يفتّ المرض في عضده؛ بل إنه أصر على أن يقهر مرضه ويؤلم عدوه ويلقنه درسا في البطولة، ويغرس في قلبه خنجراً قسامياً جعل كل من يسلك طريق ايتمار يعيش كابوسا يأبى الرحيل من ذاكرة الصهاينة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات